قراء في خطاب الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني 27/06/2022 في المؤتمر العام الأول لاتحاد الشبيبة الشيوعية الفلسطينية / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الأربعاء 29/6/2022 م …

لا يمكن لخطاب في مثل هذه المناسبة أن يتعرّض لجميع المواضيع، ولكنه يُركّز على الأولويات، ويمكن اعتبار الكلمات التالية مفْتاحِيّة في نص الخطاب: قيادة – مرجعية – هدف – مسار – خيار




أحاول استعراض أهم محتويات الخطاب، ثم التّعليق عليها من خلال مَدْلُولاتها السياسية، بحسب فِهْمِي الخاص، ولذلك تبقى هذه التعليقات تصطبغ بصبغة ذاتية، ولا أدّعِي ارتقاءها إلى “المَوْضُعية”، وإن كنتُ أطْمَحُ إلى ذلك.

1 – مُلَخّص الخطاب الذي يتطرق إلى

أ – توصيف الوضع:

شعب ممزق غير موحد، ومشتت غير موفقٍ، لا تلتقي أطرافُهُ تحت مظلةٍ واحدةٍ، ولا تحمل رايةً مشتركةً، ولا تجمعها مؤسسة جامعة ولا هيئة تمثيلٍ شاملةٍ، وأن الشعب في وادٍ وقيادته في وادٍ آخر، فلا يهتمون بشؤونه ولا ينشغلون بحاجاته… حالة الانقسام البغيض… (بعد أن كان ) الشعب موحّدًا… (تُعَرْقِلُ حالة الإنقسام إرادة هذا الشعب ) إذا أراد ان يحرر أرضه المغتصبة وكسر الأغلال التي لا زالت منذ أكثر من 100 عام تمنع شعبنا من حق تقرير المصير بإقامته للدولة الحرة المستقلة كاملة السيادة وعلى كامل التراب الفلسطيني…

ب – ما يتوجّب فعله لتجاوز هذا الوضع:

“مقاومة الاحتلال الفاشي لأرضنا ومقاومة كل الخونة والمتساوقين مع سياساته العنصرية والفاشية.”

ج – الوسائل:

“امتلاك الرؤية السليمة والبوصلة الصحية في تحليل المشاكل التي يواجهها شعبنا وكيفية التغلب عليها”

حزبيًّا: “أهمية بناء كوادر ماركسية واعية قادرة على القيادة وتوجيه البوصلة، ما يستوجب التركيز على ضرورة التثقيف بالادبيات الماركسية اللينينية، لمواجة التيارات الانهازامية والاستسلامية والتحريفية.”

د – الوضع الدولي:

لقضيتنا الوطنية بعد أممي كبير وعميق لدى كل أحرار العالم وعلى رأسهم الشيوعيون،حيث تلعب الأحزاب الشيوعية العالمية دورا كبيرا في دعم قضيتنا الوطنية وذلك من خلال المشاركة في مقاطعة الاحتلال الصهيوني وعلى مختلف الصّعد سواء الاقتصادية أو السياسية وحتى الأكاديمية، فالكل يعلم تعاظم دور منظمة  PDS، وما تشكله من خطر كبير في كسر السردية الصهيونية (وكَسْر) سيطرة الصهيونية والامبريالية العالمية على وسائل الإعلام، كما تقوم الأحزاب الشيوعية العالمية بقيادة المظاهرات التي تندد بالعدوان على شعبنا والمطالبة بالحرية لفلسطين وشعبها…

المطلوب عالميا: توثيق العلاقات في منظمات الشباب الشيوعي في المنطقة العربية والعالم أجمع من أجل حشد كل الطاقات والجهود في مواجهة الغطرسة الصهيونية المدعومة من الامبريالية العالمية، فنحن نرى أن هناك قطبان في عالم اليوم هو قطب الشعوب التّواقة للحرية والاشتراكية والتخلص من الاستغلال، وقطب الإمبريالية العالمية والتي تحاول تأبيد سيطرتها على ثروات الشعوب وإفقارها وجعلها غير قادرة على تغيير واقعها، من خلال عملائها وأدواتها.

تُواجه الإمبريالية العالمية اليوم أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها وذلك بسبب تصاعد الصراعات فيما بين الدول الرأسمالية على تقاسم مناطق النفوذ وعلى الأسواق العالمية ولعل أكبر دليل على ذلك هو الحرب الروسية الأطلسية على الأراضي الأوكرانية، فالحرب في أكرانيا أسبابها ليست أمنية فحسب ولكن أيضا اقتصادية في محاولة من الأمبريالية العالمية تصدير أزمتها للخارج من خلال تفجير الصراعات في مختلف مناطق العالم، فالوضع المعيشي في دول المركز في تدهور مستمر فالبطالة في أعلى مستوياتها وارتفاع الأسعار بازدياد وهذا يضع دول المركز في تحد كبيير أمام شعوبها، إن ما يحدث في العالم اليوم هو نتيجة منطقية وطبيعية للسياسات النيوليبرالية الخاطئة وأن عالم اليوم لا يمكن أن يخرج من أزمته هذه إلا بالخيار الاشتراكي والقادر على انهاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.

2 – التعليق:

غياب كامل لحلقة أساسية تتمثل في البُعْد العربي لقضية فلسطين، وللحاضنة الطبيعية العربية

ورثت معظم الأحزاب الشيوعية العربية وغير العربية موقف قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي (بعد حَلّ الأُممية الثالثة) المُتمثّل في الإعتراف بتقسيم فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني، سنة 1948، ولم أطّلع شخصيًّا على نقد ذاتي أو مُراجعة لهذا الموقف أو تراجع عنه، ولا تزال معظم الأحزاب الشيوعية تعترف ب”شرعية” الكيان الصهيوني، وتحصر الأراضي المحتلة في الجزء المُحتل سنة 1948، ولا يزال الشيوعيون العرب يُعانون من تبعات هذا الموقف الذي استغَلَّهُ أعداء الشيوعية، من أنظمة رجعية ومن قُوى قومية-عربية وقوى الدّين السّياسي…

يندرج عمل منظمة “بي دي إس” في باب العمل “الديمقراطي”، وليس الثّوْرِي، وهي تتوجّهُ بشكل أساسي لفئات نقابية وحقوقية وديمقراطية في الدّول الرأسمالية المتطورة (الإمبريالية، أو ما يُطْلَقُ عليه مَجازًا “الغرب”)، وأضافت المجموعات الغربية (إلى مُقاطعة الكيان الصهيوني) جملة “… إلى أن تحترم إسرائيل القانون الدّولي”، وقبلت المجموعة الفلسطينية المُؤسّسة ل”ب يدي إس” هذا الأمر الواقع، ولذلك فإن انخراط الأحزاب الشيوعية بشكل رئيسي في عمل هذه المنظمة، لا يُعدّ عملا ثوريا أو “شيوعيا”، بل لا يُمثل سوى الحد الأدنى لقوى ديمقراطية حُقُوقية…

يُعاني خطاب الأمين العام من عدم توازن بين الإسهاب في الجانب “النّظري” والإختزال في الجانب “العَمَلي”، كما يُعاني من طول (نِسْبِي) في وصف نضال (مُفْتَرَض) للأحزاب الصديقة، وإيجاز مُخِلّ لنضال الشعب الفلسطيني والشّعوب العربية ضد التطبيع والإستسلام، من قِبَل الأنظمة العربية، بما فيها سُلْطَة أوسلو. كما غاب عن الخطاب موضوع التحالف بين تبعية الأنظمة العربية للإمبريالية (أحد أضْلاع الثّالوث الإمبريالي/الصهيوني/الرجعي العربي) وتحالُفُها مع الكيان الصهيوني، علنًا، ضد الشعب الفلسطيني، وضد شُعُوب أخرى.

هناك أسئلة عديدة تتطلب أجوبة، ولا يمكن مُطالبة أي منظمة بحلّها والإجابة عليها بشكل مُنْفَرِد، بل تتطلب حوارًا على مُستوى المنظمات الثورية، ثم على مستوى أوْسع، وتتطلب بناء جبهة مُقاومة (وليس الوحدة كهدف، أو الوحدة من أجل الوِحْدَة) فقد أظهرت الإنتفاضة الأولى (1987) أن العمل الثوري الشّعْبي يُفْرِزُ قيادات ويُفْرِزُ خطط وتكتيكات تستجيب للوضع ولطبيعة المرحلة، ومن هذه الأسئلة:

كيف أصبحت حركة الجهاد الإسلامي تستقطب مناضلي منظمات اليسار الفلسطيني، وتكاد تكون الوحيدة التي تطرح تحرير كامل فلسطين وتتبنّى الكفاح المُسلّح، كما استقطب حزب اللّه يستقطب مناضلي وبعض قيادات منظمة العمل الشيوعي بلبنان…

تعرّض خطاب الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني إلى الوضع الدّولي و”أزمة الرأسمالية”، ولم يتعرض إلى ما يجري حول فلسطين، وهي مناطق يتواجد بها اللاجئون الفلسطينيون، وبالتالي فلا يمكن لأي حزب عربي تجاهل ما يجري بلبنان أو سوريا وكل المنطقة الواقعة ما بين العراق والمغرب، أي “الوطن العربي”، الذي تُسمّيه معظم الأحزاب الشيوعية “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”…    

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.