ذوقان عبيدات يرد على رد وزارة التربية : نعم مناهجنا داعشية

 

الأربعاء 13/7/2016 م …

الأردن العربي … ردا على رد وتوضيح وزارة التربية والتعليم على مقالتي المعنونة “الداعشية في المناهج والكتب المدرسية”، التي نشرتها “الغد” كما نشرت رد الوزارة.

يتناول ردي هذا الأساسات التي بنت عليها الوزارة المحترمة منطقها، في ردها على مقالتي المذكورة.

وفي البداية أوضح ما يأتي:

1 – احترم جهود وزارة التربية –وهي جزء من تاريخي المهني والشخصي- ولها ينسب الفضل في إتاحة فرص التعلم أمامي.

2 -كان هدفي من الدراسة توجيه الانتباه إلى مخاطر كامنة وصريحة في الكتب المدرسية، خاصة أن الوزارة مقبلة على تطوير المناهج. وعلى العموم أنا واثق بأن الوزارة ستعدّل في كثير مما أشارت إليه الدراسة.

3 -أتفق تمامًا مع الوزارة في أن اللغة العربية تنمو وتحفظ نفسها بالنصوص الدينية. واختلفت معها في أن لغات عديدة تطورت ونمت دون مثل هذه النصوص. وتشير دراسات اليونسكو الى استحالة اختفاء ثقافة ما، حتى للشعوب البدائية.

4 -نعيش عصر انفتاح، ونواجه تحديات داعشية صريحة جدًا، وليس كلها مضمرًا، فـ”الدواعش” بيننا في كل مكان، وقد تحركوا ضد الدراسة، شتما واتهاما، وصل حد التكفير والداعشية المضادة.

5 -عرفت “الداعشية” بأنها غياب الانفتاح والتفكير الناقد والعاطفة والموسيقى والشعر العذب والجمال والحق والخير والنظرة الإنسانية، إضافة إلى أفكار دينية قد تستغل داعشيًا.

6 -أتفق مع الوزارة في أن “داعش” لا يمثل وسطية الإسلام وقيمه النبيلة.

7 -كل الاحترام للشخصيات المحترمة، التي تتعامل معها الوزارة في بناء المناهج، وهي كلها بالمناسبة، شاركت في عمليات بناء المناهج السابقة، عدا العلامة الدكتور فايز خصاونة، والدكتور وجيه عويس، ولكن ألم تنس الوزارة ذكر اسماء أخرى؟.

أكرر تقديري للقامات العالية المختصة باللغة العربية والتربية الإسلامية، والتي ورد ذكرها في رد الوزارة.

8 -انتقدت الدراسة آليات العمل، وليس القائمين على العمل، وانتقدت الثقافة غير الصريحة للوزارة والمناهج. والاّ كيف تفسّر عدم السماح لأشخاص عديدين بدخول مديرية المناهج، علمًا بأن كاتب الدراسة يحمل الدكتوراه في المناهج، ولم يسمح له بالعمل فيها، طيلة 36 عامًا قضاها في الوزارة.

9 -عُين كاتب الدراسة عضوًا في مجلس التربية بصفته الشخصية، وقد اعطاه الدكتور اسحق الفرحان –اطال الله في عمره ووهبه الصحة– عضوية شرف حزب جبهة العمل الإسلامي، لدوره في تنقية مناهج التربية الدينية من الأفكار الداعشية. لكن الدكتور اسحق كان أكثر انفتاحًا من رد الوزارة. وبالمناسبة تركت المجلس حين سيطر اتجاه معين على الوزارة سنة 1995 .

انتقاد الوزارة وردها على الدراسة:

ركزت الوزارة في ردها على النقاط الآتية:

ا-منهجية الدراسة. 2 – التطابق بين المناهج والكتب. 3 – آليات صناعة المناهج والكتب.

4 -الدين واللغة العربية. 5 -قضايا متفرقة تمنيت لو لم تلجأ إليها الوزارة.

وقبل البدء، أنصح الوزارة بقراءة مقالتي الأولى، وأشكرها إن وجدت فكرة واحدة مما ذكرت، لم ترد فيها، وفق أرقام الصفحات المذكورة. كما أنصحها بقراءة هذا الرد أيضا بروح إيجابية.

أولاً: منهجية الدراسة:

1 -استخدمت الدراسة منهج الدراسة الوصفية، تحليل المحتوى، وهو منهج معروف، لن أشكك في عدم معرفة أشخاص في الوزارة به.

2 – وقد جمع الباحث جميع كتب اللغة العربية والتربية الوطنية والتربية الإسلامية، وهي كل مجتمع الدراسة.

3 – أجابت الدراسة عن سؤال: ما الأفكار التي يمكن أن تستغل في نقل الداعشية إلى الطلبة؟

ولم يكن هدف الدراسة إظهار مزايا المناهج وهي عديدة. مثلي كمن يذهب إلى طبيب العيون، حيث لا يهتم بصحة القلب والرئتين وغيرها. فالدراسة لم تجتزئ، ولم تركز على فكر سلبي، بل أجابت عن سؤالها بما يحقق هدفها.

وبالمناسبة كاتب الدراسة له أكثر من مؤلف في البحث العلمي، وأحد هذه المؤلفات أعيدت طباعته أكثر من خمسين مرة. وهو مقرّر في معظم الجامعات في الدول العربية، على مستوى الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس. فلا تحسن المزايدة بالأسلوب العلمي والمنهجي للدراسة.

ثانيًا: التطابق بين المنهج والكتاب:

قالت الدراسة بوجود تباين، بل تعارض رهيب بين المنهج والكتاب، وقدمت مثالاً من كتاب الثقافة العامة للمستوى الثانوي، وقد أنكرت الوزارة ذلك.

وقام كاتب الدراسة بإيصال المعلومة إلى معالي وزير التربية عبر صديق مشترك، قبل أسبوع من نشر الدراسة، ولم يتلق إجابة. كما قام الباحث بالاتصال مع الدكتورة المبدعة وفاء العبداللات، مديرة المناهج، وأبلغتها بالتعارض الرهيب قبل أسبوع من نشر الدراسة. لم يتكرم أحد بالإشعار بوصول الرسالة.

ومع ذلك، تنفي الوزارة وجود التباين، وترى أن كتبها تعكس مناهجها، واتهمت معدّ الدراسة بأنه لا يقرأ، ويجتزئ. وإليك معالي الوزير هذا التحليل عن التباين بين المنهج وكتاب الثقافة العامة، لترى بنفسك من يقرأ؛ أجهزتك أم الباحث؟

الكتاب والمنهج: تطابق أم تباين كامل:

تقول الوزارة في ردها إن كتاب الثقافة العامة مطابق للمنهج، وإنه لم يؤلف في التسعينيات –وخاصة الوحدة الأولى-، ويهمني أن أقدم الحقائق الآتية:

1 -قرر مجلس التربية اعتماد وثيقة منهج الثقافة العامة، مراجعة وتعديلاً وتطويراً لمبحث التربية الوطنية في قراره رقم 79 / 2013 تاريخ 19/8/2013، بينما أعدت بعض وحدات الكتاب منذ التسعينيات المبكرة، وجميع من قدموا امتحان شهادة الدراسة الثانوية بعد العام 1993 يذكرون المادة نفسها، التي تتحدث عن درجات اليقين.

2 -إن منهج الثقافة العامة/ التربية الوطنية والاجتماعية للمرحلة الثانوية، يحوي وحدات

أو محاور تختلف بدرجة عالية جدًا عما يوجد في الكتاب، الذي تقول الوزارة إنه مطابق لها.

والجدول (1) يوضح محاور المنهج، كما وردت في وثيقة المنهج، ووحدات الكتاب، كما وردت في كتاب الثقافة العامة- طبعة 2014.

إذن! لاحظ أخي القارئ/ أختي القارئة، مقدار التطابق والاختلاف، وكيف ترجم المنهج إلى كتاب! وكم أضاع المؤلفون من المنهج! ومدى رقابة مجلس التربية والتعليم!

معالي الوزير من إذن يقرأ جيدًا؟ ومن لم يقرأ؟؟

وقد يقول علماء الوزارة إن المسألة ليست في العناوين، إنما في تطابق الأهداف والمحتوى! لكن قراءة –غير مجتزأة– للوحدة الاولى –التي افتخرت الوزارة بها– تشير إلى تباين كامل بين أهداف الكتاب وأهداف المنهج، كما هو موضّح في الجدول رقم (2):

معالي الوزير، ما المشترك؟ ما حجمه؟ ما المختلف؟ ما حجمه؟ من قرأ جيدًا معالي الوزير؟

لاحظ معاليك طبيعة المحتوى المذكور في الكتاب، وأهدافه، مما لم يشر إليه المنهج. لاحظ ثقافة المؤلف ومعتقداته المفروضة على أبنائنا وعليك.

ثالثاً: أسس التربية كما وردت في القانون:

ينص قانون التربية رقم 3 للعام 1994 في المادة الثالثة على أسس ومصادر فلسفة التربية في المملكة، وهي الأسس الفكرية، والأسس الوطنية والقومية والإنسانية والأسس الاجتماعية. والدراسة أشارت إلى الأسس الفكرية وهي:

1 -الإيمان بالله تعالى. 2 – الإيمان بالمثل العليا للأمة العربية. 3 – الإسلام نظام فكري سلوكي. 4 – الإسلام نظام منهجي متكامل. 5 -العلاقة بين الإسلام والعروبة علاقة عضوية.

ولم تعترض الدراسة على هذه الأسس، وبالعكس فقد أشاد بها الباحث في المقابلة، التي أجريت مع جريدة “الغد” يوم الأربعاء 8/7/2015. إن دستور الدولة واضح جداً، وإن الأسس الفكرية للتعليم مستمدة من الدستور، وإن المناهج انعكاس للأسس الفكرية وهذا شيء طبيعي جداً.

ولذلك إقحام الدلالات الإسلامية في رد الوزارة، هو شكل من إرهاب فكري لكسب التأييد، وإظهار الدراسة بمظهر من لا يريد هذه الأسس، أرجو من الوزارة أن لاتختطف الدين رهينة لديها.

رابعاً: الفهم الخاطئ للمنهج:

تقول الوزارة إنها تعد المادة العلمية، مثل الجهاد وغيره، ولكن المشكلة في الفهم الخاطئ للجهاد! فلماذا نضع مادة قد يساء فهمها؟ وكيف تفسر الوزارة الأمور الآتية: -الجهاد فرض عين على كل مسلم. – الجهاد لنشر الدعوة الإسلامية في أنحاء العالم. – محاربة كل من يعترض نشر الدعوة في العالم.

هل لديها تفسير مقبول في عالمنا المعاصر؟ وبالمناسبة، توجد أفكار كثيرة أكثر خطورة على المجتمع، إذا ما أسيء فهمها أيضاً! ما معنى وجود مسؤولية على الشخص لمحاربة “ما يراه منكرا”؟ وهل هناك حدود للمنكر، كما يراه معلم ما أو طالب ما؟ حتى لو وضع الدليل ضوابط؟ المشكلة إذن في مناهجنا، التي يسهل استغلالها داعشيا.

معالي الوزير… هذه تراكمات من سبقوك، ولست أنت إلا وارث لها، ولست مسؤولا عنها، بل مسؤول عن استمرارها.

خامساً: الباحثة دلال سلامة:

أشارت الوزارة الى أن دراستي اعتمدت في معظمها على دراسة دلال سلامة، وهي باحثة أعتز بعمق تحليلها. وبهذا الصدد أوضح ما يأتي:

-لم تعتمد دراستي، لا كلياً ولا جزئياً، على دراسة الباحثة المحترمة، إنما أشارت إليها كأي مرجع أو مصدر، لأنها تتناول الجهد الجديد للوزارة.

-ما أثار غضب الوزارة من اعتمادي على دراسة دلال سلامة، أنها تناولت الجهد التطويري للوزارة، وأوضحت كما اعترفت الوزارة، بأن تغييراً أساسياً لم يطرأ على المناهج بعد تطويرها. وخاصة في النظرة إلى الآخر وتكثيف النصوص الدينية.

-لم أشر إطلاقاً في دراستي –كما اتهمتني الوزارة بأنني قلت: يا لحلاوة ماء زمزم! بأنه نص ديني، مع أنني اقول الآن: لا عيب في النص الديني. وإن هذا النص عن زمزم يفتح باباً لتفسيرات دينية متعددة، فلماذا لا نعتبره ذا صلة بأفكار دينية؟ علما بأني لا أعرف عن هذا النص.

سادساً: تعاليم كونفوشيوس وبوذا!

لم أطالب بإدخال تعاليم كونفوشيوس وبوذا إلى مناهجنا! ولكن سخرية من كتب الرد، وتعالي الوزارة في مخاطبة الآخر، لغة معروفة عن عدد من المؤسسات الحكومية، والإعلاميون في بلادنا طالما شعروا بتعالي المسؤول.

وأريد أن أوضح بشأن كونفوشيوس وبوذا، ومعهما زرادشت أيضاً، ما يأتي:

-تحتوي معظم مناهج العالم على أفكار عظماء كبار، أمثال سقراط وأفلاطون وآرسطو، بل إن مناهجنا احتوت على أفكار هيجل وديكارت وكانت، ولو نقداً.

-إن هؤلاء مع بوذا وزرادشت وكونفوشيوس، أصحاب أديان تدين بها أعداد هائلة، تفوق أعداد المسلمين والمسيحيين. ومناهجنا يا وزارة التربية تركز، كما قلتم، في ردكم عليّ: – على احترام الآخر. -الانفتاح على الثقافات الأخرى. – الحوار والتسامح. فأي تسامح وأي حوار وأي آخر يا وزارة التربية!

إن بوذا وكونفوشيوس من كبار مفكري الإنسانية، وبرعا في الاخلاق ونشر الفضيلة، ولم ينقل عن أي منهما ما يثير سخرية وزارة التربية والتعليم.

لو تمثّلنا بأخلاق الأنبياء والرسل، وأخلاق الفلاسفة والمفكرين، لكنّا في حال أفضل، ولكنه التفكير الأحادي يا وزارة التربية!

انظروا إلى العالم كله، فخلف العبدلي (حيث مقر الوزارة) فضاءات واسعة، غير تلك المؤسسات المحيطة بكم.

معالي الوزير.. يوجد مركز في البحرين، العربية الخليجية، للدراسات الكونفوشية، التي تسخر منها وزارتكم.

سابعاً: مناهجنا والتفكير والتلقين:

كل المجتمع -عدا وزارة التربية- يرى بأن مناهجنا تلقينية، وبرأي حسني عايش، فإن التعليم كله حاضنة تلقينية تروج للإرهاب. وقد كتب ذلك مراراً. كما أنني لم أقرأ تعليقاً مجتمعياً على مناهجنا يشيد بالتفكير الناقد والإبداعي.

وبهذا الصدد أورد ما يأتي:

1 – الطلاب يرفضون كتب الوزارة، ويلقونها في الشوارع، ما يعكس طبيعة العلاقة معها.

2.-حين تفكر الوزارة بإصلاح التعليم، فإنها تفكر في الاختبارات التحصيلية التي تقيس المعلومات.

3 -إن تفكير الوزارة -الحالي- كما السابق، هو في تحسين تحصيل الطالب من خلال معلومات مؤقتة، يتركها بعد الامتحان.

4 – لا تجرؤ الوزارة على وضع سؤال من خارج الكتاب، لأنها دربت معلميها على التلقين، ودرب هؤلاء طلابهم على التلقين.

5 – إن إصلاح التعليم القائم على زيادة الامتحانات، لا يعكس أفقاً تربوياً، بل يعكس عقلية صقور الامتحانات، وإرهاب الامتحانات والاستنجاد بالدرك.

6 – إن طلابنا الذين يدرسون في الخارج يشعرون بالفرق الهائل بين مناهجنا التلقينية ومناهج الآخرين، بل إن من يدرسون في مدارس مثل البكالوريا وعمان الوطنية والمشرق الدولية وغيرها، يشعرون بالفرق الهائل بين التلقين والتحليل.

7 -تعرف الوزارة الطالب الناجح بأنه من استطاع إعادة المعلومات، التي قرأها إلى ورقة الامتحان. وتعرف من لا يستطيع بالطالب الراسب، وربما المهمل، وفي أفضل الأحوال من لم يحالفهم الحظ. وهذا تعبير شبه رسمي من الوزارة.

نعم إنه يانصيب، وليس تعليماً، ذلك الذي يرسب فيه طالب.

معالي الوزير: حتى زملاؤك في التعليم العالي يؤمنون بالإصلاح العاجز، مثل امتحان الكفاءة، ورفع معدلات القبول، وكأني بهم يقولون: أعطونا طلابا ممتازين، لندرسهم، بدلا من إعادة تصنيعهم خلال سنوات الجامعة!!

ثامناً: قيادة حشد

أنا ذوقان عبيدات، أعلن أنني لا أقود فريقاً، ولا أمثل أحداً، غير زوجتي التي تقرأ لي وتحاسبني، وليست لدي خطط لهدم المناهج. ولا أدعو لبوذا وزرادشت، وتعاملت مع الوزارة بأخلاقيات أبنائها الأوفياء. لا أتواصل مع كثيرين. أحب حسني عايش، وجريدة الغد التي فتحت أبوابها لي كما لغيري.

وأتمنى لو عرفت الباحثة دلال سلامة منذ زمن. أنا بعيد عن الوزارة لانني مبعد. ورفضت قيادتها تكليفي بورقة عمل في مؤتمرها القادم، علما بأن اسمي رشح لها من قبل أكثر من جهة، وأكثر من مرة. والآن أهمس في أذن المجتمع:

-هل تريدون لأحفادكم وأبنائكم أن يتخرجوا جهاديين تكفيريين؟

-هل تريدون مناهج دراسية، تنشر القيم النبيلة للإسلام والأخلاق الإنسانية الراقية؟ أم القيم التي يسهل استغلالها داعشيا؟

-هل تريدون امرأة قادرة مستقلة التفكير، تستطيع أن تقرّر بنفسها كسائر المخلوقات؟

-هل تؤيدون إدخال الجمال والحق والخير والحب والعاطفة والموسيقى والفنون إلى المناهج؟

-هل تريدون شخصية ماضوية أم مستقبلية؟

-قولوا لوزارة التربية! التي نتمنى لمؤتمرها النجاح.

وتحية إلى من كتب ردكم.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.