النكبة المستمرة ولدت نكبات وحق العودة جوهر قضية فلسطين … حق العودة في القانون الدولي والقرارات الدولية

 

د. غازي حسين ( فلسطين ) الجمعة 15/7/2016 م …

تؤكد الدراسات القانونية وتقارير لجان الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا العربي الفلسطيني أنَّ المخططات والقوانين والممارسات الإسرائيلية هي التي عرقلت تنفيذ حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم انطلاقاً من مبادئ القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقرار الأمم المتحدة رقم 194 وأسوة بالتعامل الدولي.

تُظهر تجارب حوالي 70 عاماً أنَّ الكيان الصهيوني يعمل على تحقيق ما يسميه النقاء العنصري لدولة اليهود، ويعمل على حمل القيادات الفلسطينية والعربية على الاعتراف بيهودية الدولة، لإقامة أكبر غيتو يهودي عنصري في قلب المنطقة العربية الإسلامية بتهويد فلسطين التاريخية وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.

لذلك أصدر العدو سلسلة من القوانين العنصرية لتكريس عنصريته والحيلولة دون عودة اللاجئين إلى ديارهم ومنها قانون العودة والجنسية اللذان يحددان العودة والجنسية على أساس الدين اليهودي مما يبرّر إقامة الدول على أساس طائفي ومذهبي وعرقي لتفتيت الدول العربية والإسلامية. وهذان القانونان من أكثر القوانين إغراقاً في العنصرية والتمييز العنصري في العالم.

وأقر العدو الصهيوني مجموعة أخرى من القوانين لمصادرة الأراضي العربية وتهويدها ومنها قانون أملاك الغائبين وقانون استملاك الأراضي وقانون نقل الملكية وغيرها من القوانين العنصرية وقانون لمنع عودة اللاجئين إلى ديارهم.

قام الكيان الصهيوني على مقولة كاذبة لا أساس لها من الصحة وهي أنَّ فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض. لذلك قررت الصهيونيّة تهجير اليهود إلى فلسطين وترحيل العرب منها بمساعدة الدول الاستعمارية والإمارات والممالك التي أقامتها بريطانيا، أي العمل على إفراغ الأرض من سكانها الأصليين وأصحابها الشرعيين لتحقيق المشروع الصهيوني والاستعمار الاستيطاني.

إنَّ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم حق شرعي وعادل ومقدّس، ومبدأ أساسي من مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كرسته العهود والمواثيق والقرارات الدولية، ومنها القرار 194 واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والعهد الدولي بخصوص الحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعام 1966 والعديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني.

ينبع حق العودة أيضاً من حق الشعوب والأمم كافة في تقرير المصير، وحق المواطن في وطنه وممتلكاته التي لا يزول بزوال الدول أو بتغيير السيادة أو بوقائع الاستعمار الاستيطاني وهو حق طبيعي لا تجوز فيه الإنابة أو التمثيل ولا تلغيه اتفاقات الإذعان، وهو حق للاجئ نفسه ولذريته، لذلك لا يجوز لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، أو مؤتمرات القمة العربية التنازل عنه، لأنه يتعلق بقاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني.

 وانطلاقاً من مبادئ القانون الدولي والعهود والمواثيق الدولية يتصف هذا الحق بأنَّه حق فردي يملكه اللاجئ نفسه وبأنَّه حق جماعي في الوقت نفسه انطلاقاً من حق تقرير المصير الوارد في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة. ويرتبط حق العودة بالقانون الدولي العام، والقانون الدولي الإنساني وبشكل خاص بحق الشعوب والأمم في تقرير المصير. واعترفت به الأمم المتحدة كمبدأ من الحقوق الأساسية الملزمة للإنسان.

وتجري المساعي الصهيونية والأمريكية إلى تحويله إلى مجرد حق اقتصادي أي بالتعويض عنه عن طريق صندوق دولي تموله دول النفط العربية والدول المانحة تحت ستار التوصل إلى حل عادل متفق عليه، وذلك بعد أن ربطته الأمم المتحدة في العديد من قراراتها بالحقوق الثابتة غير القابلة للتصرّف. وبحق تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني.

جرت الأعراف والتقاليد قبل تأسيس الأمم المتحدة على اعتبار أنَّ حق كل شخص في العودة إلى منزله حق من الحقوق الطبيعية والأساسية للإنسان.

وكان فقهاء القانون الدولي يعتبرون حق العودة إلى الديار نتيجة طبيعية لحق المواطن الأساسي في حرية التنقل والعودة. وأكدوا أنَّ حق العودة للأفراد الذين يرغمون على مغادرة وطنهم بسبب قوة قاهرة كالحرب ملزمة، ولا مجال للطعن في حقهم في العودة إلى ديارهم. وكان هذا المبدأ ولا يزال من المبادئ الطبيعية للإنسان ولحقه الأساسي في الحياة، وهو من القواعد الأساسية في القانون الدولي.

نتجت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين عن مخطط الترحيل الذي وافق عليه المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون في مدينة زيوريخ عام 1937. وشكلت الوكالة اليهودية في العام نفسه أول لجنة للترحيل.

نشأت قضية اللاجئين الفلسطينيين من وعد بلفور الاستعماري وغير القانوني ونظام الانتداب البريطاني وقرار التقسيم غير الشرعي والحرب العدوانية التي أشعلتها العصابات الإرهابية اليهودية المسلحة عام 1948 وتأسيس الكيان الصهيوني، والنكبة المستمرة لحل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب الفلسطيني.

كان تقسيم فلسطين العربية مجحفاً وغير قانوني. ونشأت قضية فلسطين من قرار التقسيم غير الشرعي وغير العادل ومن عدم التزام الكيان الصهيوني حتى بالحدود والأحكام الأساسية الواردة فيه. وجاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 في دورتها الثالثة في 11 كانون أول عام 1948 ليصحح بعض الظلم الذي سببته الأمم المتحدة في قرار التقسيم ونص القرار على حق اللاجئين في العودة والتعويض.

كانت الأمم المتحدة قد عينت بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186 بتاريخ 14 أيار 1948 الكونت برنادوت وسيطاً دولياً لفلسطين بعد أن اقترحه مجلس الأمن الدولي.

وأكد برنادوت في التقرير الذي رفعه إلى الأمم المتحدة أنَّ المجازر الجماعية كمجزرة دير ياسين لعبت دوراً أساسياً في عملية الترحيل وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن وسورية ولبنان. وتمسك الوسيط الدولي برأي ثابت مفاده أنَّه ينبغي تثبيت حق هؤلاء اللاجئين في العودة إلى ديارهم في أبكر تاريخ ممكن عملياً.

رفضت «إسرائيل» مقترحات برنادوت وأيدتها الولايات المتحدة وبريطانية.

أنجز برنادوت صيغة معدَّلة عرفت باسم مشروع برنادوت وبعثه قبل اغتياله بأيام إلى الأمين العام للأمم المتحدة. غضبت «إسرائيل» مجدداً من مشروعه وشنَّ الصهاينة حرباً إعلامية شرسة عليه لأن مشروعه تضمن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم. وتوجه في 17 أيلول 1948 من بيروت إلى مطار قلنديا ثم إلى الشطر الغربي المحتل من القدس حيث اغتالته هناك عصابة شيترن الإرهابية التي كان يتزعمها الإرهابي إسحق شامير رئيس وزراء العدو الصهيوني الأسبق.

سادت موجة غضب واستنكار شديدين في أوساط أعضاء مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة لاغتياله ووافقوا على مقترحاته الأخيرة التي حمَّل فيها «إسرائيل» المسؤولية التاريخية عن نشوء مشكلة اللاجئين.

وتضمَّنت أيضاً مسؤولية الأمم المتحدة في التأكيد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وجاء فيها:

«وينبغي للأمم المتحدة أن تؤكد حق اللاجئين العرب في العودة إلى ديارهم في الأراضي الواقعة تحت السيطرة اليهودية في أبكر تاريخ ممكن عملياً».

دفع الوسيط الدولي حياته ثمناً لتأكيده على وجوب قيام الأمم المتحدة بحمل «إسرائيل» على تنفيذ حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار والخسائر التي ألحقتها بهم. ووافقت الأم المتحدة بعد اغتياله على موقفه من حق العودة وضمَّنته رسمياً في القرار 194. وباعتقادي أنه لولا اغتيال الكونت برنادوت لما صدر القرار 194.

شكلت الأمم المتحدة بموجب القرار 194 الصادر في 11 كانون الأول 1948 لجنة التوفيق الدولية الخاصة بفلسطين من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا.

وطلبت منها العمل على تسهيل عودة اللاجئين الفلسطينيين وإعادة توطينهم وتأهيلهم اقتصادياً واجتماعياً ودفع التعويضات لهم ولمن لا يرغب في العودة.

رفضت «إسرائيل» تنفيذ مطالبة لجنة التوفيق الدولية بعودة اللاجئين إلى ديارهم وعندما تقدمت إسرائيل بطلب الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة رفضت الأمم المتحدة الطلب في المرة الأولى، لأنَّ بعض الدول الأعضاء اشترطت على إسرائيل تنفيذ قرار التقسيم رقم 181 وقرار حق العودة رقم 194.

وكعادة اليهود في الكذب والتضليل والمراوغة والخداع وقعت «إسرائيل» مع لجنة التوفيق الدولية بروتوكول لوزان وتضمَّن تحقيق أهداف القرار 194 والقرار 181. وتعهدت أمام اللجنة السياسية للأمم المتحدة بتنفيذ القرارين المذكورين.

وتقدَّمت بطلبها الثاني للانضمام إلى الأمم المتحدة، ووافقت عليه الأمم المتحدة لتعهّد «إسرائيل» بتنفيذ القرارين. وتضمن قرار الجمعية العامة رقم 273 في 11 أيار 1949 قبول عضويتها شريطة تنفيذ القرار 181 والقرار 194.

أنشأت الأمم المتحدة بموجب قرار الجمعية العامة 302 في 8/12/1949 وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مع عدم الإخلال بأحكام الفقرة 11 من القرار 194 التي تنص على حق العودة.

وانطلاقاً من مخططات الترحيل التي وضعتها الحركة الصهيونية وخطة «دالت» التي وضعتها عصابة الهاغاناة الإرهابية قامت إسرائيل بطرد جميع الفلسطينيين من أراضي الدولة اليهودية ومن الأراضي الأخرى التي احتلتها من أراضي الدولة الفلسطينية منتهكة بذلك حتى قرار التقسيم، مما أدَّى إلى استفحال مشكلة اللاجئين وتفاقمها.

تمسّكت الدول العربية والأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة والأونروا بضرورة تطبيق قرار حق العودة والتعويض رقم 194. وزادت أهمية هذا القرار الدولي لأنَّ الأمم المتحدة أكدت عليه 135 مرة في قراراتها. ويصرّ الشعب الفلسطيني على تنفيذ حق عودة اللاجئين إلى ديارهم. وهكذا نشأت الموجة الأولى من اللاجئين الفلسطينيين وبلغت حوالي 900 ألف نسمة.

نشأت الموجة الثانية من اللاجئين الفلسطينيين نتيجة حرب حزيران العدوانية عام 1967. فاتخذ مجلس الأمن القرار 237 في 14 حزيران 1967. وطالب الكيان الصهيوني تسهيل عودة اللاجئين إلى ديارهم.

وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار 2252 بتاريخ 4 تموز 1967 حق اللاجئين الذين شردتهم إسرائيل جرّاء الحرب بالعودة إلى ديارهم.

وأنشأت الأمم المتحدة في كانون الأول عام 1968 اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمسّ حقوق الإنسان لسكان الأراضي المحتلة انطلاقاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتنفيذاً لقرارات المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان لعام 1968 في طهران الذي أكد على حقوق اللاجئين غير القابلة للتصرف في العودة إلى ديارهم.

وعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة وأكدت عام 1969 على أنَّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ناشئة عن إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف. والتمست من مجلس الأمن اتخاذ التدابير الفعالة لتنفيذ قراراتها ومنها حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.

واتخذت الجمعية العامة عام 1974 قراراً هاماً جاء فيه: «أنَّ الجمعية العامة… تؤكد من جديد أيضاً حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا عنها واقتلعوا منها وتطالب بإعادتهم». وشكلت اللجنة المعنية بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. وقدمت أول تقرير لها في أيار 1976 وتناول حق العودة وجاء فيه: «إنَّ حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير لا يمكن أن تمارس إلا في فلسطين… وتبعاً لذلك فإن ممارسة الحق الفردي للفلسطينيين في العودة إلى ديارهم هي شرط لا غنى عنه لممارسة هذا الشعب لحقوقه في تقرير المصير وفي الاستقلال الوطني والسيادة».

وهكذا ربطت الأمم المتحدة حق عودة اللاجئين بالحق الأساسي للشعب الفلسطيني في تقرير المصير على أرض فلسطين. وجاء في تقرير لجنة الأمم المتحدة أيضاً حول مسؤولية «إسرائيل» في تطبيق حق العودة ما يلي: «إنَّ على «إسرائيل» واجباً ملزماً بالسماح بعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا نتيجة للأعمال الحربية في 1948 و1967».

إنَّ قضية اللاجئين قضية سياسية قانونية بالدرجة الأولى وتتعلق بتمكين شعبنا الفلسطيني من ممارسة حقوقه الثابتة غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم، وهي قضية واحدة موحدة داخل فلسطين المحتلة عام 1948 وفي الضفة والقطاع وفي خارج فلسطين.

ويرفض شعبنا العربي الفلسطيني حلَ قضية اللاجئين على أساس التوطين أو الوطن البديل ويصر على حقه في العودة والتعويض. هذا الحق الذي أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 كحق غير قابل للتصرف ولا يسقط أبداً بتقادم الزمن.

إنَّ اتفاقات الإذعان في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة واتفاقات أخرى والتي يمكن أن تسقط فيها قيادة السلطة الفلسطينية وبعض الحكومات العربية حق عودة اللاجئين إلى ديارهم باطلة قانوناً ومدانة أخلاقياً وخيانة وطنية وقومية ودينية وإنسانية.

إنَّ مبادئ القانون الدولي والممارسات والعلاقات الدولية التي تكرست بعد القضاء على النازية وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 و194 و273 و302 وقرارات مجلس الأمن رقم 89 و93 و237 تؤكد حق اللاجئ الفلسطيني في العودة والتعويض.

إن التعويض حق وليس منّة، وللاجئ الفلسطيني الحق في التعويض عن الخسائر المادية والمعنوية التي أنزلتها به «إسرائيل» وهو يرفض رفضاً باتاً أن يبيع القدس وفلسطين لقاء حفنةٍ من الدولارات التي ستدفعها دول النفط العربية والدول المانحة، وستذهب معظمها لبعض الدول المضيفة للاجئين ومنها الأردن ولبنان لمسح جريمة «إسرائيل» النكراء ومسؤوليتها عن التسبب في مشكلة اللاجئين وعدم حلها طبقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

ومن المؤلم حقاً أنَّ هناك بعض الحكومات العربية تسعى للتخلص من ديونها الخارجية بموافقتها على التنازل عن حق العودة والقبول بالتوطين، حيث تطالب بعض الحكومات العربية بتعويضات هائلة لقاء توطين اللاجئين فيها.

إنَّ التعويض حق شخصي للاجئ لقاء الخسائر والأضرار المادية والاجتماعية والنفسية التي لحقت به جرَّاء قيام الكيان الصهيوني بترحيله ومصادرة أراضيه وممتلكاته وحرمانه من العودة وليس بديلاً عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم.

إنَّ التعويض عن الخسائر المادية والمعاناة المعنوية للاجئين وعن ريع أراضيهم وعقاراتهم وليس لقاء بيع فلسطين لليهود والتنازل عن عروبتها وعن ملكية الأراضي والممتلكات الفلسطينية.

إنَّ توطين اللاجئين هو مصلحة وهدف إسرائيلي تتبنّاه الولايات المتحدة للتخلص من مشكلة اللاجئين ولجعل «إسرائيل» دولة عنصرية نقية لجميع اليهود في العالم.

إنَّ حق عودة اللاجئين إلى ديارهم لا يرتبط فيما إذا كانت فلسطين مليئة أو فارغة، لأنَّه حق ثابت غير قابل للتصرف منذ الترحيل وحتى اليوم وغداً وبعد غد وإلى أبد الآبدين. واللاجئ الفلسطيني هو أولى وأحق بالعودة إلى وطنه ومسقط رأسه من قطعان المستوطنين الذين يستقدمهم الكيان الصهيوني من أصقاع الدنيا كافة.

فالعودة إلى الديار ليست مقيّدة بشيء، فهي حق طبيعي وواجب، وليس على القيادات الفلسطينية أو العربية واللاجئ نفسه التخلي عنها والبقاء خارج وطنه لتنفيذ الرغبات وتحقيق المخططات الصهيونية لتكون «إسرائيل» دولة لجميع اليهود في العالم.

إن موافقة قيادة منظمة التحرير وبعض الحكومات العربية على يهودية «إسرائيل» وعلى التوطين يعطيها الضوء الأخضر لترحيل أبناء شعبنا من وطنهم المحتل عام 1948 إلى الدويلة الفلسطينية المزمع إقامتها والمنقوصة الأرض والشعب والسيادة ولشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، ولحمل الدول العربية على الهرولة إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني عدو الوطن والمواطن وعدو الله والإنسانية جمعاء.

فإسرائيل كيان استعماري استيطاني وآخر نظام عنصري يمارس العنصرية والتمييز العنصري والإرهاب كسياسة رسمية.

وتطبّق التطهير العرقي بترحيل شعبنا من وطنه والاستيلاء على أرضه وممتلكاته ومقدساته وتهويدها لمسحه من الوجود ولتغيير الهوية العربية الإسلامية لفلسطين العربية.

شرَّد الكيان الصهيوني اللاجئين الفلسطينيين تطبيقاً لمخططات الترحيل وباستخدام القوة العسكرية. وغرس في الأدبيات الصهيونية والمناهج الدراسية والمؤسسات الدبلوماسية والإعلامية أنَّ اللاجئين غادروا مدنهم وقراهم طوعاً ودون إكراه تنفيذاً لنداءات الحكام العرب.

وجاء المؤرخون الجدد فيه وأعلنوا أنَّ ترحيلاً جماعياً قسريَّاً قد ارتكبته «إسرائيل» في العام 1948 بحق الشعب الفلسطيني. وهكذا ثبت بجلاء أنَّ اللاجئين لم يتركوا وطنهم بمحض إرادتهم أو بتحريض من الدول العربية أو لأنَّ «إسرائيل» كانت في حالة الدفاع عن النفس كما تزعم وإنما نتيجة لاستخدام القوة تنفيذاً لمخططات الترحيل التي وضعتها الحركة الصهيونية والحكومات الإسرائيلية كما يجري حالياً في القدس بشطريها المحتلين وبقية الضفة الغربية.

إنَّ حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم هو جوهر قضية فلسطين وعنوانها الرئيس، وأنَّ لا حل للصراع ولا هدوء، ولا استقرار في المنطقة إلاَّ بعودة اللاجئين إلى ديارهم، وقضية اللاجئين هي التي فجرت الصراع وقادت إلى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة وجيش التحرير الفلسطيني، وإنَّ أيّ حل يتجاهل حق عودتهم إلى ديارهم لن يقود إلى الهدوء والاستقرار والسلام العادل والشامل.

إنَّ شعبنا مُصّرٌ على حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم لأنَّه حق فردي وجماعي، سياسي وقانوني تؤكده مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية ولن يسلِّم أبداً باغتصاب أرضه وحقوقه ومقدساته. ويصر على إجبار الكيان الصهيوني على تحمل المسؤولية التاريخية السياسية والمادية والمعنوية عن نكبته ومحاسبتها ومعاقبتها بموجب القانون الدولي مهما طال الزمن وغلا الثمن.

وانطلاقاً من مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وإيماناً منا بحقنا الثابت غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارنا واستعادة أرضنا وممتلكاتنا نؤكد على المبادئ التالية:

أولاً: حق العودة حق طبيعي وقانوني وعادل ومقدس، فردي وجماعي، ينبع من الحقوق الطبيعية للإنسان، والقانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن حق المواطن في وطنه، ولا تجوز فيه الإنابة أو المصادرة أو المساومة، وهو جوهر قضية فلسطين.

ثانياً: تكفل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية هذا الحق، وهو ملك للاجئ نفسه وليس لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية أو مؤتمرات القمة العربية، وآل سعود وثاني آل نهيان والملك الهاشمي.

ثالثاً: يتحمَّل الكيان الصهيوني المسؤولية التاريخية والقانونية والمادية والمعنوية، عن نشوء مشكلة اللاجئين وعدم حلها.

رابعاً: يرفض شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، كما يرفض مشاريع التوطين والوطن البديل، ويرفض تحويل الأردن إلى وطن للفلسطينيين من خلال الكنفدرالية.

خامساً: التمسك بحق العودة إلى الديار التزام وواجب قانوني ووطني وقومي وديني وإنساني.

سادساً: إنَّ الاستمرار بالاستعمار الاستيطاني وبقاء المستعمرات وتهويد المقدسات، وممارسة الاستعمار الاستيطاني والإرهاب والعنصرية كسياسة رسمية يتطلب تقديم قادة العدو إلى المحكمة الجنائية الدولية لمعاقبتهم على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها أسوة بمجرمي الحرب النازيين.

إنَّ الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تتحمَّل مسؤولية المصائب والويلات والقتل والاغتيالات والتدمير والعقوبات الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وذلك لانحيازهم الأعمى للجلاد الإسرائيلي ولأنهم وضعوا إسرائيل فوق القانون الدولي وفوق الأمم المتحدة وشعوب المنطقة، ويتنكرون لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وبقية الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف لشعبنا الفلسطيني.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.