الدكتور بهجت سليمان يردّ على أحد الكتّاب … ( بَعْدَ عَشْرِ سنوات على حَرْبِ تمّوز … أين أصبحٓ حزبُ الله )

 

الجمعة 15/7/2016 م …

الأردن العربي …

سُؤالٌ طَرَحَهُ على نَفْسِهُ إعلامِيٌ أردنيٌ مُخَضْرَم ، يمتلك ” مركز دراسات ” مُمَوَّلاً من جهات الْ ” N G O ” الأوربية ، ولكنّهُ حريصٌ جداً جداً على تقديم نٓفْسِهِ بِثَوْبٍ عروبيٍ تَقٓدُّمِيٍ مُعادٍ للمعسكر الإستعماري الجديد !!!! ..

يطرح هدا الإعلاميُّ الأسئلةَ التالية :

1 – أن يقف حزبُ الله وقفةَ مُقارَنة بين شعبيّته قَبْلٓ عشر سنوات ، وبين وَضْعِيَّتِه اليوم ؟

2 – إنّ التأييد غير المشروط الذي مَنَحَهُ الحزب لِ ” النّظام السوري ” ، سَيُسَجَّلُ في تاريخه ، بِأنّهُ واحِدَةٌ من ” الخطايا الكبرى “

3 – كيف تُخْتَزل ” إسلاميّة المقاومة ” بِمٓذْهَبٍ بِعٓيْنِه ، ويكاد محور المقاومة والممانعة ، أنْ يقتصر على مُكَوِّنٍ مذهبيٍ واحد ؟

4 – على الحزب أن يذهب إلى ما هو أبْعَدُ من المهرجانات والإحتفالات والخطابات .. ومكانةُ الحزب لا تُقاسُ بِعَدَدِ ما يمتلكه من صواريخ مُوَجَّهَة صَوْبَ ” إسرائيل ” ، بِقَدْرِ ما تُقاس بِأعْداد المؤيّدين والدّاعمين له في لبنان وعلى إمتداد المنطقة ؟

وسَنُجَيبُ هذا الإعلاميّ الأردنيّ المُخٓضْرَم بما يلي :

1 – إنّ شعبيّةَ حزب الله ، قَبْلَ حَرْبِ تموز منذ عشر سنوات ، لم تَكُنْ أكثر ممّا هي عليه الآن ، إنْ لم تَكُنْ أقَلّ ، بينما كان النظام العربي الرسمي يعتبرها ” مُغَامرة ” قام بها حزب الله ، وحَمَّلَهُ مسؤولية تلك الحرب بٓدَلاً من تحميل المسؤولية لِ ” إسرائيل ” ..

وفقط عندما انتصرٓ حزبُ الله في تلك الحرب ، تَضَاعَفَتُ شعبيَّتُهُ أضعافاً مُضاعَفَة ..

لماذا ؟ لِأنَّ للِنَّصْرِ ألْفُ أَبٍ و أٓب ، أمّا الهزيمة فَيَتِيمة ..

بمعنى ، أنَّ ” الشعبيّةَ ” لم يكن لها دٓوْرٌ في انتصار حزب الله ، بل هي جاءت حِينَئِذٍ لاحِقَةً للإنتصار ، لا سابِقَةً له .

 

ومّمَا هو جديرٌ بالذِّكْر ، أنّ تلك ” الشعبية ” الكاسحة ، لم تُعَمِّرْ سوى أربعة أشهر ونصف فقط ، منذ منتصف آب ” 2006 ” حتى بداية عام ” 2007 ” عندما قام الإحتلال الأمريكي للعراق بِإعدام الرّئيس صَدّام حسين ..

وكان ذلك تمهيداً لِِبَثِّ ونَشْرِ ضٓبَاٍب ودُخانٍ وغُبارٍ طائفي ومذهبيّ ، مضمونه أنّ ” الشيعة ” أَعْدَموا ” زعيم السُّنّة ” !!!! ..

وجرى تسويقُ ونشرُ تلك المقولة المسمومة الملغومة ، بحيث جرى تبرئة الإحتلال الأمريكي من عمليّة شٓنْق الرئيس صدّام حسين ، وتحميلها لِ ” الشيعة ” عامّةً ولِ ” حزب الله ” خاصّةً ، وبحيث انتقلت عشراتُ الملايين في الديار العربية من تمجيد ” حزب الله ” إلى تدنيسه وشيطنته ..

فما ذنبُ حزب الله في تلك العملية التي لا ناقة له فيها ولا جمل ؟ !

وما هي فائدة تلك ” الشعبية ” الكاسحة التي تتلاشى بِنَاءً على كِذْبَةٍ مُفَبْرَكة فاقعة ؟!

2- إنّ ” التأييد غير المشروط الذي منحه حزب الله ، للدولة الوطنية السورية .. كانَ ولا زال من أشْرَف وأشجع وأصدق وأحْصَفِ المواقف الوطنية والقومية في تاريخ الحزب ..

لماذا ؟

لِأنّه لَمْ يَنْقادْ ولم يَنْساق مع التيّار الشعبوي الغرائزي التضليلي العامّ الذي كان يسيطر على المنطقة ، والقائل بِأنّ ما يجري هو ” ثورة وانتفاضة وربيع عربي !!! ” ،

بل وقفٓ بِكُلِّ جُرْأة ومسؤولية وأعْلَنٓ وقوفه مع قلب ورئة محور المقاومة والممانعة المُتَجٓسّد في سورية الأسد ، وتصاعد موقفُهُ طِبْقاً لتصاعد التحدّيات التي واجهتها الدولة الوطنية السورية ، ولا زال كذلك حتى اليوم .

3 – حزب الله لم يختزل المقاومة يوماً ، بمذهبٍ واحد ، ولم يعمل في لحظةٍ من لحظات تاريخه على تَطْيِيِفها ، بل عَمِلَ كُلّ ما يستطيع لإعطائها بُعْداً وَطَنياً لبنانياً وبُعْداً قومياً عربياً وبُعْداً إسلامياً عاماً بل وبُعْداً دولياً وعالمياً .

وكانت مَأْثُرَتُهُ الكبرى ، أَنَّهُ انتشل َ البيئةَ الحاضنةَ التي يعيش بين جَنَباتِها في جنوب لبنان ، من بِيِئةٍ مُعادِيَةٍ للمقاومة الفلسطينية ، لَيَنَتَقِلَ بها إلى قاعدةٍ صُلْبَةٍ راسخة للمقاومة المسلّحة ضدّ الإحتلال الإسرائيلي وضدّ المشروع الصهيوني .

وإذا كان الآخرون قد رفضوا الإقتداء به والتّجاوبَ معه والإنتقال بيئاتهم التقليدية إلى بيئةٍ جديدة حاضنة وداعمة للمقاومة والممانعة ، فالذَّنْبُ ليس ذَنْبُهُ ، بل هو ذَنْبُ الذين عجزوا أو رفضوا الإنخراط في تيّار المقاومة ضدّ ” إسرائيل ” ، وقاموا بدلاً من ذلك باتّهام حزب الله أنّه يقتصر على ” مُكَوِّنٍ مذهبيٍ واحد ” !!!!

يا أخي … ما الذي يمنعكم – إذا كُنتُم صادقين – مِنْ دَفْعِ وتعبئة وتجييش جميع أو بعض المكوّنات الأخرى ، ” لِتَمْنَعوا حزب الله من إحتكار المقاومة ، ولِتَقْطَعوا الطريق على كون المقاومة تتألَّفُ من مُكَوِّنٍ واحد !!! “. .

أَمْ أَنَّكُم تريدون منه أنْ يُطٓلَّقٓ المقاومة ويلتحق بكم ، لكي تتوقّفوا عن رَمْيِهِ بتهمة الطائفية والمذهبية ؟! ..

4 – نعم ، كانت وستبقى مكانةُ حزب الله مَرْهونةً بالدّرَجةِ الأولى :

– بِعَدَدِ الصواريخ المُوَجَّهَة صوبَ ” إسرائيل . .

– وبسلامةِ موقفه من المخططات الصهيو – أطلسية المُحاكة لهذه المنطقة ..

– وبحَصافةِ رؤيته للتحدّيات المصيرية الكبرى ، وبعدم استبدالها بتحدّياتٍ صغرى أو مُصْطَنَعة ..

– وبجاهزيته الميدانية العالية ، للتعامل النّاجع مع أيّ عدوان صهيوني على المنطقة ..

– وباستعداده الدائم للتضحية في سبيل قضيّته الكبرى ..

– وبعدم انزلاقه لسلسلةالأفخاخ والأشراك المنصوبة له ، والتي تريد أخْذَهُ بعيداً عن نهج وخطّ المقاومة والممانعة ..

– وأنْ لا يُؤْخَذَ يوماً ، ب همروجات ” الشعبوية ” التي تتموّج حسب اتّجاه الريح ، والتي لا تنصر صديقاً ولا تهزم عدواً ، بل أن يبقى مُحافُظاً على شعبيّته الراسخة التي لا تتلاعب بها الرياح ، والتي تتألّف من عشرات الملايين من الشرفاء في الوطن العربي والعالم الإسلامي ، بل وفي مختلف مناحي العالم ..

– وأنْ يعمل على تنمية شعبيّتِهِ ، ولكن ليس على حساب مواقفه المبدئيّة مُطْلَقاً ، ولا على حساب قضيّته الكبرى التي هي الوقوف بمواجهة المشروع الصهيوني الإستيطاني الإلغائي ، والوقوف ضدّ جميع الأذناب والبيادق الملتحقة بالمشروع الصهيوني .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.