أولاً – تُحرِّم وتُجرِّم المقاومة الوطنية – الى جانب (هل هو لزوم ما لا يلزم ام تراه يغدو لزوم ما يلزم؟) لائحة لاهاي لعام 1907 (المواد من 42-56)، واتفاقية جنيف الرابعة (المواد من 27-34 ومن 47-78)، وأحكام البروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي الإنساني العرفي – تُحرِّم وتُجرِّم سلطة الاحتلال فيما يتعلق بأعمال النهب والسلب واستغلال الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة.
ثانياً – يرتكز وجود الكيان الاسرائيلي المؤقت الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة .. إذن وجود هذا الكيان المحتل هو المرادف الطبيعي للنكبة الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحو اثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل ومحوها من الوجود – لا تعايش، نقطة على السطر!
ثالثاً – إذن من البدهي ان يتم التفاوض بين الدولة اللبنانية والأصحاب الاصلاء للحقوق والثروات العربية أرضاً، وبحراً، وجواً – نفطاً، وماءً، وغازاً في فلسطين.
رابعاً – بالعودة الى مقالي بعنوان: “من الصخرة المقدسية المشرفة/العربية الفلسطينية المحتلة الى صخرة رأس الناقورة العربية اللبنانية المحتلة!” (“مدارات عربية” June 8, 2022) حيث كتبت يومها:
صخب إعلامي، مزايدات ومصالح شخصية، ضبابية وتذبذب وتخبط وتردد وحسابات مغلوطة في ضوء (بل ربما عتمة) المستجدات على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة والتحرك “الإسرائيلي” الجديد الذي يشكل خطراً استراتيجياً على الحقوق السيادية اللبنانية. بصرف النظر عن عراب الخط 23 او صاحب معادلة “قانا” مقابل “كاريش” وما بينهما “حرام”، او الخط 29 وما بعده وما قبله – أقول بصرف النظر عن كل ذلك، فالمسألة الكبرى تتمثل بوجود “الكيان المؤقت” وقيامه بسرقة الحقوق والثروات العربية أرضاً، وبحراً، وجواً – نفطاً، وماءً، وغازاً في فلسطين ولبنان فشمال الخط 29 او جنوبه او شرقه او غربه حقوق وثروات عربية (لبنانية او فلسطينية) لن يقووا على تهريبها .. هي كالنخلة ارض عربية ولن تتلقح هذه أو تلك الارض بغير اللغة العربية كما اصرَّ المرحوم مظفر النواب.
اما الخط 29 فيرتكز على التقرير البريطاني، واتفاقية بوليه نيوكمب (الترسيم بين لبنان وفلسطين المحتلة خلال فترة الانتداب) الى جانب قانون البحار الذي لا يعتبر الصخور غير المأهولة جزراً، وبالتالي لا حدود إقليمية لها. من هنا تأتي أهمية صخرة رأس الناقورة المقابلة للنقطة المسماة “b1″ على الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان عند بلدة الناقورة اللبنانية (نقطة البوليس الانجليزي) .. وكان “الكيان المؤقت” قد قام بتكسير وتخريب العلامة التي تثبت نقطة الحدود بين فلسطين ولبنان ونقل أجزاء من هذا الحائط الصخري نحو 25 متر شمالاً ليدّعي، بناء على هذا الفعل الاغتصابي الاحتلالي، انها أصبحت ملكه (واسماها “تخليت”) باعتبارها جزءً من المياه الإقليمية لفلسطين المحتلة. وها هو اليوم يدّعي أنها جزيرة ولها منطقة اقتصادية بحرية تابعة له!
وعليه، ليس امام صاحب الحق اللبناني الا التمسك بصخرة الناقورة والدفاع عنها سيما وان دفع خط الحدودالى مسافة ما بين 16 الى 50 متراً باتجاه الشمال داخل الأراضي اللبنانية يمكّن “الكيان المؤقت” من الاستحواذ على مزيد من احتياطات الغاز اللبناني في الحقول الجنوبية وخاصة البلوك رقم 9.
من هنا كان للبنان ان يتمسك بالخط 29 باعتباره خط الحدود البحرية، فيقع استثمار “الكيان المؤقت” في حقل لبناني وجب على لبنان منع التعدي عليه بكل الوسائل المتاحة، مفسحاً المجال للمقاومة لتقول كلمتها خاصةً وان سفينة التنقيب Stena IceMax ( وهي تعمل لمصلحة شركة “هاليبرتون” الأميركية)، باشرت منذ أيام عملية حفر بئر رابع في الجزء الجنوبي من حقل “كاريش”، بمحاذاة الخط 29، تحت اسم KM-04 بعدما بيّنت مسوحاتها احتمال وجود “نفط سائل” أسفل البئر KN-01 الموجود في الجزء الشمالي من “كاريش”، أي ضمن حيّز الخط 29. ومن المرجح أن تنتقل Stena IceMax بعد أسابيع إلى شمال “كاريش” ليتم بعدها تحويل بئر التنقيب KN-01 إلى بئر إنتاج فيُربط مع الآبار التي ستباشر منصة الإنتاج التابعة لـ”أنرجين” عملية الاستخراج منها!
وهكذا يلتقي الدفاع عن صخرة الناقورة بالدفاع عن الصخرة المقدسية المشرفة/العربية الفلسطينية المحتلة صوناً للبنان واستقلاله وسيادته بعيداً عن التتبيع والتطبيع ومُخرجات “صفقة القرن” الاخرى التي تتجاوز توطين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين الى العمل على تفكيك لبنان الى “وحدات سكنية” او الى “مضارب عشائر” متقاتلة تعيدنا الى داحس والغبراء ولن تكفي دموع جوبتر واله الالهة بكاءً على بعلبك وكل لبنان وسيتوقف الدهر عن عشقه.
خامساً – نسمع جعجعة عنوانها حل الدولتين، والطحن في مكان اخر! فها هو بايدن يُنهي زيارته للكيان بمباركة الاستيطان وتهويد القدس معلناً “صهيونيته” بتطابق الرؤية الأميركية المقدّمة نظرياً تحت شعار حل الدولتين ليتماهى تماماً مع الرؤية الإسرائيلية، حيث لا مكان للقدس، ولا لوقف تقطيع أوصال الجغرافيا بالاستيطان، ولا لإطلاق المسار التفاوضي بل اختزاله بالتنسيق الأمني الذي يمسخ السلطة الفلسطينية من شريك سياسي لمجرد جهاز أمني رديف لأمن الكيان وملاحقة المقاومة. وقبل ذلك وبعده وفوقه يكافئ “الكيان المؤقت” مالياً وعسكرياً.
سادساً – لكم كررتُ وأكرر للمرة الألف بعد الألف وأعيد التكرار: كنت قد وجهت، منذ وقت غير يسير، نداءً مكررا، مكررا .. معجلا، معجلا الى الرئيس الفلسطيني ليتخذ موقفا يطيح بصفقة القرن ويجهضها .. خاطبته واخاطبه بكل اخلاص ان قم بذلك:
أعلنها وطلق أوسلو ثلاثا .. وليكن اعلان الاستقلال مصحوبا بلاءات الخرطوم الثلاثة!
أعلن قيام “الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة بعاصمتها القدس!
لَقَدْ أَضَلَّكم فوقّٓعتم ووقعتم، وَكانَ الشَّيْطانُ الصهيوامريكي لِكم خَذُولًا، فَاصْبِحُتم عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ .. فلا تكتفوا اليوم بوقف التنسيق تنفيذا لقرار التحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل، واتخذوا مع المقاومين سبيلا!
نعم اليوم، وبعد زيارة بايدن، أرجوك ان أقْدِم .. أعلنها، سيادة الرئيس، واسقط “الصفقة” بقرنها وقرونها ..
أعلنها “أبو مازن”، أعلنها – ولو من غزة!
اعلنها واتخذ مع المقاومين سبيلا ..
اعلنها وافتح بجزمة الفدائي أُفقا!
أعلنها وأعد لنا الروح ونحن نرى المنكر، وأي منكر أعظم من احتلال فلسطين واغتصابها من النهر الى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش؟ لنعمل على تغيير المنكر، فلكم ارتقی الشهداء قرعا للأجراس مؤذنين باستعادة فلسطين، كل فلسطين، من النهر إلى البحر ومن الناقورة الى أم الرشراش (27،009 كم مربع – متر ينطح متر، كاملة غير منقوصة!) .. ولكم رجوتكم ان اوقفوا “الكوميديا الجاهلية” فقد شبعنا لعبا بين يدي بيرنارد لويس وصحبه اصحاب بدع وخطط وخدع تفتيت المنطقة طائفيا وعرقيا كي لا تبقی فيها دولة سوی “اسرائيل” .. من زئيف جابوتينسكي الی موشی هالبيرتال وحتی أوباما – و ترامب وبايدن بالتأكيد، سيما وهو يستكمل ذلك بوعده “المبلفر” بخصوص الجولان وغور الاردن! فكفوا عن مراقصة العدم وانسحبوا من اللعب بين أيديهم!
سابعاً – اللاءات الهاشمية الثّلاث: “لا للتّنازل عن القدس المحتلة”، “لا للوطن البديل” و”لا للتوطين”!
نعم خسئوا فالأردن اكبر من الدور المرسوم، وهو قادر، قيادة وشعبا، على احباط “القدر المرسوم” .. وسيبقى الأردن – رغم زلة اللسان (غير) المقصودة في قمة جدة – وقف الله، أرض العزم، أفقا عربيا، وعمقا سوريا وامتدادا كنعانيا .. وطنا اردنياً بهيا بانتظام ولايته الدستورية ومأسسة الدولة وتحصين القانون، شريفاً لا نبغي ولا نرضى عنه بديلا، ولا نرضاه وطنا بديلا! ولن تقوى قوى “الزندقة” او “الصهينة و”الصندقة” بخشنها وناعمها على تحويل الاردن من وطن الى جغرافيا والاردنيين من مواطنين الى سكان انسجاما مع مفرزات سايكس/ بيكو ووعد بلفور بمصادقة صك الانتداب وعصبة الأمم وما رسموه للأردن من دور وظيفي قاومه الملك الحسين متمسكا باستقلال القرار السيادي وانتظام الولاية الدستورية، وعمل على تخطي الدور ومقتضياته والتحرر من الالتزامات المترتبة عليه ليرسى بذلك إرثا سياسيا لأجيال “اسلفتها” قريش “بمدرجة الفخار” فيحملوا “من الأمانة ثقلها، لا مُصْعِرِينَ ولا أَصَاغِرَ مِيلا” فهم – كما يضيف محمد مهدي الجواهري – ابنَاء “الذينَ تَنَزَّلَتْ بِبُيُوتِـهِمْ ، سُوَرُ الكِتَابِ، ورُتّلَتْ تَرْتِيلا”!
ثامناً – اذن ليكن التفاوض بين الدولة اللبنانية وأصحاب الحقوق والثروات العربية الأُصلاء أرضاً، وبحراً، وجواً – نفطاً، وماءً، وغازاً في فلسطين ولتُودٓع الاتفاقية اللبنانية الفلسطينية في محفوظات المؤسسات والمنظمات، والمنتديات، والمحافل الدولية حسب الأصول!
السلام عليك يا قدس (اصالةً ونيابةً عن دمشق وبيروت وعمان وكافة عواصم العرب)، يا ممتلئة من الروح المقاوم وبه .. الرب معك ورجاله في الميدان حُماتُكِ “بطول رعاية وقيام” .. “فخُذي طَريفَ المجدِ بعدَ تَليدِه// واستقبلي الآمالَ في غاياتها// وتأمَّلي الدنيا بطرفٍ سام//”
الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين!
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
ديانا فاخوري
كاتبة عربية اردنية
التعليقات مغلقة.