تحقيق من فلسطين … الأسيرة المحررة عبير عودة … خذلها الأقرباء قبل الأعداء
يقولون إنّ “الطعنة التي تأتيك من الصديق تؤذي أضعاف مضاعفة من التي تأتيك من عدو”، هذا ما حدث مع الأسيرة المحررة عبير محمود عودة 36 عاماً من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، والتي مكثت 10 أعوام داخل سجون الاحتلال، من أصل 22 عاماً، وخرجت ضمن صفقة شاليط المبرمة بين فصائل غزة وإسرائيل.
عودة التي أمضت أعوام في سجون الاحتلال بتهمة “مقاومتها له”، مكثت 5 أعوام ونصف في العزل الانفرادي، وبعد خروجها من السجن في صفقة شاليط، حاولت إضرام النار في نفسها على الملأ للفت الانتباه إلى أنها لا تزال على “قيد السجن” و تحتاج أشياء كثيرة من بينها متابعة وضعها الصحي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
(10) أعوام مريرة..
(منذ 2002 حتى أواخر 2011)، اعتقلت المحررة عودة بهذه الفترة كما تحدثت لـ”أمد للإعلام”، حيثُ تنقلت عبر سجون: هشارون، سالم، بتاح هتكفا، الرملة، عزل بئر السبع، الجلمة.
وتقول عودة في حديثها مع “أمد”، إننا عشنا السجون تحت أوامر عرفية، قوانينه، غرفه التي تفتقر لمقومات الحياة، والأذى الذي تعرضنا له بسبب عدم النظافة والناموس والحشرات والزواحف التي تدخل هذه الغرف.
وأضافت، تعرضت لتكسير في الأسنان من قبل السجانين قبل خروجي من السجن، حيثُ اعتدت علي إحدى السجانات بالضرب على وجهي وفقدت التوازن لفترة من الزمن، كما فقدت السمع بشكل كبير نتيجة أذى تعرضت له طبلة الأذن من الضرب والتعذيب داخل السجون.
وأما عن مقولتها “دكتور السجن من الشاباك.. طلعنا من عندو حبر عوراق”، أكدت عودة، أنها تعاني حتى اليوم من آثار الأوبئة والحشرات والفراش التي كانوا ينامون عليها داخل سجون الاحتلال، وخرجت من غرفة طبيب السجن وهو موظف الشاباك، لتسجل اسمها حبراً على أوراق في الحياة.
وشددت، تعرضت للأمراض الجلدية والجسدية داخل السجون، وبعد خروجي من السجن بدأ مشواري المرضي منذ عام 2006، نتيجة ما تعرضنا له داخل أسوار الظلم، من بينها انتفاخات في البطن وفقر في الدم ليصل دمها إلى 8، وقرحة في الأثنى عشر وتطورت نتيجة لعدم وجود تشخيص طبي صحيح.
لديها (6) أشقاء اعتقلوا داخل السجون..
وأكدت عودة لـ”أمد”، أنّ أشقاءها الستة وهم: “حكمت 34 عام، وفيق 35، توفيق 33، جاسم 32عاماً، صفوت 60عاماً، سعدي 42 عاماً”، اعتقلوا على فترات متفاوتة داخل سجون الاحتلال.
كما تعرضت والدتها للاعتقال بتهمة دعمها تنظيم إرهاربي، وهي تصرف على أبناءها الأسرى المعتقلين داخل سجون الاحتلال، ومكثت في التحقيق 56 يوم وخرجت بكفالة بقيمة 40 ألف شيكل، وحبس منزلي لمدة عامين، وبعد ذلك اكتشف الأطباء أنُها مصابة بالسرطان في الرحم.
مجتمع فاسد يتغنى بالوطنية..
وقدمت عودة عبر “أمد” عتابها للمجتمع الذي يتغنى بالوطنية لكنها فاسد بحق الأسرى والمحررين، حيثُ قالت: اذا لم تحتضنك العائلة كما يجب، تدخل الأسيرة في صراعات وتحاول النهوض، ولكنها تصدم بواقع مرير فيولد الحالة النفسية السيئة، التي ينتج عنها دخولها في أمراض لا تحمد عقباها، وأكثرها الضغط النفسي.
وأفادت، نحن مجتمع يتغنى بأننا مناضلين، لكنه فاسد وكاذب فهو يتعامل مع الأسيرات بغير رغبة من خلال الحياة المجتمعية، ونحن نعاني كأسيرات من سوء المعاملة بالمساواة مع النساء الفلسطينيات اللواتي لم يتعرضن للسجن من ناحية الزواج، فالأسيرة منبوذة مجتمعياً من عقول منغلقة.
ونوهت عودة عبر “أمد”، نحن كأسرى، ندفع ثمن نظرة المجتمع لنا، فالكثير من الأهالي عندما يذهب الأسير المحرر للزواج من ابنتهم يرفضون، ويقولون عنهم مرضى نفسيين.
وأضافت، أنّ الواقع سجن كبير، من ناحية السفر والرواتب والسلوك الذي يمارسه المجتمع بزيادة العبء على الأسيرة المحررة بدلاً من التخفيف عنها.
وأكملت عودة حديثها لـ”أمد”، أنّ الرابط بين خارج السجون وداخله، هو مساحة السجن، ففي السجون مصغر وخارجهم سجون كبيرة، ويوجد فيه أعداء كثر بحيث تأتيك الطعنة من الكثيرين.
ولم تُحَمّل المحررة عودة وضعها الصحي لأحد لكنها تحدثت عن مأساتها وقصتها الحقيقية داخل المستشفى الاستشاري في رام الله، عندما ذهبت لإجراء فحوصات وبحوزتها بطاقة الصرف وهويتها فقط، ولم تحمل المال، وهناك بعد وضع المحلول في يدها لإجراء فحوصات لها، طلبوا منها ثمن العلاج، لكنها قالت لهم بأنها لا تحمل بحوزتها مالاً فيوجد بطاقة الصرف على أن يتم حجزها إلى حين نزول الرواتب، فرفض ما يسمى الطبيب وقام بإنزالها عن سرير المستشفى، ورفع المحلول من يدها بطريقة مستفزة غير انسانية، ولا تليق بتضحياتها كأسيرة محررة أمضت 10 أعوام داخل سجون الظلم الإسرائيلية، بحسب ما قالت.
وتقول عودة لـ”أمد”، إنها لا تحمل أحد مسئولية ولكن الجميع غدر بها ولم يقف معها، ومن المفترض أن يكون هناك احتضان لها من قبل المسئولين ووزارة الأسرى، خاصة في ظل وضعها الصحي الحالي وتأزمه.
وتحدثت، عن رفض الاحتلال الإسرائيلي، ومنعه الأمني لها للذهاب إلى مستشفيات أراضي 48، للعلاج.
وقدمت عتبها عبر “أمد”، للقيادة الفلسطينية، التي تتغني بدفاعها عن الأسرى، ولا تهتم بهم بعد خروجهم من السجون، مؤكدة أنها عانت ولا زالت تعاني وتجاهد وتقاوم وتقارع المرض لوحدها وبدون وقوف أحد أو مساندة لها في شدتها.
ويبقى.. السؤال الذي يرواد الأسرى داخل السجون، هل سيكون مصيرنا كما باقي رفاقنا الذين استنشقوا حريتهم خارج أسوار الظلم؟!، وهل الوطنية التي يتغنى بها ويتباكى عليها المسئولون ستعيد طريقها الخاطئ ليتسقيم وينقذ من أمضوا أعوام وخسروا حياتهم من أجل الوطن؟!!.
التعليقات مغلقة.