التموضع العسكري والامني الصهيوني في المغرب / د. هاني العقاد
د. هاني العقاد ( فلسطين ) – الأحد 24/7/2022 م
سعت دولة الاحتلال بكل ما تملك من علاقات دولية للتطبيع مع المغرب العربي بعلاقات امنية وعسكرية واقتصادية لكون المغرب العربي يمثل موقع استراتيجي لتموضع أمنى وعسكري صهيوني بالإضافة الي انه يمثل محطة انطلاق للاستثمار في الصحراء الكبرى مع دول افريقية مختلفة ، ويمثل أكبر دولة استراتيجية مطلة علي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الاطلسي في زات الوقت تطل على اهم ممر مائي في شمال افريقيا ” مضيق جبل طارق ” الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي وهو الممر الاستراتيجي بين أمريكا ودول أوروبا ودول افريقيا واسيا وحتي الخليج العربي , لكون دولة الاحتلال تعرف وتدرك أهمية هذا الممر سارعت لا يجاد مكان استراتيجي تتموضع فيه امنيا وعسكريا بما يسهل تجارتها الدولية خاصة ان 70% من تجارتها الخارجية تعتمد على هذا الممر بالإضافة لارتباطها ملاحيا بكثير من دول العالم. اعتبر قادة دولة الاحتلال السياسيين والعسكريين والخبراء الاستراتيجيين ان المغرب العربي يمثل أولوية لعلاقات تطبيعيه مع دولة الاحتلال تمكنهم من عقد وابرام اتفاقيات امنية وعسكرية واقتصادية واستثمارية وتكنولوجية هامة، وبدون هذه العلاقات لن يكون هناك انفتاح حقيقي امام دولة الاحتلال لتتمدد في شمال افريقيا لمد جسور العلاقات لباقي دول قارة افريقيا التي تمتلك وزن سياسي كبير في الأمم المتحدة ومجلس الامن.
المهمة الأخيرة لرئيس الأركان الصهيوني( افيف كوخافي) في الإقليم هي القيام بزيارة لدولة المغرب العربي وذلك بعد أيام قليلة فقط من انتهاء تدريب عسكري مغربي صهيوني وصف من قبل سفير دولة الاحتلال في المغرب بانه خطوة هامة لتعزيز العلاقات الامنية بين البلدين , ويلتقي رئيس اركان دولة الاحتلال خلال هذه الزيارة وزير الدفاع والمفتش العام المغربي للقوات المسلحة المغربية وسوف يتباحث في العديد من الملفات مع القادة العسكريين والامنين المغاربة لمدة ثلاثة أيام ,وسيتناول البحث حسب ما هو معلن الأمور الأمنية الثنائية حسب الاتفاقيات الأمنية بين البلدين وموضوع التحالف الإقليمي كمحاولة للتضيق على أي تحرك إيراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وهذا المعلن . والغير معلن هو التموضع العسكري والامني لدولة الاحتلال في المغرب من خلال بناء قواعد عسكرية لها على المناطق المطلة على مضيق جبل طارق من الناحية المغربية وبحضور رئيس اركان دولة الاحتلال لمهمة إقامة قواعد عسكرية مشتركة بتكنولوجيا دفاعية متقدمة.
اسبانيا بدت قلقة جدا من التقارب الصهيوني المغربي وخاصة بعد توقيع المغرب اتفاق لبناء قاعدة عسكرية في منطقة ( افسو) جنوبي مدينة (مليلة) المغربية وتضاعف هذا القلق بعد ذكر تقارير صحافية اسبانية ان المغرب بصدد نصب وسائل دفاع جوي إسرائيلية تدعي باراك MX قرب مدينة (مليلة) الواقعة تحت السيادة الاسبانية أي بذات القاعدة العسكرية الإسرائيلية التي يتوقع ان يشهد رئيس اركان الاحتلال (افيف كوخافي) تدشينها في منطقة ( افسو) خلال زيارته . اسبانيا تخشي إمكانية حدوث تغيير في موازين القوي في المنطقة ويتحول المغرب الي قوة إقليمية في منطقة البحر المتوسط لان الاتفاقات الأمنية بين الرباط وتل ابيب من شانها ان تفرض توازن قوي يخلق وضع جديد للمغرب مع عقد اتفاقيات لابتياع تكنولوجيا حربية إسرائيلية عالية التطور ,شمل هذا الاتفاق أسلحة بمئات ملايين الدولارات تلتزم من خلالها دولة الاحتلال تزويد المغرب بهذه الأنواع من الأسلحة بما فيها ترسانة من طائرات بدون طيار ورادارات شركة” إلتا” المتخصصة بالخدمات الدفاعية الي جانب نظام ” سكاي لوك المضاد للطائرات المسيرة بالإضافة لتطوير وتحسين طائرات مغربية مقاتلة من نوع F5.
هذا الاتفاق يشكل خطر على حرية الملاحة في ممر جبل طارق باعتبار ان المغرب هي صاحبة الولاية على حماية هذا الممر وهي من يحق لها بالشراكة مع اسبانيا تحديد شروط عبور ممر جبل طارق حسب الاتفاقات الدولية والخاصة بين البلدين كما يشكل هذا الاتفاق خطر عسكري علي الجزائر الدولة المجاورة والتي تعتبرها دولة الاحتلال خطر على امنها القومي باعتبار الجزائر هي دولة ثورية لا تنقاد لاي استراتيجية تطبيعيه إقليمية وتمتلك أكبر ترسانة مسلحة بالقارة الافريقية والأهم ان بينها وبين المغرب نزاع سيادي على منطقة الصحراء الكبرى وهذا من شانه ان يزيد من حالة التوتر بين المغرب والجزائر باعتبار ان المغرب استعان بقوة عسكرية معادية مازالت تحتل ارض فلسطين وتقتل وتهدم وتعتقل وتنتهك المقدسات خاصة ان المغرب قد تحصلت علي اسطول من الطائرات المسيرة الهجومية والتي تستطيع ان تقصف بصواريخها من علي بعد اي اهداف جزائرية مدنية او عسكرية, ويعتبر التموضع الأمني الصهيوني مجال تهديد حقيقي للأمن القومي الجزائري وتدخل في الخلاف الجزائري المغربي والذي بإمكانه ان يوتر شمال افريقيا لسنوات قادمة.
احتفال الجزائر بالذكري الستين لانتصار الثورة الجزائرية واستعراض القوة العسكرية للجيش الجزائري هو الاضخم منذ العام 1989 حتي الان وبحضور لافت للزعماء العرب والدوليين كان له رسالة مهمة أولها ان الجزائر تمتلك جيش قوي واسلحة تتضمن منظومات صاروخية بعيدة المدى، وترسانة من الغواصات والأسلحة الإلكترونية والطائرات الحديثة تستطيع الدفاع عن أي تهديد محتمل للتقارب المغربي الصهيوني واي تهديد من قبل الجماعات الإرهابية التي تتنامي في الجنوب مع ليبيا من خلال القومي المتداخلة , وهناك رسائل للمغرب ودولة الاحتلال التي تتموضع عسكريا علي الأرض المغربية بان الجزائر لا يقبل التقارب الصهيوني المغربي ويعتبره تهديد لأراضيه ولا يقبل باي شكل كان اتفاقات التطبيع وعلي المغرب احترام سياسة الجوار ,وعلي إسرائيل ان تدرك ان كل قواعدها وراداراتها وطائراتها المسيرة في المغرب ستكون قوة معادية وبالتالي فهي في مرمي الصواريخ طويلة المدي الجزائرية ولن تتواني بالدفاع عن ترابها الوطني وامنها القومي اذا ما تمادت كل من المغرب وإسرائيل في إجراءاتهما الاستفزازية.
التعليقات مغلقة.