أردوغان ، شخصية خلافية وانقلاب مثير للجدل / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأحد 17/7/2016 م …

مع كل الضجة التي صاحبت محاولة الإنقلاب الفاشلة في تركيا والتي استهدفت حكم حزب العدالة والتنمية وإسقاط السلطان رجب طيب أردوغان ، فلقد أثارت هذه المحاولة وتلك الضجة الكثير من الذكريات المؤلمة والقاسية التي عانت منها منطقتنا العربية من انقلابات وحالات عدم الاستقرار وتغييرات غير منهجية  اثرت على النمو الاقتصادي والتخلف الاجتماعي ، وكانت سبباً في عدم تبني النهج الديمقراطي ، وتسببت باستبدال صناديق الاقتراع بحكم العسكر ورأي الشعب وإرادته بقذائف من مدفعية ورصاصات من بندقية ، ومع الفروقات الشخصية والقيادية بين من وصلوا لحكم عدد من الدول العربية عن طريق الانقلابات من حيث كون البعض منهم كان وطنياً حريصاً على قوميته فإن البعض الآخر لم يتجاوز كونه دكتاتورياً انتهج القمع والتقتيل والاعتقال أسلوباً لفرض سيطرته ونفوذه ، وأثبت الواقع بأن الأمر يؤكد بما لايدع مجالاً للشك بأن الانقلابات هي الوسيلة الأقذر والأبشع للوصول إلى السلطة وأن طريق التنمية والتطور لا بد أن تمر من خلال صناديق الاقتراع وانتهاج الديمقراطية سبيلاً وحيداً للوصول إلى الأمن المجتمعي والتطور الاقتصادي والاجتماعي المستند إلى رأي الجماهير ومشاركتها .

آراء كثيرة ومتضاربة صاحبت تلك المحاولة الانقلابية من حيث مدى صحتها والهدف منها:-

       فيما إذا كانت قد  استهدفت تلميع السلطان أردوغان بعد أن خف بريقه على اثر ما يقوم به قام به في الآونة الأخيرة والمتمثل ب : –

1.     اعتذاره لروسيا ورئيسها فلاديمير بوتين بعد محاولته إظهار نفسه بالأمس القريب بالسلطان الذي لا يخشى أحداً حيث عاد وأعلن أمام دب روسيا أن بلاده جاهزة تماماً للتعاون مع روسيا في «الحرب ضد الإرهاب» أي ضد الجماعات التي دعمتها وتحالفت معها وقدمت لها كل التسهيلات اللازمة من أجل تدمير سوريا والعراق بعد أن قام بسرقة مياه دجلة والفرات بما بناه من سدود .

2.     التعامل ثلاثي الأوجه مع القضية الكردية والأكراد في المنطقة فمن دعمهم والتنسيق والتعاون الاقتصادي والسياسي معهم في العراق إلى التوجس خيفة منهم في سوريا بعد أن دعم طموحاتهم الانفصالية إلى محاربتهم والتنكيل بهم في تركيا .

3.     إعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني بشكل مفاجئ حيث تنازل السلطان عما تغنى ونادى به طويلاً من حيث شرطه الأساسي برفع الحصار عن قطاع غزة قبل أي اتفاق مع الصهاينة على الرغم من أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني قد أكد وفي أكثر من مناسبة بأن حصار غزة باقٍ، واصفاً ذلك الحصار بأنه «مصلحة أمنية عليا لإسرائيل، ولم أكن مستعداً للمساومة عليها»، فالاتفاق التركي – الصهيوني يمثل تعاوناً استراتيجيا مستقبلياً يحيي به أمجاد العلاقة الطويلة بين الاتاتوركية والصهيونية ودور الاتاتوركيين في خلق الكيان الصهيوني ، علاوة على أن  الاتفاق يحمي أفراد الجيش الإسرائيلي من أي دعاوى قضائية جنائية ومدنية تقام ضدهم  من قبل تركيا سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل ، ويتضمن الاتفاق إقرار قانون في البرلمان التركي يلغي الإجراءات القانونية التي تجرى حالياً بهذا الخصوص بالإضافة إلى تعهد تركيا بمنع أي نشاط من حركة «حماس» ضد “إسرائيل” من الأراضي التركية ، ومنع جمع الأموال للحركة ، وتقديم مساعدات في إعادة الأسرى الصهاينة ، كما سحبت تركيا اعتراضها على فتح مكتب لإسرائيل في حلف الناتو.

       احتمال استغلال المحاولة الانقلابية من قبل أردوغان للتخلص من كل من له توجه معارض للاردوغانية في الجيش التركي باستغلال تهمة بسيطة جدا وهي المشاركة مع الانقلابيين او التعاطف معهم فليس من المحاولة الانقلابية أفضل من ذلك .

       استغلال الانقلاب في تغيير الدستور وتعيير النظام في تركيا إلى نظام رئاسي .

كل ما ورد أعلاه ليس بغريب أو عيد عن السياق ولكن الغريب في هذا الشأن أننا كعرب قد أثبتا كما دائماً بأننا شعب عاطفي متسرع في حكمه ويصدق علينا القول بإننا ” ما بنعد للعشرة ” حيث نستنتج ونحكم بعواطفنا ولا نتستخدم العقل ولا التحليل فنتسرع بالحكم  وننقسم فيما بيننا عند كل حدث ولأي سبب .. فانقسمنا بين مؤيد لأردوغان ومعاد له ، بين من يتمنى نجاح الإنقلاب ومن يتمنى فشله ، وفي ذلك ترجمة واقعية لما اعتدنا عليه ، ولكن ما يذهل هنا تلك التصريحات التي صدرت عن حماس وقيادييها ، فها هو أحد القياديين في حركة حماس والكاتب الدكتور أحمد يوسف يوجه رسالة إلى الشامتين في الإنقلاب ” حسب قوله ” الذي قاده عسكر تركيا ضد الرئيس طيب اردوغان ، والذي فشل بعد أربع ساعات من بدئه ، حيث قال بتدوينة له هذا اليوم : ” بعد فشل الانقلاب على أردوغان، يحق لغزة أن تفرح رغم بعض الشامتين… كما قال بأن الخبر بالنسبة للغالبية العظمى من الفلسطينيين بمثابة الانتصار لقضيتهم وطالب قيادة حماس في غزة أن تعمل على تحريك مسيرات لدعم وتأييد الرئيس أردوغان، الذي عاشت قضيتنا في عقله ووجدانه، ووفاءً للشعب التركي الذي حافظ على ديمقراطيته، وتصدى للإنقلابيين وأوقف حكم العسكر”.

وأتساءل كيف استقرأ الكاتب والقيادي الحمساوي احاسيس غالبية الشعب الفلسطيني ووصل إلى هذه النتيجة وكيف تيقن من أن قضية فلسطين قد عاشت في عقل اردوغان ووجدانه وهو الذي وقع منذ ايام الاتفاق الاستراتيجي الذي ورد سابقا استراتيجياً مع الكيان الصهيوني والتي فاقت بنوده ما يسمى بتطبيع العلاقات فقد عمق ذلك الاتفاق من عمق العلاقة بين الصهاينة والاردوغانيين فكفل للكيان تعاوناً استرتيجيا وتعاوناً اقتصادياً وسوقاً للغاز الفلسطيني المسروق وممراً لأنبوب الغاز الفلسطيني المسروق المزمع وصوله لاوروبا … فيما تخلى عن كل وعوده المتعلقة برفع الحصار عن إمارة غزة الاسلامية … وربما من المناسب القول للحمساويين : غلبوا فلسطينيتكم على توجهكم الإخواني … ففلسطين هي الماضي وهي الحاضر والمستقبل أما أردوغان والإخونج فإلى زوال طال الزمن أم قصر ….

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.