الأردن بين مشروعين : الكونفدرالية أو الأردن الكبير

 

الأحد 17/7/2016 م …

الأردن العربي – المبادرة الوطنية الأردنية يعيش الأردن الرسمي والشعبي حالة من التيه والتخبط ، حالة من الإحباط واليأس، حالة من الفوضى والهشاشة في مؤسسات الدولة، وخوفاً قاتلاً من المستقبل المجهول في صفوف المجتمع ، وشللاً شبه تام للفعل المنظم الشعبي ، إلاّ من ردّات فعل انفعالية مجزأة، غير مترابطة ولا تحتكم لقوانين الصراع العلمية، نتيجة غياب المشروع الوطني الشامل.

هذه الحالة الهشة المعاشة غير المسبوقة هي نتيجة لنهج التبعية السائد من جهة، ونتيجة حالة استقطاب قصوى في صفوف قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف النخب، في سياق صراع محتدم بين مشروعين مفروضين على الأردن، من قبل المركز الرأسمالي العالمي صاحب القرار الرسمي النهائي، من جهة أخرى.

صراع خفي بين مشروعين مفروضين ولكنهما معلنان:

1.     مشروع كونفدرالية الأراضي المقدسة: بين سلطتين أردنية وفلسطينية ودولة “إسرائيل” ، مقدمة لمشروع تكتل أكبر ” تكتل البحر الأبيض المتوسط بحر العرب”.عنوانه محور الاعتدال: دول الخليج ودول الكونفدرالية.

2.     مشروع الأردن الكبير، المعلن من قبل وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” قبل حوالي ست سنوات ، اقتطاع وضم مناطق من دول الجوار الشقيقة إلى الأردن : الأنبار من العراق ، وحوران من سوريا ومدائن صالح من السعودية.

ولكل مشروع منهما وظيفة ومهمة في سياق إستراتيجيات دولية متباينة بين مراكز قوى محددة  ضمن المركز الرأسمالي العالمي، لصالح أي من المشروعين ستنحسم الأمور، هذا يعتمد على مجموعة من معطيات وعناصر خاضعة للنمو أو الاضمحلال، في سياق الصراع القائم بين المركز الرأسمالي العالمي – الطغمة المالية العالمية- ودول البريكس، وخاصة الاتحاد الروسي والصين، وعلى نتائج الصراع الدائر في منطقتنا، بدءاً باليمن و مروراً في سوريا والعراق ، وصولاً إلى دول المغرب العربي وفي المقدمة ليبيا، تتحدد النتائج.

ما هي المؤشرات الملموسة على الأرض، لكل من هذين المشروعين، كونفدرالية الأراضي المقدسة و الأردن الكبير:

       الكونفدرالية: تفكيك الدولة الأردنية وتفتيت المجتمع في سياق التحول من الدولة إلى السلطة: خصخصة القطاع العام وخاصة الشركات الوطنية المنتجة، الفوسفات ، البوتاس ، الاتصالات ، المواني، الكهرباء، …الخ، رفع يد الدولة عن التدخل في السوق، وإلغاء وزارة التموين، رفع الدعم عن الشرائح الفقيرة والكادحة، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، الاعتماد المطلق على المساعدات الخارجية والضرائب غير المباشرة ، أي على حساب الشرائح الكادحة والمنتجة، في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، زيادة المديونية لمستويات غير مسبوقة بشكل ممنهج ( القاتل الاقتصادي)  بحيث يصعب الخروج من تبعاتها السياسية لاحقاً، عندما تحين ساعة الحسم، إخضاع السلطة التشريعية بشكل مطلق لإرادة السلطة التنفيذية، والتي هي دستورياً أدنى مرتبة من  السلطة التشريعية، سواء لناحية الرقابة أو المحاسبة للسلطة التنفيذية أو التشريع للدولة، وكذلك حال السلطة القضائية التي أصبحت بقبضة السلطة التنفيذية، وحتى السلطة الرابعة الصحافة، معطيات تؤكد تحول الدولة إلى سلطة على غرار السلطة الفلسطينية، في سياق مشروع الكونفدرالية، والإجراءات الأخيرة التغيرات الدستورية، والسماح بازدواجية الجنسية للمراكز العليا في مؤسسات الدولة، مؤشرات دامغة على هذا التوجه.

التفتيت الممنهج للمجتمع وضرب الهوية الوطنية الجامعة: تغذية غير مسبوقة للثقافة الظلامية، وثقافة المجاميع الماقبل رأسمالية : العشائرية ، والإقليمية ، والطائفية والمذهبية والجهوية والإثنية، وثقافة المحاصصة والشللية، وحروب الجامعات العشائرية، وحروب الحارات والقرى والتجمعات، وتدني مستوى التعليم ومخرجاته، جميعها عناصر هادمة للهوية الوطنية الموحدة، ومفتتة للمجتمع.

تطبيقات اتفاقية وادي عربة ، على كافة الصعد الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، والمشاريع الإقليمية المشتركة، إجراءات تمهد للكونفدرالية.

       الأردن الكبير: الانغماس المتطرف في المشروع الطائفي المذهبي ” سني – شيعي”، والتحريض الإعلامي الممجوج في هذا السياق، وتدريب وتسليح المجاميع المذهبية الإرهابية في جنوب سوريا وغرب العراق، كمجموعات تابعة لتشكل لاحقاً الحامل الاجتماعي لمشروع الانفصال عن الوطن الأم والانضمام لدولة الأردن ، ومشاركة الأردن عسكرياً مع الأمريكان في حربها في سوريا والعراق، إجراءات بخصوص حق العمل للاجئين السورين، والإعفاء من ترخيص العمل، استجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة أثناء زيارته للأردن، مقدمة لتجنيس السوريين كما هو معلن في تركيا.

مشروع الكونفدرالية يخدم أولا تصفية القضية الفلسطينية وتصفية المجتمع الأردني، وإدماج ” إسرائيل” في المنطقة، لا بل السماح لها بقيادة قوى ودول التبعية في المنطقة ، لصالح مشروع قوى في المركز الرأسمالي العالمي، ويبدو أن من يقف خلف هذا المشروع مجموعة الانكفاء في الولايات المتحدة ، بينما يخدم مشروع الأردن الكبير، مخطط عزل إيران عن سوريا ولبنان ، وحجز إمكانية تواصل خطوط الغاز والنفط بين إيران والبحر المتوسط، في سياق فصل الأنبار عن العراق وضمها للأردن الكبير، ويبدو أن مجموعة المحافظين الجدد هم من يقف خلف هذا المشروع.

ما هو المطلوب من الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة لمواجهة هذه المشاريع، كونها المستهدفة الرئيس منها، ولأنها القوى الحقيقية وصاحبة المصلحة الحقيقية في مواجهة هذه المشار يع؟؟   المطلوب:

بناء المشروع المقابل لكل هذه المشاريع على الصعيد الوطني والعربي، مشروع إعادة بناء حركة التحرر الوطني العربي، وإعادة بناء الحامل الاجتماعي لهذا المشروع، كون التناقض على صعيد المنطقة هو تناقض تناحري بين مشروعين: مشروع التحرر ومشروع الهيمنة.

الاعتماد على الذات أولا وثانياً وثالثاً في هذا الصراع، ثم الاعتماد على الحلفاء، هو الحل وهو الحل الوحيد، وهذا يتطلب حشد الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة في كل بلد عربي مقدمة لبناء الحامل الاجتماعي لمشروع تحرر الأمة.

على الصعيد الوطني:

 توعية وتنوير وتثقيف المجتمع بخطورة تمرير أي من هذه المشاريع، وتداعياته على الدولة والمجتمع الأردني بكافة شرائحه الوطنية الكادحة والمنتجة.

تحشيد كافة الأطر النقابية العمالية والمهنية، وكافة الاتحادات الشعبية، وكافة الأندية والمنتديات الفكرية والثقافية والاجتماعية والرياضية، والشبابية والنسائية في هذه المعركة المفصلية من تاريخ مجتمعنا ودولتنا.

تحشيد المجتمع الفلسطيني والمجتمع الأردني بشكل موحد في مجابهة هذه المشاريع التي تستهدفهما معاً.

 

 

” كلكم للوطن والوطن لكم”

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.