التفاهة / حنان بديع

حنان بديع ( لبنان ) – الأحد 7/8/2022 م …

يقول الكاتب للكاتب النمساوي كارل كراوس للدلالة على سيطرة التافهين وإحكامهم القبضة على العالم؛ “هوت شمس الثقافة أرضاً، حتى أصبح الأقزام أنفسهم يظهرون بمظهر العمالقة”،




هذا صحيح إذا ما اعترفنا بأن الإعلام في الدول العربية والدول الأخرى قد نجح في جعل الأغبياء مشاهيراً،، في المقابل غفلوا ربما متعمدين عن التعريف عن العلماء والمبدعين! فأصبحنا نتحدث عن عالم تهيمن عليه التفاهة ..

ذات الفكرة تبناها كتاب “نظام التفاهة” للكاتب الكندي آلان دونو..

أما خصائص هذا النظام وأسباب تأسيسه فقد عرف “آلان دونو”  الشخص التافه بأنه الشخص العادي والمتوسط الذي لا يلمع في أي مجال وبلا موهبة..

وأشار الكاتب إلى أن هذه الظاهرة قد برزت في التسعينات وذلك عند تعميم منطق المصنع في إدارة كل شىء في الحياة، فأصبح العامل عبداً للآلة وتابعاً لها، فهو يصنع منتجاً لا يعلم ما هو مما ساهم في ظهور خبراء فارغين، والقى الكتاب الضوء على حقيقة لم نكن نجهلها بل نتجاهلها دون وعي منا ومفادها أن الفئة التي تتبوأ اليوم أعلى المناصب هم مجموعة من التافهين الذين لا يفقهون شيئاً في مجالهم ولم ينجحوا في التقدم به بل عمقوا الأزمة وحلق حولهم التافهون، فالسياسي التافه أو الفنان التافه من مصلحته أن يحيط به مجموعة من التافهين للإعلاء من شأنه لأنه سيكون الأرقى بينهم، وليتواطؤوا مع تفاهته أيضا وبهذه الطريقة تصبح التفاهة نظام حياة، كما تدرج الكاتب في تحليله ليكشف لنا أهم أسلوب ساهم في نشر التفاهة! حيث حمل الكاتب كامل المسؤولية للإعلام الذي نجح في نشر التفاهة بشكل سريع فالمنابر الإعلامية لا تكف عن عرض الشخصيات التافهة والترويج لكونها شخصيات هامة إلى أن تصبح تلك الشخصية موضوع حديث وقدورة في أعين الصغار !

الكتاب صنف لنا الشخصيات الموجودة في نظامنا الحالي إلى خمسة أنواع هي الكسير، وهو الشخص الذي يرفض النظام بالانسحاب لا بالتعبير عن رفضه، وهناك الشخص التافه بطبيعته وهو الفرد الذي يصدق نظام التفاهة، إضافة إلى المتعصب وهو الباحث عن مكانة عالية ضمن هذا النظام وكل ما يهدد نظام التفاهة هو تهديد له، ولا ننسى التافه رغماً عنه وهو شخص مجبر تسخره الواجبات لخدمة نظام التفاهة لإعالة أبنائه وبلوغ مواقع اجتماعية عالية.

وأخيراً الطائش، وهذا الأخير ينتقد هذا النظام وهو بالحقيقة يعمل به ويتعايش معه،

حسب تصنيف آلان دونو؟ يبقى أن نسأل أنفسنا، أي من هذه الشخصيات تنطبق علينا وإلى أي مدى نتعايش مع نظام التفاهة بكل رضى وتفاهة؟ 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.