من قام بالانقلاب؟ اردوغان ام قائد القوة الجوية والقوة المدرعة بسام ابو شريف

 

بسام ابو شريف ( فلسطين ) الثلاثاء 19/7/2016 م …

يحق لأي مراقب يمتلك ذكاء متواضع ان يحكم على الاحداث التي شهدتها تركيا خلال الأيام الثلاثة الماضية على انها احداث تشبه مسرحية رتبت فيها الأدوار للوصول الى نتائج محددة ومرسومة.

وكي نفسر ما نقول نبدأ بالأهداف والنتائج منذ أشهر يسعى اردوغان لتغيير الدستور بحيث تتجمع بيده كرئيس كل السلطات العسكرية والمدنية وتعديلات تتيح له ان يبقى رئيس مدى الحياة.

ورغم تحكم اردوغان بأغلبية برلمانية عبر حزب (الاخوان المسلمين) الذي يترأسه اصدم بعقبتين رئيسيتين:

العقبة الأولى هي ان كبار ضباط جيش تركيا وهو من اقوى جيوش المنطقة واكبرها حجما (ويعتبره الناتو سندا رئيسيا للحلف) هو جيش ربي على العلمانية بعيدا عن الدين وضباطه ينتمون لعقائد عسكرية وليس لعقائد دينية ويحاكمون الأمور من وجه نظر عسكرية علمية تستهدف مصلحة تركيا البلد وليس مصلحة أحزاب او افراد.

(ولذلك كان لكبار ضباط الجيش موقف معارض للتدخل العسكري في سوريا والعراق) هؤلاء الضباط الذين يقودون الجيش التركي يشكلون هيئة اركان ذات اختصاص في شؤون حماية تركيا عسكريا واتخاذ القرارات العسكرية دون منازع ورأى قسم كبير منهم ان ما يسعى له اردوغان من تغيير للدستور وما يستهدفه من التحكم بالقرار العسكري امرا غير مقبول لا بل يضع تركيا على حافة مهاوي خطيرة كذلك كان لهؤلاء الضباط موقف معارض لاستخدام سياسة البطش والتدمير ضد الاكراد ومناطقهم في تركيا.

اما العقبة الثانية فقد تمثلت بوجود قضاء مستقل وشفاف ولا ينحاز الا للقانون الدستور ولذلك تنبه كبار القضاة الى خطورة مشروع اردوغان تشكيل حكومة دستورية يستطيع التحكم بقرارها وتكون قادرة على نقد قرارات القضاء التركي.

ماذا جرى خلال ثلاثة أيام

 حسب ما جاء في الاخبار المتقطعة وغير المنظمة وغير المنسقة نستطيع ان نستخلص التالي:

أولا – ان مدير المخابرات كان حرا طليقا ويدير غرفة عمليات وعلى اتصال مباشر مع اردوغان

ثانيا – ان رئيس هيئة الأركان قد غيب في ظل احتجازه كرهينة

ثالثا – ان جهاز المخابرات قد بث منذ اللحظة الأولى يفيد بأن قائد سلاح الجو وقائد سلاح البر هما وراء عملية انقلابية تستهدف الشرعية التركية، وجاء في الانباء ان اردوغان غادر متوجها الى انقرة لكن طائرته حطت في إسطنبول بسلام ولم تطلق عليها رصاصة واحدة وعمم بيان يطلب من أعضاء حزب اردوغان للشعب التركي بالنزول للشوارع.

رابعا – شاهد الجميع كيف ان الجنود الذين تمركزوا في نقاط حساسة من انقرة وإسطنبول لم يطلقوا طلقة على المواطنين لا بل سمحوا لاعضاء حزب اردوغان ان يهاجموهم وسمع الجنود يقولون لن نطلق النار على المواطنين وبالفعل تركوا دباباتهم للمدنيين.

امام هذا يتساءل أي انسان يمتلك ذكاء معتدل:

لو كان هذا انقلاب وله اهداف اسقاط اردوغان لكان اطلق النار، او اسقط طائرته او دمر مقر رئيس الوزراء او صفى أعضاء البرلمان او اطلق النار في الهواء ليرهب المتظاهرين ولكنه لم يفعل هذا وحتى لم يستخدم خراطيم الماء، وقام مدير المخابرات بإكمال اللعبة والمح الى احتمال تورط الولايات المتحدة عبر المعارض غولن وذهب باتجاه لتسليمه لتركيا وذهب بالضغط على اليونان بتسليم ضباط فروا الى اليونان بطائرة هليكوبتر، ما هي المحصلة ؟

لا يوجد قتلى او جرحى بين جماعة اردوغان في الأطر العليا او السفلى، سقط من الجيش الاف القتلى واعتقل من ضباطه وضباط الصف أكثر من 12 الف حتى الان.

يحق لنا ان نقول ان مسرحية اردوغان كلفت وستكلف تركيا غاليا فقد حطم اردوغان الجيش التركي لان تحطيم ضباط الجيش المتخصصين سوف يعني ان يحل محلهم أعضاء من حزبه لا ولاء لهم الا لاردوغان وسيلتزمون بأوامره بغض النظر عن سلامتها او خطورتها، ولقد أخطأ اردوغان بزلة لسان عندما أعلن انه القائد الأعلى للجيش قبل حسم التعديلات الدستورية.

ليس هذا فحسب بل لوحق الجهاز القضائي وكأن الجهاز القضائي جزء لا يتجزأ من الجيش فاعتقلت كامل هيئات القضاء الأعلى ويلاحق الان أكثر من 800 قاضي للاعتقال وذلك لمنع هذا الجهاز للوقوف وراء منع أي اجراء يتخذه اردوغان خلال هذه الفترة العصيبة، ولا شك ان في جعبة اردوغان ومدير مخابراته لائحة للقضاة الجدد الذين سيعنون بدلا من الذين اعتقلوا والذين قد يقتلوا.

ان ما قام به اردوغان هو انقلاب الرئيس التركي على الشرعية التركية العسكرية والقضائية وكي يغطي الجرائم التي ترتكب الان دون حسي او رقيب او قانون وزع رسائل الإرهاب الى الولايات المتحدة والدول الأوروبية كي لا يثار امر هذه الجرائم كون مخالفها للقانون ومبادئ حقوق الانسان، وعلى الرغم من ذلك تجرأت ميركل وطالبت تركيا بأن تلتزم بحدود القوانين وحقوق الانسان.

والسؤال الذي يطرح بعد هذا إذا نجح اردوغان بأن يتحول الى السلطان رجب طيب اردوغان، ماهي الخطوة التي يريد ان يخطوها بعد ذلك، لقد قام بكل خبث بتغطية فعلته عبر اعلان رئيس وزرائه عن سياسة خارجية جديدة لإعادة التطبع بين تركيا وروسيا والدعوة الى فتح صفحة جديدة مع سوريا والعراق وتوقيع اتفاق التطبع مع إسرائيل والانحناء امام العباءة السعودية، لا شك ان عقل اردوغان التأمري يخطط لأمر لن يكون حتما لصالح الشعب التركي او في صالح الامة العربية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.