العلاقة بين الفكر والواقع في الخطاب السياسي / د. عدنان عويّد
د. عدنان عويّد ( سورية ) – الخميس 11/8/2022 م …
الفكر في سياقه العام, هو المعارف التي اكتسبها الإنسان عبر علاقته التاريخيّة مع الطبيعة والمجتمع. وبالتالي فقد تجلى هذا الفكر في الدين والفلسفة والفنون التشكيليّة والقانون والأخلاق وغير ذلك. أي إن الفكر في تجلياته النظريّة كمعارف, يتجسد عمليّاً إن كان عبر الفن التشكيليّ كلوحات ومنحوتات فنية, أو عبر الأدب في قصص وروايات ومسرح, أو في المجتمع كقانون وفلسفة ونظريات علم اجتماع وعادات وتقاليد وأعراف. أو في مجال العلوم الطبيعية, في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والميكانيك والاقتصاد.. وغير ذلك.
وهذا الفكر الذي يُشَكِلُ في الفهم المنهجي التاريخيّ البناء الفوقيّ الذي يقوم على بناء تحتيّ هو الوجود الاجتماعيّ ممثلاً بقوى وعلاقات الإنتاج, يمتاز بعدة سمات أو خصائص منها: أنه قابل للتطور والتبدل النسبيّ بناء على تبدل عوامل إنتاجه, أي هو تاريخيّ بتعبير آخر, ثم هو فكر قادر على الاستقلاليّة النسبيّة عن الواقع الذي يعيش فيه, وبالتالي هو قادر على التأثير بالواقع عبر حوامله الاجتماعيّة, وتغيره أو عرقلته لمصلحة هذه القوى الاجتماعيّة الراغبة بالتقدم, أو الراغبة في استمراريّة التخلف. والفكر أيضاً قابل أن يتحول إلى أيديولوجيا صماء يحاول حملته الاجتماعيين العمل عبره على ليّ عنق الواقع كي يرتقي لهذه الأيديولوجيا, وهذا نجده في الخطابات الإسلاميّة السلفيّة, أو في الخطابات النظريّة الوضعيّة الخاصة بالأحزاب الشموليّة , يضاف إلى ذلك أن هذا الفكر في النطاق الأبستمولوجيي (علم المعرفة) يتحول إلى مواضيع إنتاج فكريّ, مثل نظريات المعرفة في علم الاجتماع والفلسفة والفن والأدب, وكذلك إلى مناهج في التفكير والبحث كالمنهج الماديّ التاريخيّ, والمنهج التاريخيانيّ, والوصفيّ, والوضعيّ والبنيويّ وغيرها.
إن من أخطر ما يتعرض له الفكر في سياق تشكله ونشاطه وتطبيقاته العمليّة, هو تحوله إلى وسائل أو أدوات بيد القوى السياسيّة الحاكمة المستبدة التي لا يهمها مصالح المجتمع, بقدر ما يهمها مصالحها الأنانيّة الضيقة. ففي مثل هذا التوظيف الفكريّ, يفقد الفكر قوته الإيجابيّة التي تشتغل لمصلحة المجتمع وتقدمه, ليتحول إلى وسائل براغماتيّة تعمل على تجهيل الشعوب وتهجينها ونمذجتها. وهذا ما نجده عند مشايخ السلطان, وعند من في قلوبهم زيغ, حيث يعملون على تفسير وتأويل النص وفقاً لمصلحة أسيادهم, كأن يقنعوا الشعوب بأن الحكام هم من عند الله وقد فرضهم على الشعوب, وإن كان هذا الحاكم فاسقاً او ظالماً فعلى الرعيّة القبول به, لأن الله أراده حاكما عليهم انتقاما لما يمارسه الرعيّة من سوء وفساد في المجتمع. يذكر “القاضي عبد الجبار” عن شيخه “أبو علي الجبائي: قوله: (إن اول من قال بالجبر وأظهره “معاوية”, وقد أظهر أن ما يأتيه بقضاء الله ومن خلقه, ليجعله عذراً فيما يأتيه, ويتوهم أنه مصيب فيه, وأنه جعله إماماً وولاه الأمر. وفشا هذا القول في ملوك بني أميّة.).(1). أو اعتبار النص القرآني تضمن كل ما يحل مشاكل الإنسان وتأمين حاجاته كما يقول الشافعي في الرسالة: (ليست تنزل بأحد من دين الله بنازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهديّ منها). (2). معتمداً نص الآية : (ونزل عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين). النمل – 89- أو محاولة تأويل النص تأويلاً عرفانيّاً لخدمة مواقف سياسيّة, كما فسر الشيعة الآيات التاليّة: (مرج البحرين يلتقيان, بينهما برزخ لا يبغيان, فبأي آلاء ربكما تكذبان, يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) . الرحمن 19 -22. حيث جاء في التأويل : البحرين هما علي وفاطمة, والبرزخ- وهو هنا محمد الذي يعني الجسر الذي يصل بين على وفاطمة, اللؤلؤ والمرجان وهما الحسن والحسين.).
وهناك الموقف الجبريّ في هذه الأيديولوجيا الدينيّة الذي اشتغل عليه الأمويون والعباسيون وكل الخلفاء الذي مروا على الخلافة, وهو الموقف الذي اشتغل عليه المتصوفة السنة أيضاً وخاصة الطرقيين منهم الموالين للسلطان. فهدا “القشيري” أحد منظري الفكر الصوفيّ السني يقول عن الجبر بأن الناس: قوالب وأشباح تجري عليهم أحكام القدرة.). كما يقول أيضاً: (وكما كانت الأرواح والأجساد قائمتا بالله, وظهرتا به لا بذواتهما, وكذلك قامت الخطرات والحركات بالله لا بذواتها, إذ الحركات والخطرات فروع الأجساد والأرواح.). (3). هذا ونجد هذه المواقف الأيدولوجيّة الدينيّة الصماء تأتي على مسألة الفوارق الطبقيّة في المجتمع أيضاً, على أن أسبابها مقدرة من قبل الله. ﴿ أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون ﴾ ( الزخرف: 32) . ومن هنا مُدِحَ الفقر أيضا, وأن الفقير يدخل الجنة قبل الغني بخمسمئة عام.
وهذا الموقف الجمودي نجده في الأيديولوجيا الوضعيّة كذلك, وخاصة في الأحزاب الشموليّة التي تتبنى سرديات كبرى كالشيوعيّة أو الليبراليّة والقوميّة, فالأحزاب الشموليّة التي تبنت الشيوعيّة وسارت على النهج الستاليني, أغلقت نظرياتها في شعاراتها العريضة واعتبرتها المنطلق الوجوديّ والمعرفيّ والسلوكيّ لها, وكل جديد يطرح من قبل مفكريها بغية تطويرها يعتبر انحرافاً عن نهج الحزب وغالباً ما يطرد دعاة التجديد في هذه الأحزاب من أحزابهم, أو يصفون جسدياً إذا كان لهم حضورهم الفاعل في أحزابهم, هذه الأحزاب التي تَعَسْكَرَ معظمها وتعسكرت معها الدولة, بعد أن تفرد في قيادة هذه الأحزاب قوى تقليديّة في توجهاتها, تمثل العشيرة والقبيلة والطائفة, بقيادة قادة ذوي شخصيات كاريزمية حازت على كل السلطات في الدولة, وبذلك تكون هذه الأحزاب بأيديولوجيتها وعساكرها وقياداتها, قد أوقفوا حركة التاريخ أيضاً, بعد أن أقصوا المختلف داخل الحزب وخارجه, ووضعوا من أنفسهم ومواقفهم الفكريّة قوة وصائيّة على الدولة والمجتمع معاً.
هذا الموقف الأصوليّ نجده في النظام الليبراليّ الجديد, الذي سيطرت فيه طبقة رأسماليّة متوحشة على كل شيء في دولها وراحت تسعى بعد انتهاء الحرب الباردة أن تعيد هيكلة تاريخ الدول والمجتمعات على هواها, أي وفقاً لمصالحها, معلنة للعالم عبر منظريها نهاية التاريخ, وأن آخر مراحل تطوره أو عتبات سيرورته وصيرورته هو النظام الليبراليّ الجديد. هذا النظام الذي انتهى فيه دور ومكانة الحداثة, ليتجسد هنا عالم ما بعد الحداثة, أي عالم النهايات والموت كما عبر عنه فلاسفته, الذين أعلنوا موت الدين والقيم والمثل العليا, وموت الفن والأدب وكل ما يمت إلى عالم الإنسانيّة ومثلها النبيلة من قريب أو بعيد.
هكذا إذاً يتحول الوعي أو الفكر عبر تاريخه , وبعد أن يحوز على استقلاليته النسبيّة, إلى فكر تتحكم به القوى السياسيّة ومن يعمل لمصلحتها, دينيّة كانت أم وضعية ذات طابع اشتراكيّ أو قوميّ أو ليبرالي, وخاصة في مرحلة النظام العالميّ الجديد, عالم الشركات المتعددة الجنسيات وسيطرتها على التوجهات السياسّية والاقتصاديّة والأخلاقيّة للعالم الذي تحاول أن تجعل منه قرية صغيره يُنَمْذّجُ فيها الإنسان أولاً, وكل ما يمت إليه وفقاً لمصلحة اقتصاد السوق الاستهلاكي الذي راح يُسلع فيه الإنسان وفكره وغرائزه معا.
كاتب وباحث من سوريّة
1- د. محمد عابد الجابري بنيّة العقل – مركز دراسات الوحدة العربيّة – ص571
2- بنية العقل العربي للجابري – المرجع نفسه ص 22.
3- بنية العقل العربي – للجابري – المرجع نفسه – ص353.
-
العلاقة بين الفكر والواقع في الخطاب السياسي.
د. عدنان عويّد
الفكر في سياقه العام, هو المعارف التي اكتسبها الإنسان عبر علاقته التاريخيّة مع الطبيعة والمجتمع. وبالتالي فقد تجلى هذا الفكر في الدين والفلسفة والفنون التشكيليّة والقانون والأخلاق وغير ذلك. أي إن الفكر في تجلياته النظريّة كمعارف, يتجسد عمليّاً إن كان عبر الفن التشكيليّ كلوحات ومنحوتات فنية, أو عبر الأدب في قصص وروايات ومسرح, أو في المجتمع كقانون وفلسفة ونظريات علم اجتماع وعادات وتقاليد وأعراف. أو في مجال العلوم الطبيعية, في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والميكانيك والاقتصاد.. وغير ذلك.
وهذا الفكر الذي يُشَكِلُ في الفهم المنهجي التاريخيّ البناء الفوقيّ الذي يقوم على بناء تحتيّ هو الوجود الاجتماعيّ ممثلاً بقوى وعلاقات الإنتاج, يمتاز بعدة سمات أو خصائص منها: أنه قابل للتطور والتبدل النسبيّ بناء على تبدل عوامل إنتاجه, أي هو تاريخيّ بتعبير آخر, ثم هو فكر قادر على الاستقلاليّة النسبيّة عن الواقع الذي يعيش فيه, وبالتالي هو قادر على التأثير بالواقع عبر حوامله الاجتماعيّة, وتغيره أو عرقلته لمصلحة هذه القوى الاجتماعيّة الراغبة بالتقدم, أو الراغبة في استمراريّة التخلف. والفكر أيضاً قابل أن يتحول إلى أيديولوجيا صماء يحاول حملته الاجتماعيين العمل عبره على ليّ عنق الواقع كي يرتقي لهذه الأيديولوجيا, وهذا نجده في الخطابات الإسلاميّة السلفيّة, أو في الخطابات النظريّة الوضعيّة الخاصة بالأحزاب الشموليّة , يضاف إلى ذلك أن هذا الفكر في النطاق الأبستمولوجيي (علم المعرفة) يتحول إلى مواضيع إنتاج فكريّ, مثل نظريات المعرفة في علم الاجتماع والفلسفة والفن والأدب, وكذلك إلى مناهج في التفكير والبحث كالمنهج الماديّ التاريخيّ, والمنهج التاريخيانيّ, والوصفيّ, والوضعيّ والبنيويّ وغيرها.
إن من أخطر ما يتعرض له الفكر في سياق تشكله ونشاطه وتطبيقاته العمليّة, هو تحوله إلى وسائل أو أدوات بيد القوى السياسيّة الحاكمة المستبدة التي لا يهمها مصالح المجتمع, بقدر ما يهمها مصالحها الأنانيّة الضيقة. ففي مثل هذا التوظيف الفكريّ, يفقد الفكر قوته الإيجابيّة التي تشتغل لمصلحة المجتمع وتقدمه, ليتحول إلى وسائل براغماتيّة تعمل على تجهيل الشعوب وتهجينها ونمذجتها. وهذا ما نجده عند مشايخ السلطان, وعند من في قلوبهم زيغ, حيث يعملون على تفسير وتأويل النص وفقاً لمصلحة أسيادهم, كأن يقنعوا الشعوب بأن الحكام هم من عند الله وقد فرضهم على الشعوب, وإن كان هذا الحاكم فاسقاً او ظالماً فعلى الرعيّة القبول به, لأن الله أراده حاكما عليهم انتقاما لما يمارسه الرعيّة من سوء وفساد في المجتمع. يذكر “القاضي عبد الجبار” عن شيخه “أبو علي الجبائي: قوله: (إن اول من قال بالجبر وأظهره “معاوية”, وقد أظهر أن ما يأتيه بقضاء الله ومن خلقه, ليجعله عذراً فيما يأتيه, ويتوهم أنه مصيب فيه, وأنه جعله إماماً وولاه الأمر. وفشا هذا القول في ملوك بني أميّة.).(1). أو اعتبار النص القرآني تضمن كل ما يحل مشاكل الإنسان وتأمين حاجاته كما يقول الشافعي في الرسالة: (ليست تنزل بأحد من دين الله بنازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهديّ منها). (2). معتمداً نص الآية : (ونزل عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين). النمل – 89- أو محاولة تأويل النص تأويلاً عرفانيّاً لخدمة مواقف سياسيّة, كما فسر الشيعة الآيات التاليّة: (مرج البحرين يلتقيان, بينهما برزخ لا يبغيان, فبأي آلاء ربكما تكذبان, يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) . الرحمن 19 -22. حيث جاء في التأويل : البحرين هما علي وفاطمة, والبرزخ- وهو هنا محمد الذي يعني الجسر الذي يصل بين على وفاطمة, اللؤلؤ والمرجان وهما الحسن والحسين.).
وهناك الموقف الجبريّ في هذه الأيديولوجيا الدينيّة الذي اشتغل عليه الأمويون والعباسيون وكل الخلفاء الذي مروا على الخلافة, وهو الموقف الذي اشتغل عليه المتصوفة السنة أيضاً وخاصة الطرقيين منهم الموالين للسلطان. فهدا “القشيري” أحد منظري الفكر الصوفيّ السني يقول عن الجبر بأن الناس: قوالب وأشباح تجري عليهم أحكام القدرة.). كما يقول أيضاً: (وكما كانت الأرواح والأجساد قائمتا بالله, وظهرتا به لا بذواتهما, وكذلك قامت الخطرات والحركات بالله لا بذواتها, إذ الحركات والخطرات فروع الأجساد والأرواح.). (3). هذا ونجد هذه المواقف الأيدولوجيّة الدينيّة الصماء تأتي على مسألة الفوارق الطبقيّة في المجتمع أيضاً, على أن أسبابها مقدرة من قبل الله. ﴿ أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون ﴾ ( الزخرف: 32) . ومن هنا مُدِحَ الفقر أيضا, وأن الفقير يدخل الجنة قبل الغني بخمسمئة عام.
وهذا الموقف الجمودي نجده في الأيديولوجيا الوضعيّة كذلك, وخاصة في الأحزاب الشموليّة التي تتبنى سرديات كبرى كالشيوعيّة أو الليبراليّة والقوميّة, فالأحزاب الشموليّة التي تبنت الشيوعيّة وسارت على النهج الستاليني, أغلقت نظرياتها في شعاراتها العريضة واعتبرتها المنطلق الوجوديّ والمعرفيّ والسلوكيّ لها, وكل جديد يطرح من قبل مفكريها بغية تطويرها يعتبر انحرافاً عن نهج الحزب وغالباً ما يطرد دعاة التجديد في هذه الأحزاب من أحزابهم, أو يصفون جسدياً إذا كان لهم حضورهم الفاعل في أحزابهم, هذه الأحزاب التي تَعَسْكَرَ معظمها وتعسكرت معها الدولة, بعد أن تفرد في قيادة هذه الأحزاب قوى تقليديّة في توجهاتها, تمثل العشيرة والقبيلة والطائفة, بقيادة قادة ذوي شخصيات كاريزمية حازت على كل السلطات في الدولة, وبذلك تكون هذه الأحزاب بأيديولوجيتها وعساكرها وقياداتها, قد أوقفوا حركة التاريخ أيضاً, بعد أن أقصوا المختلف داخل الحزب وخارجه, ووضعوا من أنفسهم ومواقفهم الفكريّة قوة وصائيّة على الدولة والمجتمع معاً.
هذا الموقف الأصوليّ نجده في النظام الليبراليّ الجديد, الذي سيطرت فيه طبقة رأسماليّة متوحشة على كل شيء في دولها وراحت تسعى بعد انتهاء الحرب الباردة أن تعيد هيكلة تاريخ الدول والمجتمعات على هواها, أي وفقاً لمصالحها, معلنة للعالم عبر منظريها نهاية التاريخ, وأن آخر مراحل تطوره أو عتبات سيرورته وصيرورته هو النظام الليبراليّ الجديد. هذا النظام الذي انتهى فيه دور ومكانة الحداثة, ليتجسد هنا عالم ما بعد الحداثة, أي عالم النهايات والموت كما عبر عنه فلاسفته, الذين أعلنوا موت الدين والقيم والمثل العليا, وموت الفن والأدب وكل ما يمت إلى عالم الإنسانيّة ومثلها النبيلة من قريب أو بعيد.
هكذا إذاً يتحول الوعي أو الفكر عبر تاريخه , وبعد أن يحوز على استقلاليته النسبيّة, إلى فكر تتحكم به القوى السياسيّة ومن يعمل لمصلحتها, دينيّة كانت أم وضعية ذات طابع اشتراكيّ أو قوميّ أو ليبرالي, وخاصة في مرحلة النظام العالميّ الجديد, عالم الشركات المتعددة الجنسيات وسيطرتها على التوجهات السياسّية والاقتصاديّة والأخلاقيّة للعالم الذي تحاول أن تجعل منه قرية صغيره يُنَمْذّجُ فيها الإنسان أولاً, وكل ما يمت إليه وفقاً لمصلحة اقتصاد السوق الاستهلاكي الذي راح يُسلع فيه الإنسان وفكره وغرائزه معا.
كاتب وباحث من سوريّة
1- د. محمد عابد الجابري بنيّة العقل – مركز دراسات الوحدة العربيّة – ص571
2- بنية العقل العربي للجابري – المرجع نفسه ص 22.
3- بنية العقل العربي – للجابري – المرجع نفسه – ص353.
التعليقات مغلقة.