التوحش التركي الى أين !!؟ / أحمد عبدالله الشاوش

 

أحمد عبدالله الشاوش ( اليمن ) الخميس 21/7/2016 م …

[email protected]

حالة من ” التوحش” قادة تركيا في الفترة الأخيرة ، لاسيما بعد الانقلاب الفاشل الذي هز أركان الدولة التركية وهدد أمنها واستقرارها وديموقراطيتها ، وبث الرعب  في صفوف قادة وكوادر ومليشيات حزب العدالة والتنمية وكذلك الطيف السياسي للأحزاب الأخرى التي نزلت الى شوارع أنقرة وإسطنبول انتصاراً للحرية وكبح جماح العسكر.

ورغم ولادة الانقلاب ميتاً منذ الطلقة الأولى رغم المشهد الدرامي الأكثر إثارة وغياب الخبرة السياسية  ورعب القارة الاوربية من شبح الإرهاب ورهان الانقلابيين  على السخط والتذمر الشعبي من تصرفات الرئيس رجب طيب اردوغان و” سطوة” حزب العدالة والتنمية في كافة مفاصل الدولة التركية ، و ” الهوة ” الكبيرة وحالة العداء والحقد الدفين بين ” توحش ” مؤسسة الجيش حماة العلمانية و الـ ” توحش ” الاردوغاني الذي يمثل الإسلام السياسي ، إلا أن الموروث الثقافي والسياسي العقائدي السلبي أنتج سياسة الخلاف والاختلاف تاريخياً حد الاقتتال ، ما ألقى بظلاله على الدولة التركية منذ أيام الخلافة التي أختزلت العديد من المؤامرات والفتن والكراهية بين القوميات والطوائف والمذاهب والأحزاب وفي مقدمتها النخب التي انهكت  بالخلافات الداخلية والمؤمرات الخارجية وأدت الى دولة الرجل المريض .

وهاهو مسلسل  الرجل المريض يتناسخ بين فترة وأخرى وتظهر معالمة البشعة والمرعبة بالانقلابات السته ، ومازال رعب تلك الانقلابات قائم حتى اللحظة وفقاً لقراءة المشهد السياسي وتحذيرات ” اردوغان” .

ورغم ان حزب العدالة الذي صعد الى السلطة بالطرق السلمية وأختار النهج الديموقراطي وآمن بإن صندوق الانتخابات هو الخطوة الأولى لحكم الشعب والشرعية الحقيقية لترجمة إرادة الشعب وإدارة الدولة وهو ما مكن اردوغان  من تحقيق  عملية التنمية والباء في كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية و،، وهذه حقيقة لايغفلها إلا جاحد أو باغض ، وساعد في هذا الرخاء دول إقليمية ودولية من بينها استثمارات خليجية واوربية وإسرائيلية وامريكية ورؤس أموال الاخوان المسلمين والمتعاطقين مع التجربة التركية في العالم ، نتيجة للعلاقات والمصالح المشتركة .. كما ان الموقع الفريد لتركيا الذي يربط بين قارتي اوروبا واسيا والقاعدة العسكرية لواشنطن والغرب في مواجهة روسيا وايران كان له أثره .

ورغم تلك التنمية والدور الريادي لتركيا في المنطقة ، إلا ان اردوغان مع الأسف الشديد جسد ” شخصيتين” وأصبح بين ” نارين” ، فحالة التوحش الاخوانية ذات الماركة ” المؤدلجة ” المسلحة ببندقية مليشيات الاخوان العالمية ويافطة الديمقراطية قد ألقى بظلاله على اشعال منطقة الشرق الأوسط من خلال تصدير إرهاب عناقيد وجماعات الإسلام السياسي بعد ان تحول إلى تاجر حرب ومتعهد لتمرير مشاريع دولية  من خلال قيادة الربيع العربي والزج بالعناصر الإرهابية المتطرفة من جماعة الاخوان المسلمين وحاملي الفكر ” الوهابي ” المتطرف تحت مسميات القاعدة وداعش والنصرة ،، لتدمير الجيوش العربية وأنظمتها في سوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن ،، التي يرى في بقائها وعنفوانها خصماً ومعولاً لتدمير أحلام امبراطوريته العثمانية المتدثرة بالإسلام السياسي ، مقدماً خدمة جليلة لاسرائيل وامريكا لم تحلم بها منذ اتفاقية سايس بيكو .

وبغض النظر عن الانقلاب العسكري الفاشل من عدمه والآراء والتحليلات التي ذهب بعضها الى ان الانقلاب حقيقة أو مسرحية وفشله الذريع ونزول الشعب الى شوارع انقرة وإسطنبول لحماية الديمقراطية بدعوة من اردوغان أو من الخائفين على مناخ الحرية ، فإن حالة ” البطش ” الجبارة ، وردود الأفعال المؤيدة والمنددة والمتربصة ، إلا ان الانقلاب كشف بما لايدع مجالاً للشك أن  الفجور في الصراع السياسي والعقائدي والقومي والمذهبي والمناطقي قد بلغ ذروته في الاحتقان وان كان تحت ” الرماد “  وان ذلك الصراع يجري في دماء الاتراك ، نتيجة لعمليات ” الشحن  “التاريخية وان حالة الحقد والتخوف التراكمية والقمع المتأصل والاقصاء الممنهج واحياناً الناعم ، قد فجر بركان الغضب في مؤسسة الجيش ، وأن حالة التوحش ” الاردوغاني ” بعد فشل الانقلاب رفع حالة ” السُعار” التي انتابت الرئيس التركي وحكومته ومليشيات حزب العدالة ومليشيات كوادر  الاخوان المسلمين  الفارين من الدول العربية واوروبا والمتواجدين في فنادق  إسطنبول ومعسكرات التدريب لقيادة الإرهاب في بلدانهم عن بُعد تجاوزوا الدستور والقوانين الوطنية والإنسانية وتحولوا الى جلادين في الساحات وأبعد ما يكون عن الديمقراطية والشرعية التي أساسها الحفاظ على إنسانية الانسان وتجعل القانون  هو الحكم والفيصل في محاسبة الانقلابيين او العابثين بإمن واستقرار تركيا.

ان المشاهد المروعة والصور المخزية والمهينة التي نقلتها وسائل الاعلام التركية و الدولية التي وصلت الى حد تجريد الانقلابيين من ملابسهم العسكرية هو قمة ” الانتقام ” والطغيان والتسلط والإفلاس الأخلاقي  والإنساني والسقوط الديني رغم ما يتشدق به قادة  العدالة والتنمية  من المثل الاستهلاكية وتشويهاً للمبادئ الديمقراطية التي تم استغلالها أسوا استغلال .

 

 

وأكثر ما صدمني انا كمواطن عربي ومسلم و الشعب التركي  والأحزاب التي رفضت الانقلاب وعبرت عن انتصارها للعملية الديمقراطية والرأي العام الدولي هو حالة التعذيب والتشوهات التي ظهرت في صور المتهمين ، وافظع من ذلك حالة الاجتثاث والاقصاء والاستغناء والتهديد بتقديم الاستقالات التي طالت 9000 عسكري ، 8000 شرطي أكثر من 15 ألف تربوي و5 آلاف قاض وعضو نيابة و118 جنرالاً 492 موظفاً في الشؤون الدينية و257 موظفاً في رئاسة الوزراء و100 من منتسبي الاستخبارات و1500 من موظفي وزارة المالية و25 مؤسسة إعلامية من بينها مؤسسة الداعية الإسلامي المعارض فتح الله غولن المتهم الرئيس في الانقلاب .. وعدد كبير ممن تم تصفيتهم من قبل مليشيات حزب العدالة والتنمية واعتقالهم والزج بهم في سجون علنية وسرية من قبل الحكومة التي تحولت في عصر الخليفة ” اردوغااااان ” تركيا بعد الانقلاب الأخير الى محاكم التفتيش في العصور الوسطى ، في عصر يتباهى العالم فيه زوراً بالمدنية والانتصار لحقوق الانسان ويرفع يافطات الديمقراطية التي تساهم أحياناً في صناعة الطغاة بأغلبية الأصوات وتبرر للقمع وتجعل من الشرعية معولاً لتدمير النسيج الاجتماعي والبلدان تحت عصاء الأغلبية وتهميش القوى الفاعلة او دولة الظل والكيانات الموازية .

رغم ان الديمقراطية لا تقوم على فكرة القمع وانتهاك كرامة الانسان مهما اقدم عليه من فعل ضار وانما بتفعيل القوانين والعمل بالدساتير ، بعيداً عن ” سُعار ” وحمى الايدلوجيات التي أصبح العالم يأن منها ، ونزعة السلطة والتسلط التي من شانها أن تتفجر بين ساعة وأخرى آنا الليل وأطراف النهار لتهوي بأحلام ” السلطان “  أو أي سلطان آخر في المعمورة .

فهل يكف سلطان تركيا سُعار الانتقام وعمليات الاجتثاث وفوبيا الاقصاء ولغة التهميش والتراجع عن حالات الاحتقار وسادية التلذذ بمشاهدة  عناصر الانقلاب بدون هدوم ، مفعلاً الحكمة وواخزاً الضمير الإنساني وجاعلاً الدستور والقانون التركي هو الفيصل في خلاف أو أي تهور ، مالم فإن ” القاااااادم ” أسوا وماكل مرة تسلم ” الجرة ” والله من وراء القصد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.