بالتفصيل…قرار الحسم في سورية حتى أخر مسلح !! / د.خيام الزعبي

 

 د.خيام الزعبي ( سورية ) السبت 23/7/2016 م …

تداخلت حرائق المنطقة، بحرائق الأزمة السورية، بحرائق تسلل خلايا “داعش” الإرهابية الى حلب، بحرائق الرفض الشامل بإرتكاب داعش وأخواتها جرائم ضد الإنسانية، لتشكل ملامح مشهد سياسي ملتهب ما تزال حرائقه تنذر بشتى الإحتمالات والتوقعات، وبدا كل شيء في سورية يوحي بصورة أو بأخرى بقرب موعد الحسم العسكري ووضع حد للجدل القائم حيال آلية معالجة هذه الأزمة المستمرة منذ عدة سنوات، ما يعزز المعلومات المتداولة بأن الحرب بدأت تقرع طبولها، بعد أن وفرت المناخات السياسية العامة كل مقوماتها وحولتها إلى أمر واقع لا مناص منه، وخيار بديل عن باقي الحلول السلمية الأخرى، بإنتظار ساعة الحسم التي ستحدد سيناريو نهاية الأزمة و داعش في سورية.

مع سقوط الرقة بيد داعش، بلغ التنظيم المتطرف ذروته في التوسع والتمدد، إلا أن الوقائع اليوم تشهد وضعاً معاكساً ومغايراً تماماً، في ظل فشل هذا التنظيم في الحفاظ على المناطق التي سيطر عليها في سورية والتقدم الذي أحرزته قوات الجيش السوري وحلفاؤها، فعلى الجبهة الشمالية من البلاد حيث المواجهات ما تزال محتدمة ومستمرة بين قوات الحيش السوري الساعية لتنظيف المنطقة من الخلايا الإرهابية، وبين إرهابي “داعش” الذين عاثوا ببعض المدن السورية فسادا وقتلا وإجراماً، وفي الوقت الذي جاءت فيه زيارة الرئيس الأسد الى مدينة حمص لتؤكد تقدماً نوعياً لقوات الجيش السوري على الأرض، وأن القوات السورية أصبحت على مرمى حجر من تحرير حلب التي حشدت لها القوات منذ أسابيع، وذلك بعد التقدم الذي أحرزته قوات الجيش في مناطق كثيرة هناك، وبالتحديد السيطرة على محور الكاستيلو شريان الإمداد الوحيد للإرهابيين الى داخل مدينة حلب، بالإضافة الى تشديد القبضة على الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها هذه المجموعات، هذا ما جرى فعليا في المدينة حيث قامت القوات السورية وفي خطوة وعبر كمين محكم بإستدراج الإرهابيين الى مزارع الملاح ومحاصرتهم فيها حيث سقط الكثير منهم بين قتيل وجريح ، كل ذلك جعل فرص هزيمة داعش كبيرة جداً نظراً للروح المعنوية المتدنية لدى مقاتليه مع خسارته أكثر من نصف قادته و فرار التكفيريين وعودتهم من حيث أتوا.

وفي التزامن مع ما يجري في حلب والمناطق الأخرى من سورية رأى الرئيس الأسد في مقابلة مع وكالة كوبية، أن الأميركيين يمارسون ألعاباً من أجل استخدام الإرهابيين وليس لإلحاق الهزيمة بهم، كما أكد أن الإرهابيين قدموا من تركيا إلى حلب للإستيلاء على المدينة لكنهم فشلوا، مشيراً الى ان الجيش حقق تقدماً كبيراً  في حلب وضواحيها من أجل تطويق الإرهابيين ومن ثم إما التفاوض لإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية كجزء من المصالحة أو أن يغادروا مدينة حلب، فالهجوم الفاشل الذي نفذه المئات من عناصر تنظيم داعش على مدينة حلب، كشف عن وجود أزمة حقيقیة يعيشها هذا التنظيم وهي بالذات ما دفعته الى القيام بذلك الهجوم على المدينة والذي كان أشبه ما يكون بالإنتحار الجماعي، وكذلك للتملص من الأزمة التي تطبق على أنفاسه جراء الإنتصارات المتتالية التي حققها الجيش السوري على الأرض، بالإضافة الى موقف أبناء حلب الذين أيدوا قرار الحسم العسكري الذي إتخذه الرئيس الأسد للقضاء على داعش واستئصاله كلياً من سورية والمنطقة بأكملها.

على صعيد متصل يشير مراقبون دوليين إن التطورات الأخيرة في سورية ستضع داعش أمام خيار وحيد فقط، وهو نقل مركز ثقله من جديد إلى منطقة أخرى بدلاً من سورية، الأمر الذي سيكون له تداعياته على أحداث الأزمة في سورية، إذ كشف تقرير لموقع صحيفة ذي ستار الأمريكية  أن عصابات داعش والتي حاولت صنع ما يسمى بدولة الخلافة في سورية  تتراجع بشكل ملحوظ ويتقلص حجمها شيئا فشيئاً، وذكر التقرير أنه “مع تصاعد خسائر هذه العصابات وتجفيف مواردها وفقدانها لآلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي الواقعة تحت سيطرتها خلال هذه الفترة،  لذلك فأن داعش على مسار الانقراض ككيان جغرافي ان لم يكن كفكرة”، وتابع التقرير أن ” المحللين العسكريين يعتقدون أنه وبعد عدة شهور ستكون الرقة في أيدي السوريين مرة أخرى بعد تحريرها من داعش وأخواتها”، في هذا الإطار يمكن القول أن هذا التطور سيسهم في إستعادة سورية لزمام المبادرة، وبالتالي فالإنتصارات التي يحققها الجيش في مدينة حلب وغيرها من المناطق السورية ستكون لها بلا شك تداعياتها هامة ليس فقط في الداخل السوري بل أيضاً على صعيد إعادة التوازن بمنطقة الشرق الأوسط .

 مجملاً… إن إنتصارات الجيش السوري على كافة الجبهات، سواء في حلب والمناطق المتاخمة للحدود مع تركيا أو مع الأردن والكيان الإسرائيلي، تحمل رسالة واضحة وشديدة لجميع الأطراف، بأن الجيش السوري وحلفاؤه قد قرروا إنهاء الأزمة في بعدها العسكري، ويريدون تطهير سورية من دنس المجموعات الإرهابية بأسرع وقت ممكن، وأن العمليات التي نفذها الجيش في الأيام الأخيرة، أظهرت أن الجيش في أهبة الإستعداد الكامل لتحرير كل شبر من الأرض السورية وإحكام السيطرة علي الحدود مع تركيا والأردن ومنع تدفق الإرهابيين منها.

وبإختصار شديد يمكن القول أن سورية اليوم  ترسم صورة مستقبل المنطقة والعالم، لأن على أرضها ستكون معركة الفصل مع قوى الإرهاب والتطرف في المنطقة، المعركة التي ستنتصر فيها لا محالة، بعد الصمود الذي سطّره جيشها بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب الكونية التي أدارتها قوى أقليمية ودولية ضدها، وهنا نؤكد أن أعداء سورية سيفشلون حتماً في كل مؤامراتهم أمام عظمة جيشنا العظيم وسيشهد التاريخ على ذلك العقاب والرد المزلزل على جرائمهم تلك، لتصل رسالة الى العالم اجمع، مفادها أن الإرهاب والجماعات المرتزقة التي تريد زعزعة كيان الدولة السورية المتين سيكون مصيرها الاندثار والسحق تحت اقدام الجيش السوري، وها هي سورية تقول للجميع وبصوت مرتفع لا يمكن لأحد ولأي كان تهديد المصالح الجيوسياسية للدولة السورية، وأن الجيش الذي هزم اسرائيل سيسحق أي إرهابي يعبر الحدود السورية.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.