وقفة مع مؤتمر «المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب» / محمد العبد الله*

 

محمد العبد الله ( فلسطين ) السبت 23/7/2016 م …

شهدت العاصمة اللبنانية، بيروت، يوم الجمعة 15 تموز- يوليو 2016 وعلى مدى جلستين، انعقاد مؤتمر عربي عام تحت شعار «المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب» دعت إليه الأمانة العامة لكل من: المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي- الإسلامي، ومؤتمر الأحزاب العربية وهيئة التعبئة الشعبية العربية.

في جلسة الافتتاح تحدث عدد من الشخصيات السياسية العربية. لكن اللافت، كان كلمة حزب الله، والخطاب الهام، التحليلي والنقدي والاستراتيجي، الذي قدمه حمدين صباحي.

لِمَنْ كلمة فلسطين؟

في القلب، كما في الروح والعقل والوجود، تكون فلسطين المقاومة، هي في كل حرف وكلمة وموقف. لكن اللافت والمفاجئ، كان تكليف فاروق القدومي/ أبو اللطف بإلقاء كلمة فلسطين، أمام دهشة العديد من الحضور. لم تكن تلك المفاجأة في إعادة تقديم الرجل بعد سنوات طويلة من انكفائه وابتعاده، لتنتقص من القائد المؤسس والتاريخي داخل فتح، الذي أكد في كلمته على مبادئ وعموميات النضال الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، من دون أي نقد للحالة المأساوية الراهنة «سلطة ومنظمة ومؤسسات». لهذا، كان السؤال الملح والمشروع: لماذا يتم الآن استحضار الرجل بعد سنوات الغياب الطويلة عن الفعل والتأثير داخل فتح وضمن إطار الحركة السياسية الفلسطينية؟ ألم يكن من الواجب، بل، لتكريم الشهداء والجرحى وأبطال المواجهات، أن يلقي كلمة فلسطين من يمتشق البندقية المقاتلة، والأهم، الموقف السياسي الجذري داخل صفوف جبهة المقاومة المسلحة. هذه البندقية/ الموقف، المستهدفة بشكل علني ومباشر على لسان أكثر من مسؤول في حكومة الرياض، وبالتآمر داخل الغرف المظلمة وعبر التسهيلات واللقاءات السياسية والثقافية والرياضية مع العدو الصهيوني تحت دخان كريه من التضليل والتزييف. إن ما قيل من بعض المشرفين على المؤتمر، رداً على اختيار القدومي لإلقاء كلمة فلسطين: الرجل ذو مواقف وسطية، تريح الجميع! لهذا قاطعت جلسات المؤتمر قوى فلسطينية، مقاتلة، كحركة الجهاد الإسلامي، كما رشح عشية المؤتمر، إذ رأت في تهميشها – رغم حرصها على المشاركة الفاعلة في نشاط الهيئات الثلاث- وعدم إفساح المجال لها، لقول كلمتها، وإسماع موقفها من المؤامرة/ الهجمة، المحلية والإقليمية والدولية التي تستهدف بندقيتها وموقفها، ظلماً لها _ بحسن النية_.

تواجد مشبوه لمروجي الاستسلام

فوجئ عدد من الحضور بوجود اسمين للناطقين باسم «الصرخة» على طاولات المؤتمر وضمن قوائم الأسماء التي وزعت على المشاركين لمعرفة أماكن جلوسهم. تلك الصرخة/ النعيق، التي تم كشفها وفضحها خلال التحضيرات لملتقى دعم خيار المقاومة الذي انعقد في شهر آذار/ مارس في دمشق، وانتقلت ارتجاجاتها لذات المؤتمر في العاصمة السورية، لتنعكس بعد ذلك، على مواقف عدد من الفصائل والهيئات والشخصيات من التجمع، انسحاباً أو تجميداً لعضويتها فيه، على ضوء تبني رئيس التجمع ومن خلفه، لوجهة النظر الكارثية تلك، وتسويقه لها. كما أن جهوده لإعادة الاعتبار الوطني لتلك الرموز من خلال الطلب من بعض قادة الفصائل المتواجدين بالمؤتمر للاجتماع بهم، لتوضيح موقفهم وسماع رأيهم، كان واضحاً وحازماً من خلال الرد الحاسم: لا لقاء مع من يحمل تلك الأفكار، هذا قرارنا ولن نلتقيهم أبداً.

إن إصرار البعض على دعوة أصحاب تلك الأفكار التخريبية داخل صفوف الشعب والأمة، لحضور مثل هذه المؤتمرات المخصصة للمقاومة، يستدعي أكثر من تساؤل، خاصة، أن نتائج ما حصل بعد انتهاء ملتقى دمشق، من حملة وطنية وقومية واسعة لإسقاط الصرخة ومروجيها وداعميها، كان يجب أن يدفع بالجهة الداعية، للتدقيق في مواقف كل مدعو، خاصة إذا كان غير منتم لحزب أو فصيل أو هيئة، تعترف بها تلك الجهة.

إن الصمت على مشاركة تلك الرموز المتصهينة، والسماح بصعود أحد الناطقين باسمها للمنصة للتحدث، يعتبر إهانة للحضور وللأفكار التي يحملونها. وقد كان للوقفة الشجاعة للدكتور عصام السعدي، القومي العربي التقدمي، الأثر الكبير في فضحه لـ«معسول الكلام المفخخ» الذي حاول تمريره ذلك المتحدث، الذي كان مكانه الطبيعي على منصة هرتسليا بجوار ممثل سلطة الحكم الذاتي الإداري، كما قال بكل موضوعية ودقة الدكتور السعدي.

خاتمة

لا تخرج أهمية هكذا مؤتمرات عن الفعل الإعلامي، وما تعيد إنتاجه من علاقات بين القوى والشخصيات، توفرها أرضية اللقاء. لكن الاستمرار باستدخال عناصر التخريب الفكري «القوى الناعمة» لهذه اللقاءات، ينسف أي نجاح متوقع لها، طالما أن فيروسات استدخال الهزيمة ما زالت تجد من يُحضرها ويرعاها ويساعد في انتشارها.

* كاتب فلسطيني

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.