النائب الأردني السابق حسن عجاج عبيدات : ليس من نهوض قومي عربي بدون عقيدة الوحدة
السبت 23/7/2016 م …
الأردن العربي – محمد شريف الجيوسي …
أكد النائب الأردني السابق حسن عجاج عبيدات بمناسبة ثورة ألـ 23 في مصر ، أنه ليس من نهوض قومي عربي بدون عقيدة الوحدة، وبالتالي فإن المرحلة المؤلمة التي تعيشها الجماهير العربية ، ينبغي أن تحوّل عقيدة الوحدة إلى علم للوحدة . وهذا هو الأساس المفقود اليوم من الدعوات الفكرية المتضاربة لإنشاء نظرية عربية لفكرة القومية العربية.
وفي ظل مرحلة ” الوعي المفقود ” التي تعيشها الأمة التي يُسفك فيها الدم العربي بيد العربي، ويتقاتل فيها العربي مع العربي، فقد جاء الوقت لعودة الوعي ، ليتحرر العقل العربي الواعي ويتقدم بمبادرة عربية شعبية تضغط على الحكم العربي لوقف هذه المأساة الدموية وإعادة الأمل لهذه الأمة المنكوبة .
وفيما يلي النص الكامل لحديث حسن عجاج عبيدات :
كُتبت الدراسات العديدة التي حاولت استخلاص المبادىء والأفكار التي أفرزتها تجربة الثورة المصرية ، لتكشف عن المشكلات التي تعانيها تجارب الثورة في الوطن العربي ، وعن الخصائص العامة التي تتميز بها الثورة العربية .
ومن الواضح أن النظريات الجاهزة كانت غائبة من تاريخ الثورة العربية منذ بدايتها ، حيث كان الصدام اليومي مع القوى الاستعمارية العلامة الفارقة للجماهير العربية التي اندفعت تحارب من أجل الدفاع عن تحركها وإثبات وجودها، ولعل المثقف العربي أكثر ما يحتاجه في لحظات المراجعة هذه الأيام ، هو إعادة اتصاله بالواقع الحي ، ذلك أن من أخطر أمراضنا هو التحيز المطلق لأفكار واعتقادات تسيطر على وعينا ، وتجعلنا ننكّر حتميات الواقع حولنا.
وليس من المبالغة القول إن نهضة الأمة العربية ، كانت أشبه بالمنظمات التائهة لمعالم الطريق والهدف ، وظلت أسيرة المحاولات الجزئية التي تتناثر في طول الوطن العربي وعرضه . حتى إن الاعتراف بأمة تسمى الأمة العربية من قبل الغرب المستعمر ، كان أملاً بعيداً . وظل الغرب يتعامل مع الوطن العربي وكأنه أرض خلاء لا شعب يحيا فوقها ، وما محاولات تجزئته وتقسيمه إلى دويلات ، ثم إعطاء جزءٍ منه إلى اليهود ” فلسطين ” ، إلا دليل صارخ على هذا الأسلوب الذي لايزال مستمراً حتى هذه الأيام .
لقد سمع العالم المعاصر لأول مرة بالقومية العربية ، والأمة العربية منذ تمكنت الثورة العربية بقيادة الزعيم عبد الناصر ، من تحريك ركود الوطن العربي ، ورفعه إلى تيار الصراع اليومي في معظم أقطاره مع مختلف القوى المضادة.
وهكذا برزت الأمة العربية من خلال ثورة متتابعة الحلقات ، ملأت لأول مرة فراغ الأرض العربية الواسعة ، وفرضت وجودها على من كانوا يستهينون بوجود الشعوب، بقيادة عبد الناصر الذي أكسب مرحلة الانبعاث العربي قدرة واقعية على التغيير والتعبير ، وكان أن تحول الوطن العربي ولا يزال ، إلى واحد من أخطر وأهم مراكز الصراع العالمي ، الذي تتحدد على أرضه مصائر دولية شاملة .
عمل عبد الناصر في معاركه التي خاضها مع قوى الاستعمار والهيمنه ، على تقهقر الأمبراطورية البريطانية إلى الدرجة الثالثة بين دول العالم ، في معركة القنال . وكذلك أنهى انتصار الثورة الجزائرية بقيادة الرئيس أحمد بن بيلا ورفاقه، فصول الاستعمار الفرنسي في إفريقيا ، ورسّخ مركز فرنسا الثانوي في السياسة العالمية.
ولم تكد الأمة العربية تنتقل بقفزات سريعة متوالية ، من حال التبعثر والانفصال الجغرافي والسياسي ، إلى حال التعبئة ، حتى وجدت نفسها خلال بضع سنوات تواجه مسؤوليات التكون السريع الشامل من المحيط إلى الخليج، فانتقلت دفعة واحدة إلى قلب التاريخ والعصر ، ووضع الأمة الملتزمة بمسؤولية حريتها وتقدمها.
لقد خاضت ثورة 23تموز بقيادة زعيمها عبد الناصر معارك عديدة مع الاستعمار وأعوانه طيلة 18عاماً ، وتمكنت من تحقيق الانتصارات ، كما تمكن أعداؤها من إلحاق الاخفاقات بها. وظلت تجربة الثورة تدين بالولاء لقائدها التاريخي الذي أكسبها أسمها وحيويتها. كما أن عبد الناصر ذاته كان يدين بما حقق لتجارب الأمة العربية التي تجاوبت مع شعارات الثورة وقيادته فلقد كان الطرفان الأمة والقائد يؤلفان حالة فريدة خصبة لا تحياها الشعوب إلا في لحظات نادرة .
لقد خسرت الأمة العربية قائدها في 28 أيلول 1970 ، ولكنها لم تخسر التجربة التي صنعتها مع هذا القائد بتضحياته ومواقفه البطولية .
إن الوحدة التي تؤلف جوهر التجربة الناصرية ، وكل تطلع لبناء صيغة لهذه النظرية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أنه ليس من نهوض قومي عربي بدون عقيدة الوحدة، وبالتالي فإن المرحلة المؤلمة التي تعيشها الجماهير العربية ، ينبغي أن تحوّل عقيدة الوحدة إلى علم للوحدة . وهذا هو الأساس المفقود اليوم من الدعوات الفكرية المتضاربة لإنشاء نظرية عربية لفكرة القومية العربية.
وفي ظل مرحلة ” الوعي المفقود ” التي تعيشها الأمة التي يُسفك فيها الدم العربي بيد العربي، ويتقاتل فيها العربي مع العربي، فقد جاء الوقت لعودة الوعي ، ليتحرر العقل العربي الواعي ويتقدم بمبادرة عربية شعبية تضغط على الحكم العربي لوقف هذه المأساة الدموية وإعادة الأمل لهذه الأمة المنكوبة . فلمصلحة من تُسفك الدماء؟ وهناك الأعداء الذين يتربصون بنا ؟. فهل افتقرت الأمة لقائد عربي يتصف بالوعي والحكمة ويعيد لهذه الأمة الأمل المفقود ؟!
التعليقات مغلقة.