روسيا … أبراج ستالين السبعة: شواهد على “العَظَمة” السوفياتية

أبراج تُدهش بجمالها وحجمها إعجاب الأجانب والروس أيضاً.. لماذا أمر ستالين ببناء سبعة أبراج؟

سبعة أبراج متدرجة مزينة بمنحوتات وتراكيب زخرفية، اعتُبرت مؤشراً إلى قوة الشعب السوفييتي، ورمزاً لحضارة القرن الـ20، تُدهش بجمالها وحجمها المثيرين للإعجاب ليس فقط السياح الأجانب، بل المواطنين الروس أيضاً.

تُنسب ناطحات السحاب الـسبعة إلى الزعيم السوفييتي يوسف فيساريونوفيتش جوغاشفيلي الملقب بستالين (1878 – 1953)، إذ إنّه من أمر ببنائها. حتى العام 1947، كان فندق أوكرانيا (راديسون حالياً)، الذي صمَّمه المهندس المعماري ستشوسيف قبل بدء الحرب العالمية الثانية، يُعتبر  أعلى مبنى في موسكو.

وكانت ناطحات السحاب قد أقيمت بالفعل في الولايات المتحدة، فقرَّر ستالين وقتها أنّ الدولة السوفييتية، التي يُعاد إعمارها بعد دمار الحرب العالمية الثانية، يجب أن تُذهل العالم بعمرانها كما أذهلته بصمودها في وجه النازية، بعد أن كان من المفترض قبل الحرب العالمية الثانية أن تُقام ناطحتا سحاب، تكونان أهم برج في البلاد وأطول مبنى في العالم (قصر السوفييت)، على أن يتمَّ بناؤهما في موقع كاتدرائية “المسيح المخلّص”، التي تم تفجيرها في العام 1934، لكنَّ المشروع توقّف بسبب اندلاع الحرب.

كلُّ بناءٍ من هذه الأبنية هو جزءٌ معيَّنٌ من تاريخ موسكو، وله أهميته الوظيفية الخاصة؛ من مبنى تعليمي، ومجمّع فندقي، وعمارات سكنية، إلى مبانٍ إدارية مصمَّمة وفق مزيج معقد من الطرازين الروسي القوطي والباروكي.

 البوابة الحمراء أو كراسنايا فاروتا

فيها وُلِد الأديب الروسي ميخائيل ليرمونتوف في القرن الـ19، كما احتلّت “وزارة إنشاءات النقل” الجزء المركزي من المبنى، الذي يتكوّن من 24 طابقاً، و يبلغ ارتفاعه الإجمالي 138 متراً.

جامعة موسكو الحكومية

يُعَدُّ هذا المبنى الأكثر ضخامةً وطولاً بين جميع الأبراج. سُمِّيت الجامعة “МГУ”، على اسم العالم الروسي لومونوسوف. صمَّم البناء المهندس المعماري ليف رودنيف، وهو نفسه مصمم قصر العلوم والثقافة في العاصمة البولندية وارسو. بُنِيَ هذا البرج عام 1953، وتكوّن من 36 طابقاً، ووقَّع ستالين مرسوم بناء الجامعة عام 1948، على “تلال لينين”.

وزارة الخارجية الروسية

تتألف من 27 طابقاً و15 جناحاً، وتتكوَّن الأجزاء الجانبية من 6 طوابق. يتميز هذا البناء عن غيره من الأبراج بعدم وجود نجمة على قمته المستدقة كباقي الأبنية، كما تتميّز واجهته بشعار النبالة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية.

فندق هيلتون لينينغرادسكايا

هو أصغر الأبراج الـسبعة ويتكوّن من 17 طابقاً، ويبلغ ارتفاعه 36 متراً. وعلى الرغم من ذلك، فهذا البناء يُثير الإعجاب بديكوره الفاخر، وموقعه المميز في ساحة “كومسومولسكايا”، مركز عبور المدينة.

مبنى المبدعين

تمَّ بناؤه في نقطة مقابلة لقصر الكرملين، عند التقاء نهرَي موسكو وياوزا. يتكوّن من 32 طابقاً، ويبلغ ارتفاعه 176 متراً.

عاش فيه كلٌّ من الكاتب يفغيني ييفتوشينغو، وراقصة الباليه غالينا أولانوفا، والشاعر أندريه فوزنيسينسكي، وغيرهم من الوجوه المعروفة، إذ ضمّ هذا المبنى منازل النخبة في موسكو، وفيه تقع سينما “الوهم” الشهيرة.

مبنى الطيارين

عاش فيه العديد من الطيارين ورواد الفضاء الروس. وهو يشبه في شكله طائرةً تُقلع. تمَّ تزيين واجهته وأجزائه الجانبية بالعديد من المنحوتات والنقوش البارزة. يبلغ ارتفاع هذا المبنى مع البرج وقمته المستدقة 156 متراً، ويتكوّن من 22 طابقاً.

فندق أوكرانيا راديسون

يفتح الفندق آفاق شارع كوتوزوفسكي الرئيس في العاصمة موسكو، وقد تمّ إنشاؤه في فترة ما بعد الحرب. سُمّي على اسم أوكرانيا تلبيةً لطلب نكيتيا خروتشوف، رئيس الدولة والأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي آنذاك، حيث إنّ أوكرانيا هي مسقط رأسه. يعتبر هذا المبنى الأكثر تواضعاً من حيث الزخرفة، ويبلغ ارتفاعه 206 أمتار، ويتكوّن من 29 طابقاً.

أسرار وخفايا الأخوات الـ 7

قبل 70 عاماً، أقيم في موسكو احتفال رسمي لوضع حجر الأساس ل ـ8 مبانٍ غير عادية. تلك الهياكل الضخمة، التي عُرِفت في ما بعد باسم “أبراج ستالين”، لم يُشيّد سوى 7 منها، فيما جُمِّدَ بناء البرج الـ8، وهو مشروع “قصر السوفييت”، بعد وفاة ستالين عام 1953.

وُضِع حجر الأساس لهذا البناء خلال الاحتفال بالذكرى الـ800 لإنشاء مدينة موسكو، في أيلول/سبتمبر من العام 1947. فقد قرَّر ستالين آنذاك أن تكون الهدية الرئيسية لسكان موسكو في تلك المناسبة، هي وضع حجر الأساس  لـ8 أهرامات، كرمزٍ لمرور 8 قرون.

النسبة الأكبر من عمال البناء كانت من الألمان، الذين أسرتهم القوات الروسية خلال الحرب العالمية الثانية. وعندما اقترب الموعد النهائي للإفراج عنهم وإرسالهم إلى ألمانيا، أُخِذَ بعضهم في جولات داخل العاصمة السوفييتية، كمكافأةٍ لهم.

تكثر الحكايات حول الشاهقات المثيرة للجدل، ويدور الحديث عن أقبيةٍ وممراتٍ سريةٍ، لا يعرف عنها العامّة شيئاً.

تقول الأسطورة إنَّ ستالين أراد توليد الطاقة الكونية على موسكو بوساطة هذه المباني، بهدف إطالة حياة نخبة الحزب الشيوعي الحاكم، لهذا تقرر وقتها وقف جميع أعمال البناء في موسكو ساعة وضع حجر الأساس لها.

أبراج موسكو الـسبعة اليوم

تُعتبر الشاهقات الستالينية، المستوحاة من مبنى بلدية مانهاتن الأميركية، من أهم معالم الفن والجمال في موسكو، تجذب أنظار السياح ومحبي الجمال والتاريخ. كما تجذب عدسات كاميرات مخرجي الأفلام السينمائية بشكلٍ متكرِّرٍ، فمن النادر أن تُشاهد فيلماً تدور أحداثه في موسكو من غير لقطاتٍ صريحةٍ يظهر فيها أحد هذه الأبنية على الأقل.

إنّها رمزٌ لجودة وإتقان العمارة في الحقبة الستالينية، ودليلٌ على العظمة والمكانة اللتين احتلّهما الاتحاد السوفييتي في النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.