النخب الفلسطينية والعلاج في مستشفيات الاحتلال / سعيد الشيخ
سعيد الشيخ ( فلسطين ) الأحد 24/7/2016 م …
تناقلت الأنباء مؤخرا عن نقل الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور إلى إحدى المستشفيات الإسرائيلية للعلاج من وعكة صحية ألمّت به. وحسب بيان وزير الصحة جواد عواد فإن نقل دحبور جاء بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة رامي الحمد الله.
والغريب في الأمر وما كلن لافتا أن الخبر وزع على وسائل الإعلام بشيء من الاحتفائية والمزايدة، وخاصة في التعليقات التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي التي أراد أصحابها إيصال فكرة إن السلطة لا تتخلى عن “أزلامها” أو “محسوبينها” وقت الشدة. بينما واقع الأمر إن واجب السلطة ألا تتخلى عن جميع مواطنيها وقت الشدة وفي كل الأوقات.
إن نقل شاعرنا احمد دحبور – الذي نتمنى له السلامة– إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية، ليس هو الأول ولن يكون الأخير، فقد عملت الرئاسة الفلسطينية إلى نقل العديد من أقرباء الرئيس إلى تلك المستشفيات. فقد ذكر موقع “ويللا” الإسرائيلي عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه في شهر أبريل الماضي تم نقل شقيق أبو مازن من إحدى المستشفيات في دولة قطر إلى مستشفى “أسوتا” بتل أبيب لعلاجه نظرا لتدهور حالته الصحية. ومنذ ذلك الوقت يكرر حضوره عبر الأردن لتلقي العلاج بشكل دوري.
وقال الموقع إنها لم تكن المرة الأولى التي يعالج فيها أحد من أسرة الرئيس الفلسطيني في إسرائيل، حيث تم عام 2014 علاج زوجته “أمينة” وصهره وآخرون. وأشار الموقع إلى أن القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان تلقى العلاج هو الأخر في مستشفى “اخى لوف” بتل أبيب.
وعلى ما يبدو إن العلاج في مستشفيات الاحتلال ليس حكرا على محسوبي سلطة رام الله دون سلطة غزة أيضا، فقد ذكرت القناة العبرية الثانية قبل أيام أن ابن شقيق نائب رئيس حركة حماس أكرم هنية نقل بشكل عاجل إلى مستشفى “هداسا” في القدس للعلاج. وتضيف الأنباء أن العديد من عائلة هنية بينهم ابنته وشقيقته وحفيدته عولجوا في المستشفيات الإسرائيلية. وفي نوفمبر عام 2014 ذكر موقع “ويللا” إن شقيقة موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس تلقت العلاج في مستشفى إسرائيلي.
إن وسائل الإعلام الإسرائيلية السباقة في نشر أنباء قوافل المتوافدين من أبناء عائلات القيادات الفلسطينية للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية، أذ إنها تفعل ذلك لتبدو “دولة إسرائيل” دولة حضارية تتعامل مع عدوها برأفة وبإطار إنساني، برغم أنها تتقاضى أموالا طائلة مقابل هذا العلاج الذي لا يقدم للمواطن العادي. كما أن أوساطا سياسية في الكيان تستخدم هذه الخدمة كابتزاز ولأغراض سياسية.
العلاج حق لكل مواطن، ولكن أن يكون العلاج في كيان العدو وبأموال عامة تحتكرها القيادات الفلسطينية لنفسها ولعائلاتها هو الظلم بعينه الذي تشارك القيادة الفلسطينية في صنعه لأبناء الشعب الفلسطيني، وهو عين الفساد الذي ليس له حدود لدى سلطتين تتنازعان على الاستئثار بالمزيد من المكاسب والاحتفاظ بالسلطة.
وبينما يمنح العدو كل هذه التسهيلات والامتيازات لرموز السلطة الفلسطينية بشقيْها، فأن الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال يعانون من أمراض شتى ولا يلقون أي علاج من سلطات السجون التي تمعن في إهمالهم لتعميق جراحهم ومعاناتهم.
وبينما ابن وشقيق وزوجة الرئيس والوزير والوكيل وحتى أبناء حاشيتهم يجدون الطريق سالكة إلى كيان العدو للعلاج، ويجدون المال الكافي لإنعاش القطاع الصحي لكيان الاحتلال. فأن مرضى أبناء الشعب الفلسطيني يموتون على عتبات المستشفيات قبل أن يدخلوها في مخيمات الشتات بسبب ضيق الأحوال المعيشية.
هي المأساة الفلسطينية المتكررة بأوجه متعددة، هي النكبة التي لا تنفك الزعامات الفلسطينية عن دقها بالمسامير لتثبيتها في الحياة الفلسطينية.. كي تستمر المهزلة ويستمر الجحيم.
التعليقات مغلقة.