داعشيون في الجامعة الاردنية / أسامة الرنتيسي
أسامة الرنتيسي ( الأردن ) الأحد 8/2/2015 م …
تيار متشدد في الجامعة الاردنية، تحديدا في كلية الشريعة، فرض سلوكا غير طبيعي وغير مفهوم، بتخصيص سلم (درج) داخل الكلية للطلاب، وآخر للطالبات، اذ يقوم طلاب بزجر أية طالبة تأتي لزيارة الكلية من الكليات الاخرى، إن هي اخطأت واستخدمت سلم الطلاب، وعدم استخدامها سلم الطالبات، في وقت هي لا تعلم عن هذا القرار.
في الكلية أيضًا؛ مدرسون يمنعون الطلاب من الجلوس الى جانب الطالبات، ويخصصون جناحا للطلاب وآخر للطالبات، مع أن التعليم في الاردن مختلط، ولا أحد قرر أن يكون هناك منع للاختلاط.
وفيها أيضًا، مدرسون يمنعون الطالبات من توجيه الأسئلة، على اعتبار أن “صوت المرأة عورة”، فقد وصل الحال بأحدهم إلى القول امام الطلبة إنه سيستنتج ما يدور في عقول الطالبات، ويجيب عليه من دون طرح اسئلة، مع ان بدايات الربيع العربي التي أزهرت في شوارع تونس، وجِنان مصر، اثبتت ان “صوت المرأة ثورة” لا عورة.
كل هذا وغيره، تضاف له سلوكات مجموعة “الدعاة الجدد”، الذين يسرحون ويمرحون في كليات الجامعة، ويسيطرون في خطابهم المتطرف على منابر الجامعة الاعلامية، وموقعها الالكتروني تحديدا.
لا أعتقد أن هناك قرارات من إدارة الجامعة، أو من عمادة كلية الشريعة بتطبيق هكذا توجهات، لكنها بالتأكيد قرارات اتخذها طلبة واساتذة متشددون، لم يجدوا من يمنعهم عن فرض توجهاتهم على الطلبة والكلية، وصمت الجميع امام رهبة التديّن الشعبي.
أخطر ما في حالة خطف المجتمع من قبل تيارات متشددة تعتبر نفسها وصية على الجميع وعلى توجهاتهم، هو الصمت أمام ممارسات لا ترضى عنها الأغلبية، وهي ليست من الدين بشيء، وإنما من مظاهر التدين الشعبي الذي غزا مجتمعاتنا بعد ثورة الإمام الخميني في إيران.
حالة الخطف تبدأ خطوة خطوة، قبل أربع سنوات دخلتُ كافتيريا جامعة اليرموك الرئيسية بعد غياب 24 عاما عن شوارعها وقاعاتها الجامعية، صُعقت بوجود ساتر قماشي وُضع في منتصف الكافتيريا، لفصل الطلاب عن الطالبات، وهو ما لم يكن موجودا قبل 24 عاما، وكانت الجامعة، وقتها، موئلًا للحراك الطلابي المناصر للقضايا المعيشية والوطنية والقومية.
إذا تركنا مناصري الفكر المتشدد يتمددون في الجامعات من دون حزم، من قبل ادارات الجامعات، فإننا لن نجد مساحات للاختلاف الفكري الذي من رحمه يولد الابداع والتطور.
وإذا تركنا كل مجموعة طلابية تأخذ على عاتقها تطبيق ما تراه يناسب تفكيرها، فاننا نشارك في إضعاف مفهوم القانون، وفي عدم السماح لأحد أن يعارض ذلك التطبيق اذا جاء لا يوافق قناعاته.
ما يحدث في الجامعات خلال السنوات الأخيرة من عنف ومشاجرات، أحد اسبابه الرئيسية غياب التيارات السياسية والفكرية عن حرم الجامعة، وخطف الحياة الطلابية من قبل جماعات متشددة تعتقد انها فقط من يمتلك الحقيقة.
مواجهة حالة التطرف التي تتسرب الى مجتمعاتنا تحتاج في الجانب الايدولوجي الى اعادة النظر في التعليم العالي بكل مكوناته، وتصحيح المناهج التعليمية في المدارس، وازالة عبارات التطرف كلها منها، وتعزيز روح التسامح، واحترام الحريات الدينية والفكرية والسياسية والعامة، واعادة النظر في الخطاب الديني الرسمي الباهت الذي لا يؤثر في قناعات المتلقي، خاصة عندما يتم استحضار دعاة ومشايخ لا يعرفون سوى “العزف على الربابة”، وكفى المؤمنين شر القتال.
التعليقات مغلقة.