انقلابيات تركية أردوغانية / د . بهجت سليمان
د . بهجت سليمان ( سورية ) الأحد 31/7/2016 م …
-1-
( ما هي علاقة واشنطن بالانقلاب العسكري الفاشل في تركيا ؟ )
– من المرجّح، عدم مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الانقلاب العسكري التركي.. رغم معرفتها بوجود نوايا انقلابية داخل الجيش.. ولكنها لم تقم بإعلام أردوغان أو حكومته أو مخابراته بذلك ..
– والغاية من غض النظر الأمريكي، هو انتظار نتيجة الانقلاب، فإذا نجح، ستؤيده واشنطن ..
وإذا فشل، فواشنطن ليست طرفاً فيه، وتستنكر وقوعه وتعلن تأييدها للشرعية، كما حدث فعلاً..
– وأمّا معرفة وعلم الأميركي به.. فمن غير المنطقي، أن تجري استعدادات وترتيبات للانقلاب، بهذا الحجم داخل الجيش التركي، والأمريكان لم يكتشفوا شيئاً عنه..
ومن غير القابل للتصديق، أنّ المخابرات الأمريكية المتغلغلة في تركيا وفي الجيش التركي، منذ سبعين عاماً، لا تعرف عنه شيئاً.
-2-
ما هو الفرق بين الحكومات الأتاتوركية العسكرية وغير العسكرية، السابقة..
وبين حكومة ” العدالة والتنمية ” الأردوغانية الحالية ؟
الجواب :
الحكومات التركية السابقة كانت حليفة لـ ” إسرائيل ” ولحلف الناتو، بمواجهة القضايا العربية .
والحكومة الحالية، كانت ولا زالت حليفةً لـ ” إسرائيل ” ولحلف الناتو، في مواجهة القضايا العربية ..
وأضافت إلى ذلك، القيام بمحاولات مستميتة لخلق فتنة في سورية والعراق وليبيا وتونس ومصر، تمهيداً لوضع يدها عليها وتحويلها إلى ولايات تدور في فلك السلطنة العثمانية الجديدة ..
وجعلت من الأراضي التركية، قاعدة لضخ عشرات آلاف الإرهابيين المتأسلمين الظلاميين إلى دول هذا الشرق العربي …
وتفوقت خطورتها على الوطن العربي، بدرجات كبيرة، وبما لا يقاس، قياساً إلى الحكومات التركية السابقة
-3-
( هل الانقلاب العسكري التركي، مَسـرَحِيّة، أم ماذا ؟. )
– مع أنّ من المُبّكّر الجَزْم، حول حقيقة الانقلاب العسكري التركي وأسباب فشله..
ومع أنّه من حَقّ الكثيرين أن يكونوا واسِعي الخيال، ويتصوّروا أنّها مسرحية أردوغانية للتخلّص من أعدائه وخصومه ولتنصيب نفسه سلطاناً مُطْلَقَ الصلاحية..
– ومع ذلك أُجازِفُ بالقول بِأنّ ما جرى لم يكن مسرحيّة، بل محاولة انقلاب جدّيّة قام بها قسمٌ من الجيش التركي، يُعَبّر عمّا بجيش في صدور أغلبية كوادر وقادة هذَا الجيش، من رَفْضِ للمصير الذي يأخذهم أردوغان وسياسَتُهُ إليه، ويأخذ فيه تركيا إلى الهاوية ..
– ولكنّ الأخطاء التي ارتكبها قادةُ الانقلاب في الإعداد والتحضير والتنفيذ، ترَكَتْ ثُغُراتٍ جوهريّة عديدة، أدّت إلى فشل الانقلاب، ناهيك عن أنّ هذَا الانقلاب لا يشبه الانقلابات السابقة الناجحة، من حَيْثُ أنّ الانقلابات السابقة كانت تجري بقراٍر من قيادة الجيش التركي، لا بل كانت انقلاباتُهُم السابقة مُشَرْعَنَةً بموجب الدستور التركي ..
– ومن هنا وُجِدَت الثغرة التي تتجلَّى بالانضباطيّة الموجودة في الجيوش العسكرية والتي يلتزم فيها المرؤوسون بِقَرَارِ رُؤَسائِهِم، ولذلك انْقَسَمَ الجيشُ التركي على نَفْسِهِ ، وفشل الانقلاب ..
– وسيبقى هذا هو رَأْيِي، إلى أنْ تأتي مُعْطَيَاتٌ أكيدة، تدفعني لتغيير هذا الرأي، أو للتّأكُّد بأنّه رَأْيٌ سليم . .
– وَأَمَّا ” رجب أردوغان ” ، فلن يكون سلطاناً مُتَوَّجاً، بل سوف يغرق في مواجهة المشاكل الداخلية، مهما حاول وحاوَرَ وداوَرَ وناوَر وسَرَّحَ وبَدّلَ وغَيَّرَ وتَكَلَّمَ وخَطَب وهدَّدَ وأرْغَى وأزْبَدْ .
-4-
( صِبْيَانُ ” أردوغان ” )
– أطنانٌ من وصماتِ العار، تلك التي تَلحق ببعض السوريين خاصّةً، وببعض العرب عامّةً، ممن يتباهون ويشيدون ويفتخرون بـ ” رجب أردوغان ” بدون حياء ولا خجل .
– إنّ هؤلاء يستمرئون العبودية والدونيّة، ويشيدون بأردوغان، متجاهلين أنّ بلاده استعمرت بلادنا 400 عام ، ومتجاهلين أنّ دولته الحالية هي سبب ثلاثة أرباع الخراب والدمار والهلاك والموت والنزوح الذي أصاب سورية خلال السنوات الخمس الماضية .
مثل هذه المخلوقات :
* إمّا أنها مريضةٌ تحتاج لعلاج نفسي مكثف ، أو
* أنها ممتلئةٌ بالعُقَدِ والحِقْدِ ومُشْبَعَةُ بالكيدية والضغينة على وطنها الأصلي وعلى أبناء وطنها ، وغير قابِلةٍ للعلاج ، أو
* أنها خائنةٌ لوطنها وعميلةٌ لأعداء وطنها .
– ولذلك يعمل هؤلاء على التبرقع برداء الفضيلة والوطنية والإيمان والشرف، لكي يُخفوا مباذلهم وخيانتهم وانعدام وجود ذرة شرف أو وطنية لديهم .
وأمثال هؤلاء، لا يُقْنِعون إلاّ أنفسهم ، أومَنْ كان شبيهاً به
-5-
( السِّباقُ بين ” نهاية أردوغان والأردوغانية ” و ” نهاية تركيا الحالية ” )
– يؤكّد الانقلابُ العسكري التركي الفاشل، أنَّ تَدْجينَ أردوغان وحزبِهِ لقيادة لجيش التركي الأتاتوركي، لا يعني مطلقاً قدرتَهُمْ على تدجين الجيش كمؤسسة..
– بل يعني أنّ النار تحت الرماد، وأنَّ ما ظهَرَ من تلك النار في المحاولة الانقلابية الفاشلة ، ليس إلاّ الموجة الأولى ..
– وأنّ ردودَ الفعل الأردوغانية الثأرية والانتقامية في مواجهة الجيش والقضاء، بِحُجَّة تطهيرهما من ” الإرهابيين والخونة “، سوف تؤدي إلى زيادة وتسريع تراكم الاحتقان والغضب، داخل الجيش وداخل الشرائح الشعبية والنخبوية التركية الواسعة التي تحترم الجيش وتنظر له بإعجاب وإكبار ..
– وهذا ما سيؤدي، في قادم السنوات، إلى نهاية أردوغان والأردوغانية، أو نهاية تركيا الحالية .
-6-
( الانقلابُ التركي… والتفاسيرُ الجيمسبونديّة )
– عندما يَروجُ سوقُ التفسيرات الجيمسبوندية، سواءٌ للانقلاب العسكري الذي قام في تركيا، أو لفشل ذلك الانقلاب …
– تلك التفسيرات الجيمسبوندية التي تهرب بِنَا إلي إعمال الخيال بشكلٍ واسعٍ وفضفاضٍ ، بعيداً عن إعمال العقل بما يتناسب مع المنطق والتفكير السليم …
– والسبب في ذلك، هو مَيْلُ الكثيرين مِنَّا، إلى التفاسير الخارجة عن المألوف وإلى التفسيرات الرغبوية التي تُريح عقولنا من التفكير المنطقي السديد، والاقتصار علي تفسيرات تآمرية مُشْبَعَةٍ بالأوهام والشّطحات التي لا تَمُتّ إلى الوقائع والحقائق بِصِلَة ..
– حِينَئِذٍ لا بُدّ لك أن تتأكّدَ بأنّ العقول المتخلّفة، تفكّر لاعقلانياً ورغبوياً وهروبياً ووقوعيا..
وبأنّ العقول المتطوّرة، تفكّر تفكيراً عقلانياً ومنطقياً وواقعياً لا وُقوعِياً، بل وإبْداعياً وسديداً .
-7-
( لكي يصبح ” رجب أردوغان ” سلطاناً ) :
لا مانع أن تعادي الدولة التركية جميع جيرانها . .
ولا مانع من الاعتداء عليهم ..
ولا مانع من التعاون مع جميع العصابات الإرهابية المتأسلمة، مع ادِّعاء العكس. .
ولا مانع من سحب الثقة من ثلث النواب الأتراك .
ولا مانع من زَجّ عشرات آلاف العسكريين والصحفيين والقضاة الأتراك بالسجون..
ولا مانع من خنق أيّ صوت تركي مُعارض ..
ولا مانع من تعميق التحالف مع ” إسرائيل ” ..
ولا مانع من البقاء بـ ” حلف الناتو ” .
ولا مانع من فرض نسبة ” 10 ” بالمئة، على جميع النشاطات الاقتصادية بالدولة ؛ لصالح أبناء أردوغان ..
ولا مانع من وضع تركيا على طريق الحرب الأهلية ..
– فالمُهِمّ ، هو أن يصبح ” أردوغان ” كسليم الأول وكسليمان القانوني : سلطاناً وخليفةً للمسلمين ” رغماً عنهم ” وعلى مئات الآلاف من جثثهم .. وكل ذلك بإسم ” الإسلام ” و ” الديمقراطية ” و ” الشعب ” ….
-8-
( شَبِّيحَةُ أردوغان )
– هل تعلم بِأنَّ ما يُسَمَّى ” شَبِّيحَةُ أردوغان ” يبلغ تعدادهم ” 60 ” سِتّينَ ألفاً، وتضم الآلاف من ” الزعران ” والمرتزقة والمهرّبين، من داخل تركيا ومن خارجها..
وقد جرى إعدادُهُم منذ عام 2012 -2013، وهم مُرْتَبِطون مُباشرةً بِأردوغان وبِمَكْتَبِهِ ويَتَلَقَّون الأوامرَ والتعليمات منه ..
– ولا علاقة لقيادة الجيش التركي بهم، وَإِنْ كانوا مُرَتَبِطين إدارياً، بوزير الداخلية..
وهم الذين قاموا بإلقاء القبض على العسكريين الذين شاركوا بالانقلاب، وظَهَرَ بَعْضُهُمْ، باللّباس المدني، أمام عدسات التلفزيون، وهم يقومون بعملياتِ سَوْقِ العسكريين مُكَبَّلين بالقيود .
– ولِـ ” شَبِّيحَةِ أردوغان ” هؤلاء، سجونٌ خاصّةً بهم، ومراكز أمنية، ومقرّات تحقيق واعتقال وتوقيف وتعذيب . .
وقد لِعِبوا دوراً أساسياً في إفشال الانقلاب الأخير.. حتى أنّهم باتوا يُشَكِّلون فِعْلاً، كياناً مُوازياً في الدولة التركية ..
– وقد سمى ” أردوغان ” شبيحته هؤلاء : ” قوات الشرطة الخاصة ” رغم وجود قوة داخل الجيش التركي تحمل الاسم نفسه . . ولكن الاسم الشائع لهم في تركيا، هو ” شبيحة أردوغان ” .
-9-
( تركيا : بين ” الانقلاب العسكري ” و ” الانقلاب السياسي “. )
– قامَ في تركيا خلال الخمسة أيام الماضية ، من 15 – 20 تموز 2016 ، انقلابان اثْنان ، وليس انقلاباً واحداً ..
– الانقلاب الأوّل هو الانقلاب العسكري الفاشل، في ليلة الجمعة / السبت : 15 تموز ..
– والانقلاب الثاني: هو الانقلاب السياسي الذي يقوم به ” أردوغان و رَهْطُهُ “..
وهذا الانقلاب ، مُعَرَّضٌ للفشل أو للنّجاح ، في آنٍ واحد ..
– ومن السابق لِأوانه، الحُكْم القطعي على انقلاب أردوغان السياسي ، بالنجاح أو بالفشل .
-10-
( بين تركيا ” الأتاتوركية ” …. و تركيا ” الأردوغانية ” )
– عندما تمكن ” مصطفى كمال أتاتورك ” عام 1923 من إبقاء الجمهورية التركية ، بعد أن كانت في مهب الرياح ..
– وقفت الثورة السوفيتية الوليدة وعلى رأسها ” فلاديمير أيليتش لينين ” إلى جانبه، وقام هو وخليفته ” جوزيف ستالين ” في روسيا، بتقديم مختلف أنواع الدعم الممكنة للجمهورية التركية الجديدة …
فماذا كانت النتيجة ؟
– عندما تمكنت الدولة التركية الأتاتوركية على الأرض وترسخت وتجذرت، قلبت ظهر المجن للاتحاد السوفياتي، ووقفت مع الحلف الأطلسي في عام 1949، وتحولت إلى رأس حربة في خاصرة الاتحاد السوفيتي ؟.
– والسؤال المشروع الآن: هل يكرر التاريخ نفسه مع تركيا ” الأردوغانية ” ؟!.
-11-
* * شارَكَ بالانقلاب العسكري التركي الفاشل :
* نصف الجيش التركي ،
* بـ عِلْم أميركي و بِغَضّ نَظَر و
* بـ وعد بـ دعم خليجي ” إماراتي – سعودي ” و
* عَلِمَ به أردوغان قَبْلَ تنفيذه بـ 3 ساعات .
-12-
( سوف يذكر التاريخ القادم، أنه كان هناك بلد هام وفاعل
في هذه المنطقة ، إسمه ” تركيا ” ..
جاءها رجل أحمق ، إسمه ” رجب أردوغان ” ، فقادها إلى
الخراب وأدى بها إلى التفسخ والتفتت ، حتى خرجت من
متن التاريخ إلى هامشه . )
-13-
( إذا كان الانقلاب العسكري التركي يطيح – كما يقال – بـ ” الديمقراطية ” …
فالانقلاب السياسي الذي يقوم به، حالياً، أردوغان ورهطه؛ يطيح بالديمقراطية وبالعلمانية في آن واحد . )
-14-
( أكثر أنواع التشبيهات خطأ، هي تشبيه ” أردوغان ” التركي بـ ” بوتين ” الروسي…
بوتين انتشل روسيا من الهاوية، مستنداً إلى الجيش الروسي العريق ..
وأردوغان يأخذ تركيا إلى الهاوية، على أشلاء الجيش التركي الأتاتوركي العتيق.)
-15-
( الجيش التركي الأتاتوركي، هو الذي حافظ على تركيا، منذ عام 1923 حتى اليوم ..
وبتفكيكه وتفتيته، حفاظاً على مقام السلطان الجديد.. ستصبح الطريق سالكة لتفكك وتفتت تركيا . )
-16-
( الانقلابُ العسكري التركي، لم يكن مسرحيةً أردوغانية ..
والانقلاباتُ العسكريةُ الدموية ، سواءٌ نجحت أو فشلت ، لا
تكون مسرحيةً بل حقيقية ..
ولكننا نحن الشرقيين ، نهوى التفسيرات المسرحية كثيراً . )
-17-
( لا علاقة لـ ” الديمقراطية ” بما يجري في تركيا ..
بل هو صراع مستمر بين من يريد تركيا ” نظام عسكري ” ..
ومن يريد تركيا ” نظام بوليسي ” تحت راية الديمقراطية. )
-18-
( من الذي أفْشَلَ الانقلابَ العسكري التركي ؟ )
( هل تعلم أنّ ” الكيان الموازي ” الحقيقي في تركيا ، وهو ” شَبِّيحَة أردوغان ” المسمى بـ ” قوى الشرطة الخاصة ” هو الذي أفشلَ الانقلابَ العسكري، هو وأنصاره الذين ظهروا على شاشات التلفزيون بأنّهم ” الشعب التركي، الذي منع
الانقلاب !!! ” )
-19-
( لكي يبقى أردوغان، يجري العمل على تقويض تركيا: مجتمعاً وجيشاً ودولةً، تمهيداً لتحويلها إلى سلطنة أردوغانية، بعد الفشل في استعادة أمجاد السلطنة البائدة. )
-20-
( قلناها سابقاً، ونقولها حالياً، وسنقولها، بل سَنَراها لاحقاً :
رجب أردوغان، سيقود تركيا إلى نهايتها، أو نهايته، أو النهايتين مَعاً . )
-21-
( الشعب السوري لا يعنيه من يحكم تركيا، بل يعنيه أن لا
يتدخل من يحكم تركيا، بشؤون سورية . )
التعليقات مغلقة.