“هبة عسكر حماس” ضد”منحة قطر” والأمل بالتصويب السياسي! / حسن عصفور

 

حسن عصفور* ( فسطين ) الإثنين 1/8/2016 م …

*وزير فلسطيني سابق …

قد تكون سابقة لم تشهدها حركة حماس منذ تأسيسها، تلك “الفتنة الصغرى” التي  خلقتها بقصد أو بدونه “المنحة القطرية” بين موظفي الحركة في قطاع غزة، بعد أن كشفت التمييز في صرف الراتب للموظفين المدنيين وتستثني “العسكروالأمن”.

ودون أن تتوقع قيادة حماس  ما سيكون من أثر لتلك “الهبة الأميرية”، بدأت تتكشف الى أين يمكن أن تصل للبعض جراء أول حركة “تمييز علنية” في صفوف الحركة، بعد أن وضعت دولة الكيان بصمتها النهائية لمن يصرف الراتب ومن يحرم منه..

قرار دولة الكيان والذي وافقت عليه قطر وبالتالي قيادة حماس المقيمة في قطر، كشف أن “الإدعاء” بـ”الاستقلالية” التي تصرخ بها قيادات حمساوية، ورفضهم لأي “شرط إسرائيلي”، ليس سوى كلام في “وقت الفراغ”، ومع أول إختبار عملي لتلك الأقوال سقطت، وكيف رضخت قطر أولا وقيادة حماس ثانيا لشروط دولة الكيان..

عل ما كتبه بعض من أبناء حماس على مواقعهم في الفيس بوك، تزيل “لبسا” يحاول البعض من أصحاب “المصلحة الخاصة” تغييبه، بل والسعي لتبرير “الخنوع” للشرط الاسرائيلي في كيفية صرف الراتب..

أيمن عايش، يحتل منصبا رفيعا في “داخلية حماس” بغزة كتب على صفحتة الخاصة بموقع “الفيس بوك”، أن “صرف 45 % من الراتب بكرامة أشرف مليون مرة من صرف 100% مشروطة ومهينة”، واضاف عايش، اذا “كانت المنحة القطرية ستفرق بين مدني وعسكري لزاما رفضها”، ومن يريد أن يقدم يلتزم بـ”شروطنا”..

موظف عسكري آخر، كتب إما الكل “يقبض – يستلم” او “ياخدوا فلوسهم ويروحوا من غزة”..

عايش دعا “المدنيين” الى رفض استلام الراتب والى تنظيم وقفة إحتجاج أمام مقر السفير القطري بغزة.

نقابة الموظفين التابعة لحركة “حماس”، دعت القيادة القطرية بأن تصرف الرواتب للموظفين المدنيين والعسكريين الذين ينتمون الى الأجهزة الشرطية المدنية التي تنفذ القانون – وهنا تستثني قطاع عسكري كبير-  .

النقابة أعلنت عن “وجود اتصالات ومساع حثيثة لصرف رواتب الموظفين العسكريين بالتزامن مع الموظفين المدنيين”. وقالت إنها “تدرس الآن عدم استلام الراتب إلا مع زملائهم الموظفين العسكريين ما لم تتم الاستجابة لمطلبهم”.

وعبرت عن رفضها “نبرة التمييز بين الموظفين المدنيين والعسكريين، وإعادتهم إلى المربع الأول من المشكلة”، مشددة على أنها “لن تعاني وحدها، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم”.

“منحة قطر” وما كشفته، لا تقتصر حدودها على مسألة التمييز بين عسكري ومدني بين صفوف حماس في أول إختبار عملي أمام “إغراء مالي”، بل يشكل مؤشرا سياسيا على “مخاطر سياسية كبرى لسلوك مرتقب” عندما تبدأ قطر وتركيا بلعب “دور الوسيط التفاوضي” بين دولة الكيان وحركة حماس، على “المستقبل القادم” للمشروع السياسي العام..

وتلك ليس مسألة تقديرية، فقد أعلن عنها وزير خارجية تركيا أوغلو، ان على اسرائيل أن تفاوض حماس حول عملية السلام، وأكد ذلك خالد مشعل في مقابلته مع وسائل الاعلام الهندية – لم تنشرها وسائل اعلام الحركة لأسباب باتت معلومة جدا -، حيث اعترف أن تركيا ستقوم بدور الوسيط التفاوضي بينهم والكيان..

عندما تسقط حماس في إختبار “الراتب” بتلك السهولة، ترضية لرغبة قطر من أجل تعزيز علاقتها بدولة الكيان، يعيد للذاكرة سقوط “قيادة حماس” في “اتفاق التهدئة” ايام حكم مرسي، حين قدمت “تنازلات سياسية” لدولة الكيان ترضية لحكم الإخوان من حساب فلسطين، ومنها وصف أعمال المقاومة بـ”أعمال عدائية” وتقليص مساحة الصيد والحركة البحرية الى نصف المساحة كما نص عليها الاتفاق الأصلي..

قيادة حماس، التي باركت “الاتفاق التركي – الاسرائيلي” لـ “تطبيع الاعلاقات” وتسريع وتيرتها السياسسية والاقتصادية، رغم أنها لم تكن مجبرة وطنيا، أظهرت أن مقياس مواقفها ليس “المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، بل مصلحتها الخاصة الفئوية هي العليا” ولن تنقصها البحث عن “مبررات وذرائع” وتضيف لها أي عبارة “دينية سياسية لغوية” تستر ما فعلت..

السلوك الحمساوي في المنحة القطرية والاستسلام للشرط الإسرائيلي، كشف ما سيكون في مفاوضات كبرى قادمة، لم يعد ملامحها بخفية على أهل فلسطين، وأن ما يبحث عنه “تحالف تركيا قطر وفرع الإخوان في فلسطين – حماس” ليس تعزيزا “للوطنية  الكلية” بل تقسيما لها وفقا لمستجدات “نظام ولاية الفقيه التركية”..

وتعمل حماس بكل “السبل لإدانه اتفاق أوسلو ليس لتطويره نحو إنهاء الآحتلال واقام دولة فلسطين، بل لتقزيمه باقامة “دويلة غزة” ومنح الضفة للمشروع التهويدي” والذريعة جاهزة..كما فعلت في “اتفاق التهدئة” خلال حكم مرسي..

هل تدرك “القيادة الرسمية” الكارثة السياسية التي يتم الإعداد لها، ام تواصل “غض الطرف” عن مشروع تآمري لضرب المشروع الوطني بسبب “علاقة البعض مع طرفي التنفيذ في تركيا وقطر”..

هل ينجح “عسكر حماس” بتصويب مسار قيادتهم السياسية التي وافقت “شرطا إسرائيليا” لم يقبل بها أي فلسطيني سابقا..وتعيد مسار التلاحم الوطني العام لقبر “الفتنة الكبرى” عبر بوابة “الفتنة الصغرى”..

هل يكون درس “منحة قطر” بداية لـ”صحوة سياسية” لمواجهة الأخطر وطنيا..تلك هي المسألة

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.