ما أنذلكم أيها الدواعش / د.موفق محادين
د.موفق محادين ( الأردن ) الأحد 8/2/2015 م …
أقدم التنظيم الشيطاني الظلامي الإجرامي (داعش) على إعدام الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، وبأسلوب نذل يندى له الجبين، مخالفا بذلك كل قواعد الأسر والشرائع السماوية والدنيوية، فضلا عن أبسط الاخلاق التي تميز البشر عن البهائم…
وما هو أبشع من قرار القتل، الأسلوب نفسه، الذي يذكرنا بالصورة المشوهة المريضة التي اختلقها الغرب عن الشرق في القرن التاسع عشر، مقدمة لاحتلاله ونهب موارده.
فعبر عشرات اللوحات التشكيلية والروايات والدراسات الاستشراقية جرى تصوير الشرق على النحو الثنائي الشهير : الرجل المتوحش قاطع الرؤوس، وعالم الجواري والسبايا…
وها هي أجهزة الاستخبارات الأطلسية مهما حاولت التلطي وراء كذبة مكافحة الارهاب، وتشكيل تحالف دولي مزعوم ضده، تعيد اللعبة نفسها عبر أدواتها التكفيرية الاجرامية من نمط داعش وجبهة النصرة وأمثالهما من أنصار الشريعة وبيت المقدس، المنظمة الاجرامية الناشطة في صحراء سيناء ضد الجيش المصري.
ويشار هنا أيضًا إلى تكتيك الرعب والصدمة الذي جرى إعداده في مطابخ دوائر المخابرات الأمريكية من خلال برنامج (ماك الترا)، وما عرف (بالخيار السلفادوري)؛ حيث اخترعت هذه المخابرات أشكالا من الجماعات الإجرامية. كانت تدخل قرى الفلاحين، وتلاحق أنصار الثورة الاشتراكية، وتقوم بقطع رؤوسهم وحرق النشطاء منهم أمام ذويهم. هذا عن الأسلوب الهمجي ضد أسير حرب بكل المعايير القانونية والدينية، أما عن السياق العام لجريمة الاغتيال المذكورة، فهو سياق مركب، يعكس من جهة توتر التنظيم الاجرامي بعد الهزائم الاخيرة التي لحقت به وخاصة في كوباني على يد المقاتلات الكرديات..
كما يعكس من جهة أخرى توتر المشغلين الحقيقيين للتنظيم، ومناخات التصعيد الاقليمي والدولي المرافقة، كما عبر تهديد اخوان مصر من تركيا باحراق القاهرة، وتهديد أوباما في اوكرانيا، وتهديد نتنياهو للمقاومة في لبنان وغزة…
ولا يخفى على أحد دور الجغرافيا السياسية الأردنية في هذا السياق وما يعد لها من توظيفات اقليمية ومن (حرائق) شديدة الصلة بالرسالة التي تضمنها الأسلوب الوحشي بإشعال النار في الطيار الشهيد. في ضوء ما سبق، وبقدر ما أكد ويؤكد داعش كل يوم عمالته ودوره في لعبة الأطلسي والعثماني ومناخات الفوضى الهدامة، ومثله جبهة النصرة وأخواتها، التي لم تعد علاقتها مع المخابرات الإسرائيلية موضع شك من أحد فإن المطلوب أردنيا، أولًا وقبل كل شيء:
أولًا، مراجعة السياسات السابقة ولاسيما مع المحور الذي أنتج داعش وسلمه الموصل والأنبار والرقة ومناطق في الجولان وحوران، واستدعى لاحقا التوظيف الأطلسي المشبوه باسم مكافحة دولية مزعومة للارهاب، تتحمل المسؤولية جنبا الى جنب مع داعش وغيرها من الجماعات الارهابية في كل قطرة دم عربية في فلسطين وسورية والعراق ولبنان وسيناء وليبيا، ومن بينها دم الشهيد الطيار معاذ الكساسبة.
ثانيًا، وفيما يخص تداعيات اغتيال الشهيد الكساسبة، وبالاضافة لفضح الاكاذيب الاطلسية والرجعية العربية ينبغي مساءلة كل متواطئ مع داعش ولا سيما تركيا وقطر وجماعات الإسلام الامريكي والمنابر المرتبطة بها وخاصة القرضاوي مفتي فضائية الجزيرة.
ثالثًا، إن حظر الاحزاب والجماعات على أساس ديني هو أقل ما يمكن القيام به في هذه اللحظة، ويرتبط بذلك مراجعة كل الجمعيات والهيئات والمنابر التي تتخذ من الدين والعمل الخيري ودور القرآن غطاءً ومادة لتغذية الظلامية والفكر التكفيري.
رابعًا، إن داعش ليس مجرد تنظيم إجرامي، بل هو حالة احتقان طائفي مريض ينبغي مواجهته بإشاعة العقلانية وثقافة التنوير، والعدالة والتأكيد على فصل الدين عن السياسة.
خامسًا، بالإضافة لكل الملاحظات على سياسات واداء الحكومات الاردنية المتعاقبة في السياق العام المذكور، نريد أن نسمع من المعارضة بكل تياراتها رأيها ليس في داعش وحسب بل وفي كل المتواطئين مع هذه العصابة من الذين دعموا التنظيم الارهابي في احتلاله الموصل إلى أنصار التحالف التركي- القطري. ونريد أن نسمع من الإخوان إدانة صريحة لداعش تتعدى واجبات العزاء الفردية.
سادسًا، مع الاحتراز بالتأكيد من أية محاولات لتوريط الأردن ودمجه في الحريق الاقليمي فإن الأردنيين بكل مشاربهم معنيون أيضا بتلقين الارهابيين والمتواطئين معهم من جماعات الاسلام التكفيري والطائفي الدرس الذي يستحقونه، وليس أقله عزلهم وملاحقتهم قانونيا وحظر نشاطهم وفعالياتهم حظرًا تاما…
التعليقات مغلقة.