من تغيّر المناخ الى “محورية” الاقتصاد / غازي أبو نحل
غازي أبو نحل* – السبت 10/12/2022 م …
*رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات: Nest Investments (Holdings) L.T.D
والرئيس الفخري لرابطة مراكز التجارة العالمية
مع نهاية صيف ساخن ضربت حرارته أجزاء مختلفة من العالم مسببة جفافاً وحرائق للغابات وتزامن ذلك مع فيضانات وارتفاع في منسوب سطح البحر في مناطق أخرى من العالم، اكتسب مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب ۲۷» أهمية إضافية، مدفوعا بطموحات وآمال الملايين للوصول إلى حل عملي يحد من الكوارث البيئية التي باتت تهددهم في عقر دارهم. وعلى مدار اسبوعين كاملين كان مركز المؤتمرات في مدينة شرم الشيخ المصرية، الواقعة على ساحل البحر الأحمر، مسرحا لمناقشات وحوارات سياسية واقتصادية وعلمية خلقت مناخاً إيجابياً، عززته كلمات سياسية حماسية شهدت إقراراً بالتعهدات والالتزامات المناخية من جانب قادة العالم، ما اعتبر بمثابة «طاقة سياسية» يأمل المهتمون بالشؤون البيئية أن تشكل قوة دفع لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر عقد تحت شعار «مؤتمر التنفيذ». ولقد مزجت مناقشات المؤتمر بين السياسة والاقتصاد، وسيطرت قضايا التمويل على الفعاليات السياسية والنوعية أيضاً، سواء ما كان متعلقاً بتمويل التكيف مع التغيرات المناخية، أو التخفيف من تبعاتها، أو تمويل الخسائر والأضرار التي لحقت ببعض الدول من تبعات المناخ.
صندوق الخسائر والاضرار
مع الساعات الأولى من يوم الأحد الموافق ٦ تشرين الثاني/ نوفمبر، ازدحمت قاعة المؤتمرات في منتجع شرم الشيخ المصري بالمشاركين من كل أنحاء العالم، حيث سجل لحضور المؤتمر أكثر من ٥٠ ألف شخص، وفقا لبيانات الأمم المتحدة. وأمام حشد من ممثلي أكثر من ۱۹۰ دولة حول العالم، تسلم سامح شكري، وزير الخارجية المصري، رئاسة المؤتمر من سلفه البريطاني ألوك شارما رئيس مؤتمر «كوب ٢٦»، معلنا بداية الفعاليات الإجرائية للمؤتمر .
وداخل قاعة حملت اسم «رمسيس»، نسبة إلى واحد من أشهر ملوك مصر القديمة، الذي اشتهر بانتصاراته التاريخية، أعلن وزير الخارجية المصري اختراقا في المفاوضات المناخية بالموافقة على إدراج بند «تمويل الخسائر والأضرار» ضمن مناقشات المؤتمر. الأمر الذي أعطى دفعة قوية للمؤتمر في ساعاته الأولى، ومهد لبداية «سلسة ومرنة» حسب وصف أليكس سكوت، مديرة برنامج دبلوماسية المناخ والجيوبوليتكيات، بمؤسسة «إي ثري جي E3G» البريطانية المتخصصة في الشأن المناخي، التي قالت إن بداية المؤتمر كانت إيجابية جداً وبلا خلافات على جدول الأعمال الذي كان على المحك لتضمنه قضايا مثل الخسائر والأضرار .
كان ملف تمويل الخسائر والأضرار أحد الملفات الشائكة والحساسة على طاولة مؤتمرات المناخ منذ انطلاقها في تسعينات القرن الماضي؛ إذ طالبت الدول النامية دائماً بتعويضات عن الأضرار الاقتصادية والخسائر التي تكبدتها من تبعات التغيرات المناخية، في حين دأبت الدول الصناعية الكبرى، اي دول الشمال، على رفض ضم هذا الملف الى المفاوضات، خشية ان يكلفها مليارات الدولارات تدفعها في شكل تعويضات للدول الفقيرة .
يمكن القول ان احدى ايجابيات المؤتمر تمثلت بإنشاء صندوق للخسائر والاضرار التي ستنجم عن الكوارث المناخية، لكنه بالتأكيد سيحمل الكثير من التحديات والمعوقات الاساسية.
ما هي ابرز العقبات التي قد تحول دون تحويل موضوع الخسائر والاضرار أمراً واقعاً:
اولى هذه العقبات ان الموضوع يحتاج الى مسار طويل للنقاش حول التعريفات وكيفية تحديد الخسائر والمسؤوليات والتعويضات وكيفية دفعها … وهي قضايا من المتوقع ان يتم المماطلة بها ووضع شروط مضادة حولها واستنزاف الوقت اكثر من المتوقع حتى العام ٢٠٢٤. وان الخسائر والاضرار الناجمة عن الكوارث المناخية التي يفترض التعويض عنها من البلدان الصناعية المتقدمة للبلدان النامية ستكون كبيرة جداً، تفوق الـ١٠٠ مليار دولار التي كانت قد تعهدت بها تلك البلدان في مؤتمر كوبنهاغن عام ۲۰۰۹ وفي اتفاقية باريس عام ۲۰۱٥، وهي مبالغ كانت مقسمة بشكل رئيسي بين التخفيف والتكيف، ولا تشمل التعويض عن الأضرار. فمن لم يستطع أن يفي بالتعهدات الأولى، كيف سيفي بتعهدات جديدة وإضافية، قد تكون فعلاً خيالية، قياساً إلى كلفة أضرار فيضان باكستان البالغة ۳۰ مليار دولار هذا العام على سبيل المثال.
العقبة الثانية أمام تحقيق هذه التعويضات أن الكوارث إلى ازدياد كما هو متوقع خلال مراقبة تصاعدها منذ ٨ سنوات، بحسب آخر تقرير عرضته الأمم المتحدة، التي سجل فيها كل عام أرقاماً قياسية جديدة في ارتفاع درجات الحرارة، وأرقاماً قياسية في الحرائق والفيضانات وذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه البحار وجفاف الأنهار وشح المياه والجفاف والتصحر وإزالة الغابات وتراجع الزراعة… بالإضافة إلى زيادة أعداد الوفيات من جراء هذه الكوارث وزيادة الهجرات واللاجئين المصنفة مناخية.
العقبة الثالثة، كيفية تحديد الخسائر والأضرار الناجمة عن الكوارث المناخية، ومن سيصنف ويميز بين كوارث مناخية ناجمة عن تغيّر المناخ ، وأخرى تصنف «طبيعية»؟! كيف نميز بين حرائق مفتعلة ناجمة عن نزاعات داخلية وأخرى ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة؟ بين وفاة من ضربة شمس ووفاة من ارتفاع درجات الحرارة؟ بين فيضان ناجم عن إهمال الإدارات المعنية وفيضان ناجم عن مظاهر مناخية متطرفة…الخ
العقبة الرابعة كيفية تحميل المسؤوليات وتقسيم ما هو مطلوب من الدول للتعويض. صحيح أن الاتفاقية الإطارية لتغيّر المناخ والدول الأطراف في هذه الاتفاقية قد أُقرت منذ عام ١٩٩٢ بالمسؤولية التاريخية للدول المتقدمة صناعياً والثورة الصناعية، ولكن على أي أساس سيتم توزيع المسؤوليات وبالتالي التعويضات بين تلك البلدان؟ إذا كان توزيع المسؤوليات على أساس الانبعاثات، وهذا هو الخيار الأقرب إلى الواقع، فمن يقيس هذه الانبعاثات ومن يدقق وكيف؟ ومن أي سنة معيارية يبدأ القياس؟ فإذا كانت من أهم مميزات هذه الانبعاثات أنها متراكمة، وأن مشكلة تغيّر المناخ عموماً ناجمة عن تراكم هذه الانبعاثات في الغلاف الجوي، يفترض عندئذ أن تكون الحصة الأكبر للتعويض من واجب الولايات المتحدة الأميركية التي كانت الأولى عالمياً قبل عام ۲۰۰۸ . أما إذا كان المعيار على القياس الحالي، فيكون على الصين أن تدفع التعويض الأكبر لا سيما في فترة ما بعد عام ۲۰۰۸.
ثم هناك أسئلة إضافية تتعلق بكيفية احتساب الانبعاثات وقياسها. ماذا عن نقل مصانع من دول إلى أخرى على من تحتسب انبعاثاتها وكيف نقسم الانبعاثات بين منتج ومستهلك وبين النوعية وبين الكمية؟ وماذا عن ضريبة الكربون؟ وكم مرة يفترض أن تدفع؟ وكيف ستقيم مسألة تسعير الكربون وبيعه بين الدول؟
ثم ماذا إذا لم تلتزم الدول المتقدمة بالدفع والتعويض من يلزمها؟ وهل يفترض اللجوء إلى محاكم العدل الدولية؟ وعلى أي أساس ستحكم تلك المحاكم؟ وأية عدالة مناخية يجب أن تتحقق؟ أية فلسفة حق يفترض أن نعتمد؟ وماذا عن حقوق الإنسان الآتي والأجيال القادمة؟ من يضمنها في ظل تراجع أدوار الدول لمصالح الشركات الكبرى وتراجع الأمم المتحدة ودوائرها أمام منظمة التجارة العالمية؟ ومن يعوّض انقراض الأنواع التي تنقرض بفعل تغير المناخ والتي لا تقدر بثمن؟
فإذا كان المعيار عند المحاكم الدولية مدى الالتزام باتفاقية باريس المناخية التي وافقت عليها جميع دول العالم تقريباً، فهي لم تحظ بهذا الإجماع إلا لأنها كانت غير ملزمة ولا يترتب عليها مسؤوليات، وبالتالي عقوبات وتعويضات إذا لم تلتزم! وقد نصت هذه الاتفاقية على مقولة «المساهمات» المحدّدة وطنياً، بدل الالتزامات المحدّدة قانونياً.
وماذا سيكون موقف شركات التأمين العالمية التي بدأت بمتابعة مؤتمرات المناخ بقلق شديد من سنوات عدة، لمعرفة كيفية تسعير التأمينات وكيفية تقييم الكوارث المناخية غير المتوقعة كما بدأت تظهر هنا وهناك في جميع أنحاء العالم. وفي هذا الاطار لا بد من الاشارة إلى التقرير الصادر عن معهد سويس ري الذي كشف عن ضرورة زيادة الاستثمارات لمواجهة التغيرات المناخية ليتمكن العالم من الوفاء بالتزاماته الخاصة باتفاقية باريس واهداف الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية العام 2050. واكد التقرير ان هذه الفجوة تزيد عن ٢٧٠ تریلیون دولار اميركي في قطاعات النقل والطاقة والمنشآت والصناعة بين عامي 2022 و2050. يمكن سد هذه الفجوة من خلال الجهود الجماعية من قبل الجمهور والقطاع الخاص .
طاقة سياسية
البداية القوية للمؤتمر والافتراق الايجابي المحقّق، على رغم العقبات التي قد تعترض سبل التنفيذ، خلقت مناخاً إيجابياً بشكل عام، لما تلاها من فعاليات سواء على مستوى الشق الرئاسي، بمشاركة أكثر من ۱۰۰ رئيس دولة وحكومة، أو في الأيام النوعية بعد ذلك. وعلى مدار يومين استمع المواطنون حول العالم إلى كلمات قادة دولهم وتعهداتهم بشأن المناخ ، وسط تحذيرات أممية على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مما وصفه بـ «فوضى المناخ»، وتخييره دول العالم بين «التضامن« في مواجهة التغيرات المناخية، أو «الانتحار الجماعي«.
وعلى منصة قاعة تحمل اسم الملكة الفرعونية الجميلة نفرتيتي وقف قادة العالم يدلون بتعهداتهم المناخية نحو مستقبل أفضل وأجمل للأرض، اذ تضمنت تأكيداً على التزامهم السياسي بمواجهة الكوارث المناخية، كجزء من الكوارث الأخرى والتحديات الأخرى التي تواجهها بلدانهم، مثل أمن الغذاء والطاقة والفقر، كما تأكيدهم على أن مواجهة التحديات المناخية هي الطريق للحد من التحديات الأخرى، واعتبرت هذه الكلمات الحماسية بمثابة طاقة سياسية تحتاجها المفاوضات للخروج باتفاق جيد يحول الكلمات إلى أفعال على الأرض.
وبالفعل على مدار يومين هما مدة الشق الرئاسي من فعاليات «كوب ۲۷»، انقسمت کلمات القادة ما بين دول كبرى من جانب تحاول تأكيد التزامها بخفض الانبعاثات الكربونية، مع إطلاق تعهدات بالعمل على الحد من التغيرات المناخية، وبين دول نامية وجزرية صغيرة حملت كلمات قادتها آثار المعاناة المناخية، مع مطالب بالتعويضات باعتبار دولهم «تساهم بقدر ضئيل جداً في الانبعاثات الكربونية» مقارنة بالدول النامية. وقال الرئيس السنغالي ماكي سال إن «الدول الأفريقية تساهم بنحو ٤ في المائة فقط من الانبعاثات»، مطالباً الدول المتقدمة بـ«تدابير لمواجهة التغيرات المناخية». وقادت باكستان، التي عانت أخيراً من فيضانات تسببت في خسائر اقتصادية تقدر بـ٤٠ مليار دولار، دعوة الدول الغنية بـ«التعويض عن الخسائر والأضرار».
من الكلمات الرسمية المحاولة اطلاق مبادرات للحل، صدرت تصريحات عن مسؤولين أوروبيين وأميركيين تعكس رؤيتهم للحل، فحاول المستشار الالماني أولاف شولتس الترويج لانشاء “ناد للمناخ” يهدف إلى تقليص الانبعاثات، وبينما شدد المبعوث الرئاسي الأميركي للمناخ جون كيري على «أهمية» خفض الانبعاثات، ركزت فرنسا ودول أوروبية أخرى على «دعم التكيف» مع المناخ خاصة في دول القارة الأفريقية. وقال مبعوث الصين الخاص لشؤون المناخ شيه تشن إن بلاده ملتزمة بتحقيق الحياد الكربوني.
ولكن لم تتضمن كلمات القادة بيانات واضحة حول مدى التزامهم بتعهداتهم المناخية، حيث ان الشق السياسي من المؤتمر لم يتطرق لمسائل تتعلق بتعزيز المستهدفات الوطنية لخفض الانبعاثات، أو خطط تقليل الفجوة التمويلية.
الكلمات وان تضمنت إعلاناً عن تمويل مشاريع هنا وهناك بالملايين فإنها لا ترقى لإغلاق الفجوة التمويلية ولمستوى الطموحات في أعقاب مؤتمر غلاسكو «كوب ٢٦» في الإبقاء على هدف ١,٥ درجة مئوية حياً.
واقع الكرة الارضية
للدلالة على حجم الاخطار المحيطة بالارض، أفاد تقرير للامم المتحدة، نشر بالتزامن مع افتتاح المؤتمر، تناول الارتفاع السريع في وتيرة الاحترار العالمي، ان كلا من السنوات الثماني الاخيرة، ستكون أكثر حراً فى أي عام سابق لسنة ٢٠١٥. واشارت المنظمة العالمية للارصاد الجوية الى تسارع في وتيرة ارتفاع مستوى مياه البحار وذوبان الانهر الجليدية والامطار الغزيرة وموجات الحر والكوارث القاتلة التي تسبّب بها .
وقال الأمين العام للأمم المتحدة في تعليق على التقرير “مع انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ “كوب 27” يواجه كوكبنا نداء استغاثة واصفاً التقرير بأنه “سرد لفوضى مناخية”. ارتفعت حرارة الأرض أكثر من 1.1 درجة مئوية منذ نهاية القرن التاسع عشر وقد سجل نصف هذا الاحترار تقريبا في السنوات الثلاثين الأخيرة على ما أظهر التقرير والسنة 2022 بصدد أن تصبح السنة الخامسة أو السادسة الأكثر حراً تسجل حتى الآن رغم تأثير النينيا منذ العام 2020 وهي ظاهرة طبيعية دورية في المحيط الهادئ تؤدي إلى خفض حرارة الجو.
وقال المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس “كلما كان الاحترار عالياً كلما تفاقمت التداعيات”.
فمياه سطح المحيطات التي تمتص أكثر من 90% من الحرارة المتراكمة جراء الانبعاثات الناجمة عن النشاط البشري سجلت مستويات قياسية في 2021 وقد زادت حرارتها بسرعة خصوصا خلال السنوات العشرين الأخيرة. وارتفعت أيضاً موجات الحر البحرية مع تداعيات مدمرة على الشعاب المرجانية وعلى نصف مليار شخص يعتمدون على البحار لتأمين الغذاء وسبل العيش وعموما شهدت 55% من مياه سطح المحيطات موجة حر بحرية واحدة على الأقل في 2022 على ما جاء في التقرير. وتضاعفت وتيرة ارتفاع مستوى البحار في السنوات الثلاثين الأخيرة بسبب ذوبان الأنهر والصفائح الجليدية مما يهدد عشرات ملايين الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ساحلية خفيضة.
وقال كبير العلماء في بريتيش انتركتيك سورفين مايك ميريديث إن الرسائل الواردة في هذا التقرير لا يمكن أن تكون أكثر قتامة. وأضاف “في كل أرجاء كوكب الأرض تحطمت مستويات قياسية فيما اجزاء مختلفة من منظومة المناخ تنهار”.
فقد بلغت غازات الدفيئة المسؤولة عن أكثر من 95% من الاحترار الحاصل مستويات قياسية مع تحقيق غاز الميثان أكبر قفزة تسجل خلال عام بحسب التقرير السنوي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية حول وضع المناخ العالمي.
في 2022 عاثت سلسلة من الظواهر المناخية القصوى التي فاقمها التغير المناخي، فساداً في مجتمعات مختلفة عبر العالم. فقد تلت موجة حر استمرت شهرين في جنوب آسيا في آذار ونيسان الماضيين، فيضانات في باكستان غمرت ثلث مساحة البلاد. وقضى فيها ما لا يقل عن 1700 شخص وتشرد ثمانية ملايين.
في شرق إفريقيا انحسرت المتساقطات دون المعدل لأربعة مواسم أمطار متتالية وهي الاطول في 40 عاماً ويتوقع أن تساهم السنة 2022 في مفاقمة الجفاف.
وشهدت الصين أطول موجة حر تسجل حتى الآن وأكثرها شدة، وثاني أكثر فصول الصيف جفافا. وأدى تراجع مستوى المياه إلى اضطرابات الحركة التجارية أو هددها على نهر يانفستي في الصين وعلى نهر المسيسيبي في الولايات المتحدة والكثير من الأنهر الرئيسية في أوروبا التي عانت أيضا من موجات حر متكررة .
وعانت الدول الفقيرة التي تحمل أقل قدر مسؤولية في التغير المناخي أكثر من غيرها بسبب هشاشتها حيال تداعيات الوضع. وأوضح تالاس “لكن حتى المجتمعات المستعدة جداً لحقت بها أضراراً كبيرة جراء ظواهر قصوى كما تبين من موجات الحر المطولة والجفاف في أجزاء واسعة من أوروبا وجنوب الصين”.
في جبال الألب الأوروبية خطمت الأرقام القياسية في ذوبان الأنهر الجليدية في 2022 مع تراجع في معدل السماكة يراوح بين 3 وأكثر من أربعة أمتار وهو الأعلى حتى الآن. وقال رئيس معهد التغير المناخي في جامعة ادنبره، ديف ربي لو كان لا بد من شطب سنة تمثل عدم التحرك على صعيد المناخ فهي 2022″. وأكد “أمام العالم مهمة جبارة في الحد من الأضرار”.
من العنوان وقائمة الموضوعات على الطاولة، بدت قمة “كوب ٢٧” سياسية واجتماعية وبيئية وإنسانية، لكن في القلب بدا الاقتصاد عمود الخيمة الرئيسي، فالاقتصاد كان السبب الاساسي للتغير المناخي، وهو بالتالي الحل الرئيسي للخروج من الازمة.
نشأت أزمة المناخ بالأساس نتيجة عوامل اقتصادية؛ إذ اندفع العالم منذ بداية الثورة الصناعية في بداية القرن العشرين نحو الصناعة بكثافة، دافعاً خلال ذلك بمزيد من العوادم إلى الأجواء، وحاصداً ملايين الأشجار والغابات والمساحات الخضراء، سواء لاستغلالها كوقود أو كخامات صناعية أو حتى للتوسع في بناء تلك المصانع. ومع دوران عجلة الاقتصاد، ومئات المليارات من المنتجات النافثة لغازات الدفيئة، تهدد وجود البشر ذاته على الكوكب.
وفي طريق الخروج من الأزمة، فإن الاقتصاد يبدو سبيلاً رئيسياً إذ إن التحول إلى الاقتصاد الأخضر الذي يراعي البيئة صار لا بد منه، كما أن «الاقتصاد» في نسف الموارد والمساحات الخضراء، وتنميتها بشكل عاجل سيوفر رئة جديدة للعالم.
التعليقات مغلقة.