مراهقون يمارسون قلة الأدب / مها نبيل أبو شمالة

 

مها نبيل ابو شمالة ( فلسطين ) الأربعاء 3/8/2016 م …  

لم يدرسونا الحب والرومانسية في المدارس لأنهم كانوا يدرجون الحب بقائمة الممنوعات و قلة الادب فكانت كل ردات أفعالهم تجاه استفساراتنا عن الحب توحي بأن الحب شيء (عيب) أشبه بالعار و بالخطيئة و لم يشرحوا لنا الفرق بين الحب كـ (عاطفة نبيلة) و الحب كـ (حكاية محرمة) فكان شعور المرأة تجاه الرجل حرام ،، كل كتابة من المرأة للرجل حرام حتى لو كان ذلك الشعور و الكتابة بينها وبين نفسها و على الورق ..!!

كان همهم الأكبر تلقيننا دروس الدين و اللغة والحساب والعلوم فمناهجهم كانت تخلو من صفحات خاصة للحب يتم فيها تعريف الحب بطريقة تليق به كـ (عاطفة نبيلة) ،، فحين درسونا بر الوالدين ،، و صلة الرحم ،،وحق الجار،،تطرقوا إلى الدين والطاعة والرحمة والعطف والوفاء و الاخلاص و الأجر والثواب ؛ ولم يتطرقوا إلى (الحب) كانوا يتجنبون الاقتراب من الحب كـ (لفظ) لذا إلتبس علينا الكثير من الأمور ..

فخرجنا للحياة بمفاهيم خاطئة عن الحب و عن علاقة المرأة بالرجل و كبرنا و أغلبنا أبطال حكايات حب سرية دفعونا بتكتمهم للكذب كي نحافظ على حكايتنا فردود أفعالهم تجاه استفساراتنا عن الحب أشعرتنا أن الحب فقط هو حكاية (مرفوضة) بين امرأة ورجل و أن الحكاية المرفوضة يجب أن تمارس في الخفاء كي لا تُرمى بـ (قلة الأدب).

ف بنت الجيران التي تحب ابن الجيران من بعيد (قليلة أدب) ..!!

و المراهقة التي تقرأ روايات الحب و قصائد الغزل (قليلة أدب) ..!!

و الناضجة التي تبحث عن حلولها الصحية في الكتب (قليلة أدب) ..!!

و الطالبة التى ترتدي الذهب و (الاكسسوارات) على الزي المدرسي المحتشم (قليلة أدب) ..!!

أوصلوا إلينا مفهوم قلة الأدب بأساليب خاطئة ؛ فظننا أنه يجب أن نكذب و نتلون و نتحايل كي نحافظ على حكايات حبنا في الخفاء و أن الذين يجيدون أحاديث الحب هم الأصدق احساساً فظلمنا الكثير من القلوب الجميلة التى مرت بحياتنا فقط لأنها كانت لا تجيد التعبير عن الحب ، و لهذا السبب أيضاً انتصر في الحب أولئكَـ الذين يجيدون نسخ العبارات العاطفية و بيع الأحلام على قارعة الحكايات الكاذبة .

ليتهم أنصتوا إلى استفساراتنا البيضاء على المقاعد المدرسية و ليتهم لم يتهمونا بقلة الأدب لأننا كنا نبحث عن الجانب الآخر من الأحلام و العاطفة ،، ليتهم علمونا الفرق بين سلوكيات بشرية تُدرج تحت مسمى (أخطاء طبيعية) و سلوكيات سيئة تدرج تحت مسمى (قلة أدب) ..!!

ليت درجة السلوك التربوي لم تكن مهددة باستفسار عن معنى الحب بين امرأة و رجل أو اكتشاف ورقة حب في حقيبة طالبة مراهقة أو وردة حمراء تحملها صبية في أول عمرها أو أحمر شفاه تزينت به مراهقة من خلال (مصاصة) حمراء أو قصة حب كتبتها طالبة موهوبة بالكتابة أو قلب يخترقه سهم رسمته فتاة نقية على مكتبها المدرسي تعبيراً منها عن الحب .

فماذا كان سيضرهم لو أنهم لم يضعوا كل تلك الخطوط الحمراء أمامنا ..؟!

لو أنهم لم يصادروا كل استفساراتنا لإكتشاف جزء من الحياة ،، لو أنهم لم يغلقوا الأبواب بكل تلك القوة في وجوهنا ،، لو أنهم نبهونا إلى أن ليس كل الحكايات صادقة و لا كلها كاذبة ،، لو أنهم تعاملوا مع تمردنا الطفولي على أنه تمرد مرحلة من العمر ،، لو أنهم قابلوا بياضنا ببياض ولم يتهمونا بقلة الأدب ،، لو أن معلمة اللغة العربية لم تصرخ في وجه زميلتي التي ضحكت و نعتتها بقلة التربية ،، لو أن معلمة التربية الإسلامية لم تصدر حكماً بدخول زميلتي النار لأنها كانت تحب سماع الأغاني ،، لو أن الأخصائية الاجتماعية لم تستدعي ولي أمر زميلتي لأنها وجدت صورة ممثلها المفضل في كتابها المدرسي ،، كان بإمكان مرحلة المراهقة أن تمر جميلة كالأحلام ..!!

لو أن البعض لم يضخم أخطاءنا بها ،، لو أنهم أخبرونا أن ليس كل الحب حرام و لا كل الحب خطيئة و أن هناك أنواع من الحب حلال يحثنا عليها الدين والمجتمع ،، لو أنهم شرحوا لنا أن ليس كل الحب الأخضر و لا كل الحب نقي و أن هناكَـ من يرتدي الأقنعة كي يجيد أدوار الحب و أن هناكَـ من يسرق العمر ويلوث السمعة بإسم الحب و أن هناك من يحرق مساحتنا الداخلية بإسم الحب ..!!

لكنهم أبداً لم يفعلوا و لم يشرحوا و لم ينصحوا و تعاملوا مع عاطفة الحب على أنها تلك المنطقة المحرمة و التي لا يجب تجاوزها .

لذا لم تكن طريقتهم في الحديث عن الحب كافية لإرضاء استفسارات أرواح كانت تفرد أجنحتها للمرة الأولى للخروج إلى فضاء الحياة ،، ولم تكن كافية لسد ذلكَـ الفراغ المرعب في قلوب صغيرة مازالت مساحتها جديدة .

فالمعلمة كانت تقلب الصفحة التي تتحدث عن الأمور الخاصة كانت تترك للحياة مهمة تعليمنا أمور مهمة كان يجب أن نتعلمها في الصفوف الدراسية كي نتجنب منعطفات طريق العمر ،، لكننا لم نتجنب تلك المنعطفات ،، كنا نتلهف و نجرب و نصدق و نثق و نُخدع و نسقط و نتألم و نعاود الوقوف ،، ثم نكرر ..!!

فأضيفوا الحب إلى جفاف المناهج علموهم كيف يزرعون الورد و كيف يحترمون التفاصيل الصغيرة و كيف يعشقون الحياة … بإختصار درسوهم الحب النبيل .. اخرجوهم للحياة نبلاء حب و أخلاق .

الكاتبة : صــــــــــــآحبة آلــــــــــــقلم آلــــــــــــمتمرد .

مها نبيل أبو شماله

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.