استشهاد الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد نتيجة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال




الأردن العربي – الثلاثاء 20/12/2022 م …
أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، عن استشهاد الأسير ناصر أبو حميد (50 عاما) من مخيم الأمعري، في مستشفى “أساف هروفيه” الإسرائيلي، جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمد “القتل الطبي”، التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى.

وكانت سلطات الاحتلال قد نقلت أمس الاثنين، الأسير أبو حميد بشكل عاجل من سجن “الرملة” إلى مستشفى أساف هروفيه، بعد تدهور خطير جدا طرأ على حالته الصحية.

يذكر أن الوضع الصحي للأسير أبو حميد بدأ بالتدهور بشكل واضح منذ شهر آب/ أغسطس 2021، حيث بدأ يعاني من آلام في صدره إلى أن تبين بأنه مصاب بورم في الرئة، وتمت إزالته وإزالة قرابة 10 سم من محيط الورم، ليعاد نقله إلى سجن “عسقلان”، ما أوصله لهذه المرحلة الخطيرة، ولاحقا وبعد إقرار الأطباء بضرورة أخذ العلاج الكيميائي، تعرض مجددا لمماطلة متعمدة في تقديم العلاج اللازم له، إلى أن بدأ مؤخرا بتلقيها بعد انتشار المرض في جسده.

الشهيد الأسير أبو حميد كان محكوما بالسجن المؤبد سبع مرات و(50) عاما. وتعرض للاعتقال الأول قبل انتفاضة الحجارة عام 1987 وأمضى أربعة أشهر، وأعيد اعتقاله مجددا وحكم عليه بالسجن عامين ونصف، وأفرج عنه ليعاد اعتقاله للمرة الثالثة عام 1990، وحكم عليه الاحتلال بالسجن المؤبد، أمضى من حكمه أربع سنوات حيث تم الإفراج عنه مع الإفراجات التي تمت في إطار المفاوضات، إلا أن الاحتلال أعاد اعتقاله لاحقا وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة.

وحمّل رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزتها العسكرية وإدارة السجون المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير أبو حميد، مطالبا العالم والمجتمع الدولي بوقف المجزرة الإسرائيلية المتواصلة بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأشار نادي الأسير الفلسطيني في بيان، إلى ارتفاع عدد الشهداء داخل السجون الإسرائيلية إلى (233) شهيدًا منذ عام 1967، منهم (74) شهيدًا ارتقوا نتيجة الإهمال الطبيّ (القتل البطيء).

وترك الشهيد أبو حميد هذه الوصية:

“أنا ذاهب إلى نهاية الطريق، ولكن مطمئن وواثق بأنني أولاً فلسطيني وأنا أفتخر، تاركًا خلفي شعب عظيم لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى، وأنحني إجلالاً وإكبارًا لكل أبناء شعبنا الفلسطيني الصابر وتعجز الكلمات عن كم هذا المشهد فيه مواساة”.

“وأنا مش زعلان من نهاية الطريق لأنه في نهاية الطريق أنا بودع شعب بطل عظيم، حتى التحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم”.

نهاية البطل 

وعلى سرير المرض في مشفى إسرائيلي، والذي نقل إليه بحالة صحية حرجة للغاية، بعد أن دخل في “غيبوبة تامة”، قضى الأسير أبو حميد، بعد أن تفشى مرض السرطان في العديد من أعضاء جسده، وبات لا يقدر على الحركة، ولا الكلام ولا معرفة ما يدور حوله.

وإن لم يكن خبر استشهاده مفاجئا للفلسطينيين، بسبب الأخبار التي تواردت منذ أيام عن دخوله المرحلة الأخيرة، وقرب وفاته في أي لحظة، والتي هيأت الفلسطينيين لمثل هذا الخبر، إلا أن وفاة هذا الأسير الشهير، الذي ينتمي لأسرة فلسطينية اشتهرت بالنضال ضد الاحتلال، تركت حالة حزن كبيرة.

وذكرت مؤسسات تعنى بأوضاع الأسرى، أن ناصر أبو حميد ظل مقيدا بالأغلال والسلاسل في سريره داخل المشفى الإسرائيلي، وهي سياسة تتبعها سلطات الاحتلال مع الأسرى الذين ينقلون للعلاج، لعدة ساعات بعد وفاته، بذريعة انتظار قائد المنطقة وممثل ما يسمى مصلحة السجون.

ولم تعلن سلطات الاحتلال إن كانت ستسلم جثمان الشهيد أبو حميد لعائلته من أجل مواراته الثرى في مقبرة الشهداء في مدينة رام الله، أم ستستمر في حبس جثمانه بعد أن فاضت روحه إلى بارئها، وستبقيه في ثلاجات الموتى، مع عدد آخر من زملاء الأسر السابقين، الذين قضوا بأمراض مماثلة في أوقات سابقة، بسبب سياسة الإهمال الطبي الممنهجة.

وقالت عائلته في بيان أصدرته، بسبب هذه السياسة الاحتلالية، إن ناصر “ترجل روحاً، ولم يترجل جسداً”، كونها لم يتسن لها إكرامه بالدفن، وقالت “نؤكّد على أننا سنظل بحالة حداد مستمرة إلى أن يتحرر جسد ابننا الطاهر ومعه سائر جثامين شهدائنا الأبرار المحتجزة في مقابر الأرقام، وداخل ثلاجات العدو”، وأعلنت عدم فتح بيت عزاء للشهيد لحين الإفراج عن جثمانه.

وقال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، إن هناك حراكا متواصلا للإفراج عن جثمان الشهيد أبو حميد، حتى يتسنى لأسرته مواراته الثرى بما يليق بتضحياته، وطالب المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والأمم المتحدة وهيئاتها المختصة بممارسة ضغط حقيقي على الحكومة الإسرائيلية للإفراج الفوري عن جثمانه، وأكد أن الوزارة ستعمل على رفع ملف الأسير الشهيد ناصر أبو حميد للمحكمة الجنائية الدولية.

توتر في السجون

تسود حالة من التوتر داخل سجون الاحتلال، والغضب يعتري نفوس الأسرى نتيجة الإهمال الطبي المتعمد والتعنت في الإفراج عن الأسرى المرضى الذي أسفر عن استشهاد الأسير ناصر أبو حميد.

وصدحت حناجر الأسرى بالتكبيرات داخل السجون بعد ارتقاء الشهيد الأسير أبو حميد.

وبحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن الأسرى في كافة سجون الاحتلال أعلنوا الحداد ثلاثة أيام مع إرجاع وجبات الطعام.

وذكرت الهيئة أن وحدات قمع مدججة يرافقها جيش وشرطة الاحتلال تتوافد إلى العديد من السجون تحسبا لانفجار حقيقي ردا على استشهاد أبو حميد.

نعي واسع للشهيد

نعت أوساط رسمية وحزبية فلسطينية الأسير ناصر أبو حميد، وطالبت السلطة الفلسطينية تل أبيب بتسليم جثمانه، بينما أعلنت حركة “فتح” الإضراب الشامل “حدادا على روح الشهيد”.

ونعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس “الشهيد الأسير البطل القائد ناصر أبو حميد”، وفق وكالة الأنباء الرسمية “وفا”.

وحمّل إسرائيل “مسؤولية استشهاد أبو حميد، جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى”.

كما نعى رئيس الوزراء محمد اشتية الأسير أبو حميد، وقال، في بيان إنه “استشهد جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى”.

وحمّل اشتية، إسرائيل “مسؤولية استشهاد أبو حميد” داعيا الصليب الأحمر والمؤسسات الدولية والحقوقية “إلى الإسراع بالتدخل من أجل الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال من سجون الاحتلال”.

من جانبها، نعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” الأسير أبو حميد، وقالت إنه “استُشهد نتيجة لسياسة الإهمال الطبي المتعمد من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي”.

وأوضحت في بيان، أن أبو حميد “شكّل حالة نضالية خاصة منذ أن التحق بالحركة، وكان أحد أبرز قادتها الميدانيين في الانتفاضتين الأولى والثانية وداخل معتقلات الاحتلال”.

وفي محافظة رام الله والبيرة (وسط)، أعلنت “فتح” في بيان منفصل “الإضراب الشامل حدادا على روح الشهيد” ودعت إلى “مسيرات منددة بعملية اغتيال القائد ناصر أبو حميد”.

بدوره، طالب رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية بمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، إسرائيل بتسليم جثمان أبو حميد.

وأضاف في تغريدة على حسابه بتويتر: “نطالب سلطات الاحتلال بتسليم جثمان الشهيد الأسير اللواء ناصر أبو حميد إلى أهله وذويه وأبناء شعبه لتكريمه إلى مثواه الأخير”.

وفي السياق، نعى أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي “الشهيد والقائد الوطني البطل، القائد في كتائب شهداء الأقصى وحركة فتح ناصر أبو حميد”.

وذكر في بيان، أن الأسير “استشهد نتيجة الإهمال الطبي الإجرامي والانتقامي من حكومات الاحتلال”.

ودعا الهيئات الدولية المعنية إلى تحمل مسؤولياتها “إزاء حماية الأسرى في سجون الاحتلال ومعتقلاته ودرء المخاطر عنهم والضغط على حكومة الاحتلال لتوفير سبل الرعاية الصحية والاهتمام الطبي”.

وأكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم أن استشهاد الأسير القائد أبو حميد يعد “جريمة كبيرة يرتكبها الاحتلال بحق الأسير والأسرى والشعب الفلسطيني”، وشدد على أن سياسة الإهمال الطبي “تكشف مدى إرهاب ونازية مصلحة السجون الصهيونية بحق الأسرى”، لافتا إلى أن أبو حميد “قاتل حتى الرمق الأخير”.

ونعت حركة الجهاد الإسلامي الأسير أبو حميد، وحملت الاحتلال المسؤولية الكاملة عن اغتياله وتداعيات هذه الجريمة، وقالت “إن مقاومينا الذين ينتفضون على امتداد الساحات لن يغفروا للمحتل جريمته”، وقالت الجبهة الشعبية إن الأسير أبو حميد “خاض معركته الأخيرة من أجل الحياة بكل بسالة وإصرار، معاهدًا وطنه وشعبه وأصدقاءه ورفاق دربه، أن يجسد في هذه المعركة ما جسده في حياته من مسيرة نضالية حافلة”، وأكدت فصائل المقاومة في غزة أنها لن تغفر جريمة اغتيال الأسير ناصر أبو حميد.

والشهيد أبو حميد، له 5 أشقاء أيضا يقضون عقوبة السجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية، وسادس استُشهد عام 1994، وهدمت قوات الاحتلال منزلهم مرات عديدة، وحُرمت والدتهم من زيارتهم لسنوات.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.