صدّق أو لا تصدّق … 300 مليار دولار هي ثروة عائلة خليجية متحفّظة لم تأت فقط من النفط
مدارات عربية – الجمعة 23/12/2022 م …
صعود هائل
ارتفع سهم الشركة العالمية القابضة بنسبة 28,000% تقريباً خلال السنوات الخمس الماضية.
وفي خضم تلك العملية، انتقلت الشركة العالمية القابضة – التي تملك غالبيتها “المجموعة الملكية – رويال جروب” – من مستثمر غير معروف يركز على الاستزراع السمكي لتصبح الشركة المدرجة الأكثر قيمة في دولة الإمارات. وهي تساوي أكثر من أسهم الشركات الكبرى الأكثر سيولة والتي تحظى بجودة وموثوقية وقدرة على العمل بشكل مربح مثل شركة ماكدونالدز، وشركة نايك، ومجموعة بلاكستون.
بيد أن هذا القدر الهائل لم يُغرِ المستثمرين الدوليين، الذين أعرب بعضهم سراً عن مخاوفهم بشأن الافتقار إلى الشفافية. فضلاً عن أن الشركة العالمية القابضة ليست مدرجة ضمن المؤشر العالمي “إم إس سي آي” (MSCI) للأسواق الناشئة، وغير مشمولة في أي من تحليلات أسواق الأسهم التي تتابعها بلومبيرغ.
وعلى غرار الشركات الأخرى المدرجة في سوق أبو ظبي للأوراق المالية، تخضع البيانات المالية الانتقالية الخاصة بالشركة العالمية القابضة لعمليات تدقيق “أقل قدراً بكثير” مقارنةً بعمليات التدقيق الأخرى التي تتم وفقاً للمعايير الدولية، بحسب ما أكدت شركة “إرنست آند يونغ” الرائدة في مجال المحاسبة والتدقيق المالي والاستشارات، في أحدث تقرير لها عن حسابات الشركة. بيد أنه وفقاً للوائح سوق أبو ظبي للأوراق المالية، فإن التقارير السنوية للشركة تخضع لتدقيق شامل.
أعرب أشخاص مطلعين على المناقشات أنه برغم رغبة الكثيرين في الاستثمار في شركة “المجموعة الملكية – رويال جروب”، فإن معظم المصارف الدولية تجنبت إلى حد كبير عقد صفقات مع الشركة بسبب مخاوف بشأن تضخم القيمة السوقية. إذ تُتداول أسهم الشركة، التي تعتمد بشكل شبه حصري على التمويل المحلي، بنحو 18 ضعف قيمتها الدفترية، مقارنة بنسبة تبلغ نحو 1.5 ضعف شركة الملياردير وارن بافيت ” بيركشاير هاثاواي” الأميركية.
تساعد المصالح المتداخلة للعائلة – بما في ذلك السيطرة على الوسطاء الذين يهيمنون على سوق التداول في أبو ظبي وسيطرة شركة “القابضة” (ADQ) على بورصة الإمارة – في ضمان استمرار دعم الشركة العالمية القابضة.
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت الشركة أسهماً لمجموعة أخرى في أبو ظبي مقابل استحواذها على أسهم في شركات أخرى من بينها الشركة المساهمة “ألفا ظبي القابضة”، وهي ثالث أكبر الشركات قيمة في الإمارات، وإحدى المؤسسات المدرجة ضمن إمبراطورية العائلة.
لم تستجب الشركة العالمية القابضة لطلبات التعليق. وارتفعت أسهمها إلى 409 درهم (حوالي 111 دولار)، مسجلةً بذلك رقماً قياسياً الشهر الماضي.
يمثل الصعود الهائل الذي حققته الشركة الاستثمارية رمزاً للقوة المتزايدة التي تحظى بها عائلة آل نهيان وأبو ظبي. ورغم أن دبي استحوذت على الاهتمام الدولي لفترة طويلة، فقد عززت إمارة أبو ظبي الغنية بالنفط مكانتها بوصفها الطرف المهيمن في دولة الإمارات العربية المتحدة ولا سيما عندما أنقذت جارتها البراقة بضخ حزمة مساعدات قدرها 20 مليار دولار في أعقاب الأزمة المالية.
ومنذ ذلك الحين، أنشأ آل نهيان مزيداً من الوجهات السياحية، بما في ذلك “عالم فيراري”، وهي أكبر مدينة ترفيهية داخلية في العالم، و”متحف اللوفر أبو ظبي”، وهو انعكاس لمتحف اللوفر في باريس بطابع محلي، ومضمار سباق “فورمولا 1”.
تسعى كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر إلى تنويع اقتصاداتها قبل إنتهاء عصر الوقود الأحفوري، وجميعها في وضع جيد يسمح لها بالاستفادة من الفرص المتاحة، خاصة وأن الولايات المتحدة وأوروبا تواجهان تكاليف تمويل أعلى، فيما تعاني الصين بسبب جائحة كورونا.
تجسد الشركة العالمية القابضة طموح أبو ظبي العالمي. ففي مقابلة أجريت خلال أغسطس/آب الماضي، قال الرئيس التنفيذي سيد بصر شعيب إن الشركة تخطط لاستثمار مليارات الدولارات في أسواق تشمل إندونيسيا، وتركيا، والهند، وتستهدف قطاعات مثل الغذاء، والبنية التحتية، والرعاية الصحية.
ومثلها كمثل أغلب بلدان العالم النامي، فإن الاستثمار والسياسة يسيران جنباً إلى جنب، وقد كان لآل نهيان باعٌ طويل في هذا الأمر.
فقد استعرضت الإمارات قوتها في السياسة الخارجية بصورة أكبر في ظل قيادة محمد بن زايد. ودعمت البلاد الجنرال الليبي المتمرد خليفة حفتر، وشاركت في الحصار الذي فُرض على قطر عام 2017، وتورطت في الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران في اليمن. بيد أنه في الآونة الأخيرة، ركزت الإمارات على خفض التصعيد في المنطقة، وهو موقف ينسجم مع جهودها الرامية نحو تعزيز القوة الناعمة من خلال عقد الصفقات.
وبعد لقاء الشيخ طحنون بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العام الماضي، اشترت الشركة العالمية القابضة حصة بنسبة 50% في شركة تركية للطاقة المتجددة. واستثمرت ما يقرب من ملياري دولار في ثلاث شركات مملوكة للملياردير الهندي أداني بعد أن وقَّعت الدولتان اتفاقاً تجارياً، في حين استحوذت شركة “القابضة” على حصص من أسهم شركات مصرية كُبرى للمساعدة في دعم الاقتصاد المتداعي.
قد تكون شركة “المجموعة 42” المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة هي المثال الأوضح للعلاقة بين الأعمال التجارية والسلطة في أبو ظبي. فبعد تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، أصبحت شركة الذكاء الاصطناعي – التي يرأسها الشيخ طحنون – أول شركة إماراتية تفتتح مقراً لها في إسرائيل، ومنذ ذلك الحين أبرمت صفقات مع شركة “رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة” المملوكة للدولة.
قال أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة “أوراسيا” الاستشارية للمخاطر، المقيم في لندن، “أصبح الشيخ طحنون الشخص الذي يُمكن الوثوق به لأداء المهام الصعبة. ونجاحاته جعلت منه طرفاً فاعلاً مفيداً للغاية لمحمد بن زايد بصفة خاصة، وأبو ظبي بشكل عام”.
* هذا المقال مترجم عن bloomberg.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط هنا.
التعليقات مغلقة.