المفكر الأردني المحامي محمد احمد الروسان يكتب: المتاهة الأوكرانية المتفاقمة ومشرط العمليات الروسي المتفاعل

 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 24/12/2022 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …

= الباتريوت أمام الترسانة الروسيّة كمفرقعات تشبه فتّاشات أطفالي شهم وشجاع وغمار ،عندما يلعبون بها في الأعياد. 

= أمريكا قد تنكفيء دولياً – فهي ليست نمر من ورق بل نمر كهل. 

= أزوف يعود بحراً روسيّاً خالصاً واستراتيجيات الأنوكوندا الغربية.

الكبار على مشارف الصدام الأفقي الشامل، لغايات التوسع والحفاظ على مناطق النفوذ والهيمنة، فهل يصار الى نسف وشطب الهيمنة الأطلسية؟. 

منظومات باتريوت أمريكية دفاعية لكييف، بعد استجلاب زيلنسكي الدمية، بطائرة شحن عسكرية أمريكية، لزيارة واشنطن دي سي، ولقاء الرئيس جو بايدن، حامي الشذوذ الجنسي في بلاده، عبر اقراره مؤخراً، قانون فدرالي يحمي الشذوذ باتجاهين: نسوي نسوي، وذكوري ذكوري،  والقاء الزيلنسكي الدمية، ما يسمى بالخطاب أمام الكونغرس الأمريكي، ثم تعهد روسي، على لسان الرئيس الزعيم بوتين، بإيجاد المعادل العسكري المناسب للباتريوت الأمريكي وسريعاً، في عروق جغرافية أوكرانيا المتقيحة صديداً، بالإرهاب والنازية والفاشية المتصاعدة، وسبق كل ّ ذلك: تعبئة جزئية عامة للجيش الروسي، فأي حقبة من هندسة التغيير دخلها ويدخلها العالم الان؟ وتحذير روسي لليونان، من أي خرق للعقد العسكري معها، يتمثل في نقلها لمنظومات اس 300 الى كييف، بضغط أمريكي وأوروبي. 

التزويد الأمريكي لكييف بالباتريوت بلا معنى عسكري، حرب الخليج كشفت عن بدائيته، ثم صواريخ المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة، ومعها حزب الله اللبناني في حرب تموز 2006 م، عملت على تعريته وفضحه لمنظومة الباتريوت، فليس له فعالية على قلب موازيين الميدان، وبلا فعل سحري أمام ترسانة روسيّا الحديثة، وفعله تماما أمامها، مثل فعل(الفتّاش – كمفرقعات)الذي يلعب به أطفالي: شهم وشجاع وغمار في الأعياد – صوت بلا فعل، فقط لغايات إطالة أمد النزاع، وهي ستكون بلا أي تأثير على مجريات الصراع هناك، كونها دفاعية لا هجومية، وتحتاج بجانب ذلك الى مدة طويلة، حتى يستطيع الجندي الأوكراني استخدامها، مع إمكانية وجود مرتزقة من البلاك ووتر الأمريكية تشغيلها على الفور، كونهم لديهم التدريب الكافي، أمريكا التي تحكمها عصابة مافيوية، تخوض حرباً بالوكالة مع روسيّا، حتّى أخر أوكراني، وأخر أوكرانية. 

فزيارة الرئيس الدمية زيلنسكي، تشير الى سعي دؤوب ومستمر لأمريكا وأوكرانيا، الى ادامة الصراع الى أقصى فترة ممكنة ومواصلته، وربط نظام كييف النازي الفاشي، باحتياجات واشنطن دي سي الاستراتيجية والعسكرية والمخابراتية والاقتصادية، إزاء الفدرالية الروسية، في حين أنّ الأخيرة تدعو وتفتح أبواب الحوارات مع كييف، ولكن على أساس لغة الميدان والتغييرات التي حدثت على الجغرافيا الأوكرانية، بعد عمليات الضم الأخيرة لأربعة أقاليم مهمة للفدرالية الروسية. 

فخطاب الزعيم القومي فلادمير بوتين الأخير، أمام كوادر وزارة الدفاع الروسية، هو رسالة لأمريكا والناتو، وليس لأوكرانيا أو للدمية زيلنسكي، فالأخير يخوض حرباً بالوكالة، ويتم ادارته من الخلف بعمق بالوضعيات كاملة، وفقاً لسياقات الكاماسوترا الجنسيّة، ووضعياتها على الفراش الحرام، ليحقق احتياجات الولايات المتحدة الأمريكية، في ما تسميه قضايا الأمن القومي الأمريكي، وهي التي تبعد جغرافياً عن بؤرة الصراع، حوالي خمسىة الآلف ميل تقريباً. 

الناتو كحلف هجومي عدواني، يستخدم كامل قدراته العسكرية والمخابراتية ضد الفدرالية الروسية، وانضمام كل من فلنندا والسويد، الى هذه المنظمة الهجومية العدوانية – الناتو، يتطلب روسيّاً: تشكيل أحلاف عسكرية جديدة في شمال غرب البلاد، ومسألة تكثيف الدعم العسكري لكييف، ترفع من وتيرة الصراع الروسي الأطلسي، وهذا من شأنه أن جعل روسيا تعجّل وقريباً، من ادخال صواريخ سارمات النوعية للخدمة العسكرية الهجومية، مع التركيز على أهمية الطائرات المسيّرة في الصراع، وهذا يتطلب توسيعات لعملها ومهماتها. 

 المواجهات الروسية الأطلسية، دخلت في حرب شاملة عبر المسألة الأوكرانية، وقد تتعزّز بصراع صيني غربي، وبكين تعترض وبعمق وقوّة على قانون تفويض الدفاع وتتخذ إجراءات في الميدان، الذي وقعه جو بايدن منذ ساعات، كونه يعرّض الاستقرار في منطقة تايوان(أنتوني بلينكين يقول: الصين منافستنا الأولى في العالم، وينبغي على أمريكا تعزيز تحالفاتها واستثماراتها مع حلفائها، لمواجهة بكين ووقف تقدمها – تصريح صفق سياسي أي وقح)، وصراع ايراني أمريكي في عالم مضطرب، والرئيس الصيني تشي أمر الجيش الصيني الاستعداد للقتال ومن على منبر الأمم المتحدة، عندما ألقى خطابه هناك، في دورتها السنوية، وما الحروب الاقتصادية، وحروب الوكالة، والبروكسي المخابراتية، التي تشنّها أمريكا، هي صورة من صور الحرب العالمية الثالثة، بحيث اذا تمكنت ونجحت واشنطن، من شطب القوى الصاعدة العالمية – (وهذا مستحيل كون البديل حرب نووية تشطب الكوكب) ، سنصبح في نظام الطغيان العالمي، ويعجّل بنهاية الكوكب الأرضي بشكله الحالي، عبر اللحظة النووية وسلاحها، خاصةً وأنّ الروس جهزوا الثالوث النووي الخاص بهم، بطريقة ملفتة، وذكّروا الجميع به، وهذا يشي بأنّ موسكو ماضية الى حتّى النهاية، وحتّى تحقيق كامل الأهداف، ومستعدة لكل خيار غبي وأحمق، من جانب الطرف الآخر.

أمريكا تعمل من خلال تكثيف مساعداتها العسكري لكييف، من جعل الجيش الأوكراني أو ما تبقى منه، الانتقال من حالة الدفاع الى حالة الهجوم، وعلى قاعدة انهاء الصراع – مسألة في غاية السخف – وكأنّ أوكرانيا متقدمة على روسيا ومتفوقة، من خلال مساعدات عسكرية هنا وهناك، أو بضع صواريخ استراتيجية أو منظومات باتريوت، فشلت في صد صواريخ حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين المحتلة عبر المستعمرة “إسرائيل”.  

عروض واستعراضات عسكرية، ومناورات روسية صينية مشتركة مكثّفة، تظهر قدرات عسكرية هائلة، حيث الناتو والغرب يواجه جبهة واحدة موحدة، تعزّز من عسكريتها الاحترافية وتطور الأسلحة، وهي رسائل قوّة واقتدار، وقواعد مواجهة جديدة في عالم متغير، والشراكة الروسية الصينية، قاعدة أساسية في العالم الجديد، وايران تنظم اليها، ما بعد المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، فكيف يقضي الصراع  الجيو – سياسي، على بقايا عالم الأحادية القطبية، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب الفاعل والفعل الروسي، بإسناد صيني عبر غموض استراتيجي مقصود، وايران تدخل على خط ومسار الانهاء؟. مع التذكير أن الصين تؤيد السياسة الروسية الحالية بمضمونها السوفياتي السابق، والمناورات الروسية الصينية البحرية المشتركة، هي رد فعل على مواقف واشنطن العدوانية في أسيا. 

الولايات المتحدة الأمريكية، تحاول جاهدةً كبح سقوط امبراطوريتها المهيمنة على المنطقة والعالم، والقائمة على استقساء الدماء كعصابة تسيطر أحادياً لعقود خلت، وهي مدركة بعمق، أنّ أدوات الهيمنة القديمة، لم تعد مجدية ومفيدة، لحالة التطورات المتسارعة في العالم، بمخاضاتها وارهاصاتها غير مكتملة حتّى اللحظة، فهي من ناحية تدرك أن التحولات العالمية ستنهي الأحادية القطبية، ومن ناحية أخرى تعمل على انشاء الأحلاف العسكرية الخاصة بها، في أكثر من ساحة ومساح ومنطقة، علّها تكبح تراجع هيمنتها المطلقة. 

كما تعي واشنطن من جهة، أنّ ميكانيزميات سلال تراجع هيمنتها كمؤشرات، تشجع قوى دولية خصوم لها ومنافسين، على تسريع أفولها كإمبراطورية، تعمل على إعادة انتاج وخلق وتخليق نفسها من جديد، ومن جهة أخرى: فانّ الاصطفاف الى جانب واشنطن في ظل ما يجري من متغيرات أممية على كافة الصعد، يعتبر مقامرة غير محسوبة النتائج والمعطيات، في ظلال صعود متفاقم للصين، وبالدرجة الأولى بالاقتصاد، كعملاق اقتصادي، وعودة روسيّة متصاعدة ومتنامية بشكل سريع وثابت، وتنامي قوي بوتيرة مستمرة، هنا وهناك لدور ايران الإقليمي، في مواجهة غطرسة وامبريالية هيمنة اليانكي الأمريكي المتعجرف والصفق سياسياً، بل التحالف الأنجلوسكسوني. 

هيمنة أمريكية وان كانت تقليدية عادية، مع تعددية أقطاب ناشئة وأقطاب قديمة، لها جذور في التحدي، تعمل على هيكليّة حديثة لأدوار مختلفة ومتعددة، من شأنها أن تعجّل بشكل سريع وبثبات، من أفول هيمنة القطب الواحد، وان كانت المواجهة الروسية الأطلسية الحالية، عبر عروق الجغرافيا الأوكرانية المتقيحة بصديد النازية والفاشية، دليل بجانب أدلة أخرى، على تراجع الغطرسة والهيمنة الأمريكية الإمبريالية، وهذا صحيح واقع ومنطق، أنّ نفوذ كارتلات الحكم الأمريكي في العالم، لم يعد كما كان في السابق، وهو في تراجع مستمر كل يوم. 

انّ المواجهة الروسية مع الغرب وأمريكا، من خلال ما يجري في أوكرانيا، تسرّع في عمليات تحلل جثة الإمبراطورية الأمريكية، والتي أوغلت في القتل والتشريد، ونهب خيرات ومقدرات الشعوب، وفي فرض عقوبات قصوى وحادة، تمثل الوجه الأخر لفشل استراتيجيات رفض الشراكات، بجانب ابتعاد دول مركزية عن اعتماد الدولار، ساهم في اضعاف الولايات المتحدة الأمريكية. 

بجانب تحلل الإمبراطورية الامريكية، نجد أن اليانكي شطب الأوروبي عبر المواجهة الروسية الأطلسية، وجلّ القارة الأوروبية صارت بفم الأمريكي، والاتحاد الأوروبي ينهار، وما قاله المجري رئيس الوزراء صح مئة بالمئة: أوروبا بفرضها عقوبات قصوى على روسيّا كمن أطلق النار على صدره. 

فالعالم يتبدّل ويتحول الى تعددية مراكز، وليس من الان، بل ومن عقود خلت، والانتقال من نظام القطب الواحد الى المتعدد، يحتاج الى وقت، والعملية بدأت الان، وادارته ستكون مشتركة بصورة مختلفة ضمن تعددية الأقطاب، حتّى الفشل في اخضاع ايران انعكس تراجعاً في قيادة أمريكا لسياسة المنطقة، وزيارة جو بايدن الأخيرة للمنطقة، هي نوع من الاستدراك الأمريكي للفراغ في الشرق الأوسط، لكنه استدراك غير مقنع لأحد، وبالتالي صارت العولمة العسكرية الأمريكية في دائرة التساؤل والاستفهام؟!.

وموسكو يا سادة: لا تقول أنّها بديل محتمل عن أمريكا، ان في منطقة الشرق الأوسط، وان في العالم، حيث الأسباب كثيرة وكذلك المعطيات، وفي جلّها لا تسمح بذلك، انّها الواقعية الروسية بأبهى صورها، ومرتكزاتها وتجلياتها، لكن موسكو قادرة على تعطيل أي مشروع أمريكي في العالم بل وشطبه، بالتعاون مع الصين وايران، وواشنطن تدرك ذلك أيضاً. 

لكن ثمة سؤال بتجدد نطرحه دوماً على أنفسنا، لتحفيز العقل على التفكير وهو: هل تعوض هندسة الأحلاف العسكرية الأمريكية المحتملة، من تراجع امبراطورية عسكرة البحار؟. 

وأي حرب مع ايران، تعلم واشنطن جيداً، أنّ المستفيد الوحيد منها هي روسيّا والصين، ومسرحية الدمى المتحركة التي يتم عرضها على مسارح المنطقة الشرق الأوسطية، هي بإخراج أمريكي وتمثيل وتمويل بعض عربي، من مملكات القلق العربي على الخليج، ستجعل ايران الدولة الإقليمية العظمى بمحيطها، أكثر اصراراً على مواقفها. 

والجميع يذكر فعل ومفاعيل وتفاعلات زيارة فلادمير بوتين الى ايران الأخيرة، فهي ثبّتت وتثبت وتثبّت، قوّة الدور الإيراني المتنامي، وهي رد موضوعي على زيارة جو بايدن الأخيرة أيضاً للمنطقة ونتائجها، التي هي أقرب الى الفشل، منها الى النجاح، حيث السياسة الروسية لها ميزة مهمة ومرتكز في عقيدة قومية، انّها لا تتخلى عن أصدقائها وحلفائها، ان على مستوى الدول، وان على مستوى الجماعات، وان على مستوى الأفراد والهيئات، وروسيّا لا تهدد أي طرف في الشرق الأوسط، وتسعى الى إشاعة الهدوء والاستقرار، بعكس الولايات المتحدة الأمريكية الساعية الى نشر الفوضى واستراتيجيات الغموض الفوضوي لغايات كبح جماح تراجعات نفوذها المتسارع ولكن بثبات. 

العنصرية الغربية الحالية وتتناسل ضد كل ما هو روسي، تجاوزت المعتاد بشكل هيستيري جنوني وهي عنصرية مركبة، حيث أظهرت مجدداً أزمة أوكرانيا المفتعلة أطلسياً، الكراهية والتمييز لدى الغرب، والأخير هو امبراطورية الكذب والخداع والنفاق، وكما وصفه الرئيس فلادمير بوتين وصفاً دقيقاً، حيث المعيارية الغربية تصنف المدنيين درجات في سلّم البشرية.  

وان كانت أوكرانيا ساحة المواجهة بين الفدرالية الروسية من جهة، والغرب وأمريكا والناتو من جهة أخرى، فانّ كل شبه الجزيرة العربية ومملكات قلقها، ستكون ساحة المواجهة بين الصين وأمريكا، في اللحظة الحرجة التي تقرر واشنطن حصار الصين غريمتها، والأوروبيون ومعهم أمريكا، يحاولون اجبار دول الخليج على تحويل صادراتهم من أسيا الى أوروبا، حيث من شأن هذا أن يغضب الصين ويعجّل بالمواجهة الأمريكية الصينية. 

والكارتل الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ يتخلى عن سياسة الغموض الاستراتيجي نحو الصين، فبعد أن تخلت روسيّا عن مفهوم منظومة الحذر الاستراتيجي مع واشنطن دي سي، ها هي الصين تتبعها وبعمق وتتخلى عن هذا الحذر الاستراتيجي، لا بل وتحرر نفسها الى حد ما، من نهج سياسة الصبر الاستراتيجي والمقرونة بالمرونة الاستراتيجية مع أمريكا، وتبدأ بكين تحركاتها من فضائها الخارجي كمجال حيوي، والبداية من جزر سليمان التي زارها وزير الخارجية الصيني سابقاً، كما تتواجد فيها الشركات الصينية وجلّ التقنيات الصينية، وفي رسالة رد وتحدي، على الاستفزازات الأمريكية، كون هذه الجزر تشكل بؤرة صراع صيني أمريكي متفاقم ومتصاعد. 

وثمة استفزاز آخر قاده جو بايدن من بوّابة اليابان، حيث أطلق معركة جس نبض مع الصين، فجاءت المناورة الروسية الصينية المشتركة لقاذفات استراتيجية عملاقة وفوق بحر اليابان وفي مضيق تايوان، وامتد ذلك الى هندسة السلاح الأخضر الروسي، من خلال معادلة القمح مقابل رفع العقوبات، تجنباً لأزمة غذاء عالمية، سببها إصرار أمريكي على استمرار المواجهة الأطلسية مع الروس عبر أوكرانيا، فمن يجوّع العالم هم الأمريكان وليس الروس.

اليانكي الأمريكي وعبر إدارة الرئيس جو بايدن، والتي تعيش حالة مرضية متقدمة من هواجس النفوذ، يتحرك وبكل صفاقة سياسية ومخابراتية، في المجال الحيوي الصيني، والرئيس فلادمير بوتين يضعه، ورفاق إدارته ومدير استخباراته على القائمة السوداء. 

ويظهر بشكل جلي، أنّ التوتر شرقاً، يتزامن مع التشابك الأطلسي الروسي غرباً في أوروبا، حيث الناتو يعزّز توجهه، الى عسكرة أوروبا الشرقية في مواجهة روسيا. 

وان كانت الحرب الروسية الأطلسية تهدد أوروبا والعالم طاقويا الأن، فانّ أي مواجهة أمريكية صينية ستنهي العالم بشكله الحالي، حيث موسكو تحقق انتصارات ميدانية حقيقية في الداخل الأوكراني ومسألة خاركيف فاصلة في مسار طويل من مشهد معقد، وبتحرير جيب أزوفستال، فانّ موسكو تؤمن الطريق البري مع القرم، وتغلق بحر أزوف في وجه أوكرانيا – حيث عاد بحر أزوف بحراً روسيّاً خالصاً. 

ولأنّ اللعبة الأمريكية الغربية، شبه انتهت في أوكرانيا، بعد كشف المخابرات الروسية مراكز البحوث البيولوجية في أوكرانيا والتي يديرها هنتر بايدن وتم تدميرها، ها هو والد الأول جو بايدن، يبحث عن ساحات ومساحات جديدة لمراكز حروبه البيولوجية في أسيا ويسخن شرق أسيا، وتوظيف اليابان في مواجهة روسيا، وابتزاز كوريا الجنوبية وطوكيو ماليا، عبر البعبع الكوري الشمالي والحروب البيولوجية: 

وتمارس أمريكا لخنق الفدرالية الروسية والصين ومعهما ايران، استراتيجيات الأنوكوندا الغربية، حيث أبعادها وأهدافها أثارت، الكثير من التكهنات حول طبيعتها وأبعادها وأهدافها، وإلى جانب الأطراف المستهدفة منها، خاصة في ظل ما تمثله الصين من تهديد إقتصادي على المصالح الأمريكية في المنطقة، وما تمثله كوريا الشمالية من تهديد عسكري ونووي على نفس هذه المصالح، بجانب كارتلات الحكم وهياكل مفاصل وتمفصلات الفدرالية الروسية الصاعدة وبقوّة، والتي تعيد صياغة خارطة العالم من جديد عبر رسم وترسيم يالطا2 جديدة، القاعدة الأساس لنظام متعدد الأقطاب، بعد أن أنهت يالطا1 الحرب العالمية الثانية، حيث منظمة شنغهاي التي أسّست المسرح، لعالم متعدد الأقطاب، بفعل ومفاعيل المواجهة الروسية الأطلسية، وشنغهاي التكتل، هي المعادل العسكري والأمني للناتو، ودول البريكس المعادل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي. 

لاستراتيجية الأنوكوندا الغربية، لخنق خصوم أمريكا والغرب اتجاهات ومنها: الاتجاه الاقتصادي، والذي تتحكم به شركات عالمية من خلال الشراكة الجديدة عبر المحيط الهادي والهندي، والاتجاه الثاني هو المجال السياسي، والذي ظهر عبر الإعلانات السياسية والدعائية المتعلقة بالتنافس مع الصين، وكذلك موجة الإرهاب والارعاب والتخويف، مما يعرف بخطر كوريا الشمالية، والذي يُستثمر فيه بشكل كبير لدفع كوريا الجنوبية واليابان، في اتجاه هذه الشراكة، والشعور بوجود عدو دائم يتربص بهما – لغايات الابتزاز الأمريكي لليابان وكوريا الجنوبية، عبر تصنيع فوبيا(بعبع)كوريا الشمالية وبرنامجها الصاروخي والنووي، المدعوم روسيّاً وصينياً، من هنا جاء الفيتو الروسي الصيني المزدوج ضد مشروع القرار الأمريكي في مجلس الأمن الدولي مؤخراً، لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية، مما قاد أمريكا الى فرض عقوبات جديدة على مصرفين روسيين، تتهمهما زوراً وبهتاناً، بدعم البرنامج الكوري الشمالي الباليستي الصاروخي والبرنامج النووي الخاص بها. 

وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على كوريا الشمالية وروسيا، وقد تفرض على الصين أيضاً لاحقاً، في أعقاب تجارب صاروخية كورية شمالية، شملت مصرفين روسيين متهمين بدعم برنامج أسلحة الدمار الشامل في كوريا الشمالية، وحسب زعم واشنطن، وجاءت هذه العقوبات بعدما استخدمت روسيا والصين الفيتو ضد مشروع قرار لتشديد العقوبات في مجلس الأمن الدولي. 

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، إنها بصدد تجميد أي أصول أميركية وتجريم تعاملات مع بنك الشرق الأقصى، وبنك سبوتنيك ومؤسسات روسية تتهم بالعمل مع كوريا الشمالية والشركة التجارية المرتبطة بالخطوط الجوية الكورية الشمالية(كوريو)الخاضعة أساسا لعقوبات سابقة. 

وذكرت وزارة الخزانة في احاطة ببيان لها، بأن كوريا الشمالية أطلقت ثلاثة صواريخ بالستية أحدها عابر للقارات في 24 ايار/مايو بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى آسيا الأخيرة، ما يرفع الى 23 عدد التجارب البالستية منذ مطلع السنة الحالية 2022 م(ما ينتهك قرارات مجلس الأمن الدولي). 

وأفاد مساعد وزير الخزانة بريان نلسون، إن الولايات المتحدة ستواصل تطبيق العقوبات وفرض احترامها، مع حض كوريا الشمالية على العودة الى الدبلوماسية والتخلي عن تطوير أسلحة دمار شامل وصواريخ بالستية، ونحن نقول له بدورنا: بالمشمش يا حلو. 

والسؤال الجوهري هنا هو: ماذا يعني(الفيتو)الروسي الصيني المُزدوج الذي أستخدم لإحباط مشروع قرار أمريكي بفرض المزيد من العُقوبات على كوريا الشماليّة كما أسلفنا آنفاً؟ وكيف تعمّد الرئيس كيم إجراء تجارب صاروخيّة باليستيّة عابرة للقارّات أثناء جولة جو بايدن الآسيويّة الأخيرة ولماذا؟. 

وأثناء زيارة الرئيس جو بايدن لأسيا، أجرت الصين مناورات عسكرية في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، تزامنا مع زيارة بايدن، هذا وقد منعت الصين الطائرات والسفن الأخرى من دخول المنطقة، وأثناء ولحظة مغادرة جو بايدن المنطقة، أجرت كوريا الشمالية تجارب صاروخية باليستية في لغة تحدي واضحة لواشنطن، وتستعد لتجربة نووية قادمة، لا بل قامت كل من الصين والفدرالية الروسية، بإجراء مناورة مشتركة، لقاذفات استراتيجية فوق بحر اليابان وفوق بحر الصين الجنوبي، أثناء وجود جو بايدن في اليابان. 

انّ إصرار بكين وموسكو، على استخدام حقّ النقض(الفيتو)ضدّ مشروع قرار أمريكي، لتشديد العُقوبات على كوريا الشماليّة بعد اختبارها صواريخ باليستيّة عابرة للقارات، يؤكّد مدى قوّة التحالف الروسي الصيني، ودعم البلدين لكوريا الشماليّة وزعيمها كيم جونغ أون باعتبارها الضّلع الثالث لمُثلّث هذا التحالف. 

الفيتو المزدوج بدلاً من الأحادي، هو رسالة قويّة إلى واشنطن والدول الغربيّة وللناتو، بأنهما يقفان في خندق واحد، ويدعمان التجارب الصاروخيّة والنوويّة لكوريا الشماليّة، ويُوفّران الحماية لها في المحافل الدوليّة. 

فالصواريخ الباليستيّة الكوريّة الشماليّة بعيدة المدى، باتت قادرةً على قصف مُدن السّاحل الشرقي للولايات المتحدة، وهي في طريقها في أن تمتلك بيونغ يانغ تكنولوجيا تصنيع النّوع الأسرع من الصّوت من هذه الصّواريخ وتزويدها برؤوسٍ نوويّة، خاصَّةً أنّ روسيا والصين تمتلك هذه التكنولوجيا ودخلت الخدمة الروسية قي العملية الخاصة المشروعة في أوكرانيا، ولن تبخلان عليها بامتلاكها الأن. 

أمريكا قد تنكفأ دولياً، فهي ليست نمر من ورق بل نمر كهل جدّاً، بدأت تخسر بشَكلٍ مُتسارع عظمتها وزعامتها للعالم، بينما يتصاعد نجم التحالف الروسي الصيني الإيراني الجديد على الصّعد كافّة، العسكريّة والاقتصاديّة والسياسيّة. 

هنري كيسنجر الثعلب، يحذر أمريكا والغرب من مُحاولاتهما المُستمرّة لإلحاق الهزيمة بالقوات الروسيّة في أوكرانيا، كون ذلك من شأنه أن يقود الى عواقب وخيمة على استقرار أوروبا على المدى البعيد، لا بل يغير هياكل أمن القارة الأوروبية، ونصح أوكرانيا في أن تتخلّى عن بعض الأراضي لروسيا – يقصد الشرق الأوكراني – إقليم الدونباس، وهو تاريخياً جزء من روسيا، خاصة وأن الروس لا يريدون الغرب الأوكراني، لكن على أن يكون هذا الغرب الأوكراني الجغرافي دولة محايدة، لا أن ينضم للناتو بعد إجراءات الاستفتاءات الحالية القاتلة، لاستراتيجيات الناتو وأمريكا نحو الفدرالية الروسية. 

هذا وقد عزّزت تصريحات الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكيّة المُشتركة، ما صرّح به ثعلب السياسة الدولية، حيث قال مارك ميلي: إن المُواجهة بين الولايات المتحدة من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى، قد تستمرّ لعُقود، وأنّ انتصار روسيا، يعني نهاية جميع الإنجازات التي تحقّقت مُنذ الحرب العالميّة الثانية. 

ثم تبعهما: الوزير مليمان بون وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبيّة، بقوله: انّ انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، سيستغرق على الأرجح من 15 إلى 20 عامًا، وأما انضمامها إلى حلف الناتو فقد يستغرق وقتًا أطول إن لم يكن شبه مُستحيل، لكن هذا الاتجاه قد يتغير، بعد إجراءات الاستفتاءات الشعبية، في جلّ الشرق الأوكراني كرد من أوروبا عليها. 

كيسنجر الذي كان يقف خلف الإنجاز الدبلوماسي الأمريكي الأضخم في زمن الرئيس نيكسون وتمثّل في احتواء الصين، وإبعادها عن الاتحاد السوفييتي، حذّر الرئيس جو بايدن من أيّ تقارب روسي صيني ايراني، لما يُمكن أن يشكّله ذلك من أخطار على الولايات المتحدة وهيمنتها على زعامة العالم، ولكنّ الرئيس جو بايدن لم يأخذ بهذه النّصيحة، وقام واستفز الروس في أوكرانيا ودفعهم الى دخولها عسكرياً تحت عنوان احتلال الضرورة للدفاع عن الأمن القومي الروسي وعن وجود روسيا، وبجانب حصاره للصين أيضاً بشكل متزامن، يعمل على توثيق العلاقة بين القوّتين العظميين وتقاربهما، وانخراطهما في تحالف خماسي أو سداسي يضمّهما إلى جانب دول عظمى إقليميّة صاعدة، مثل الهند وباكستان وإيران والبرازيل وفنزويلا. 

انّ إطالة الحرب الأوكرانيّة بفعل اليانكي الأمريكي، سيؤدّي إلى زعزعة استقرار أوروبا وإنهاكها اقتصاديًّا وتغيير هياكل أمنها، وبالتالي إعادة رسمها وترسيمها، وبكلمة أخرى: تقسيمها، فعلى أوكرانيا بغربها أن تكون محايدة وشرقها(إقليم الدونباس)لروسيا، وأن تكون بغربها المحايد، جسرًا بين أوروبا وروسيا. 

استراتيجية الأمن القومي الامريكية المؤقتة الجديدة بنكهات قديمة، والتي اعلنتها ادارة جوزيف بايدن بمؤشراتها ومرتكزاتها، دليل واضح على أنّ الدولة العميقة هي من تحكم في أمريكا عبر ديمقراطي أم جمهوري وتوزع الأدوار، فالأدوات تتغير والأهداف والاستراتيجيات هي هي هي، وركائزها: النفط، والكرد كتروتسك صهيوني عميل معولم الجميع يستثمره، وأمن الكيان الصهيوني، ومواجهة الصين وروسيّا وايران وكوريا الشمالية كقوى صاعدة، مستخدمةً الأزمات التي تخلقها كأسلوب ادارة للصراعات.  

وعميق الدولة في أمريكا وعبر الديمقراطي من خلال الجديد في الاستراتيجيات للأمن القومي الامريكي، تريد الوصول الى العميق من الأهداف عبر الدبلوماسية والعمليات المخابراتية القذرة وتحريك الشارع والساحات، ولا انسحابات أمريكية من المنطقة بقدر ما هو اعادة تموضع وانتشار عسكري مع تعزيز الدبلوماسية، والوثيقة الجديدة عدائية واستفزازية بعمق ازاء روسيا والصين وتؤكد على دور أمريكا في تشكيل، لا بل خلق وتخليق النظام العالمي الجديد، مع التركيز العسكري في منطقة المحيط الهادي والهندي(ظهر مؤخراً أوكوس – أزمة الغوّاصات الفرنسية وقبل المواجهة الروسية الأطلسية على الأرض الأوكرانية)وأوروبا والشرق الاوسط، وان كانت الدولة العميقة على لسان جو بايدن لم تتحدث عن نشر الديمقراطية بالقوّة العسكرية، وهي تريد ادارة الازمات والصراعات عبر اختلاق الأزمات وكما أسلفنا، بعبارة أخرى توظيف الأزمات كأسلوب ادارة للصراعات.

*عنوان قناتي على اليوتيوب – طالباً الاشتراك بها حيث البث المباشر اسبوعيّا عبرها لشرح اشتباكاتي السياسية، وآخر التطورات المحلية والإقليمية والدولية – ضع على محرك البحث على اليوتيوب التالي: طلقات تنويرية.

* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

سما الروسان في 25 – 12– 2022 م.

هاتف المنزل: 5674111    خلوي : 0795615721

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.