عشائر دير الزور… ومأزق أمريكا وحلفاؤها / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الثلاثاء 27/12/2022 م …
ما يجري في دير الزور اليوم لا يمكن عزله عن الأحداث التي تعيشها سورية، فالحرب واحدة وممتدّة، فبعد كل هذه السنوات التي راهن فيها الكثير على سقوط المقاومة، ثبت أن هذه المقاومة خرجت أقوى مما كانت عليه، وبإمتحان ريف دير الزور الغربي الآن نجحت في البرهنة -كالعادة- أن دير الزور هي قلب وقبلة المقاومة ضد “قسد” والاحتلال الأمريكي، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة،: المقاومة الشعبية ضد قسد والاحتلال الأمريكي في دير الزور… كيف ستنتهي؟
يواصل أهالي دير الزور احتجاجاتهم ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والقوات الأمريكية مطالبين بطردهم من منطقة الجزيرة، ومحاسبة قادة ما يسمى بـ “مجلس دير الزور العسكري” التابع لقسد، وذلك على خلفية ارتكابهم الجرائم ونهب الثروات الوطنية وتقديمها للقوات الأمريكية.
إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا يرى إن ارتفاع الاحتجاجات الشعبية ضد ” قسد ” والوجود الأميركي غير الشرعي في دير الزور، كانت تعبيراً عن فعل شعبي يؤكد على تاريخ من مشاعر الانتماء، كان أهالي دير الزور جميعا بمختلف فئاتهم وطبقاتهم يهتفون “يحيا الوطن”، هذا بلا شك يجسد انتماءً مشتركاً إلى مجتمع واحد ” المجتمع السوري” بذلك سقط الرهان، أسقطه السوريون بعدما إنكشفت كل خيوط اللعبة ورأى العالم ما يجري في دول المنطقة من إرهاب ومجازر دموية بشعة.
مما لا شك فيه، يجري التعويل على العشائر، بعد استعادة دورها المغيب في المنطقة، من أجل الدفاع عن الجزيرة بوجه محاولة تحويلها إلى ثكنات عسكرية تحت مسميات مختلفة وبدعم أميركي، لذلك هناك عدة مهمات أساسية لوجهاء عشائر دير الزور لا بد من القيام والنهوض بها منها: بلورة خطاب جامع بين أبناء المنطقة، يقوم على رفض مشاريع الادارة الأمريكية، والعمل بشتى الطرق على اعتبار الجزيرة جزءاً لا يتجزأ من سورية، والمهمة الثانية هي مواجهة نهب الثروات السورية، والمهمة الثالثة هي الوقوف أمام مشاريع ضرب هوية المنطقة من خلال رفض مشاريع تعليمية تحاول الإدارة الكردية فرضها بالقوة. ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون اتحاد العشائر على أسس واضحة، وبناء كيان سياسي يمثل منطقة الجزيرة بكافة محافظاتها: الرقة، دير الزور، والحسكة من أجل تحقيق الأمن والآمان للمواطن.
وعلى نفس المنوال، إن استمرار الاحتلال الأمريكي والإبقاء على حالة النهب والسرقة للنفط السوري، هو الماكنة التي ستسرع في تشكل وتكوين المقاومة الشعبية السورية الوطنية، ليجد الأمريكي نفسه أمام حرب عصابات يعجز أمامها عن تحقيق أهدافه الاحتلالية، وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب السوري ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان الذين يرابطون للدفاع عن بلدهم بصدورهم العارية.
ومن هنا كانت الرسالة التي نقلها الرئيس الأسد لكل من يهمه الأمر، واضحة لا لبس فيها، قال : ” نحن نحب هذا البلد، ومهما كانت المتاعب والصعوبات، التي نعانيها فيه، فلن نسمح بتخريبه، أو تدميره أبداً، فسورية يعشقها السوريون، ولن يفرطوا أبداً في استقرارها وأمنها، وكما نجح أبناؤها في حرب تشرين التحريرية سينجحون في طرد الإرهاب وأدواته من سورية”.
على خط مواز، إن المؤامرة التي تتعرض لها سورية لم يعد خبراً يحتاج إلى نشر، والكلام عن مؤامرة دولية تستهدف المنطقة أصبح واضحاً، نعيشه ونعايشه على مدار الساعة، وأن من حقنا أن ندافع عن وطننا الغالي على قلوبنا “سورية” في معركة البقاء بالشكل والأسلوب الذي يناسبنا، لذلك لا أستبعد إنتفاضة شعبية قادمة ضد قسد والوجود الأمريكي نتيجة الإحتقان الشعبي، والغباء والتخبط الامريكي في التعامل مع شعوب المنطقة بتحريض دول إقليمية وتخطيط صهيوني.
مجملاً… إن ساعة الرحيل الأمريكي من سورية ليست بعيدة، وقد تغيّرت سورية كثيراً عما عرفتها أمريكا عندما استقدمت داعش وأخواتها، وأن سورية دائماً من انتصار إلى انتصار رغم أنف البيت الأبيض وأعوانه، وأن سورية لن تعود إلى الوراء مهما حاول الواهمون لأن أبناءها قادرون على تخطي هذا المرحلة بكل قوة وعزيمة.
التعليقات مغلقة.