الخطة الوطنية لمكافحة التطرف …العبرة في التنفيذ

 

الخميس 4/8/2016 م …

الأردن العربي – الجماهير أقرت الحكومة خطة وطنية شاملة لمكافحة التطرف، وحددّت مهمات أساسية أمام مؤسسات الدولة الأردنية، من وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف والمقدسات، ووزارة الاعلام. وغيرها من المؤسسات الاخرى. وسوف نتعرض في هذا المقال الى مناقشة دور وزارة التربية والتعليم على اعتبار انها ركيزة أساسية في رفع الخطة الوطنية لمكافحة التطرف والارهاب، خاصة وان أكثر من 1.9 مليون طالب يجلسون على مقاعد الدراسة الى جانب اكثر من 60 ألف معلم يقومون بعملية التعلم والتعليم.

ويأتي في مقدمة مهمات هذه الوزارة إعادة النظر في المناهج المدرسية كافة، وعلى الاخص منها مناهج ذات صلة بالأمر، وخاصة مناهج التربية الاسلامية واللغة العربية والتاريخ والتربية الوطنية والثقافة العامة.

صحيح ان وزارة التربية قد أقدمت على تبديل في بعض هذه المناهج بهدف التخلص من عناصر التطرف فيها، الا أن واضعي هذه الخطة وحاملي راية التغيير أخذوا الشيء القليل ومعها أخذوا امور اخرى نحن بحاجة إليها، وبحجة التطرف تم شطب العديد من المواقع التربوية الوطنية التي تحث على التضحية والفداء ومواجهة المعتدين سيما وأننا ما زلنا نعيش مرحلة فيها احتلال يرفض التخلي عن روحية العداء والعدوان والاستيلاء على الارض.

فليس معنى نزع فتيل التطرف في مناهج اللغة العربية والدينية ان تخلو هذه المناهج من قصائد وأشعار وطنية هادفة. وهذا لا يتطلب شطب مواد أساسية من أصول فلسفية تدفع الطالب الى التفكير العلمي السليم. وليس من الضروري ، وتحت غطاء الوسطية والاعتدال شطب كل اوجه ومعايير التربية الوطنية وغرس روح التضحية والانتماء وشطب معايير قيم الانسانية.

وان مهمة وزارة التربية والتعليم أيضاً أن تحد أيضاً من ظاهرة التسرب المدرسي التي تصاعدت نسبتها باكثر من 1.7% في العام الدراسي الحالي، مما يلقي بآلاف الطلبة في سوق العمالة الطفولية، وفي شوارع الضياع المجتمعي مما يخلق بؤراً حاضنة للارهاب والتطرف.

وعلى وزارة التربية وكافة مؤسساتها ان تعد خطة وطنية من اجل معرفة الاسباب الاقتصادية والاجتماعية الكامنة وراء ظاهرة التسرب المدرسي ووضع الحلول الجذرية لها.

وأياً كانت معايير خطة وزارة التربية والتعليم فإن المراقبة والمتابعة هما معياران أساسيان في معالجة التطرف، سيما وان هناك العديد من المؤسسات التربوية التي تمارس الاستقلالية في محاور أساسية، سواء كان ذلك في المناهج المدرسية او الانشطة المرافقة اللامنهجية التي لا تتلاءم وفلسفة التربية الحديثة، بل إن في بعضها خروجاً عن مسار التربية والتعليم واقتراباً من نهج تكفيري متطرف.. وكل ذلك يتم باسم الدين وتحت شعارات دينية.

إن مهام وزارة التربية والتعليم لمحاربة التطرف، وحماية مؤسساتنا التربوية من مظاهر الارهاب، تتطلب وضع خطة موزونة في إعداد جيل من المعلمين يكون قادراً على مواجهة هذه الآفات، وخاصة ان غالبيتهم تخرجوا من مؤسسات تعليمية جامعية، أصبح العديد منها بفعل سياسة التعليم الجامعي الخاطئة وبفعل مناهج تعليمية غير قادرة عى تأهيل خريجين جامعيين لحمل هذه الرسالة والقيام بهذه المهمة الوطنية في محاربة الارهاب والتطرف، بل على العكس فان بعضاً منهم، وعددهم ليس بقليل، يتخرجون وهم يحملون بؤراً حاضنة للتطرف.

ان الخطة الوطنية في مؤسسات التربية والتعليم لمحاربة التطرف تتطلب :أولاً، وقبل كل شيء توفر إرادة سياسية حقيقية لذلك، وهذا يعني قراراً سياسياً وآليات تنفيذية للتخلص من ذيول مناهج الحقبة مناهج العرفية في تعيين القادة التربويين والمسؤولية في صياغة المناهج المدرسية لكي تتخلص كلياً من مناهج داعشية المضمون والمحتوى. وحتى نخرج من دائرة التعيين العشوائي لكبار القادة التربويين الذين يحنون للماضي العرفي ويسعون لتطبيقه في هذه المؤسسات الهامة في تربية الاجيال وتنشئتهم.

إن أي خطة وطنية لمكافحة الارهاب تتطلب الوقوف ملياً وباهتمام أمام فكر الثقافة الدينية التي تسود في مدراسنا ومؤسساتنا التعليمية والتي ترسخ وعيا خاطئا، ألا هو أنهم وحدهم يمتلكون الحقيقة كلها.، ويرفضون الآخر بل يكنون العداء له، على اعتبار ان ذلك خروج عن الدين وثقافته، وخاصة ثقافة الديمقراطية والتعددية والمجتمع المدني وحقوق الانسان في حياة آمنة تسودها العدالة الاجتماعية. وللوصول الى هذه الخطة الشاملة فان تحقيقها يتطلب جهداً وطنياً شاملاً من كافة مؤسسات المجتمع المدني والتربوي والمختصين في حقل التربية والتعليم، وحشد كل هذه الطاقات من خلال مؤتمر وطني تربوي، يضع خطة شاملة، وبالتنسيق مع الجهات المدنية والمجتمعية والرسمية والشعبية، سيما وان خطة كهذه تتطلب برنامجاً زمنياً طويل الامد لإخراج مؤسساتنا التربوية من وحل ما تركته السنين الماضية وعبث العدميين الذين لا يرون في رسم سياساتهم الا انفسهم ونهجهم الاقصائي الذي اوصل العملية التعليمية الى هذه الحالة التي باتت بحاجة ماسة الى عملية إنقاذ حقيقي وليس عملية إحداث نقلة في التطوير والتغيير؟!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.