أمام كريم يونس والأربعون عام يسقط الظلم … وتنهار الحكايات … ويترجل القهر / غادة عايش خضر
غادة عايش خضر ( فلسطين ) – السبت 14/1/2023 م …
في عالمنا الذى نحيا به وفي كل بقاع المعمورة أسرى كُثر ، وان اختلفت عقائدهم واجناسهم والوانهم ، فمنهم من هو أسيرٌ للماضي ، وأخر أسير للحب ، وأخر أسير للحزن ، وغيره أسيراً للمرض ، أسيراً لفكرة معينة ، وهناك أسيراً لحلم ضائع ،وهنا أسير للعمر التائه ، واسيراً للذكريات ، أما في الأرض المحتلة فلسطين يقبع في السجون الاسرائيلية ما يقارب ٤٥٠٠ أَسيراً للحرية وتحرير المواطن والوطن .
داخل أَقبية المعتقلات الصهيونية أَسرى أفنوا زهرة شبابهم ، عقودٌ تمر وهم يتجرعون كؤوس المر ، وتحرر أخيراً عميد الأسرى الفلسطينين وأقدم أسير في العالم كريم يونس بعد قضاء ٤٠ عاماً في الأسر .
لم تكن هذه المرة الأولى التى اكتب فيها عن البطل كريم يونس ، ولكن الكم الهائل من الحيرة التى انتابتنى والصورة التى رسمها الخيال بنفسه ، ٤٠ عاماً في الأسر ، كيف مضت ؟ ؟؟؟ ما هو احساسه في كل ليلة ، وصف شوق في طياته حرمان ، كتاب في صفحاته عذاب وأحزان ، في مقدمته عزيمة وإصرار وفى خاتمته إرادة وصبر المغوار ، كتاب تترنح كلماته ما بين الشتاء والخريف ، وتتبختر أجزاءه ما بين الصيف و الربيع ، لم ترحمه أوقات الكتابة ولم تشفع له سنون الألم ،٤٠ عاماً تترجل من العمر دون استئذان ، دون موافقة خطية أو صورية ، وتبحر الأيام دون الوصول الى مَرسى أو شاطئ النسيان .
أيها العملاق الثائر كريم يونس بما كنت تفكر طيلة ٤٠ عاماً ؟ وما هى حدود الفكر لديك طوال الأربع عقود ؟
أيها الجبل الصامد فقد ركع الصمود أمامك ، وانحنت الحرية تجاهك وأناخ المجد تحت اقدامك .
أيها الحر الأبى من أين لك هذه القوة ؟ ومن أين جلبت عنفوانك؟؟
لم تكن اسيراً للماضى ولم تبقى اسيراً للحب ، ولم تقع اسيراً للحزن بل انت الأسر لهم جميعاً ، يا من أَسَرت الماضى بنضالك ، والحب من أجيال الشعب الفلسطينى فى أنحاء الأرض المحتلة ومكانك ، وأسرت الحزن بإبتسامة الحرية وقهرت سجانك ، حقاً أنت الأسر والمأسور لفظاً ومجازاً .
لا داعى لكتابة تفاصيل الحكاية فقد باتت معروفة ، ولا داعى لعنونة الرواية وأضحت مشهورة في كل بقاع المعمورة ، فمن منكم لا يعرف كريم يونس …..
وعلم التحدي غدا أملٌ للأجيال ، فهو وحدوي من الطراز الأول ، كان ومازال عنوان للثورة وغضب الثوار ، وهو الدرس الاول في تاريخ الأبطال .
أمام كريم يونس نخجل أن نفضفض عن ذاتنا و احزاننا ، لا يصح أن نروى حكايات آلامتنا طوال السنين الماضية ، فقدنا الأمل ،خذلنا الأعزاء ، أصابنا الوهن والمرض ، حرمنا الله من المال والبنون ، ،فقدنا احبتنا وأضحوا تحت التراب ، عانينا من ظلم ذوي القربى والأغراب ، أجهز علينا الإنقسام الفلسطيني وقتل احلامنا ، حاصرنا المحتل ورفاقه ، ضاعت أعمارنا بين تعنت فتح وتعصب حماس….. كريم وحده عانى من كل ماسبق طيلة ٤٠ عام ….
أمام كريم يونس والأربعون عام يسقط الظلم…… وتنهار الحكايات…..ويترجل القهر
التعليقات مغلقة.