الطاهر المعزّ يكتب : متابعات ( سياسية اقتصادية ) – نشرة أسبوعية – العدد الخامس  – 04 شباط/فبراير 2023

كلية سياسة واقتصاد ( الوزراء و السفراء ) - كل حاجة عن الكلية بالتفاصيل 🔴🗽🔥👔 - YouTube



الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 4/2/2023 م …

يتضمن هذه العدد الخامس بعض البيانات عن بؤس الشعوب العربية، في مقابل الثراء الفاحش للأقلية من ذوي النّفوذ، وخبر عن اكتشافات الطاقة في سواحل مصر من قِبَل الشركة الإيطالية “إيني”، يلي ذلك خبر وتعليق بخصوص ندوة نظّمها المصرف الإفريقي للتنمية (فرع من مجموعة البنك العالمي) هدفها دعم القطاع الخاص للإستثمار في قطاع الفلاحة، بزعم تحقيق الأمن الغذائي، وكأن القطاع الخاص “فاعل خير” يهتم بغير الربح… في هذا العدد ملخص لبعض تجارب التبادل التجاري بغير الدّولار، أو بعملات محلّية، وملخص عمّا يمكن أن يكون بداية إعادة هيكلة قطاع التكنولوجيا المتطورة، ويتمثل في تسريح عشرات الآلاف من العاملين واندثار الشركات الصغيرة، وفقرة عن بعض جوانب أزمة الإقتصاد الأمريكي وفقرة عن “الحياد” السويسري المزعوم والتعاون العسكري السويسري الصهيوني وفقرة عن بعض تأثيرات حرب أوكرانيا في الإقتصاد الألماني وفقرتان عن أوكرانيا، واحدة تتعلق بتربّص الشركات الأمريكية لاقتناص فُرص الإستثمار في إعادة الإعمار، وأخرى عن نضال بعض فئات العمال الأوكرانيين في ظل الحرب، مع بعض الفقرات الأخرى عن بزنس الرياضة أن عن تقارير صندوق النقد الدّولي بشأن التضخّم…     

مظاهر سلبية “عربية”

تُشير بيانات صندوق النّقد العربي إلى ارتفاع نصيب الفرد من الناتج الإجمالي بالدول العربية بمعدل 13% ليبلغ 6375 دولاراً في المتوسط، سنة 2022، لكن هذه النسبة المتوسطة مُضَلِّلَة، فهي تجمع بين الأثرياء جدًّا والفُقراء جدًّا، كما تجمع بين مشيخات الخليج الغنية، وذات العدد القليل جدًّا من السكان الذين يقع احتسابهم، والدول العربية الفقيرة أو التي خرّبتها الحُروب العدوانية (سوريا واليمن وفلسطين…) ومع ذلك، ورغم هذا الإرتفاع في مُعدّل حصة الفرد، يمتلك الوطن العربي ( الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفق قاموس صندوق النّقد الدّولي وشركائه) أرقامًا قياسية – كوِحْدَة إقليمية – في مجالات الفقر والبطالة والأُمِّيّة، وفق التعريف الذي أقرّته الأمم المتحدة ضمن “أهداف التنمية المُستدامة” (2015 – 2030)، ويُشير تقرير لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) إلى ارتفاع نسبة الفقر سنة 2021 إلى 32% من المواطنين العرب أو ما يقارب 116 مليون شخصًا، وارتفاع مستوى البطالة إلى نسبة لا تقل عن 20% ( مقابل نحو 6% عالميا) أو حوالي خمسين مليون مُعطّل عن العمل، سنة 2021، وأعلى معدل عالمي لبطالة الشباب، بنسبة 27 % سنة 2021، وتفاقم قضايا عدم المساواة بين الأثرياء والفُقراء، وبين مختلف المناطق والأقاليم، وبين الجنْسَيْن، كما يُشير تقرير “إسكوا” إلى ارتفاع نسبة الأمية في الوطن العربي إلى ما لا يقل عن 21% سنة 2020

يُشير آخر تقرير للأمم المتحدة عن الأمن الغذائي والتغذية، إلى مُعاناة نحو سبعين مليون مواطن عربي من الجوع، سنة 2020، فيما يُعاني 20,5% من أطفالنا من التّقَزُّم ويُعاني 7,8% من الهزال، نتيجة نقص الغذاء.

مصر

 أعلنت مجموعة الطاقة الإيطالية “إيني” وشركة الطاقة الأمريكية “شيفرون” يوم الأحد 15 كانون الثاني/يناير 2023 عن كشف جديد للغاز في حقل بحري مصري بشرق البحر المتوسط، تمتلك الشركتان 90% منه، فيما تمتلك الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية حصة 10%

تُعد شركة “إيني” التي تعمل (من خلال فُرُوعها) في مصر منذ 1954، شريكًا أساسيا لقطاع الطاقة المصري، حيث تُشرف على تطوير القطاع وعلى محطات الطاقة المتجددة والمواد الخام الزراعية للتكرير الحيوي وغيرها، ويُقدّر إنتاجها الحالي من الغاز المصري بحوالي 340 ألف برميل يوميا “مُكافئ نفط” (أي ما يُقابل هذا الحجم من النفط) اكتشفت شركة “إيني” التي تملك الحكومة الإيطالية حصة مسيطرة فيها، كميات هامة من الغاز في حقل ظهر العملاق في شرق البحر المتوسط، سنة 2015، وتسعى حاليا – في مناخ الحرب في أوكرانيا والضغط الأمريكي على أوروبا لمقاطعة الإقتصاد الروسي وعدم استيراد الغاز الروسي – لاكتشاف مصادر غاز جديدة لتوفير بدائل تغطي كامل واردات الغاز الروسي بحلول العام 2025. أما مصر التي كانت تُصدّر الغاز إلى الكيان الصهيوني بسعر يقل عن التكلفة، فأصبحت تستورد الغاز الفلسطيني المنهوب من سواحل مدينة حيفا، بسعر مرتفع…

لم يُؤدّ ارتفاع إنتاج مصر من الطاقة إلى زيادة احتياطي النقد الأجنبي الذي لا يتجاوز 33,5 مليار دولارا، منتصف كانون الثاني/يناير 2023، من بينها 28 مليار دولارا، أودَعها شُيُوخ النفط في المصرف المركزي، وتستخدم الدّولة النقد الأجنبي لتوريد السلع، كما لم يُؤَدّ إلى انخفاض أو تجميد أسعار الإستهلاك الدّاخلي للطاقة، بل ارتفعت أسعار جميع السلع والخدمات الأساسية، خصوصًا بعد خفض قيمة الجُنيه بنسبة 57% خلال سنة 2022 لوحدها، قبل موافقة صندوق النقد الدّولي على قرض جديد بقيمة ثلاثة مليارات دولارا من صندوق النقد الدّولي، مصحوبًا بشروط مُجحفة (كالعادة)، ما أدّى إلى تَخَلِّي معظم المصريين عن شراء اللّحوم، بل نَصَحَهُم رئيسهم الجنرال عبد الفتاح السيسي باستهلاك أرجُل الدّجاج، وارتفعت  أسعار الأرز، بل أصبح مفقودًا من الأسواق، فيما زاد سعر رغيف الخبز (من جُنيه واحد إلى ثلاث جُنَيْهات)، مع تقليص حجمه وكذلك حجم أقراص الفلافل وعبوات زيت الطعام وأكياس البقوليات، وتقليص حجم المنتجات التي كانت توزع بأسعار مدعومة على 70 مليون مصري يعتبرون “فقراء” ولديهم “بطاقات تموينية، أي فُقراء مُعْتَرَفٍ بهم، وأدى ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع نسبة التّضخّم إلى 22% خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2022، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الرسمي، وهي دون الحقيقة بكثير، ويؤدّي انخفاض سعر الجُنيه، من سبعة جنيهات مقابل دولار أمريكي واحد إلى 32 جنيه مقابل الدّولار، إلى زيادات مُشِطّة لأسعار السلع والأدوية المُستَوْرَدَة، في ظل شُحّ احتياجي النقد الأجنبي الذي تستخدم الدّولة جزءًا منه لتسديد الدّيون وفوائدها، فقد تضاعفت  ديون مصر الخارجية بأكثر من ثلاث مرات خلال عشر سنوات (بعد انتفاضة 25 يناير 2011) لتصل إلى 157 مليار دولار، فيما سَحَبَ “المُستثمرون” الأجانب (المُضاربون) حوالي عشرين مليار دولارا، إثْر ارتفاع نسبة الفائدة بالولايات المتحدة وأوروبا، وعلى الدّولة أن تتدبّر أمرها لتسديد 42 مليار دولار، خلال العام المالي 2022/2023، واتخذت الحكومة عددا من الإجراءات منها زيادة رسوم سحب الأموال ببطاقات الإئتمان وإلزام السياح بسداد ثمن رحلات القطار بالدولار، فضلا عن بيع الكثير من الشركات والأصول إلى القطاع الخاص… عن أ.ف.ب. + رويترز من 11 إلى 15 كانون الثاني/يناير 2023 – بتصرف.

سيادة غذائية

هل يمكن التعويل على القطاع الخاص لتحقيق السيادة الغذائية

نَظّمَ المصرف الإفريقي للتنمية (فرع من البنك العالمي) بمشاركة الإتحاد الإفريقي وحكومة السينغال، قمة “داكار 2″، بالعاصمة السنغالية يوم الأربعاء 25 كانون الثاني/يناير 2023 تحت شعار “توفير الغذاء لأفريقيا: السيادة والقدرة على الصمود”، ويعلن المصرف إن هدفه “تقليص الفجوة الغذائية التي يعاني منها نحو 282 مليون أفريقي”، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء التي تُهدّد بحصول حالة انعدام الغذاء وأزمة غير مسبوقة…

في الواقع لا يهدف المصرف الإفريقي للتنمية “تحويل إفريقيا إلى سلّة غذاء عالمية” كما يدّعي مُمَثِّلُهُ، بل يهدف (كَفَرْع للبنك العالمي) تطبيق مخططات “الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص” التي يفرضها البنك العالمي وصندوق النقد الدّولي من جملة الشّروط التي تُصاحب القُرُوض، وأعلن ممثل المصرف: “إن  (هذه الندوة ) ترمي إلى تشجيع استثمارات القطاع الخاص في الزراعة، وتخفيف حدة آثار التغيرات المناخية، من خلال التقنيات الزراعية الحديثة لرفع إنتاجية المحاصيل، وحَثّ الحكومات على دعم القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والعلماء؛ لمواجهة التحدي المتزايد للأمن الغذائي…” 

تمتلك قارة إفريقيا المُقوّمات الأساسية لإنتاج الغذاء، كالأراضي الخصبة والمياه وتنَوُّع المناخ، والمَراعي، إذْ تضُمّ إفريقيا نحو 65% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، ولكنها تستورد أكثر من 100 مليون طن متري من الأغذية بتكلفة 75 مليار دولار سنويا، ويُشكل قطاع الفلاحة قرابة 25% من الناتج الإجمالي لإفريقيا، غير أن أكثر من 280 مليون أفريقي يُعانون من نقص الغذاء، من إجمالي نحو 840 مليون شخص في العالم، أي أكثر من ثُلُث عدد الجائعين في العالم، وأكثر من رُبع سكان إفريقيا الذين يُقدّر عددهم الإجمالي بنحو مليار نسمة، ويرى المصرف الإفريقي للتنمية الحل في استثمار الحكومات في البنية التحتية في المناطق الزراعية، ليستفيد منها القطاع الخاص، وتسهيل شروط تملك الأرض وتيسير القروض للقطاع الخاص ليستثمر في زيادة الإنتاجية الزراعية التي تُساعد في التخفيف من مخاطر الجوع، ويُقَدّر المصرف الإفريقي للتنمية أن القضاء على الجوع في أفريقيا يتطلب “استثمار ما بين 28,5 مليار دولار و36,6 مليار دولار سنويا في تطوير القطاع الزراعي، ليرتفع الناتج الزراعي في أفريقيا من 280 مليار دولار سنويا (سنة 2021) إلى تريليون دولار بحلول سنة 2030، شرط إزالة الحواجز أمام التنمية الزراعية”، أي مَنْح المال العام للقطاع الخاص !!!

تبادل تجاري بغير الدّولار

تدرس إيران وروسيا – اللّتَان تتعرضان لحصار أمريكي وأوروبي – تعزيز التبادل التجاري بينهما، باعتماد عُمْلَةٍ أخرى غير الدّولار، مثل العملة الرقمية المدعومة بالذهب التي قد تتم تجربتها في المنطقة الاقتصادية الخاصة التي اتفقت الحكومتان على إنشائها في “أستراخان”، في بحر قزوين، وهو الميناء الروسي الرئيسي المشارك في ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، وتمر عبره السفن التجارية والبضائع، من إيران أو عبرها، إلى غرب آسيا وأفريقيا والمحيط الهندي وجنوب آسيا، وتريد روسيا وإيران (وقد تلتحق بهما الهند، ثالث أكبر مُسْتَوْرِد عالمي للنفط) اغتنام فرصة رفض العديد من دُول آسيا وإفريقيا تطبيق العقوبات الأمريكية، لِطَرْحِ عُملة مدعومة بالذّهب لتجارة المحروقات والإنتاج الفلاحي والأدوية والمُعدّات الطّبّيّة وقطع الغيار…

سبق أن طرح صدام حسين بيع النفط بعملة أخرى غير الدّولار، وطرح معمّر القذافي نفس الفكرة، مُضيفًا لها منظومة مالية خاصّة بإفريقيا، وكانت محاولات الإبتعاد عن نظام “بريتن ووزدز” من أسباب الإطاحة بهما واغتيالهما وتخريب وتقسيم هذَيْن البلَدَيْن العربيّيْن المُنْتِجَيْن للنّفط، ثم طرَحَ أعضاء مجموعة “بريكس” ( البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) موضوع إنشاء نظام تبادل وتحويلات مالية بغير الدّولار وعملات الدّول الغنية (اليورو الأوروبي أو الين الياباني)، وتترأس جنوب إفريقيا مجموعة بريكس لدورة سنة  2023 التي يُتوقّع أن تدرس  موضوعَيْن هامَّيْن أولهما طلبات انتماء دول جديدة، منها الجزائر وإيران والأرجنتين، وحتى تركيا والسعودية والإمارات، وثانيهما إنشاء نظام معاملات تجارية ومالية وعملة احتياطية خاصة بمجموعة بريكس، وهو موضوع مَطْرُوح منذ سنة 2018، بحسب وزير خارجية جنوب إفريقيا، وصرّح مدير في مصرف “سبيربنك” الروسي أن العملة الخاصة “بالأسواق النّاشئة تُساهم في في بناء نظام مالي دولي أكثر أمانًا، ومن جهتها تدرس روسيا مسألة التبادل التجاري بين دول الإتحاد الإقتصادي الأوراسي بغير الدّولار واليورو، أو بالذّهب لمكافحة الحصار الأمريكي، ولإدماج البلدان المُصدّرة للنفط وتركيا وبعض حُلفاء الولايات المتحدة (كالسعودية والإمارات) في هذه العملية التي قد تشمل أسعار النفط والغاز والأغذية والأدوية والأسمدة والمعادن، وتساهم في إضعاف منظومة بريتن وودز التي مَكَّنَ الولايات المتحدة من السّيْطَرَة على النظام المالي الدّولي…

يمكن لثلاث دول تقويض النظام المالي الدّولي الحالي، فلو اتحدت روسيا وإيران وفنزويلا التي تمتلك نحو 40% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، لِبَيْع النفط بغير الدّولار، ولو بأسعار مُخفّضة، لاضطرت بقية الدّول المُصدّرة للنفط والغاز لِمُجاراتِها وتهديد هيمنة الدّولار على المبادلات التجارية والتّحويلات المالية، لكن بعض دول بريكس تستغل الحصار الأمريكي والأوروبي على روسيا وإيران لشراء النفط والغاز بأسعار منخفضة، ثم تصديرها إلى أوروبا بأرباح مرتفعة، وأصبحت الصّين مُصدِّرًا كبيرًا للغاز الطبيعي المسال الروسي إلى أوروبا، وأصبحت الهند مُصدِّرًا كبيرًا للنفط الروسي والمنتجات المكررة إلى أوروبا بأرباح ضخمة، كما سعت الصين للتقارب مع دُوَيْلات الخليج، وعقدت مؤتمرًا بالسعودية جمعها بالدّول العربية بهدف “توسيع التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والبنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا”، واتفقت مع السعودية على تطوير التجارة بغير الدّولار، وعلى “إنشاء منطقة تجارة حرة بين الصين والخليج في أقرب وقت ممكن”، بحسب وزير الخارجية الصيني في 31 كانون الثاني/يناير 2023…

تكنولوجيا:

بلغ إلغاء الوظائف مستوى تاريخيًّا في قطاع صناعة التكنولوجيا، مع تسريح أكثر من 720 ألف موظف سنة 2022 وحوالي 241 ألف خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من كانون الثاني/يناير 2023، فقد سرّحت أمازون 18 ألف موظف، ومجموعة ألفابت (الشركة الأم لغوغل) 12 ألف عامل ومايكروسوفت عشرة آلاف وسلسفوري سبعة آلاف موظف وكلاود سوفتوير ألفَي موظف الخ، ليفقد القطاع نحو 6% من قوته العاملة، وهو قطاع يستخدم العمالة الماهرة، التي من المفترض أن تتمتع بالإستقرار وبظروف عمل ورواتب وحوافز أفضل من العمالة التقليدية، لكن ثَبَتَ خطأ التوقعات، بل يلاقي الموظفون المُسرّحين من هذا القطاع صعوبات كبيرة للعثور على وظيفة، إذ تجاوزتهم التطورات الجديدة والمُتسارعة للتكنولوجيا، وفق صحيفة “نيويورك تايمز” (25/01/2023 ) التي أكّدت أن شركات التكنولوجيا استغلت تجربة “العمل عن بعد”، خلال فترة انتشار وباء “كوفيد – 19” لخفض نفقات إيجار المكاتب والكهرباء والماء وغير ذلك، ثم بدأت إلغاء العقود الثابتة وإلغاء البدلات اليومية والإجازات والرواتب المرتفعة، بسبب فائض الإنتاج وانخفاض مستوى عيش الفئات المتوسطة في معظم أنحاء العالم، وأدّى ذلك إلى اختناق الشركات الصغيرة أو اندماجها داخل كيانات أكْبَر، ما زاد من قوة الشركات الإحتكارية متعددة الجنسيات مثل مجموعة “ألفابت/غوغل” التي يبلغ رأسمالها “السُّوقي” مليار دولار التي تُسَرّح بعض موظفيها لتوفير بضعة ملايين من حصة العمالة، ولزيادة حصة رأس المال…

تُشكّل الشركة الألمانية “إس آي بي” نموذجًا، حيث أعلنت تسريح ثلاثة آلاف عامل، أو ما يقارب 2,5% من العدد الإجمالي للعاملين بها، رغم الأرباح التي حققتها، سنة 2022، بهدف توفير حوالي 382 مليون دولارا، وهي – كما ذكرنا – ليست الشركة التكنولوجية الكبرى الأولى أو الوحيدة التي تُعلن تسريح أعداد كبيرة من العاملين، رغم الأرباح المُحقّقة، بهدف زيادة عائدات أصحاب الأسهم.

تضخم

تقترن قروض صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي بشروط عديدة، مُضِرّة بالإقتصاد وبحياة الناس، منها خفض قيمة العُمْلة المحلية بذريعة تشجيع التصدير، ما يُؤَدِّي إلى ارتفاع سعر السلع والتّضخّم أي حاجة المُستهلك إلى كمية أَكْبَر من النّقود لشراء نفس الحجم من السّلع، دون ارتفاع الدّخل، ويُقاس التضخم أو تغيير الأسعار، خلال فترة زمنية (شهر أو سنة) مقارنة بنفس الفترة السابقة، وعلى سبيل المثال، ارتفعت نسبة التضخم بشكل قياسي في سوريا بسبب الحرب، وفي لبنان بسبب انهيار الإقتصاد والعُمْلَة، وفي السّودان بسبب عدم الإستقرار… أما في مصر (أو تونس والأردن والمغرب) فإن نسبة التضخم بلغت 24,4% بسبب انخفاض سعر الجنيه المصري من سبعة جنيهات سنة 2013 إلى أكثر من ثلاثين جنيها مقابل الدّولار، في بداية العام 2023، ما يرفع أسعار السلع المُستورَدة ومنها الغذاء، مع العلم أن مصر أكبر مستورد عالمي للقمح…

بزنس الرياضة

ارتفع عدد انتقال لاعبي كرة القدم من نادي إلى آخر، سنة 2022، إلى أكثر من عشرين ألف لاعب في العالم، وأنفقت النوادي نحو 6,5 مليارات دولارا على شراء اللاعبين، كان نصيب الأندية الإنغليزية منها 2,2 مليار دولارا، وفق بيانات الاتحاد الدولي لكرة القدم. 

الحياد على المذهب السويسري

هل يمكن أن تكون الرأسمالية “مُحايدة”؟

صدّرت سويسرا أسلحة إلى 55 دولة، بقيمة فاقت 530 مليون دولارا مُعْلَنَة، خلال النّصف الأول من سنة 2020، واتّجهت معظم الأسلحة نحو مناطق النّزاعات القائمة، وتستفيد سويسرا من الحياد المزعوم ومن “التّكتّم الدّبلوماسي” لتنظيم الوساطة والمؤتمرات التي تجمع أطرافًا متحاربة، يستخدم بعضها السّلاح السّويسري، وأثارت انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة، سنة 2002، ثم حرب أوكرانيا الجدل حول مبدأ “الحياد السويسري”، إذ انْضَمّتْ سويسرا إلى الحظْر والعقوبات المفروضة من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا، فضلا عن المُشاركة في البعثات العسكرية للأمم المتحدة، وعن تصدير أسلحة سويسرية إلى أوكرانيا، بواسطة أطراف أخرى، وتُسَمِّي الأغلبية الحكومية هذا الإنحياز، “الحياد النشط”.

تطوير وتصدير الأسلحة الحارقة

تم ترويج إشاعة مفادها أن السلاح الحارق “النابالم البديل” المُسمّى “أوبالم” هو سلاح سوفييتي، أو نسخة سوفياتية من النابالم الأمريكي، وتكشف الوثائق السويسرية أن “أوبالم” منتج سويسري، بدأت تجربته منذ سنة 1941 خلال الحرب العالمية الثانية، وتم إنتاجه في ألمانيا بتكليف من شركة “هوفاغ” السويسرية (هل استفاد منه جيش ألمانيا النازية؟) التي حصل صاحبها (أوزفالد) على براءة اختراع، ثم تم تطويره واختباره من قبل القوات الجوية السويسرية، منذ سنة 1954 (ربما 1952)

وتم تصدير “أوبالم” إلى دولة “بورما” (ميانمار حاليا) وإندونيسيا لاستخدامه في أعمال قمع قوى محلّية معارضة للحكومة، وضد مناضلي الأحزاب الشيوعية في إندونيسيا وماليزيا، وتم تصديره تحت قناع “حاويات بلاستيكية” إلى بورما وباكستان وبلدان حلف شمال الأطلسي، بداية من سنة 1955، والعديد من البلدان العربية والأوروبية، تحت عنوان “مُعِدّات لمكافحة الآفات”

التعاون العسكري مع الكيان الصهيوني

كشف حادث تحطّم طائرة آلية، في النقب (جنوب فلسطين المحتلة)، يوم الإربعاء الخامس من آب/أغسطس 2020، كان يتم تجريبها قبل تسليمها للجيش السويسري، ضمن مجموعة ست طائرات آلية “مزدوجة الإستخدام” (مدني وعسكري)، بعض صفحات التعاون العسكري السويسري الصهيوني، ومنها هذه صفقة الطائرات الآلية (رغم ريادة سويسرا في هذا المجال) التي تم توقيعها سنة 2015، بقيمة 270 مليون دولار، بين المكتب الفدرالي لمشتريات الدفاع  السويسري وشركة “إلبيت سيستيمز” الصهيونية، وتسبب هذا الحادث في تأخير تاريخ التسليم من 2019 إلى 2023، وفي تغريم الشركة الصّهيونية، واعلن المكتب الفدرالي لمشتريات الدفاع (Armasuisse) في بيان أصدره يوم الاثنين 30 كانون الثاني/يناير 2023 إنه تم تسليم “معدات أول طائرتين بدون طيار إلى القوات الجوية، وهي محطات تحكم أرضية وأجهزة استشعار بالإضافة إلى معدات لوجستية وتدريبية…”، لاستخدامها في مجالات “المُراقبة” العسكرية والمدنية من قِبَل قوات الشرطة وخدمات الإنقاذ وحرس الحدود، وسيتم استخدامها لمدة عشرين سنة، لاستطلاع المواقع والأهداف وللاستطلاع الإلكتروني ويُمكن استخدامها في النهار والليل على حد سواء، أي بغاية التّجَسُّس…

أثارت هذه الصّفقة العسكرية مشاكل قانونية وسياسية، بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2017 عندما زار مسؤولون عسكريون سويسريون مرتفعات الجولان المحتلة سنة 1967، لتقييم شراء الطائرات بدون طيار، وذلك رغم رفض سويسرا (المُحايدة) الإعتراف “باحتلال وضم هذا الجزء من الأراضي السورية”، لكن يمكن إدراج “الحياد السويسري” في باب “الزّور والبُهْتان والنّفاق”، حيث لم تكن تلك الزيارة هي الأولى، ورغم البيانات العلنية لوزارة الخارجية السويسرية (الموجّهة للرأي العام الخارجي)، زارت ثلاث وفود سويسرية هذه الأراضي السّورية المحتلة سنة 1967، وذلك سنوات 2012 و 2013 و 2015 لإجراء رحلات اختبارية للطائرات بدون طيار ولأغراض التدريب، رغم “عدم السماح للمُمثلين الرسميين للدولة السويسرية بالذهاب إلى هذه المناطق، لأن ذلك يُشكّل انتهاكًا للقانون الدّولي”، وفق وزارة الخارجية السويسرية، وهذا ما كشفته بعض وسائل الإعلام، وقد يكون ما خَفِيَ أعْظَم…

عن موقع “الآن وهنا” ( Now & Here ) 03 شباط/فبراير 2023  

الولايات المتحدة

يُتوقع أن يشهد الاقتصاد الأميركي حالة ركود خلال سنة 2023 لأسباب منها المحلي، ومنها الخارجي المُرتبط بوضع الإقتصاد العالمي والحرب في أوكرانيا (التي عملت الولايات المتحدة ما في وِسعها لاندلاعها ثم توسيع نطاقها وإطالة أمدها، خدمة للمُجَمّع الصناعي العسكري) ومنها كذلك ارتباط الإقتصاد الأمريكي باقتصاد الصّين الذي لم يعُدْ بَعْدُ إلى وضع ما قبل انتشار وباء “كوفيد – 19″، بل تم تعطيل بعض قطاعاته سنة 2022…

ينصَبُّ اهتمام المواطن الكادح والفقير والعامل بدوام جزئي وفي وظيفة هشّة على أسعار السلع الأساسية والدّواء والطاقة وإيجار المسكن، وعلى صعوبات الحياة اليومية، وهي مشاغل تختلف عن اهتمامات نواب الكونغرس وأعضاء الحكومة الإتحادية والإحتياطي الإتحادي (المصرف المركزي) الذين ينصبُّ اهتمامهم على جني الحدّ الأقصى من الأرباح على استثماراتهم ومُضارباتهم…

استفاد أثرياء الولايات المتحدة وأصحاب الأسهم في الشركات الكبيرة من حوالي خمسة تريليونات دولارا، منذ جائحة كوفيد-19 (آذار/مارس 2020) ولم يحصل الفقراء سوى على بعض الفُتات، ولما ارتفعت الأسعار، اختلفت درجة ضررها، فالأثرياء الذين حصلوا على إعانات ضخمة وإعفاء من الرسوم والضرائب تمكنوا من مجابهة ارتفاع الأسعار بفضل المدخرات النقدية التي تجمّعت لديهم من المال العام، فيما خسر المُتقاعدون جزءا هامّا من حسابات تقاعدهم، بسبب مُضاربة صناديق التقاعد بالمُدخرات وتدهور سوق الأسهم خلال سنة 2022، مع توقعات متشائمة بشأن أداء الاقتصاد الأميركي خلال سنة 2023، بعد تباطُئِهِ سنة 2022، وانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي من 5,9% سنة 2021 إلى 2,1% سنة 2022، وفق بيانات وزارة التجارة الأمريكية…

يتمكّن الإقتصاد الأمريكي من تجاوز نقاط ضعفه بفضل القُوّة العسكرية وبفضل هيمنة الدّولار على المبادلات التجارية والتحويلات المالية العالمية، ما يجعل من الدّولار ملاذًا آمنا للمستثمرين الأثرياء والمُضاربين، وللدّول مثل الصين واليابان والسعودية وغيرها من الدّول والكيانات التي تستثمر في الأصول وسندات الخزانة الأمريكية، ما رَفَع الدّيْن العام الأمريكي إلى 31,4 تريليون دولارا، أو ما يُعادل ستة أضْعاف الإيرادات السنوية للحكومة الإتحادية، يوم الخميس 19 كانون الثاني/يناير 2023 (أو حوالي 94 ألف دولار لكل مواطن أمريكي)، وهو السّقف الذي حَدّده الكونغرس بنهاية سنة 2021، بينما تُقدّر ميزانية الحكومة الإتحادية بنحو ست تريليونات دولارا، تلجأ الحكومة إلى تغطية 20% منها بواسطة الدّيون. أما أسباب اللجوء إلى الإقتراض فهي ارتفاع الإنفاق العسكري وانخفاض إيرادات الجباية والضرائب على الثروات، وتُمثّل الإستدانة خيارًا سياسيا اتفق عليه الجمهوريون والديمقراطيون منذ سنة 2000، لتوسيع الإنفاق الإتحادي (الفيدرالي) وتمويل الحروب، ولتعويض الإيرادات التي تخسرها الخزينة جراء التخفيضات الضريبية، خصوصًا خلال فترات الأزمة (2008 و 2020) وهي مِنَح وحوافز يتمتع بها القطاع الخاص والأثرياء، بذريعة “إنعاش الاقتصاد وحماية الشركات”…

عن نيويورك تايمز + رويترز من 18 إلى 28/01/2023  

ألمانيا:

أعلنت شركة صناعة السيارات الأمريكية فورد أنها ستلغي 3200 وظيفة في أوروبا وتحول بعض أعمال تطوير المنتجات إلى الولايات المتحدة ، وفقًا للإتحاد النقابي ( IG Mettal ) الألماني ، يوم الإثنين 30/01/2023، وستكون المواقع الألمانية هي الأكثر تضررا، حيث تم إعلام العمال في موقع كولونيا، الذي يوظف حوالي 14000 شخص، من بينهم 3800 يعملون في مركز التطوير، عن مخطط تسريح العاملين، خلال اجتماعات مجلس العمل، فيما امتنعت شركة فورد عن التعليق، وأشارت إلى بيان صدر يوم الجمعة 27/01/2023 يُعلن “إن التحول إلى إنتاج السيارات الكهربائية يتطلب تغييرات هيكلية”.

يُنتج الفرع الأوروبي “فورد أوروبا” التابع لشركة صناعة السيارات الأمريكية “فورد”، ويبيع ويتابع الخدمات التي تحتاجها السيارات التي تحمل العلامة التجارية لفورد في أسواق خمسين بلد،  وتُوظّف “فورد أوروبا” حوالي 45 ألف شخص، وفقًا لموقعها على الإنترنت، وحققت شركة فورد، سنة 2022 ، أرباحًا بقيمة 7,6 مليار دولار، وهي الأكبر منذ سنة 2013، لذلك لا تحتاج شركة فورد إلى خفض التكاليف ولكنها تريد زيادة الأرباح لصالح المساهمين، كما أعلنت الشركة، سنة 2022، عن استثمار نحو 2 مليار دولار في توسيع الإنتاج في مصنعها في كولونيا، والذي ينتج حاليًا سيارات “فورد فيسْتَا” بالإضافة إلى المحركات وناقلات الحركة، لتصنيع نموذج كهربائي بالكامل، بكميات كبيرة.

هدّدت نقابة “إي غي ميتال” الألمانية بتعطيل الإنتاج في كافة مصانع الشركة بأوروبا إن واصلت شركة “فورد” رفض الحوار.

أوكرانيا – آفاق إعادة الإعمار

استخدمت الولايات المتحدة وأوروبا الغربية (الإتحاد الأوروبي) وحلف شمال الأطلسي الدّول المُحاذية لروسيا، وخاصة جورجيا وأوكرانيا ودُوَيْلات بحر البلطيق، لعرقلة تطور اقتصاد روسيا ومَنْع تأثيرها في دول الإتحاد السوفييتي السابق، واستخدمت الولايات المتحدة جورجيا وأوكرانيا مِنَصَّةً للتدخّل العسكري ولشن حرب بالوكالة على روسيا، منذ بداية القرن الواحد والعشرين، وما الحرب الحالية سوى حرب بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، واستكمالاً لانقلاب شباط/فبراير 2014 في أوكرانيا، ذات الأراضي الخصبة والبُنْية الصناعية الموروثة من زمن الإتحاد السوفييتي، ويتم استخدام الشعب الأوكراني كدرع وبلاده كحقل تجارب لأسلحة جديدة، يتم تكديسها بلا حساب، في انتظار يوم الحساب، وتقديم الفاتورة من قِبَل الشركات الأمريكية والأوروبية، بعد انتهاء الحرب، وتُسرّب وسائل الإعلام بعض الأخبار عن قائمة إجراءات يتوجّب على حكومة البيادق الأوكرانيين تطبيقها، قبل نهاية الحرب، ومنها إلغاء تدخل الدّولة وإلغاء الضّوابط، و”تحرير” الأسعار  وخصخصة شركات القطاع العام الخ في انتظار إعادة إعمار البلاد بعد الحرب.

بدأت سيطرة شركات الإستشارات (مثل بلاك روك) على السوق المالية، منذ سنوات، وتعززت بالإتفاق المبدئي في أيلول/سبتمبر 2022، ثم بالإتفاقية التي وقّعتها مع حكومة أوكرانيا (التي لا تحكم) في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، لِدفْع الإقتصاد الأوكراني نحو النّمو، بعد الحرب، من خلال “تشجيع واجتذاب استثمارات القطاعَيْن  العام والخاص بهدف إعادة إعمار البلاد وإنعاش الإقتصاد، وتوجيه الاستثمار نحو القطاعات الأكثر صلة وتأثيرًا في الاقتصاد الأوكراني…”

بدأ تطبيق اتفاقية تشرين الثاني/نوفمبر 2022، حيث أقَرّ البرلمان الأوكراني في كانون الأول/ديسمبر 2022، إلغاء قوانين العمل التي كانت تحمي العُمّال وتضبط العلاقات بين العُمّال وأرباب العمل، وإلغاء ضوابط قوانين التخطيط العمراني، ما يُتيح هدم المواقع التاريخية، كما أقَرَّ “تبسيط النظام الضريبي” أي عدم الضغط على الأثرياء وشركات القطاع الخاص، واستغلال الحرب لتغيير القوانين وإلغاء ما تبقى من قطاع عام ومن الحماية الصحية والإجتماعية للنساء والأطفال وللأجراء، وكافة القوانين الموروثة من حقبة الإتحاد السوفييتي، وتتوقع مجلة الإيكونوميست أن تؤدّي هذه القرارات إلى تدفق رأس المال الدولي، مباشرة بعد الحرب، إلى الأراضي الزراعية الأوكرانية وإلى الشركات الحكومية التي تتم خصخصتها، وبدأ تنظيم الزيارات الميدانية والنّدوات بين ممثلي الشركات الأوروبية والأوكرانية، منذ شهر تموز/يوليو 2022 (بعد أربعة أشهر من انطلاق الحرب) تحت مُسميات “التعافي” و”الإصلاح” كخطوة نحو إدماج اقتصاد البلاد في المسار النيوليبرالي، واستكمال اندماجه مع الإقتصاد “الغربي” الذي بدأ منذ سنة 2014، عبر تقليص تدخل الحكومة وخفض إنفاقها، باستثناء الإنفاق العسكري والأمني، وخلق مناخ جاذب للإستثمارات الأجنبية والمحلّية، وتحرير أسواق المال والتجارة، وهي الإجراءات التي يفرضها صندوق النقد الدّولي على الدّول الفقيرة، وعلى الدّول غير المُستقرة جراء الأزمات (مثل اليونان )، والتي تعتمد على القُروض (التي تُسمّيها الرأسمالية “مُساعدات”) المصحوبة بالقيود والشروط التي تؤدّي إلى إلغاء دعم الوقود والسلع الغذائية والأدوية والنقل العمومي وخصخصة شركات القطاع العام والسماح للشركات الأجنبيىة بشراء الأراضي الزراعية، وإفقار الشعوب …

أوكرانيا:

سائقو عربات الترولي باص في مدينة خاركيف يطالبون بظروف عمل أفضل وأجور أعلى!

تذمّر السائقون، لسنوات عديدة ، من مشاكل تتعلق بالانتهاكات الجسيمة لأنظمة السلامة وقوانين العمل والأجور، حيث يحصل سائقو ترولي باص في خاركيف على أقل الأجور في أوكرانيا، أي حوالي 1,15 يورو عن كل ساعة عمل، ولم تُسفر الاجتماعات المتكررة مع مديري المستودعات عن أي نتائج إيجابية، ولا يزال العمال مُجْبَرِين على العمل لساعات إضافية، مما يخالف القواعد المتعلقة بالراحة وجداول العمل بنظام المناوبة، ويضطر معظم العمال لقبول الأمر الواقع، مقابل كسب قليل من المال الإضافي يتم تسديده على حدة، دون تسجيله في الوثائق الرسمية، ويدفع الفَقْرُ بعض السائقين للعمل من 14 إلى 16 ساعة في اليوم، وهو أمر غير مقبول خاصة لأنهم يقومون بنقل الركاب المُعرّضين للخطر بسبب الإرهاق الذي يُصيب السّائق…

غادر العديد من السائقين مدينة “خاركيف” إلى مدن أخرى، مثل أوديسا وكييف ودنيبرو وتشرنيفتسي، نظرًا لأن رواتب سائقي ترولي باص في هذه المدن أعلى بكثير منها في خاركيف.

يؤدي عدم الامتثال لنظام العمل والراحة إلى وقوع حوادث، ويضطر سائق ترولي باص إلى دفع تكاليف الإصلاحات على نفقته الخاصة، كما لا ينطبق القانون الأوكراني الخاص بالتأمين الإجباري على بعض المركبات ومنها حافلات الترولي وعربات الترام، ما  يضطر السائقين إلى المخاطرة وانتهاك قواعد السّلامة، بسبب نقص معدات الحماية الشخصية مثل سترات الإشارة والقفازات العازلة للكهرباء والقفازات الواقية المدمجة، والتي يجب على صاحب العمل توفيرها لموظفيه على نفقته الخاصة، وتلزم الشركة السائقين بارتداء القمصان البيضاء أو الزرقاء فقط، لكن لا يتم توفيرها، بل يتم شراؤها من قبل الموظفين، على نفقتهم الخاصة.

في أوقات الحرب، وأثناء الغارات الجوية أو التهديد بنيران المدفعية، يجب على السائقين إيقاف المركبة وإنزال الركاب، ولكن في الواقع لم يتم تلبية هذا المطلب ويُجْبَرُ السائقون على مُواصلة العمل، وتعريض أنفسهم والمُسافرين للخطر، ومنذ بداية الحرب، استمرت وسائل النقل التي تعمل بالكهرباء في المناطق الحضرية في العمل أثناء الغارات الجوية ولم يتم اتخاذ أي إجراء من قبل أرباب العمل أو سلطات إنفاذ القانون أو مسؤولي المدينة.

ونَشَر السائقون نبذةً عن ظروف عملهم ومطالبهم بحثًا عن التضامن من الجمهور والنقابات العمالية المستقلة والصحفيين والمناضلين الأوروبيين، من أجل أجر لائق واحترام حياة الموظفين والمسافرين.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.