أطفال الزلازل / حنان بديع
حنان بديع ( لبنان ) – السبت 11/2/2023 م …
استيقظنا واستيقظ العالم على زلزال تركيا وسوريا الثائر وسط مشاهد مروعة لمحاولات الإنقاذ، مشاهد موجعة أثارت التساؤلات، تساؤلات حاولت معها تخيل قسوة التجربة، ترى بماذا شعر هؤلاء الناجين؟ وكيف يمكنهم التعافي من اضطراب الصدمة وآثار الزلازل النفسية خاصة مع الخوف المستمر من الهزات الأرضية الارتدادية التي ربما لن تتردد في الانقضاض عليهم مرة أخرى ومرات.
تعاطفت وتعاطف الجميع أيضاً مع الأطفال بشكل خاص، أطفال عالقون بعضهم يستجدي الخروج وبعضهم يخرج مبتسماً غير مدرك حجم مأساته، و السؤآل الكبير يصبح سؤالين: من يربي هؤلاء الأطفال اليتامى؟ ثم ماذا عن التشوهات النفسية لهكذا كارثة إنسانية؟
ماذا يحتاج الناجين من الكوارث الإنسانية من دعم نفسي ومعنوي؟ ماذا يحتاج هؤلاء الأطفال ليتعافو من صدمة الزلزال، والعيش عدة ساعات تحت الأنقاض، يصارعون الموت، القصة ليست فى الأكل والشرب والرعاية الصحية فقط..
ذلك لأن أغلب الناجون من الزلازل سيعانون من اليقظة المفرطة، أي ضوضاء قليلة تجعلك تركض بحثًا عن غطاء، وإذا لمسك أحد من أفراد أسرتك بصورة غير متوقعة قد تصاب بالجزع وتصرخ هلعاً، لأن الجسم في حالة تأهب قصوى لتهديد آخر قد يحدث، وهذا ما يسمى اضطراب ما بعد الصدمة.
لذا قد يكون التأهيل النفسى أهم من أي شىء آخر مثل امدادهم بالمساعدات الإنسانية، نعم لابد من تأهيل الأطفال على تجاوز اللحظة التي ستحفر في وجدانهم للأبد.. ولا يتوقف الأمر عند الأطفال فقط، وإنما يشمل الأمر جميع الناجين، فمن مات رحل من هذا العالم وربما نجا من قسوة هذه التجربة التي تفوق الخيال والتصور..
أطفال سوريا تحديداً أرواح بريئة عاشت تجربة الموت لأكثر من مرة، فمن الحروب والتشرد إلى الفقر والجوع وفقدان الأمان والاستقرار إلى رعب الزلازل والبيوت المهدمة فوق رؤسهم، من يستطيع أن يرفع أنقاض الخوف عن هؤلاء الأطفال ومن يزيل التشوهات النفسية عن أرواح طرية في عمر البراءة؟..
كيف سيتمكنون من تجاوز الحالة النفسية للبقاء تحت الأنقاض ورؤية الأهل والأشقاء يموتون أمام أعينهم؟
إن تأثير الكارثة على الصغار يفوق كثيرًا تأثيرها على الكبار لعدم اكتمال نموهم النفسى وطريقة تفكيرهم، وهذا يقتضى أن نطالب بالإغاثة النفسية قبل الإغاثة البدنية.
تحدث الفواجع لتغير خارطة حياة كثير من البشر وتقرر مصيرهم ومستقبلهم ،ويبقى للأحداث الكونية حِكَما إلهية كثيرة عصية على الفهم والتفسير.
التعليقات مغلقة.