ماذا يحصل في حلب؟ والنتيجة؟ / امين محمد حطيط

 

 

امين محمد حطيط  ( لبنان ) الثلاثاء 9/8/2016 م …

من اللحظة التي تركزت فيها الازمة السورية كلها في حلب وظهر جليا ان كل القوى الدولية والإقليمية اتجهت الى حلب وانخرطت في معركتها كان واضحا ان معركة حلب ستكون المعركة الاقسى والمعركة الأهم والمعركة الأخطر والأطول في كل المعارك التي اندلعت في إطار الحرب التي يشنها العدوان الدولي الكوني على سورية ومحور مقاومتها.

ولان هذه هي طبيعة المعركة وأهميتها فقد كان منطقيا القول بان تسليم أي فريق او طرف بالخسارة امر لا يمكن ان يحصل او يتم الا بعد ان يستنفد كل ما لديه من طاقات وإمكانات ووصولا الى حال من الانهيار الميداني او الانهيار الادراكي الشامل الذي يمنعه من البقاء في الميدان باي شكل او صورة من الصور والأشكال.

و لهذا كان متوقعا بعد ان نجح الجيش العربي السوري  في فرض حصار على المسلحين في حلب الشرقية ، ان يمتنع هؤلاء او تمنعهم القيادة الدولية و الإقليمية من الاستسلام و التسليم و الخروج من حلب سالمين بالأجساد مستفيدين من الممرات الإنسانية و العفو الرئاسي الذي أتاح لهم عودة آمنة  الى الحياة الطبيعية في كنف الدولة .فقيادة العدوان على سورية رات انه من المبكر التسليم لمعسكر الدفاع عن سورية بانتصاره في حلب و قررت رفض الفرص المتاحة للمسلحين  و الإصرار على البقاء في الميدان و بعد دراسة المسالك المتاحة كلها وجدت تلك القيادة التركية – السعودية – الأميركية بشكل خاص ان ما تصورته من فتح جبهة الجنوب لأحداث توازن مع الميدان في حلب ، انه تصور غير قابل للتطبيق لأكثر من اعتبار ما جعلها تعود الى حلب تحت شعار فك الحصار مهما كلف الثمن .

لقد  خططت قوى العدوان على سورية لمعركة فك الحصار عن ارهابييها مستندة الى الفائض  من المسلحين المتواجدين في مثلث ادلب سهل الغاب و جسر الشغور ، مقرونا بما تؤمنه تركيا من فرص تحشيد الإرهابيين الأجانب من اقصى اصقاع الأرض ، و استطاعت ان تحشد من القوى ما يزيد عن 15 الف مسلح اعتمدت في استعمالهم نظرية الهجوم بالموجات المتتابعة المتواصلة المستندة الى الاعمال الانتحارية المكثفة و الانغماسين المتعددين ، الهجوم بالموجات دون إعطاء الخصم فرص التقاط الانفاس بين الموجة و الموجة من اجل ان تستثمر الموجة اللاحقة ما احدثته الموجة السابقة من تصدعات و من غير ان تعطى القوى المدافعة مهلا لترميم بنيتها الدفاعية التي قد تكون قد تصدعت .

لقد وقفت  القوى المدافعة عن حلب و عن طوقها على طبيعة الاستراتيجية التي تعتدها الفصائل الإرهابية المسلحة و بات واضحا لديها بان المعركة ستتحول الى معركة استنزاف طويلة قد تنتهي في نهاية المطاف الى احداث انهيار في الطوق مع الحاق الخسائر الفادحة بالمدافعين و الانتقال بعد ذلك الى حصار الاحياء الغربية ثم  الهجوم عليها .و هي خطة خطرة و مكلفة بدون شك ، و لذلك اعتمدت استراتيجية دفاع مضادة تقوم على  اركان ثلاثة أولها  انكفاء القوى لمنع استنزافها و وثانيها كشف القوى المهاجمة لمعالجتها بنار الطيران ، و  ثالثها استبدال الطوق من طوق بالقدم الثابتة الى طوق بالنار البرية و الجوية .

وبالتالي ورغم ان ظاهر الحال قد يشي بان المسلحين استطاعوا خرق الطوق والاتصال بالأحياء الشرقية، فان وجودهم في مربع الشيخ سعيد -الكليات -الراموسة – خان طومان لا يعتبر وجودا عسكريا عملانيا مستقرا او امنا بل ان الجيش حول هذا المربع الى مناطق تقتيل دفع المسلحين اليها ما يعني ان الإنجاز الظاهري الذي يتراءى ان المسلحين حققوه هو هدية مسمومة لن يستفاد منها كما يتصور المعتدون ثم انها لن تستقر بيدهم في ظل القرار السوري الحازم بمعالجة الامر والعودة بالوضع الى ما كان عليه.

فقرار سورية بالإمساك بالقرار و السيطرة على حلب هو قرار نهائي لا رجعة فيه ، و اذا كانت المناورة في الميدان التي قام بها الجيش العربي السوري بالانكفاء عن بعض المواقع من اجل الاقتصاد بالقوى و تجنب الفخ الذي نصبه العدوان عبر حرب استنزاف مؤلمة ، فان ما تشهده الساحة الميدانية الان من حركة قوى و نقلها و ضخ التعزيزات و إعادة تنظيم جهاز المدافعة و التطويق تنبئ بشكل اكيد بان ما حققه المسلحون من خرق محدود هو امر لا تطول مسألة معالجته و لنتذكر دائما ان الحرب و معاركها كر و فر و ينتصر من يملك إرادة الانتصار و الإصرار عليها و هذا ما تمتلكه سورية و محور المقاومة و لو لم تكن هذه الإرادة قائمة لما كان الصمود خلال السنوات الست الماضية و لما تكسرت حلقات العدوان الواحدة تلو الأخرى .

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.