حلب … قبل وما بعد الهجمات الخمس ! / ثريا عاصي

 

ثريا عاصي ( لبنان ) الأربعاء 10/8/2016 م …

تتوالى هجمات جيوش «المرتزقة» على مدينة حلب. يطلق البعض على هذه الجيوش  تسمية «المعارضة المسلحة»، بينما لا يزال آخرون يصرون على وسمها بالقوات الثورية، دون أن يكلف  هؤلاء وأولئك أنفسهم عناء إظهار تدليلهم على العلاقة التي تربط جزءاً لا يستهان به من هؤلاء المرتزقة  بسورية، البلاد والثقافة في معناها الواسع.

الرأي عندي إن ما يجري في مدينة حلب ليس جديداً ومفاجئاً، وإنما يؤكد ما نعرفه عن طبيعة الحرب على سورية. فهي ليست عسكرية خالصة أو سياسية خالصة. ولكنها حرب إلغاء وتصفية  ضد الذين يرفضون الخضوع للولايات المتحدة الأميركية ولأتباعها من الدول الأوروبية. إذ يجب ألا ننسى أن هذه الحرب بدأت غداة إحتلال العراق بزيارة الوزير الأميركي كولن باول إلى سورية حاملاً  لائحة بطلبات تريد الولايات المتحدة الأميركية من الحكومة السورية أن تلبيها! إختارت هذه الأخيرة آنذاك، أسلوب المراوغة بدل مصارحة الناس واستنهاضهم. لن أغوص هنا في هذه المسألة، فإيفاؤها يحتاج إلى تفاصيل لا يتسع لها هذا الموضع.

بكلام آخر، إن الحرب على سورية لا تختلف في الواقع من حيث الجوهر عن الغزو الأميركي  للعراق وعن عدوان الحلف الأطلسي الهمجي على ليبيا. هذا لا يعني أن نظم الحكم في هذه البلدان كانت متشابهة، أو أن سياساتها كانت متطابقة. ولكن المشترك الرئيسي بينها هو النفط ثم النفط، ثم خطوط نقله.

لأعود بعد هذه المقدمة إلى المعارك الدائرة في الراهن في مدينة حلب بوجه خاص وفي شمال سورية على وجه العموم، فأقول أني درجت منذ أن بدأت الحرب على سورية، في مقاربتي للتطورات  التي تطرأ في حلب وإدلب وجسر الشغور وريف اللاذقية، وهي مناطق محاذية لحدود لواء الإسكندرون، على أن أبحث دائماً عن العامل التركي. إذ لا يُعقل من وجهة نظري أن يحتشد آلاف المقاتلين في هذه المناطق، من جنسيات مختلفة، وأن يحصلوا على مدافع ثقيلة وعلى قذائف صاروخية ودبابات وإمدادات ومعلومات وخبرات عسكرية إلخ، دون مشاركة تركية فعالة، إلى حد  يجعلني أعتقد أن الدقة تقتضي أن نعترف أن تركية وحلفاءها السعودية وقطر، يحاربون ضد سورية على جبهات الشمال وعلى جبهة مدينة حلب تحديداً.

واستناداً إليه فإن هجمات جيوش المرتزقة على مدينة حلب، تذكرني هذه الجيوش بجماعات الكونترا التي كانت الولايات المتحدة الأميركية تجندها في مطلع ثمانينات القرن الماضي، من أجل إجهاض حركة جبهة التحرير الوطني الساندنية في نيكاراغوا، هذه الهجمات تحملني كالعادة على أن أفتش عن الدور التركي. ليس من حاجة لأن يكون المرء جنرالاً عربياً أو مفكراً سياسياً في مدارس  السعوديين والقطريين حتى يستنتج بانه لولا تركيا لما تعرضت سورية للعدوان من الشمال. ينبني عليه أنه من المرجح أن علاقة ما تربط بين ما يجري في مدينة حلب من جهة وبين الأوضاع في تركية من جهة ثانية. أقصد على وجه التحديد الإعتذار التركي لروسيا، الإنقلاب في تركيا وزيارة  السيد أردوغان المرتقبة إلى روسيا في الأيام القليلة القادمة.

من البديهي أن هذه المداورة أوصلتني إلى فرضيات وليس إلى معطيات مثْبتة.من المحتمل في هذا السياق أن «اللاعبين الكبار» يعرفون جيداً، أن جيوش المرتزقة لن تنتصر في سورية، لا في الشمال ولا في مكان آخر. لا سيما أن المهمة الموكلة إليها هي تدمير سورية ومدينة حلب القريبة من الحدود التركية بوجه خاص، محو تاريخ البلاد السورية وإعادة الناس إلى عصر الحجر.بالإضافة إلى إفقار البلاد بشرياً ومادياً، فلا تستطيع مواجهة الطامعين في أرضها وثرواتها. ليس مستبعداً أن تكون جيوش المرتزقة قد زودت بذخائر «كيميائية» استفزازية، من أجل إعطاء جيوش الحلف الأطلسي، أو «قوات الطوارئ الدولية»، إذا اقتضى الأمر، ذريعة للتدخل في سورية تحت حجة الفصل بين المتحاربين. ولكن من المحتمل أيضاً أن تكون موجات المهاجمين المتتابعة ضد مدينة حلب، دلالة على أن المهاجمين مدفعون إلى ذلك دفعاً، كوسيلة للتخلص منهم، فلقد اكتملت الفاجعة. مصير البؤساء والجهلاء إلى جهنم!

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.