سوريا ، تركيا ، الأسئلة و الأجوبة / أحمد الحباسى

 أحمد الحباسى* – السبت 25/2/2023 م …
* كاتب و ناشط سياسي




كثر الحديث منذ أسابيع عن وجود محادثات و مساع تركية حثيثة  لفتح قنوات اتصال مع الرئيس بشار الأسد ، بطبيعة الحال تشير كثير من التسريبات إلى أن تركيا و هي آخر ما تبقى لمن يسمونه إعلاميا  بالمعارضة السورية تعمل على تغيير بوصلة اتجاه مواقفها السياسية التي اتخذتها طيلة أكثر من عشر سنوات من عمر الأزمة السورية ساعية راغبة في حصول مصالحة و لو بالحد الأدنى المطلوب  مع القيادة السورية و في هذا السياق فمن الواضح أن الرئيس التركي رجب طيب أوردغان  قد بات مقتنعا بعد سنوات من النرجسية و الغرور بأنه لن يصلى في المسجد الأموي كما وعد بذلك في بداية  مشاركته الخبيثة  في المؤامرة التي استهدفت سوريا على كل الواجهات   كما بات مقتنعا بأن هذه ” المعارضة ” المتناثرة و الغير قابلة للجمع على كلمة واحدة  التي كونتها أجهزة المخابرات التركية بمعية بعض أجهزة المخابرات لعدة دول خليجية  قد فقدت كل مصداقية و باتت محل سخرية الشعب السوري الذي كشف فسادها و انخراطها في لعبة دولية خبيثة تقودها إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية لإسقاط سوريا .

لقد قيل الكثير حول شرعية الرئيس السوري بشار الأسد و قيل كثير حول عدم قدرته على الصمود في وجه المؤامرة و نتذكر بالمناسبة  أن فترة المؤامرة التي لا تزال بعض أحداثها الدموية مستمرة  قد شهدت تصريحات نارية كثيرة تبشر برحيل الرئيس الأسد في خلال ساعات كما لا يجب أن ننسى أن الرجل لا يزال في مكانه و في موقع مسؤوليته التاريخية صامدا  شامخا في حين رحل كل من أطلق مثل هذه التصريحات و التنبؤات الخائبة مثل الأمير سعود الفيصل و الرئيس التونسي السابق محمد المرزوقي  و الرئيسين الفرنسيين  فرانسوا هولاند و  نيكولا ساركوزى  و وزيرتي الخارجية الأمريكية السابقتين كوندليزا رايس و هيلارى كلينتون و  رئيس الحكومة البريطانية السابق تونى بلير  و الرئيس الأمريكي السابق  باراك أوباما إضافة إلى عدد كبير من الشخصيات العالمية الوازنة الأخرى مثل المستشارة الألمانية انجيلا ميركل . هذا السياق مهم لأنه يكشف و يجيب على السؤال المطروح الآن : لماذا  تغيرت نبرة الخطاب التركي و  بات هناك حديث عن لقاء قمة سورية تركية .

بطبيعة الحال ، في السياسة ليست هناك صداقات أو عداوات دائمة و العلاقات بين كل دول العالم لا تحكمها إلا المصالح و لا مجال فيها للعواطف و رغم ذلك نؤكد أنه و في صورة حدوث تقارب فإنه لن يقع إلا بعد  نقاش مطول داخل القيادة السورية و القرار لن يتخذ إلا بعد دراسة الموقف السوري من كل الجوانب بما يعنى أن المصالحة لن  تكون بقلوب صافية أو بنسيان ما حدث أو مدى  ما أصاب الوطن السوري من جرح وجداني لن يندمل مهما طال الزمن و سيبقى الرئيس و القيادة التركية رمزا منبوذا  من الذاكرة الجمعية السورية .  ما حدث في سوريا طيلة سنوات المحنة لن ينسى إطلاقا بحيث يمكن أن نؤكد أن الشعوب العربية قد  ترضى بعودة العلاقات  كل ذلك  رغبة في أن تنتحر المؤامرة القذرة نهائيا و تسقط الأجندة الإرهابية التي مولتها  كما نعلم بعض الدول الخليجية و رعتها المخابرات الغربية و الصهيونية و أشعلتها قنوات باتت معروفة بالاسم  . إن المهم فى موضوع عودة العلاقات مع تركيا  ليس المصلحة السورية العليا بل المهم أن تكون هذه العودة نتاج تضحيات و صمود الشعب السوري و كشف خبث و مكر القيادة التركية التي خرقت كل مواثيق الجوار.

 لقد كان من الطبيعي جدا أن تخرج بعض الأصوات في الخليج منددة  بالخطوات التركية مؤكدة أنها تأتى في صالح النظام السوري و كان من الطبيعي أيضا أن تستنكر بعض أصوات ” المعارضة ” معتبرة أن هذه الخطوة تمثل طعنة  مسمومة في جسد هذا الكيان الهامشي المصطنع  لكن من المؤكد اليوم أن هناك من المتابعين من انتبه أن ” الحليف ” التركي مستعد لبيع والده كما يقال و كما باع الإخوان  من أجل محاولة ترطيب الأجواء مع القيادة المصرية و باع حركة النهضة التونسية في نفس السياق تقريبا فهو مستعد لبيع معارضة الثلاثة ورقات من أجل العودة إلى سوريا . إن ما يحدث هذه الأيام  في تركيا و بالذات ما تركه الزلزال المدمر من ارتدادات على الوضع الاقتصادي الهشّ   قد يدفع القيادة التركية إلى الإسراع بالحوار مع سوريا  بعد أن تبين أن حصاد الحقل لم يواتى حساب البيدر و أن تسارع خطوات كثير من الدول العربية إلى دمشق و الحديث عن قرب عودة سوريا لشغل مقعدها  الفارغ في الجامعة العربية و ربما أثناء قمة الرياض المقبلة  قد يجعل  كامل المصالح التركية في خطر .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.