اللحم الحيّ .. سلاح جديد في وجه الاحتلال / ابراهيم ابو عتيلة

 

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الخميس 11/8/2016 م …

يمارس الاحتلال الصهيوني ما يسمى ب “الاعتقال الإداري” ضد المناضلين الفلسطين بناءً على أمر إداري ودون قرار قضائي سليم وبدون لائحة اتهام ولا حتى محاكمة ، حيث تلجأ قوات الاحتلال الإسرائيلية لاعتقال المناضلين الفلسطينيين دون تهمة محددة ودون محاكمة ، مما يحرم المعتقل ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال ومما يحول دون بلورة دفاع فعال ومؤثر، وغالباً ما يتم تجديد أمر الاعتقال الإداري بحق المعتقل ولمرات متعددة باستخدام أوامر الاعتقال التي تتراوح مدتها من شهر واحد الى ستة أشهر قابلة للتجديد ودون تحديد عدد مراته ، وتصدر اوامر الاعتقال بناء على معلومات سرية لا يحق للمعتقل او محاميه الاطلاع عليها، وهي عادة ما تصدر بموجب أوامر عسكرية فرضتها قوات الاحتلال باعتقال المواطنين الفلسطينيين حين لا يوجد لديهم دليل كاف لإدانتهم .

ويعتبر الاعتقال الإداري بالصورة التي تمارسها دول الاحتلال ، اعتقال تعسفي وغير قانوني ، حيث تم ذكر الاعتقال القانوني في القانون الدولي على سبيل الاستثناء ، ولا يجوز لدولة الاحتلال وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة اللجوء للاعتقال الإداري ضد مواطني الدولة المحتلة إلا في حال التأكد من وقوع الضرر المحقق ولا يتم تجديد أمر الاعتقال إلا لمرتين فقط  ، كما لا يتيح القانون الدولي ممارسة هذا النوع من الاعتقال لمدد طويلة  ولا يتم تنفيذه الا في حدود ضيقة كما لا يحق ممارسته كعقاب جماعي.

تمارس سلطات الاحتلال هذا الاعتقال بشكل خاص ضد المناضلين الفلسطينيين الذين لم يثبت ضدهم مخالفات يمكن اثباتها يقوم إذ يقوم ضابط المخابرات بالحكم بهذا النوع من الاعتقال في أي حالة يبررها لنفسه ودون إبداء الأسباب ، ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الاعتقال قد بدأ العمل به في فلسطين منذ سنة 1945 من قبل الاحتلال البريطاني واستمر به الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة .

إن الطريقة التي تمارس بها سلطات الاحتلال الاعتقال الإداري تتناقض بصورة صارخة مع القيود التي حددها القانون الدولي ، إذ يتم القيام بالاعتقال الإداري من قبل الصهاينة تحت غطاء من السرية وبما لا يتيح للمعتقلين أن يرتبوا الدفاع عن أنفسهم حيث قامت ” إسرائيل ” خلال السنوات الماضية باعتقال آلاف الفلسطينيين اعتقالاً إدارياً دون تقديمهم للمحاكمة وبدون الإفصاح عن التهم الموجهة لهم ودون السماح لهم أو لمحاميهم من التحقق من الأدلة – إن وجدت – منتهكين بذلك أبسط حقوق الانسان في ضمان الحق في الحرية والإجراء العادل والحق في الدفاع عن النفس .

يتعرض المعتقلون الإداريون إلى كثير من أشكال المعاملة السيئة والعقوبة القاسية كالإهمال الطبي، وظروف الاعتقال غير الملائمة وتقييد الاتصال بالمحامين وتعريض المعتقلين للتعذيب الجسدي والنفسي ، وتمنع قوات الاحتلال الزيارات العائلية لأسباب امنية غامضة ، وإمعاناً في مخالفة القانون الدولي ، تقوم سلطات الاحتلال بوضع المعتقلين في سجون ومعتقلات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، مما يخالف ما جاء في اتفاقية جنيف الرابعة المادة 76، التي تنص على عدم نقل المعتقلين من الأرض المحتلة وبما يجعل زيارات الأهل لذويهم في السجون صعبة التحقيق نتيجة القيود التي يفرضها الاحتلال على الانتقال للأراضي المحتلة عام 1948 علاوة على عائلة المعتقل لا تستطيع رؤية ابنها خلال المحاكمة حيث أن جلسات الاعتقال الإداري تكون سرية ولا يحضرها سوى المعتقل ومحاميه ن تمكن من ذلك وتقوم السلطات الصهيونية بحجز المعتقل لمدة شهرين بحجة التحقيق دون لقاءه محاميه ، مما يمنع التحقق من عدم استخدام التعذيب أثناء التحقيق مما يعتبر انتهاكا آخر للقانون الدولي علماً بأن المحاكم العسكرية والمدنية الإسرائيلية تعتمد الاعترافات التي تنتزع من المعتقلين عن طريق التعذيب .

تستند سلطات الاحتلال الصهيوني على ثلاثة مرجعيات صهيونية في الاعتقال الإداري:

       يرجع أصل الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ للانتداب البريطاني عام 1945 أما اليوم فيخضع لقانون الطوارئ (الاعتقالات) لسنة 1979 (قانون الطوارئ) ، والذي ينطبق فقط عند إعلان حالة الطوارئ من قبل الكنيست علماً بأن حالة الطوارئ لا زالت معلنة منذ تأسيس ” اسرائيل ” عام 1948.

       بناء على الأمر العسكري رقم 1651 وتحديداً المادة 273 منه، حيث يمنح هذا الأمر لقائد المنطقة العسكرية الحق في احتجاز الشخص لمدة تصل إلى ستة شهور.

       الأمر الخاص بخصوص الاعتقالات الإدارية، وهو جزء من التشريعات العسكرية السارية في الضفة الغربية بحيث يتم احتجاز معظم المعتقلين الإداريين استنادا إلى أوامر اعتقال فردية يتم إصدارها استنادا إلى هذا الأمر.

       قانون سجن المقاتلين غير القانونيين الذي سرى مفعوله في العام 2002 حيث هدف هذا القانون بالأصل إلى التحفظ على مواطنين لبنانيين كانوا مسجونين في ذلك الوقت في ” إسرائيل ” كورقة مساومة لغرض استعادة أسرى وجثامين صهاينة أما اليوم فإن ” إسرائيل ” تستعمل القانون من أجل اعتقال الفلسطينيين دون تقديمهم للمحاكمة.

وبالنظر للتعسف في تطبيق الاعتقال الإداري غير القانوني ، وعدم وجود وسائل قانونية متاحة لمواجهته وعدم تحرك الرأي العام في العالم ضد ما يمارسه الاحتلال ، وعدم تحرك المرجعيات الدولية أو منظمات حقوق الانسان في ذلك ، وقصور سلطة اوسلو عن التحرك بما يتناسب وذلك وعلى كافة الأصعدة ، فقد لجأ المناضلون والأسرى الفلسطينينن إلى الحل المتاح الوحيد المتوفر أمامهم ، وهو مواجهة التعسف بلحوم أجسامهم التي أنهكها الاعتقال أصلاً حيث يقوموا بالامتناع عن تناول الطعام في إضراب يمارسون من خلاله سياسة الضغط على إدارة السجون بأجسادهم من أجل تحقيق مطالبهم وتحقيق حقوقهم المنصوص عليها  وبما ينسجم مع القوانين الدولية المعتدة ، فسلاحهم ضد الاحتلال هي لحوم اجسادهم الذي لن يستطيع الاحتلال بكل عنجهيته أن يمنع استخدامها .

وبالرغم من أن الاحتجاج بالامتناع عن الطعام قد يكون لفترات محددة ولعدم جدوى ذلك ، الأمر الذي دفع بالمناضلين الفلسطينيين إلى الامتناع عن تناول الطعام لفترات زمينة مفتوحة وغير محدودة تقترن فترة انقضائها بتحقيق المطالب التي تقرر من أجلها الإضراب .

وقد جرت العادة بين المناضلين الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الصهيونية أن لا يكون الإضراب عن الطعام فردياً ، في تضامن وتفاعل قل نظيره ، مؤكدين في إضرابهم على أنه لم يعد لديهم وقت لاحتمال المزيد من الظلم وانهم على استعداد للتضحية بارواحهم ولحوم أجسادهم في سبيل تحقيق حريتهم ، محققيق القول يد واحدة وجسد واحد في مواجهة الصهاينة ،  إذ يقوم المضربون عن الطعام ومن يساندهم من كتاب الرأي ووسائل الإعلام بتبني موقفهم وبذل كل الجهود لايصال قضيتهم ومطلبهم بانهاء اعتقالهم إلى كل من من يهمه تحقيق الحرية وحقوق الانسان وتطبيق القانون الدولي .

لقد جرت العادة على تسمية موقف المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في اضرابهم عن الطعام بأنهم يخوضون معركة الأمعاء الخاوية ، وهذا بحد ذاته قد يحمل المعنى بأن تكون الأمعاء الخاوية بسبب عدم توفر الغذاء او عدم تقديمه من قل الغير ، ولكن الحقيقة تقول أن أمعائهم خاوية باختيارهم وأنهم بإخلائها من الغذاء يستخدمون سلاح لحوم أجسادهم الحية في مواجهة الصلف والتعسف والقهر والاعتقال الاداري غير القانوني ..

 ولنا في عدد كبير من المناضلين أمثلة حية على من اختار هذا السلاح ، فمنهم من كان نبراساً لكل مناضل ضد الاحتلال .. ولنا في العديد من المناضلين أمثلة على ذلك فمن الاسير المحرر عدنان خضر إلى الصحفي المحرر إلى محـمد القيق وإلى مروان البرغوثي إلى الأسير بلال كايد الذي امضى ما يقارب الـ 15 عاماً في سجون الاحتلال الصهيوني ، والذي حين قارب موعده مع الحرية قامت سلطات بتجديد اعتقاله إدارياً ، فما كان منه إلا أن أعلن اضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ شهرين تقريباً ، فيما سانده رفاقه في المعتقلات وانضموا إليهعه إضرابه بمن فيهم الأسير الامين العام للجبهة الشعبية احمد سعادات قائد التنظيم الذي ينتمي إليه ، الذي قرر الوقوف مع رفاقه محققاً بذلك نصراً معنوياً ومثلاً لعله يحتذى من قبل من غرتهم فنادق النجوم الخمسة وبطاقات ال في آي بي وجولات التفاوض المكوكية .

لقد حقق المناضلون والأسرى الفلسطينيون بلحوم أجسادهم الحية ما لم تحققه طاولات المفاوضات وبروتوكولات الاحتفالات وتأييد المبادرات وتوقيع الاتفاقيات التي لم ينتج عنها إلا المزيد من التنازل والمزيد من اغتصاب الأرض … لقد قالت رئاسة سلطة رام الله بأنهم لا يساندون ولا يؤيدون استخدام السلاح ضد المحتل وأنهم يتبنون النضال السلمي لتحقيق المطالب الوطنية .. فما هو موقفهم في معركة اللحوم الحية في مواجهة الاحتلال وما يمارسه من الإعتقال الاداري الذي لا تجيزه القوانين ولا الشرائع الدولية  ؟؟؟؟؟

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.