موسكو ممر اجباري / ناجي الزعبي

 

ناجي الزعبي ( الأردن ) الخميس 11/8/2016 م …

يعلم اردوغان الذي يقبع على برميل من بارود الأزمات القابلة للانفجار في اي لحظة ان التفاهمات الروسية التركية اليوم كفيلة في تخفيف حدة المخاطر التركية لحد كبير جداً

ويعلم ان  المشروع الروسي على الارض السورية هو المضي في محاربة الاٍرهاب الذي يهدد تركيا ذاتها برغم انها ضالعة في صناعته ورعايته ودعمه وإسناده وقيادة عملياته ,  بالتالي فهو اما ان يستجيب للمشروع الروسي ويغلق الحدود التركية السورية ويحد من تدفق الارهابيين   ويوقف طموحات الخلافة الاسلامية واحلام حزب العدالة الاخواني  العثمانية  ودعم الارهاب ،  او يترك فتيل برميل البارود الذي يجلس عليه لبوتين  ليوقد شعلة انفجار تركيا .

ويقدم لواشنطن فروض الطاعة وهو يعلم انها تعد غولن وإمبراطوريته للفتح التركي لحسابها , ويستعد لتفكيك  الجيش وتقسيم تركيا  وإقامة الدولة الكردية في الجنوب الشرقي التركي بديار بكر   شبه المنفصل في الوقت الراهن .

لقد كانت معركة تحرير حلب مؤشرا مهما على مستقبل العلاقات التركية الروسية ولقراءة المعطيات ينبغي المرور على ماجرى بحلب   .

ما من شك ان أطباق الجيش السوري وحلفاؤه باسلوب الاجنحة المتداخلة  على حلب كان محكماً  الامر الذي يصعب معه كسر الطوق وفتح ثغرات به خصوصا” وان  السيطرة الجوية السورية  الروسية المطلقة وعنصر المفاجأة بخوض معركة تطويق حلب غير المتوقع لعبا دوا حاسما ” في مجريات المعركة   .ومن وجهة نظر  تقدير الموقف العسكري السوري كان المفترض إغلاق الحدود التركية ومنع تدفق الارهابيين والاسلحة ,  والارهابيين كانوا يفترضون ان الجيش السوري لن يخوض معركة حلب قبل اغلاق الحدود ، وبذا يكون الجيش السوري قد حقق مفاجأة قلبت الموازيين والمعادلات ، كما ان ذلك يعني ان الحدود مؤمنة لحد ما . .

فلماذا اذا فتحت الثغرة قبل زيارة اردوغان ؟ الا يوحي ذلك بصفقة ما ، كإغلاق الحدود مقابل اخراج الأتراك من الثغرة بالتزامن مع زيارة اردوغان لسان بطرس بيرغ ، وَمِمَّا يعزز هذه الفرضية هو اعادة سيطرة الجيش السوري على الثغرة وتعزيز قواته الامر الذي يعني ان قرار خوض معركة حلب للنهاية قد حسم .

وهذا يفسر فتور العلاقات السعودية الخليجية التركية وأحجام الاعلام الخليجي عن تغطية  زيارة اردوغان بما يتناسب مع أهميتها .

حسم  اردوغان  أمره واختار سان بترسبرغ وقد أسفرت الزيارة عن بيان يتحدث عن ان ارساء الديمقراطية بسورية لا يتم الا بالطرق الدبلوماسية والسياسية لا بالحلول العسكرية وعن النية في رفع حجم التبادل التجاري ل ١٠٠ مليار دولار وتوقف روسيا عن دعم الأكراد ربما ، الهاجس الذي يؤرق اردوغان .

فهل يعقل ان تتم هذه الاتفاقيات دون تحول حقيقي في الموقف التركي ، وبالحد الأدنى التسليم بالدور الروسي المطلق في محاربة الاٍرهاب بسورية .

بوتين زعيم دولة عظمى يسعى لاجتثاث كل ما يقف في طريق ارساء دعائم الواقع الدولي الجديد وانهاء الهيمنة الأميركية الى غير عودة .

   أردوغان يدرك حجم الدور الروسي وحساسية موقفه وبان بوتين يقبض على فتيل التفجير الداخلي ، وزعزعة الاقتصاد التركي , ويعلم ان اتفاق باكو لمد خطوط من شمال أوروبا الى جنوب شرق اسيا مرورا بأذربيجان وإيران لا زال على الطاولة لم يجف حبره بعد  اثر قمة

ايران روسيا اذربيجان وهو يهدد الدور التركي الروسي  .

برغم موقع تركيا  المحوري بحلف الأطلسي الا ان مآلات تركيا وضعت اردوغان امام برميل بارود يضطره للاختيار فهل يعقل ان يختار الوجهة التي افضت به لحافة الهاوية   .

التحول التركي باتجاه موسكو  ممر اجباري لا خيار لاردوغان سواه

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.