احترام معتقدات ومعتنقات الآخرين

 

السبت 13/8/2016 م

محمد شريف الجيوسي  

كانت ردود الفعل غاضبة على الكاريكاتير المنشور على صفحة كاتب أردني ، فُهمت على أنها تتضمن تعريضاً بالذات الإلهية ، سبحانها جلّت وعلت. 

أود أن أوضح أن التعريض بالله جل وعلا سبحانه، يجري يومياً من قبل العديد من الناس ، ولكن ليس عبر وسائل الإعلام، ولأتفه الأسباب، وغالباً ما يكون ذلك من اناس بسطاء وجهلة ، لأن الشتم والتعريض بالذات الإلهية ، بكل انواعه وأسبابه كالإرهاب لا يعرف جنسية ولا ديناً أو قومية او ثقافة بعينها أو فكراً ، حتى ما هو موجّه منه إلى محض آخرين ، وهو سلوك مشين جهالي غبي .

وقد كانت ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الإجتماعي، على خلفيتين متباينتين ، أولاهما إسلاموية سياسية، أرادت الربط قسراً بين الكاريكاتير وسورية ، والإيجاء بأن سورية تقول الشيء ذاته، واستثمار هذا الصيد البائس ضدها ، بل وتجرأ البعض لطرح أوهام لعلها عبثاً تدخل البلدين في ازمة ، الأمر الذي يدفع للتأمل كثيراً إزاء ردود الفعل السريعة هذه ، والحذر من دعوات تحمل أنفاس و(ثقافة) داعش والنصرة ومن لفً ، ما يستدعي محاصرتها بكل الجدية والحزم .

أما ردود الفعل الأخرى ، فعلى خلفية دعوات تَطرح تحت يافطة محاربة الوطن البديل ما يمس الشراكة التاريخية بين أردنيين من أصول شرق أردنية وأخرى غرب أردنية ، ومع أن مناهضة الوطن البديل محل اتفاق ، لكن الإختلاف في التوقيت والآليات والكيفية .. فمحاربة الوطن البديل لا يكون بقوننة فك الإرتباط الآن ولا بسحب الجنسية واعتبار غرب الأردنيين مجرد جالية ، ولا بتأميم أموالهم الخ.

إنما تكون مناهضة الوطن البديل بوحدة الصف والكلمة والجهد وصولاً إلى تحرير فلسطين ، أما دعوات إقتسام جلد الدب قبل إصطياده، فهو تشتيت للجهد ومدعاة لفتنة (لا سمح الله)، وهو كالكاريكاتير بالشكل الذي طرح عليه ، ولو أن الكاريكاتير اْستبق بعنوان يقول مثلاً : هكذا ترى أو تصور أو تفهم العصابات الإرهابية الذات الإلهية ، في تقديري ، لما كانت كل ردود الفعل الغاضبة تلك ، أو لكانت أقل بكثير .

وأكثر ، أقول أن استباق منظمة التحرير الفلسطينية ، الحصول على قرار أممي بانها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني ، كان استباقاً كارثياً ومن نوع اقتسام جلد الدب قبل إصطاده، وانحراف بالبوصلة عن الهدف الرئيس ، ومطلوب أن لا يتكرر خطأ مماثل. 

وربما ربط البعض الكاريكاتير ، بدعوات لتشكيل جيش طائفي  على مستوى بلاد الشام . 

إن تحقيق أجمل الأماني الوطنية لأي شعب في العالم ، تتم بوحدة مكوناته ونسيجه ، وأذكر أن وصية الزعيم الفييتنامي الوطني الكبير هوشي منه إلى رفاقه ، تضمنت ( أن احترموا معتقدات ومعتنقات الآخرين) وكنت في حينه قد حررت الوصية ونشرت في صحيفة البعث التي كنت أعمل بها وقتذاك ..  

بهذه الروحية الوطنية الوحدوية تمكن الشيوعيون من تزعم جبهة وطنية عريضة من 23 فصيلاً مختلفاً ، وبالتالي إلحاق هزيمة عظيمة بالولايات المتحدة وإجبارها على الخروج ، لا بطرح أفكار ومشاريع فتنوية وقلب للأولويات والتقلب في المواقف وخلق الشقاق وتسفيه معتقدات الآخرين .

ومنعا لأي التباس، أوضح أنني في هذه المقالة أتحدث في منطلقات ولست بصدد حالة محددة.

[email protected]

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.