هل يُعزف النشيد الوطني السوري قريباً في السعودية؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الإثنين 27/3/2023 م …
“إن غياب سورية عن أشقائها قد طال، وحان الوقت الى عودتها إليهم، وإلى محيطها العربي، وأن تطوي الدول صفحة الخلاف لمعالجة الأزمة السورية، بعيداً عن الانقسامات التي يشهدها النظام الدولي” تلك كانت كلمات رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، اللافت هنا أنها المرة الأولى منذ 12 عاماً التي يستخدم فيها رئيس دولة عربية، هذه اللغة في الحديث عن الأزمة والحرب في سورية، وعلى الطرف الأخر صدر بيان رسمي صادراً عن وزارة الخارجية السعودية، يتحدث عن مباحثات سعودية–سورية لاستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.
في هذا الخصوص، يثير شغور المقعد السوري في جامعة الدول العربية زخماً كبيراً على تحضيرات السعودية لاستقبال القمة العربية التي ستعقد في 19 مايو المقبل، وذلك على عكس السنوات السابقة، التي شهدت قممها ضعفاً في الأداء والحضور، وسط غياب رؤساء دول من العالم العربي، ومن ناحية أخرى، فالسعودية اليوم مطالبة بلم الشمل وجمع الفرقاء، والانطلاقة الجديدة نحو مواجهة التحديات العديدة التي تواجه الدول العربية.
على خط مواز، هناك دعوات عربية تتصاعد لاسترجاع سورية مقعدها بالجامعة، فالدول العربية باتت تنفتح على سورية ومقتنعة أكثر من أي وقت مضى أن عزل سورية سيزيدها مشكلات وأزمات، بالمقابل تغيرت الأمور في سورية على كافة المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية، وأن الوضع يختلف كثيراً عما كان عليه في العقد الأخير، لذلك فأن عودة سورية إلى الجامعة العربية ستكون خطوة متقدمة في عملية لم الشمل العربي وتجاوز كافة الصعوبات الداخلية.
إن الزيارات المتكررة بين دمشق والامارات وعودة العلاقات السورية السعودية و فتح سفارتيهما في البلدين بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد من الزمان مؤشرات قوية لعودة سورية للجامعة العربية وخطوة ضرورية لقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية التي أضرت بالملف السوري بشكل كبير.
في السياق ذاته، يوجد تحرك إماراتي مصري أردني عراقي لبناني عماني قوي في إطار المطالبة بعودة سورية إلى الجامعة العربية، وهذا مؤشر إلى أن العديد من الدول العربية ترحب بعودة سورية لبيتها الطبيعي، ما يعطيها قوة أكبر للتعامل مع التحديات التي تواجهها خاصة من القوى الفاعلة في النظام الدولي.
إن المتتبع للشأن السياسي ببلادنا يرى أن كل هذه الاتصالات تمهّد لاحتضان عربي لدمشق في المرحلة المقبلة، بعد ان لمس العرب سلبيةَ ابتعادهم عن سورية، غير ان البارز سيكون في زيارة وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله لدمشق والذي سيبحث مع الرئيس الاسد في امكانية مشاركة سورية في القمة العربية، بالتالي فأن جولة الوزير السعودي ستصب في اتجاه سعي السعودية ألا تكون أي دولة عربية خارج قمة الرياض.
لذلك وحسب المعطيات، إنه من المنتظر أن يُعزف النشيد الوطني السوري قريباً في السعودية، إيذاناً بانتهاء مرحلة عصيبة من تاريخ المنطقة العربية، وبدء عودة سورية إلى موقعها العربي والإقليمي والدولي، الذي حازته وتحوزه الآن، بفضل تضحيات أبنائها وجيشها، وإفشالها كل المشاريع الاستعمارية في المنطقة.
ومعلوم أن الولايات المتحدة لاتزال تعرقل إنجاز أي حلٍ للأزمة السورية، كذلك تحاول منع تقارب أي دولة مع سورية، كا تستمر في تزكية نيران الصراعات المسلحة في منطقتنا، والهدف هو حماية مصالحها والسيطرة المطلقة على المنطقة مستخدمة سلاح التهديد بفرض العقوبات على الدول التي تعارضها ولا تخضع لإملاءاتها وسياساتها، مما لا شك فيه، أن أمريكا دائماً تتفنن في خلق الصراعات فهي تحرض دول الخليج للحرب مع ايران، وتدعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا كما تدعم تايوان تمهيدا للحرب ضد الصين، كما تبنت قيام تنظيم داعش الإرهابي في إطار الرهان على أكذوبة الشرق الأوسط الجديد تحت رايات الإسلام السياسي الموالي لأمريكا، كما حرضت الشيعة على السنة في المنطقة وقسمت العالم العربي إلى مسلمين وغير مسلمين وقدمت الدعم والسلاح والمال للمجموعات الإرهابية في أكثر من مكان، فضلاً عن استخدام الاكراد في نهب ثروات الشمال السوري.
مجملاً….سورية بحاجة ماسة إلى العودة للبيت العربي كما أنها بحاجة ماسة إلى ترتيب بيتها من الداخل وعلى العرب أن يوحدوا صفوفهم ويضعون استراتيجية جديدة للتعامل مع الأزمة السورية من جهة، ووضع استراتيجية واضحة المعالم وخارطة طريق للعمل العربي المشترك، ونحن على يقين أن إصطفاف الدول العربية الى جانب بعضهم سيكون الصخرة التي تتحطم عليها أطماع القوى الإستعمارية.
بإختصار شديد، إن عودة سورية الى مقعدها في جامعة ا لدول العربية سيشكل صفعة جديدة للأعداء وهو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات وعاملاً أساسياً في قيادة الدفة العربية مع نهوض دمشق من جديد .
التعليقات مغلقة.