الاستغلال الفاحش لـ «الهولوكوست» النازي وضع «إسرائيل» فوق القانون الدولي / د. غازي حسين
د. غازي حسين ( فلسطين ) الأحد 14/8/2016 م …
تقول اليهودية العالمية إن الإبادة النازية (الهولوكوست) فريدة من نوعها ولا يمكن مقارنتها بأي حالة أخرى من حالات الإبادة الجماعية للشعوب والأمم عبر التاريخ، كما أنه لا ينبغي المقارنة بينها وبين الإبادة النازية للغجر والشيوعيين الألمان والمعادين للنازية.
وتقول: إن ذكرى الإبادة النازية لا تُنسى، حدثت بحق شعب فريد هو شعب الله المختار، وحوَّلت النخبة الأميركية اليهودية «الإبادة النازية» إلى أدب ومسرحيات، وقصص رعب، وجرائم سحرية تفتق عنها خيالها ونفسيتها المريضة المؤمنة بالضحية عبر الأجيال الماضية.
وقاد هذا الموقف إلى عدم تناول المناهج الدراسية في «إسرائيل» إبادة النازية للغجر وأكثر من 23 مليون سوفييتي وسبعة ملايين بولندي، فالإبادة النازية تعرض وتدرّس على أنها فريدة من نوعها، حدثت فقط لليهود وسوف تتكرر؛ ما جعل اليهودي يستهتر بالقانون الدولي وبحقوق الشعوب والأمم، ويتحلل من جميع القيم الأخلاقية والإنسانية والحضارية في نظرته للشعب الفلسطيني وللعرب والمسلمين وفي تعامله معهم. وتهدف هذه التربية اليهودية والزيارات السنوية التي يقوم بها /25/ ألف تلميذ وتلميذة إسرائيلية إلى معسكر أوشفيتس في بولندا إلى التركيز على فرادة الإبادة النازية وتعزيز الهوية اليهودية والوعي الصهيوني العنصري لدى التلامذة اليهود.. فالتركيز على الإبادة النازية وفرادتها وحصرها باليهود فقط ونشرها بشكل مستمر ومبالغ فيه في الأوساط اليهودية والغربية يخدم المقولة الصهيونية القائلة بحاجة اليهود إلى دولة يهودية وإلى جيش قوي والإمعان في ترحيل الشعب الفلسطيني وإبادته ومسح هويته من الوجود، وتعزيز إيمانهم بالاستعمار والعنصرية والإرهاب والإبادة الجماعية.
إن الإبادة الجماعية النازية، أي ما يسمونه بالهولوكوست، جنون ووحشية أوروبية ضد أوروبيين ولمصلحة النظام العنصري والاستعماري الألماني على حساب الشعوب الأوروبية ومنهم اليهود والقوى المعادية للنازية. وجاءت أوروبا المسيحية بعد القضاء على النازية وحلّت مشكلتها التاريخية مع اليهود بتهجيرهم منها إلى فلسطين العربية، وخلق مشكلة كبيرة وخطيرة ومستمرة ودائمة في قلب المنطقة العربية والإسلامية، أغنى منطقة بالنفط في العالم. وهكذا نقلت الكوارث والمصائب والحروب والهولوكوست الإسرائيلي إلى داخل منازلنا وأراضينا وأوطاننا، بحجة التعويض عن جرائم النازية بحق اليهود ولتبرير إقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية.
فالتعويض يجب أن يتم على حساب وأرض وحقوق الجلاد الأوروبي وليس على حساب الشعب الفلسطيني وبقية العرب والمسلمين لحل المسألة اليهودية في أوروبا.
انطلقت وحشية الإبادة النازية من طبيعة النظام الأوروبي والحضارة الغربية القائمة على العنصرية والاستعمار الاستيطاني والبعثات التبشيرية لاستعباد شعوب آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية ونهب ثرواتهم الطبيعية.
وخدعت «المنظمات اليهودية الأميركية» العالم «بالهولوكوست» لجني الأموال الطائلة من ألمانيا والنمسا وسويسرا، وتعزيز نفوذها وتقوية «إسرائيل» ومنع توجيه الانتقادات لممارساتها الإرهابية والعنصرية والاستعمارية، ولقمع حرية الرأي والتعبير فيما يتعلق بقضية فلسطين والقضايا العربية والإسلامية، ووضع إسرائيل فوق القانون الدولي والأمم المتحدة.
وبالتالي أدى استغلال «الهولوكوست» إلى تسويغ جرائم الحرب والجرائم ضد السلام وضد الإنسانية التي ترتكبها «إسرائيل» بحق الشعب الفلسطيني وبقية شعوب المنطقة، ولجني التعويضات الهائلة والدعم السياسي لخدمة أهدافها وعلى حساب أرواح ضحايا النازية وشعوب المنطقة ولتهجير يهود العالم إلى فلسطين وإقامة أكبر غيتو يهودي استعماري وعنصري وإرهابي في قلب البلدان العربية… والإسلامية.
واكتسب أكبر غيتو يهودي في العالم وهو «إسرائيل» التي أقيمت على أرض فلسطين مكانة الضحية، كما اكتسبت اليهودية العالمية صورة الضحية، وهي الأكثر ثراءً وازدهاراً في الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وفرضوا الحصانة العالمية عليها لمنع إدانتها أو توجيه النقد إليها على ترحيل وإبادة الشعب الفلسطيني.
ويؤكد الأكاديمي اليهودي الأميركي نورمان فنكلشتاين: «إن الهولوكوست بناء أيديولوجي صُنع من أجل مصالح خصوصية، وإن اكتشافه من قبل اليهود الأميركيين هو أفظع من النسيان، كان أهلي يندهشون عندما يجدون أنني مستنكر إلى حدّ كبير تزوير واستغلال الإبادة النازية».
ويؤكد فنكلشتاين مؤلف كتاب صناعة الهولوكوست أنهم (اليهود الأمريكيون) يستعملون الهولوكوست لتسويغ السياسة الإجرامية لـ «إسرائيل» ودعم الولايات المتحدة لهذه السياسة.
وتتجلى جريمة الدول الغربية والحركة الصهيونية إزاء ضحايا الإبادة النازية بما يلي:
أولاً: الجريمة الكبرى للحضارة والدول الأوروبية هي ارتكاب الإبادة الجماعية بحق اليهود الاندماجيين والغجر والشيوعيين الألمان وبقية المعادين للنازية من الشعوب الأوروبية.
ثانياً: الجريمة الوحشية الثانية، إغلاق أبواب الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية أمام هجرة اليهود إليها بناءً على طلب الحركة الصهيونية.. فإما هجرتهم إلى فلسطين أو بقاؤهم في معسكرات الاعتقال النازية.
ثالثاً: استغلال الإبادة النازية (الهولوكوست) للتغطية على «الهولوكوست» الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ووضع إسرائيل فوق الأمم المتحدة.
إن الصهيونية العالمية و«إسرائيل» والإدارة الأميركية وبعض الدول الأوروبية لم يتعلموا من عبر ودروس الهولوكوست النازي، حيث يؤيدون الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ويحافظون على ترسانة أسلحة الدمار الشامل النووية والبيولوجية والكيماوية التي تملكها «إسرائيل» تمهيداً لارتكاب هولوكوست نووي جديد في المنطقة. وهكذا يصبح الشعب الفلسطيني ضحية التزوير والمبالغة والاستغلال الفاحش للإبادة النازية لتسويغ اغتصاب وطنه وتدمير منجزاته وترحيله ووضعه في معسكر اعتقال إسرائيلي أسوأ من معسكرات الاعتقال النازية تماماً كما يحدث حالياً في قطاع غزة والضفة الغربية.
التعليقات مغلقة.