هل غضب الله علينا إلى هذا الحدّ لتؤول ادارة البشرية للبيت الأبيض؟! / الياس فاخوري

 الياس فاخوري* ( الأردن ) – الثلاثاء 25/4/2023 م …



هل علمت نفسُكِ، كما نفس الامام علي، ان السلامة في الدنيا ترك ما فيها!؟
 
فصَارَ اللَّيْلُ مُشْتَمِلاً عَلَيْنَا، ولم يعد لهُ نهارُ .. بل كأنَّ الشَّمْسَ من الإظلام ملبسة ٌ جلالاَ .. ليأتي المتنبي صارخاً وما اِنسَدَّتِ الدُنيا عَلَيَّ لِضيقِها، وَلَكِنَّ طَرفاً لا أَراكِ بِهِ أَعمى، فَوا أَسَفا أَن لا أُكِبَّ مُقَبِّلاً لِرَأسِكِ وَالصَدرِ الَّذي مُلِئا حَزما، وَأَن لا أُلاقي روحَكِ الطَيِّبَ الَّذي، كَأَنَّ ذَكِيَّ المِسكِ كانَ لَهُ جِسما ..
 
نعم عادني اِستِعبارُ جرير، وَزُرتُ قَبرَكِ وَالحَبيبُ يُزارُ، ولَقَد رأيتكِ كُسيتِ أَجمَلَ مَنظَرٍ وَمَعَ الجَمالِ سَكينَةٌ وَوَقارُ .. سقاكَ الغيثُ إنكَ كنت غيثا وَيُسْراً حِينَ يُلْتَمَسُ الْيَسَارُ. وهنا لا بد من تدخل محمود درويش ليبقى مكانك فارغاً، وفراغك أجمل الحاضرين فغيابك شكل من اشكال الحضور الطاغي والمهيمن،  وليس من يبيع النسيان!
 
هل ذهبتِ – في اسبوع الالام والقيامة – لتتحققي ان المسيح جاء من أجلنا، وصُلب من اجلنا، وقام من أجلنا؟! إذن ماذا عن مئات آلاف الهياكل العظمية التي تتكدس في غرف الصقيع، ومن يكترث بذلك؟ “فأي خلاص ذاك على مدى ألفي عام، سوى أن أدمغتنا، وأحذيتنا، تعمل ليل نهار لتحويل الكرة الأرضية الى… مقبرة”، كما قال الكاتب الألماني غانتر غراس (Günter Grass) صاحب (The Tin Drum)!؟ في نظره، أن القارة التي أنتجت كولومبس ونيوتن وكانط وديكارت وفولتير وبيتهوفن، فضلاً عن هيغل واينشتاين، وصوفيا لورين، وصولاً الى أدولف هتلر، باتت في قبضة رجال البنتاغون، “الورثة الفرويديين لرعاة البقر”، عربةً فارهةً تجرّها البغال! اما ريجيس دوبريه فيصفها بالذراع الغبية، لا الذراع الجيوستراتيجية، للبيت الأبيض اذ يضربها الجفاف، وتتقهقر اقتصادياً على نحو مروع مما قد يؤشر للعودة الى أزمة 1929، وربما لظهور أدولف هتلر جديد؟ وهنا لاحظ دوبريه أن الأميركيين “يحاولون احلال الفوهرر محل المسيح في لا وعينا”!
 
 وكيف كانت صدمتك، يا عصفورتنا الأحلى ويا أيقونتنا الأغلى، اذ اكتشفتِ ان جسد المسيح ما زال ينزف وان الله ضاق ذرعاً بنا، وترك مهمة ادارة البشرية للاله الأميركي ليتناثر الدمع فوق خد المجدلية؟! 
نعم، ها هي ديانا ما زالت تتساءل لمصلحة من يتم اختطاف الله واعتقاله ليتخلى للبيــت الأبيض عن صلاحياته في ادارة العالم .. ولمصلحة من يتم نقل جهنم الى منطقة الشرق الأوسط التي كانت قد استضافت ادم وحواء!؟ الم تستنسخ الامبراطورية الامريكية الجحيم بقنبلة هيروشيما ليتفاجئ المخرج الياباني أكيرا كوروساوا، في تلك الليلة، بالسيد المسيح يتكئ على كتفيه ويبكي!؟ الم يستحضروا جهنم للهنود الحمر أهل البلاد؟
وكنا نظن أن الفوضى الايديولوجية والفوضى الاستراتيجية تقتصر على الشرق الأوسط. اما غراس فقد تنبأ بـفوضى سيزيفية كونية (فوضى الكاوبوي/فوضى الشيطان) في الطريق الينا .. فوضى ربما تفضي الى الحرب العالمية الثالثة بعدما ناء الله بأثقالنا وقطع كل علاقة له بنا فاوصد أبواب السماء، واوقف إرسال المبعوثين!
لا أحد يدري، تخشى ديانا، الى أين يتدحرج الكوكب وسط ذلك الدخان الأسود. الأميركيون الذين يراهنون على كسر أنف القيصر، وإلحاق سيبيريا ببلادهم مثلما ألحقت آلاسكا عام 1867، يتخوفون من أن تكون الخيوط ربما أفلتت من أصابعهم! منذ اندلاع الحرب الباردة، والأجهزة الأميركية تبتدع الصراعات العبثية، بما فيها الصراعات الايديولوجية والصراعات القبلية، في الشرق الأوسط لتتولى ادارتها في وضح النهار .
 
من قبلُ زرعوا حصان طروادة في فلسطين، ونجحوا من خلاله في تأسيس الكيان الصهيوني، وفي وضع اليد على ثروات العالم العربي، وفي تحويل البحر المتوسط إلى بحيرة أميركية والعرب الى “نواطير النفط، وبوابو الأبراج العالية” – هم العباءات العالقة بين ساقي شهرزاد (الا تذكرون كيف جعلتهم ثقافة شهريار وليالي شهرزاد الخارجة من غبار داحس والغبراء يتهافتون ويلهثون خلف إيفانكا!؟). اما اسرائيل فهي التكنولوجيا، وهي الديموقراطية، وهي الوعد الالهي ليندمج العرب، كنسخة عن الهنود الحمر، في الحالة الاسرائيلية!
 أما ديانا فما زالت تصر “ان الأبواب تولول، والمدينة تصرخ”: إصابة 9 صهاينة في 16 عملًا مقاومًا بالضفة الغربية والقدس خلال الـ24 ساعة الماضية.
،”انه المأزق الوجودي ذاته – تؤكد ديانا – من أينشتاين الى نتنياهو الى عامي أيالون مثلا (ضع عشرات الخطوط تحت كلمة “مثلاً” – أضف جدعون ليفي،  يوڤال ديسكين، مئير دوغان، أمنون ابراموڤيتش، افراييم هليفي، كارمي غيلو، روني دانييل، بيتي موريس – مثلاً أيضاً)،  كما بيّنتُ في مقالي السابق (18/5/2021). ثم ماذا عن إفيغدور ليبرمان الذي يُصر على طرح السؤال: إذا كان هذا هو حالنا في مُواجهة “حركة حماس” فكيف سنستطيع خوض حرب ضدّ إيران و”حزب الله”؟

واليوم  نستدعي دافيد بن غوريون وهو احد آباء الكيان المُغتٓصِب، صاحب الأمنية الشهيرة بان يستفيق “ذات صباح جميل”، ليرى تلك القنبلة الديموغرافية وقد زالت من الوجود!

ديفيد بن غوريون (النبي المسلح) هو احد آباء الكيان المحتل الثلاثة الى جانب حاييم وايزمن وناحوم غولدمان. وايزمن كان عرّاب وعد بلفور .. بن غوريون كان قائد العمل العسكري على الأرض، وهو الذي أمر بالمجازر ضد الفلسطينيين وبتهجيرهم ..غولدمان نظّم حملات المستوطنين وجمع الأموال ونسج العلاقات الدولية. من المعروف ان العلاقة بين وايزمن وبن غوريون لم تكن على ما يرام، لكنها تميزت بالصداقة والمودة والثقة بين غولدمان وبن غوريون مما سمح لهما بالمصارحه في دقائق الأمور.

في كتابه «المفارقة اليهودية»، يوثق غولدمان تفاصيل لقاء “البوح السري/المكتوم والخطير” مع بن غوريون في منزل الأخير سنة 1956:

“في تلك الليلة الجميلة من ليالي الصيف فتح كل منا قلبه للآخر، وكان حديثنا حول مشكلتنا مع العرب. أنا لا أفهم سبب تفاؤلك، قال لي بن غوريون. بنظري لا يوجد أي سبب يشجع العرب على إقامة سلام معنا. ولو كنت، أنا شخصياً، زعيماً عربياً لما وقّعت على شيء مع إسرائيل. وهذا أمر طبيعي جداً إذ نحن الذين قمنا بالسطو على بلدهم. لقد انتزعنا منهم بلدهم. صحيح أنها وعد من الله لنا، ولكن لماذا سيهمهم ذلك ؟!…إن إلهنا غير إلههم. نحن أصلنا من إسرائيل، وهذا صحيح، لكنّ ذلك يعود إلى 2000 سنة خلت: ماذا يعني لهم ذلك؟!…لقد ظهر العداء للسامية، وظهرت النازية وهتلر وأوشفيتز. هل هذه غلطتهم؟… إنهم لا يرون سوى شيء واحد: لقد جئنا وسرقنا بلدهم. فلماذا عليهم أن يقبلوا بذلك…؟!”.

واضاف بالحرف: “اسمع يا ناحوم. لقد أصبحت على مشارف السبعين من عمري. فإن سألتني ما إذا كان سيتم دفني، إثر موتي، في دولة إسرائيل لقلت لك نعم. فبعد عشر سنوات أو عشرين سنة سيبقى هنالك دولة يهودية. ولكن إذا سألتني ما إذا كان ابني عاموس، الذي سيبلغ الخمسين من عمره في أواخر السنة الجارية (1956) ، سيكون له الحظ بأن يدفن بعد موته في دولة يهودية فسوف أجيبك: 50/50” .. بذعرٍ شديد قاطعه غولدمان: “كيف لك أن تنام على هذا التوقّع فيما أنت رئيسٌ لحكومة إسرائيل؟!”، فأجابه كمن يطلب النجاة من الآتي: “من قال لك إنني أعرف ما هو النوم يا ناحوم!”.

هذا تشكيكٌ بٓيِّن ٌ بقدرة الصهيونية “الأصيلة” على تأمين توريث مستدام للصهيونية “البديلة” بكل ما أوتيت من عمالة وخيانة فلربما يأتي يوم تنتفض فيه الأجيال الجديدة، كما يعتقد بن غوريون، على نهج الخيانة وتدين الخونة معيدةً الاعتبار إلى الوطنيين المضطهدين من قبل الصهيونية الأصيلة والصهيونية البديلة، فتنقلب الدنيا رأساً على عقب ويستحيل الحلم الصهيوني كوابيس تدمر أصحابه وأذنابهم … وهو، أعني بن غوريون، واثق أن زمن العمالة والتطبيع لن يدوم، وان اسرائيل الى زوال!”

ديانا (بالاذن من بلقيس نزار) .. 
أيتها المطهرة النقية .. 
سبـأٌ واخواتها يفتشن عن مليكتها 
فردي للجماهير التحية .. 
يا أعظم الملكات .. 
يا امرأةً تجسد كل أمجاد المقاومة الابية ..
دائمة هي فلسطين، والدائم هو الله
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
 
* الياس فاخوري – كاتب عربي اردني

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.