مفاجآت أردوغان…. وحل الأزمة السورية خلال الأسابيع القادمة / د.خيام محمد الزعبي
د.خيام محمد الزعبي ( سورية ) الثلاثاء 16/8/2016 م …
إن التفاهمات الدولية والإقليمية التي تجري بوتيرة متسارعة أشبه اليوم بقاطرة قادرة على تجاوز كل المشاكل والصعاب، حيث تتواصل اللقاءات والنقاشات، منها المعلنة والغير معلنة، بشأن الأزمة في سورية، وسبل التوصل الى إيقاف الحرب هناك، وإذا ما نجحت هذه التفاهمات في إيقاف القتال، فإن ذلك، سيقود الى تعزيز خارطة الأحداث ومجريات الأوضاع في سورية، بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب التي بدأتها القوى الغربية وحلفاؤها، لكن السؤال الأبرز لدى كل المحللين الدوليين هو: هل يمكن أن تحصل مفاجأة ويغير أردوغان سياسته تجاه سورية؟.
إن النجاح في ترتيب أوراق التحالفات وتوحيد وجهتها تجاه داعش وأدواتها قد تقود ضمناً الى حالة من التقارب السياسي قد تؤسس لتجاوز معضلات التفاهم حالياً وتقدم مناخاً مناسباً أكثر إيجابية لإنطلاق قطار الحل السياسي في سورية، كثيرة هي المعطيات والدلالات التي فرضت التغيير في الموقف الدولي والإقليمي، أهمها: صمود الشعب السوري وجيشه فى مواجهة المؤامرة، وصلابة الموقف الروسي الإيراني، غياب إستراتيجية دولية لمكافحة داعش وأخواتها،عدم قدرة المجموعات المسلحة على تحقيق أي إنجاز إستراتيجي وعسكري، وغياب أي رغبة أمريكية -غربية في التدخل العسكري، وتوسع الإرهاب في المنطقة، فضلاً عن موجات اللاجئين الى أوروبا والمناطق الأخرى، لكن إذا كان التعاطي الدولي مع الأزمة السورية قد تغير تماماً بعد مضي كل هذه السنوات، فإن مرور معادلة الحل في سورية عبر التفاهم الدولي والإقليمي يقتضي ان يتم التعامل مع الأمور من باب تقديم التنازلات من جميع الأطراف ذات الشأن بالأزمة السورية، إذ تدرك تركيا تماماً أن الدخول الى المرحلة القادمة يتطلب المرونة وتقديم بعض التنازلات ويبدو أن هذه القناعة هي التي عبر عنها رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن أنقرة تتوقع حدوث تطورات “في غاية الأهمية” خلال الأشهر الستة المقبلة، كل هذه الأسباب والمتغيرات العربية والإقليمية والدولية كان طبيعياً أن يحاول أردوغان اللحاق بالركب في تغيير سياسته، وبذلك أدرك أردوغان متأخراً أن سقوط الدولة السورية لن يكون لمصلحة تركيا، كما كان يعتقد، بل إن إنهيار الدولة سيؤدي إلى حدوث مشاكل داخل تركيا نفسها، ويدفع بالأكراد إلى إعلان دولتهم على الحدود مع تركيا، مما ستكون له تبعاته الحظيرة على وضع الأكراد داخل تركيا.
في حراك دولي جديد قد يؤثر بشكل مباشر على مسار الأزمة السورية ومجرياتها، فقد أفرزت هذه الأزمة تحالفاً روسياً تركياً إيرانياً بدأت ملامحه تتشكل بعدما إتفقت تركيا وإيران على التفاهم لحل الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن، رغم الخلافات حول مصير الرئيس الأسد، فعلى الرغم من الخلافات الجوهرية بين الطرفين إلا أن أنقرة تنظر الآن إلى الخروج من العزلة الدوليّة بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة والتقرب من موسكو وطهران بعد أن أدركت إبتعاد الغرب عنها وعدم تضامنه معها، وتأتي مساعي التسوية هذه بعد التحركات السياسية عقب زيارة أردوغان إلى موسكو ولقائه بوتين، واتفاق الطرفين على إنشاء آلية ثلاثية مؤلفة من موظفين في الاستخبارات والجيش والسلك الدبلوماسي تعمل لإنهاء الصراع في سورية، وحماية وحدة أراضيها، ومكافحة الإرهاب، معتبرين أن “على الشعب السوري أن يقرر مستقبله بنفسه”، كما يتعهد أردوغان بإغلاق الحدود التركية السورية في وجه أي إمدادات بشرية أو تسليحية أو مالية للجماعات السورية المسلحة المتهمة بالإرهاب.
بالمقابل أعلن يلدريم، أن نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سيزور تركيا في 24 من هذا الشهر، وتأتي هذه الزيارة في ظل توتر ساد العلاقة بين أنقرة وواشنطن بسبب رفض الأخيرة تسليم غولن إلى السلطات التركية لعدم توفّر الأدلة الكافية على قيادته محاولة الإنقلاب الفاشلة، كما يحمل بايدن في جعبته الكثير من الحلول والمقترحات بشأن الأزمة السورية، خصوصاً في ضوء قمة أردوغان – بوتين الأخيرة التي اعتبرت بمثابة صفحة جديدة في علاقات البلدين وخطوة هامة باتجاه تغيير الموقف التركي من الأزمة في سورية وتسويتها، فضلاً عن عمليات مشتركة لصد تنظيم لداعش وأخواتها.
على صعيد متصل هناك خطوة جديدة تخطوها تركيا في اتجاه إصلاح ما أفسدته سياتها الخارجية خلال الفترة السابقة، حيث كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تبني “آلية قوية” مع روسيا وإيران في مسعى لإنهاء الحرب والصراع في سورية، كما أن تركيا باتت جاهزة الآن لتغيير منهجها إزاء الأزمة السورية، بعدما كانت في السابق ترى بأن رحيل الأسد هو الأولوية الأولى بالنسبة لها، أما حالياً فإن ذلك لا يعتبر شرطها الأول، فهي تهتم الآن بأمنها القومي، وما يحصل من تحركات لوحدات حماية الشعب الكردية على حدودها مع سورية يشكل مصدر إزعاج وقلق كبيرين لأنقرة.
مجملاً…. إن القرار السوري- الإيراني- الروسي- حاسم بشأن معركة حلب وما من مجال للتراجع او الخسارة، فالرئيس الأسد يتابع سير المعركة بكل تفاصيلها الدقيقة ومعطياتها المختلفة، فالجيش السوري وحلفائه مستمرون بحربهم ضد الإرهاب حتى تحقيق النصر، وستكون الكلمة الأخيرة للجيش السوري في إقتلاع الإرهاب وإجتثاثه من المنطقة، وبإختصار شديد يمكنني القول إن الأوضاع في سورية خلال الفترة القادمة رهن التفاهمات والإستراتيجيات التي يتفق عليها الثلاثي ( السوري- الروسي- الإيراني) بشأن قيام آلية مشتركة لدعم التسوية السورية وطرد داعش وأدواتها من المنطقة بأكملها.
التعليقات مغلقة.