التفاهم الأميركي – الروسي على حلب
الثلاثاء 16/8/2016 م …
الأردن العربي – قاسم عز الدين …
ما أعلنه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بشأن التقارب مع واشنطن على صيغة في حلب، هو حصيلة مباحثات مطوّلة في عمان وجنيف وفي اتصالات ثنائية لوقف الأعمال القتالية داخل المدينة، فكافة المقترحات التي تدرسها واشنطن وموسكو هي مواضيع عملية تنحصر فقط في حلب، للنضال سوياً من أجل استعادة السلام، كما قال.
البعثة الروسية في مجلس الأمن أوضحت إطار الاتفاق المرتجى، رداً على المشروع البريطاني الذي يدعو إلى صيغة خان طومان التي سهّلت استغلال الجماعات المسلحة للهدنة في الحشد والهجوم المضاد، فاشترطت موسكو الموافقة على هدنة لا تسمح بتدفق المقاتلين الأجانب، وتمرير المساعدات الإنسيانية عبر طريق الكاستيلو.
والأهم أنها اشترطت انفصال الجماعات المسلّحة، التي لا يريد تحالف واشنطن أن تقصفها موسكو، عن النصرة و”داعش”. وهذا الشرط الأخير أعاد شويغو التذكير به مجدداً، كما يذكّر المسؤولون الروس بشكل شبه يومي.
واشنطن تتجنّب التفاهم مع موسكو على إحداثيات الجماعات التي تسميها معتدلة، تهرّباً من معضلة تداخلها مع جبهة النصرة في جبهة واحدة، لكنها قد توافق على دخول المساعدات عن طريق “الكاستيلو” تحت إشراف الأمم المتحدة على الرغم أن الوثيقة الروسية تشدّد على التنسيق مع الحكومة السورية. وربما تأخذ الصيغة الروسية – الأميركية هذا الطابع الإغاثي الإنساني الذي يتيح وقف القتال في حلب، غير أنها تأخذ بالاعتبار التقارب الروسي – التركي في تلبية شرط موسكو باستمرار مواجهة النصرة و”داعش” من دون أن تقدم واشنطن تنازلات على هذا الصعيد ومن دون أن تتدخل مباشرة دفاعاً عن النصرة.
محور البحث الروسي – التركي في اللقاءات الثلاثية المشتركة من الجيش والاستخبارات والخارجية، يدور حول الإحداثيات التي تطالب بها موسكو، وحول فصل الجماعات المسلّحة عن النصرة و”داعش”.
وفي هذا السياق لفت بن علي يدريم في لقائه مع وسائل الإعلام التركية بمقر رئاسة الوزراء، إلى عدم التفاجؤ حيال ما وصفه بتطورات مهمة في الشأن السوري، وهو إذ لم يعد يتحدث عن رحيل الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، يتقارب مع موسكو بشأن مكافحة الإرهاب على الرغم من الأولوية التركية في مواجهة وحدات حماية الشعب. وهذه المواجهة غير مطروحة على بساط البحث في موسكو ولا هي بمتناول يدها، لكنها يمكن أن تجر في طيّاتها ما تأمله موسكو من أنقرة في البدء في التحضير لفصل الجماعات التي تريد تحييدها من الضربات الروسية عن النصرة.
التباين الذي أطلقه مسؤول العلاقات الخارجية في حركة “أحرار الشام”، لبيب النحاس، قد يكون مؤشراً على إيعاز تركي سانده المتحدث الرسمي باسم الحركة أحمد قره علي رداً جبهة النصرة والمتحدث باسمها حسام الشافعي.
وربما تكون العملية الانتحارية في أطمة ضد فصيلي فيلق الشام وحركة نور الدين الزنكي، مؤشراً آخر؛ ففي بيان تبنّي العملية أعلن “داعش” أن هذه القوات كانت تتجه من محافظة إدلب عبر الحدود السورية مع تركيا، لقتاله في حلب.
وفي هذا السياق تزداد هواجس بعض المنضوين في الائتلاف المعارض من موافقة أنقرة على تقريع المعارضة الذي أفصح عنه المبعوث الأميركي مايكل راتني في اسطنبول، بسبب تجاهلها الحوار مع موسكو.
شيءٌ ما يتغيّر في تركيا بشأن سوريا على ضوء التقارب مع موسكو، هي العبارة التي يلهج بها الإعلام التركي ولا ينفيها المسؤولون الأتراك، بل يؤكدوها بإشارات وتلميحات. والتحرك الدبلوماسي الإيراني باتجاه أنقرة يعزّز التفاؤل بما وصفه مساعد وزير الخارجية جابر الأنصاري، بحث المتغيرات في زيارته المرتقبة. وعلى هذا الطريق تبدأ مسيرة الألف ميل في حل الأزمة السورية بخطوة تركية في حلب. وبموازاتها تبزغ صيغة شويغو على حلب إن انحسرت عنها عواصف الليل يصيح ديك الفجر في سوريا والمنطقة.
التعليقات مغلقة.