بَخٍ بَخٍ محمود عباس !! / سماك العبوشي

سماك العبوشي ( العراق ) – الجمعة 16/8/2024 م …    

استيقظ الرجل فجأة، وارتدى حلته القشيبة، وشدّ الرحال الى تركيا لإلقاء خطابه (الثوري) من على منصة قاعة البرلمان التركي وبحضور الرئيس التركي أردوغان، وصرّح بالقول وسط تصفيق كبير بأنه (قرر) أن يتوجه مع جميع أعضاء القيادة الفلسطينية الموقرة الى غزة، مع التنويه والتأكيد بأنه لن يدخر جهدا كي يعمل كل ما في طاقته لكي يكون مع شعبه لو كلف ذلك حياته، وان حياته ليست بأغلى من حياة أصغر طفل سواء في غزة أو من الشعب الفلسطيني، هذا ولم ينس في آخر كلماته المؤثرة تلك ترديد العبارة الشهيرة الأثيرة للناطق الرسمي باسم حركة حماس أبي عبيدة: (النصر أو الشهادة)!!




لا تتعجبوا من صحوته المتأخرة تلك، وترديده لعبارة النصر أو الشهادة، فلربما كان الرجل قد أصابه ما أصابه من داء النسيان لكبر سنه فقد بلغ 88 عاما من عمره المديد، أو لربما كان مستغرقا في نومه نتيجة تعبه وإرهاقه وما أصابه من إعياء شديد من كثرة أعبائه ومسؤولياته بتأمين وترسيخ وتوطيد أسس (التنسيق الأمني المقدس) مع دولة الاحتلال، ففاته أمر رعيته وما قد أصابهم من لأواء وبطش وتنكيل وسفك للدماء على يد جيش الاحتلال، تاركا أمر فلسطين وعبء تحريرها إلى مقاومة فلسطينية مؤمنة أصيلة، فجاء الآن لإنصافهم واسترجاع حقوقهم ودحر عدوهم!!  

وأقول للرئيس المجاهد محمود عباس:

ما الذي أقضّ مضجعك سيدي الرئيس المفدى، وأيقظك من نومك وأحلامك يا ترى!!؟

لِمَ هذا الاستعجال بقرار ذهابك الى غزة العزة بعد مرور عشرة أشهر من الإبادة الجماعية التي تجري هناك على أيدي قوات الاحتلال بمساندة ومعونة أمريكية، وقد دمرت عن بكرة أبيها، وسفكت دماء أبنائها وبلغ عدد شهدائها الأربعين ألفا (نصفهم أو أكثر من الأطفال والنساء)، مع سقوط تسعين ألفا من الجرحى والمصابين!!

وأخيرا وليس آخرا، هل شاورت أعضاء قيادتك الفلسطينية الموقرة قبل صحوتك هذه وإعلانك الثوري المفاجئ، أم أنك أخذتهم على حين غِرّة فأسقط في أيديهم!!؟

وفي كل الأحوال، وضمانا – سيدي الرئيس محمود عباس – لعدم تجشمك عناء سفرك واحتمال تعرضك (خطأ او سهوا أو قصدا) لمكروه ( لا قدر الله ) على يد قوات الاحتلال فيليه اعتذار من قوات الاحتلال، أو ما  ستواجهه من إهانة حتمية، وتحقير مؤكد، واستفزاز وصد وعزوف صارم من قبل أبناء رعيتك في غزة العزة الذين لا يطيقون رؤية طلتك أو سماع صوتك، وعوضا عن دعوتك للأمم المتحدة لتأمين دخولك وأعضاء قيادتك الفلسطينية الموقرة إلى أرض الرباط والجهاد والصمود غزة، فإنني أتقدم لسيادتك باقتراح وجيه وبسيط وفيه منفعة وطنية كبرى وعظيمة لأبناء رعيتك في الضفة، وسيدخل البهجة الى قلوبهم من جانب، ومن جانب آخر فإنه سيرفع من شأنك وقدرك، ويلمع صورتك المزرية المتهاوية أمام أبناء رعيتك، واقتراحي لك سيدي هو التالي:

1- أن تقوم بإعادة تفعيل وتنشيط للوعي الوطني المُغَيّب لأفراد قواتك الأمنية الفلسطينية، كي يستعيدوا ذاكرتهم الوطنية ويتذكروا مبادئهم وأنهم فلسطينيو الأصل والانتماء والولاء، وبالتالي يكفون أذاهم، ويوقفون ملاحقاتهم المستمرة لشباب ونشطاء فلسطين الرافضين والمقاومين للاحتلال، وعدم الزج بهم في معتقلات وسجون رام الله للتنكيل بهم، أو تسليمهم لقوات الاحتلال الإسرائيلي!!

2- أن تمارس صلاحياتك الرئاسية والدستورية بإصدار توجيهاتك وأوامرك المشددة لأفراد قواتك الأمنية الفلسطينية، للوقوف إلى جانب إخوانهم وأبناء بلدهم من أبناء الضفة والقدس تحديدا والتصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي استباحت مدن وقرى سلطتك (الوطنية)!!

3- أن تأمر قواتك الأمنية الفلسطينية لتحمل مسؤولياتها الوطنية بالدفاع عن أبناء مدن وقرى الضفة الغربية وحمايتهم من استباحة وغطرسة وعبث قطعان مستوطني الاحتلال والتي تجري بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي وأمام ناظري قواتك الأمنية ذاتها!!

4- أن تعمل قيادة السلطة الفلسطينية، لاسيما وان دولة فلسطين تحمل صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، أقول عليها أن تستثمر عملية طوفان الأقصى وما نتج عنها من حضور قوي للقضية الفلسطينية من جديد في المحافل والمؤسسات الدولية وعند الرأي العام العالمي بعد فترة طويلة من التغييب والتجاهل في ظل محاولات التصفية لحقوق الشعب الفلسطيني التي بلغت ذروتها في صفقة القرن، ونقل عاصمة دولة الاحتلال إلى القدس، والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، دون أن يكون هناك اعتراض دولي حقيقي على دولة الاحتلال الإسرائيلي!!

إن قيادة السلطة الفلسطينية، وللأسف الشديد وقفت دون حراك حقيقي لاستثمار تداعيات طوفان الأقصى بما يخدم قضية فلسطين، والشيء بالشيء يذكر، ولا أتجنى لو قلت بان السلطة الفلسطينية قد خذلت قضية فلسطين وشعبها، واستشهد بما جاء في مقال بعنوان: “كيف خذلت السلطة الفلسطينية شعبها!!؟، بقلم غيث العمري والمنشور بتاريخ19  تشرين الأول / أكتوبر 2023 في موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

( (the Washigton institute for near east policy، وأقتبس نصا ورد فيه: ( لو كانت “السلطة الفلسطينية” حكومة أكثر فعالية ونظيفة، وتحظى بثقة شعبها بشكل أفضل ، يمكن تصور عودة “السلطة الفلسطينية” إلى غزة عند انتهاء هذه الحرب وقيادتها لعملية إعادة الإعمار والتعافي، ولكن الفلسطينيين ليس لديهم ثقة في قيام “السلطة الفلسطينية”  بوضع مصالحهم في الاعتبار، كما أن المجتمع الدولي لا يثق بقدرتها على إدارة الأموال بالمبالغ المطلوبة لإعادة الإعمار، وتفتقر السلطة الفلسطينية على أي حال إلى البنية التحتية المؤسسية الضرورية للاضطلاع بهذه المهمة)!!.

هذه هي الحقيقة للأسف الشديد، وكما قيل في أمثالنا العربية، إذا عرف السبب بطل العجب، وللوقوف على أصل أسباب ومسببات ما وصلت اليه السلطة الفلسطينية من وهن وخنوع وارتهان لأوامر الاحتلال، وإلى عدم ثقة أبناء شعبها بها وبقيامها بالدفاع عن أبناء رعيتها في الضفة وغزة، أقول بأن مرد ذلك يعود في حقيقة الأمر الى تغير أولويات وقناعات محمود عباس وسلطته الفلسطينية وتحول بوصلتها من المناداة بتحرير فلسطين ومقاومة الاحتلال، الى دعوات يطلقها بين الفينة والفينة تنادي بالاستنكار والشجب تارة، وتارة أخرى مناداة ودعوات باتت هذه الأيام تتمحور حول أهمية وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وتأمين انسحاب قوات الاحتلال عن أراضيها، ومنع التهجير القسري، وعودة النازحين الى بيوتهم، ووقف الاستيطان في الضفة والقدس، كما جاء بخطابه الثوري المؤثر الأخير الذي ألقاه أمام برلمان تركيا وأقتبسه نصا: “أولويتنا اليوم هي وقف العدوان الإسرائيلي والانسحاب الكامل والفوريّ منه، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية، ومنع التهجير القسري، وعودة النازحين إلى بيوتهم ووقف الاستيطان وجرائم قوات الاحتلال ومستوطنيه في الضفة والقدس”!! 

وإزاء ما جاء بالفقرة أنفا، فإنني أتوجه للسيد محمود عباس بالسؤال:

أما دار بخلدك يوما سيدي الرئيس عباس بأن ما جرى ويجري الآن من اعتداءات وانتهاكات في غزة والضفة إنما هو انعكاس طبيعي وتداعيات منطقية لسياسات قيادتك الفلسطينية المنبطحة ونهجها العبثي الساعي خلف مفاوضات وهمية عبثية كانت قد جرت طيلة العقود الثلاثة المنصرمة منذ انطلاق قطار أوسلو، والتشبث والتمسك فيما بعد بما يسمى (التنسيق الأمني المقدس)!!؟    

كم أتمنى ألا أردد: تمخض الجبل فولد فأرا!!

قال تعالى بشأن المنافقين في محكم آياته من سورة التوبة، الآية 46:

“وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ”.

ولا نامت أعين الجبناء!!

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تسعة عشر − ستة =