المغرب في رقعة الشّطرنج الإمبريالية / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الخميس 22/8/2024 م …  

يحتل المغرب موقعًا استراتيجيا بين إفريقيا وأوروبا، بين البحر الأبيض المتوسط شمالا والمحيط الأطلسي غربًا، فضلا عن الصحراء، فهو بوابة إفريقيا إلى أوروبا ولذلك حافظت فرنسا (وأوروبا) والولايات المتحدة على مواقعها، بل عزّزتها بفعل تواطؤ البرجوازية الكُمبرادورية المحلية، كما إن علاقات النظام المغربي مع الكيان الصهيوني متطورة، منذ استقلال المغرب سنة 1956، وأعلنت العائلة المالكة استعدادها لدعم تغلغل الكيان الصهيوني في المغرب العربي وإفريقيا، وقدّم النظام المغربي خلال فترة حكم الحسن الثاني معلومات عن الإجتماعات المُغْلَقَة للجامعة العربية، وتجسس النظام المغربي على بعض النواب وبعض المؤسسات الأوروبية ( فضيحة بيجاسوس) لصالح الكيان الصهيوني سنة 2021، بعد توقيع اتفاقيات “أبراهام”، سنة 2020، وهي اتفاقيات عمالة واضحة للأنظمة العربية ومن بينها المغرب، مُقابل اعتراف الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ( ثم سوف يأتي دور الدّول الأوروبية) بسيادة المغرب على الصّحراء الغربية، ضمن مخطط أمريكي يجعل من المغرب حارسًا للمصالح الإمبريالية غربي الوطن العربي، والكيان الصهيوني في المشرق، وبذلك يكون دور الكيان الصهيوني والمغرب مُكمّلا لدور الأسطول السّادس الأمريكي الذي يجوب البحر الأبيض المتوسط، وزاد اهتمام فرنسا بالمغرب كقاعدة للإمبريالية، فاعترفت بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، بعد انهيار نفوذها في دول غربي إفريقيا واضطرارها إلى الإنسحاب من الضّفّة الجنوبية للصّحراء الكبرى ( مالي والنيجر وبوركينا فاسو)، وتعتبر الحكومة الفرنسية الحالية والتي سبقتها الاستقرار السياسي والاقتصادي في المغرب وسيلة لضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة التي تحتوي كميات كبيرة من الفوسفات ( في الصحراء الغربية)، وهو مادة أولية للأسمدة والعديد من المواد الكيماوية والغاز في موريتانيا والسينغال والثروات البحرية في سواحل المحيط الأطلسي، ويلعب المغرب منذ عُقود دور مُزَوّد أوروبا بالطّاقات البديلة (خصوصًا الطاقة الشمسية ومحطات الهيدروجين) وبالعمالة الرخيصة وبالإنتاج الزراعي والأسماك بأسعار رخيصة، مقابل توسيع ميناء طنجة وتصدير بعض رؤوس الأموال الأوروبية وإقامة بعض مصانع تركيب السيارات وبعض أجزاء الطّائرات، ومُقابل أداء المغرب ( إلى جانب دول المغرب العربي الأخرى) دور الشُّرطي المُتعاقد من الإتحاد الأوروبي لحراسة حُدُود أوروبا قبل البحر الأبيض المتوسّط، ومَنْعِ تَدفُّق المُهاجرين الذي خرّبت أوروبا والولايات المتحدة بلدانهم، وخربت ليبيا حيث كان يعمل ثلاثة ملايين إفريقي، كما خربت الولايات المتحدة مشروع خط أنابيب نقل الغاز من نيجيريا إلى البحر الأبيض المتوسط بطول حوالي سبعة آلاف كيلومتر،عبر الجزائر، ليمر عبر المغرب فضلا عن كابلات وخطوط أنابيب الغاز التي سوف تأتي مكن السينغال وموريتانيا، لتكون الجزائر الخاسر الأكبر اقتصاديا، فضلا عن الهزيمة الدّبلوماسية بشأن قضية الصّحراء الغربية، بعد أن تجاهلت دول أوروبا ومجالسها النيابية قرارات الأمم المتحدة وقرارات القضاء الأوروبي بشأن الصحراء وعدم شَرْعِيّة نشاط الشركات الأوروبية في الأراضي ومياه الصّيْد الإقليمية الصحراوية…  




مُقَدّمات التطبيع العلني 2021

تسارعت خطوات تطبيع العلاقات بين النظام المغربي ( الذي يرأس مَلِكُهُ لجنة القُدْس) والكيان الصهيوني منذ تولّى محمد السّادس السلطة، خلفًا لأبيه الحسن الثاني، سنة 1999، وتُوِّجت باتفاق 22 كانون الأول/ديسمبر 2020، الذي أدّى إلى الإستئناف الرسمي للعلاقات بين الرباط وتل أبيب، مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وتعزّزت الشراكة الأمنية بين نظام المغرب والكيان الصّهيوني، خلال ثلاث سنوات ونصف من التطبيع الرسمي المُعْلَن، رغم التّنديد الرّسمي بالمجازر الصهيونية في غزة، وسط استياء كبير للمواطنين، تجسّد في احتجاجات ومظاهرات، خصوصًا منذ عُدوان تشرين الأول/اكتوبر 2023، وتُطالب الحركة الاحتجاجية – بدعم العديد من الأحزاب والنقابات والجمعيات – بإنهاء العلاقات مع الدولة الصهيوني.

كشف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) إن الكيان الصهيوني يحتل المرتبة الثالثة في تصدير الأسلحة إلى المغرب – بعد الولايات المتحدة وفرنسا – خلال الفترة 2020-2023، وأعلن المعهد (آذار/مارس 2024) عن صفقة اشترى بموجبها المغرب نُسْخَتَيْن من القمر الإصطناعي الإستخباراتي الصّهيوني أوفيك 13، بقيمة مليار دولارا، وهي مركبة استطلاع فضائية يستخدمها جيش العدُوّ، من تصنيع شركة صناعات الفضاء الصهيونية التي تُنافس الشركات الأوروبية في بعض مناطق نفوذها في إفريقيا، وكان المغرب يستخدم الأقمار الصناعية للاستطلاع التي صنعتها شركتا إيرباص وتاليس ( فرنسا)، ويشمل برنامج هذه الأقمار الإصطناعية عمليات إطلاق واستقبال أرضي ومعالجة صور بالإضافة إلى تدريب مهندسين مغاربة، بما يتراوح بين 500 و585 مليون يورو، ويخطط الكيان الصهيوني لاستخدام هذه الصّفقة مع المغرب من أجل بيع أوفيك 13 إلى دول إفريقية أخرى، من بينها نيجيريا وساحل العاج، وفق وكالة الصحافة الفرنسية يوم 22 تموز/يوليو 2024.

أعلنت الدّعاية العسكرية للكيان الصهيوني إن وحدةً للاستخبارات الخاصة في الجيش وأجهزة المخابرات استخدمت “أوفيك 13″، منذ سنة 2000 في سوريا، ثم لتحديد الأنفاق ومخابئ الأسلحة في في قطاع غزة،

كتبت وكالة الصحافة الفرنسية يوم الخامس من شهر أيار/مايو 2024 نقلاً عن القائد السابق لسلاح الجو الصهيوني: “يستعد المغرب للدخول في الدائرة المغلقة لمصنعي الطائرات العسكرية بدون طيار، بفضل التعاون مع شركة BlueBird Aero Systems المملوكة جُزْئِيًّا لشركة الصناعات الجوية الحكومية الإسرائيلية “، وكانت مجلّة “زونا ميليتار” (منطقة عسكرية) قد نشرت يوم 13 نيسان/ابريل 2024، تصريحًا أكّد خلاله القائد السابق لسلاح الجو الصهيوني ” إنشاء وحدة لإنتاج الطائرات بدون طيار (ASP) في المغرب، ستبدأ العمل في المستقبل القريب”، ويُعَدُّ المغرب ثالث دولة إفريقية، بعد جنوب إفريقيا ومصر، تصنع الطائرات العسكرية بدون طيار، غير إن الإنتاج ليس محليا، بل نتيجة تعاقد من الباطن مع عدو يحتل فلسطين وأراضي عربية أخرى وقصف أراضي العديد من الدّول العربية (تونس وليبيا والسودان والعراق وسوريا ولبنان واليمن…)، ولم يَخْتَشِ وزير الدّفاع المغربي (تشرين الثاني/نوفمبر 2023) من إعلان “مشروع تطوير صناعة عسكرية وطنية” تركز على التعاون مع الكيان الصهيوني، خصوصًا في مجال الإستطلاع والإستخبارات وكشف الأهداف، وطلبت الرباط، سنة 2022، مائة وخمسين نسخة من الطائرات الآلية الصهيونية التي يتم استخدامها في أوكرانيا، وسيتم إنتاج جزء منها على الأراضي المغربية.

كشفت بعض وسائل الإعلام عن العلاقات شبه السّرّيّة بين الكيان الصهيوني ونظام المغرب، بمناسبة اغتيال المهدي بن بركة في باريس سنة 1965، بتواطؤ بين استخبارات فرنسا والمغرب والكيان الصهيوني، ربما بإشراف أمريكي، وتُؤَكِّد مؤشرات عديدة متانة العلاقات بين العائلة الحاكمة في المغرب منذ محمد الخامس، وقبل الإستقلال الشّكْلي للمغرب سنة 1956، فضلا عن زيارات إسحاق رابين وشمعون بيريز ( بين 1976 و 1985) وغيرهما من مُؤسسي ومسؤولي الدّولة الصهيونية، أما الإعلان الرسمي للتطبيع فيعود إلى سنة 1994 عندما افتتح الكيان الصهيوني مكاتب تمثيل سياسي، سُمّيت “مكاتب اتّصال”، في المغرب والعديد من الدّول العربية الأخرى، بعد توقيع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات اتفاقيات كمب ديفيد، وانقطعت هذه العلاقات رسميا سنة 2000، لكنها استمرت في الواقع بدون ضجة، إلى أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سنة 2021، قبل فترة قصيرة من انتهاء ولايته، تطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني ( بعد إعلان نفس الخطوة لدُوَيْلات الخليج)، ضمن عملية “مُقايَضة سياسية” تعترف بمقتضاها الولايات المتحدة بعملية استيلاء المغرب على الصحراء الغربية وهي مُستعمرة إسبانية سابقة (من 1884 حتى سنة 1975) نَكَّل نظام الحُكم المغربي بالمُقاومين المغاربة من أجل إنهاء الإستعمار بها… 

تطبيع مُبَكِّر، ومُقَنّع

حَظَرت السّلطات المغربية، مباشرة بعد الإستقلال، سنة 1956، نشاط المنظمات الصهيونية، ومن بينها “الوكالة اليهودية” التي كانت تُشرف على نقل مواطنين مغاربة يهود إلى فلسطين المحتلة، وصدر قانون يأمر بسحب جنسية كل من تَجَنَّدَ في الجيش الصهيوني، لكن ذلك لم يَدُم طويلاً بفعل واستعادت الوكالة اليهودية والإستخبارات الصهيونية نفوذها وتم تنظيم ترحيل حوالي 750 ألف مواطن مغربي يهودي بين سنتَيْ 1961 و 1967 ( أو ما يُعادل 3% من سُكّان المغرب آنذاك) للمساهمة في احتلال فلسطين، وتطوّرت العلاقات بين السلطات المغربية والصهيونية وشملت لقاءات مع العديد من الزعماء الصهاينة، وبلغ التعاون مع الكيان الصهيوني حدّ التحالف العسكري والإستخباراتي، تحالف غير متكافئ، يكون العَدُوّ طَرَفَهُ المُهيمن، وتتعارض هذه الخطوات الرّسمية مع طموحات الأغلبية الشعبية التي تُقاوم من أجل حياة أَفْضَلَ وكذلك تضمنًا مع الشعب الفلسطيني…    

تم الإعلان عن إغلاق “مكتب الإتصالات” الصهيوني في المغرب والمغربي في فلسطين المحتلة خلال المجازر الصهيونية التي رافقت الإنتفاضة الفلسطينية، سنة 2000، ولكن لم تنقطع العلاقات، بل اتخذت أشكالاً شبه سِرِّيّة، وتعدّدت زيارات الوفود الإعلامية والعلمية والدبلوماسية بين المغرب ودولة الإحتلال الصهيوني، خصوصًا منذ سنة 2011، سنة الإنتفاضات العربية (بما فيها حركة 20 فبراير بالمغرب)، وتراجع المِنَح والإستثمارات الخليجية في المغرب، وأوْرَدَتْ تسريبات موقع “ويكيليكس” أخبارًا مُؤَكَّدَة عن توقيع اتفاقيات بين الإستخبارات المغربية والصهيونية، منذ 1961، لمُضايقة المُعارضة المغربية والتّآمر على أنظمة الجزائر ومصر ( العدو الخارجي) وتخريب وتشويه نضالات حزب الإستقلال والإتحاد الوطني للقوى الشعبية (العدو الداخلي للنظام المغربي)، وعن لقاءات وزير خارجية العدو، أفيغدور ليبرمان مع نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري، سنة 2009، وأكّدت الصحيفة الصهيونية “يدعوت أحرونوت” سنة  2015 أخْبار التّعاون الإستخباراتي لاختطاف واغتيال المهدي بن بركة (باريس 1965) وكشف مسؤول سابق في الإستخبارات الصّهيونية، سنة 2016، الدور الشّخصي للملك الحسن الثاني في توفير أجهزة تنصّت ومراقبة للإستخبارات الصهيونية أثناء انعقاد القمة العربية بالمغرب، قُبيْل عُدْوان 1967…  

تحاول العائلة الحاكمة تبرئة نفسها من “التَّصَهْيُن” بالتّذكير بوجود ما لا يقل عن 750 ألف مُستوطن صهيوني، تدّعي إنهم رعاياها، رغم مغادرتهم بلادهم المغرب، وتغيير جنسيتهم وتنكّرهم لشعبهم (بالنسبة للمزراحيين – مزراحيم) أو للشعب الذي احتضنهم (بالنسبة للأشكنازيين الذي فَرُّوا من أوروبا إلى المغرب العربي)، بدعم من الملك محمد الخامس مقابل 100 دولار للفرد، ليُساهموا في احتلال وطن الفلسطينيين، وليُشكّلوا طبقة عاملة يهودية رخيصة، تطبيقًا لمبدأ “العمل اليهودي”، وعانوا من عنصرية صهاينة أوروبا (الأشكِناز)، وتدّعي سلُطات المغرب إن هؤلاء لا يزالون “رعايا المَلِك”، بذريعة إنهم “يحنّون إلى بلدهم الأصلي” ويزور ما بين 15 ألف و 20 ألف منهم المغرب – بعد الحُصُول على تأشيرة – أي إنهم يدخلون المغرب ك”إسرائيليين” ساهموا في احتلال فلسطين، وليس كمغاربة، ويأتون كما الأوروبّيّين بغرض السياحة الرخيصة أو الإستثمار واستغلال العمالة المغربية الرخيصة، وكذلك بغرض التّجسّس، وبذلك تخلّت العائلة المالكة للمغرب عن مواطنيها (رعاياها) واعترفت باحتكار تمثيل الكيان الصهيوني ليهود العالم، وفق “بيير فيرميرين” ( Pierre Vermerin ) المُتخصص في تاريخ المغرب العربي المُعاصر بجامعة السوربون في باريس. 

تشير البيانات الرسمية للعدو الصهيوني إلى وجود تجارة رسمية منذ أكثر من ثلاثة عُقُود مع المغرب (والعديد من الدّول العربية التي ليست لها علاقات رسمية مع العدو الصهيوني) لكن يصعب حصر قيمتها بفعل التجارة بواسطة طرف ثالث، فلكيان الصهيوني يُصدّر العديد من السّلع إلى الدّول العربية وغير العربية، بواسطة شركات متواجدة في جنوب إفريقيا أو هولندا أو الأرجنتين أو غيرها، وتُشير شركة “نتافيم” الصّهيونية إلى إنشاء فَرْع لها في المغرب باستثمارٍ قيمته ثلاثة ملايين دولارا، سنة 2018،  وتشير “غرفة التجارة الفرنسية – الإسرائيلية” إلى أن العديد من الشركات المغربية والإسرائيلية تستخدم قنوات تجارية مَخْفِيّة لإجراء المعاملات التجارية في ظل غموض تام، وأكّدتْ وسائل الإعلام الصهيونية توقيع اتفاقيات تجارية ومعاملات مالية واتفاقيات تعاون بين الشركات الصهيونية والسلطات المغربية في مجالات الأسلحة والسّياحة والتكنولوجيا والزراعة، منذ عقود، ويقوم المُستوطنون الصهاينة من أصل مغربي (أو تونسي) وبعضهم يحتل مناصب وزارية في حكومات العدو المتعاقبة، “رحلات الحج” السّنوية في رحلات مُباشرة من تل أبيب أو عبر مطارات عمّان أو القاهرة أو أوروبا، إلى المغرب ( أو إلى جزيرة “جِرْبَة” بتونس)، مُلَوّحين برايات الإحتلال في مطار الدّار البيضاء (كما في مطار “جربة” بتونس)، وتدّعي وسائل الإعلام المَحَلِّيّة إن هذه الرحلات دليل تعلّق هؤلاء ببلادهم الأصلية، وهو افتراء يُراد منه تمرير عملية التّطبيع، وإظْهارها كمُؤشّر تعلّق بالبلاد الأصلية بدل رفضها جملة وتفصيلاً، لأن هؤلاء أو آباؤهم اختاروا صفّ العَدُوّ وساهموا في استعمار جزء من البلاد العربية وتهجير سُكّان فلسطين، وتُركّزُ وسائل الإعلام المغربية المقربة من “المَخْزَن” (القصر المَلَكِي) على “العلاقة الحميمة” بين الملك واليهود المَحلِّيّين الذين لا يتجاوز عددهم حاليا ثلاثة آلاف، لكن مكّنَهُم النظام القائم من نُفُوذ كبير في الإدارة والإقتصاد، لتبرير اضطهاد واستعباد عشرات الملايين من المواطنين الذي يتظاهرون منذ سنوات عديدة ضد التّطبيع ولإعلان الدّعم للشعب الفلسطيني الذي تتآمر عليه سُلُطات الحُكْم، رغم رئاسة الملك لِلجْنَة القدس… 

خاتمة:

يُعْتَبَرُ النّظام المغربي الرّبِيب المُدَلّل لصندوق النقد الدّولي والبنك العالمي والإتحاد الأوروبي، لأنه يُطبِّق وَصْفَةَ التّبَعِيّة ويُتْقِن دَوْرَ وكيل الإمبريالية والصّهيونية، ويُشارك في المناورات العسكرية الأمريكية ويُؤْوِي قواعد عسكرية أمريكية وفِرق التّجسّس الصّهيونية، ولا يستفيد المواطنون من إطْراء هذه الأطراف، بل يُعاني المواطنون من الفقر والأُمِّيّة وغياب أو ارتفاع أسعار الغذاء والأدوية والرعاية الصحية والخدمات، ويُعانون خصوصًا من البطالة، وعانى جيل انتفاضة 23 آذار/مارس 1965، وجيل مجلة “أنفاس” ومنظمة “إلى الأمام” والإتحاد الوطني للقوى الشعبية – الإختيار الثوري”، وغيرهم من السجون والتعذيب حتى الموت ومن المنفى والإغتيال، ويتميز المجتمع المغربي بحيوية استثنائية – مُقارنة ببلدان المغرب العربي – وبتعدّد أشكال النّضالات المستمرة من اجل تحسين ظروف العيش، وكذلك للتضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث تُعارض معظم الأحزاب ونقابات الأُجَراء ومنظمات “المُجتمع المدني” التّطبيع الرّسمي، ونهج نظام الحُكْم الموالي للإمبريالية وللصّهيونية، وشهدت المُدُن المغربية مظاهرات ضخمة احتجاجًا على العُدوان الصهيوني الحالي ( منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023) والمجازر والتّجويع، وعمومًا يتّسم المجتمع المغربي بِحَيَوِيّة سياسية وثقافية واجتماعية، حيث يحتج الفُقراء على ارتفاع أسعار السّلع والخدمات الأساسية (النّقل والكهرباء والمياه والرعاية الصحية…)، وعرفت البلاد عدّة انتفاضات ضد برنامج التّكَيُّف الإقتصادي (أو “الإصلاح الهَيْكَلِي”)، فضلا عن حركة عشرين شباط/فبراير واحتجاجات منطقة “الرّيف” شمالاً ومنطقة مناجم “جرادة” شرقًا، وتحتج النقابات على الوضع الذي يعيشه الأُجَراء، وتحتج فئات عديدة من المواطنين على خطوات التّطبيع، وما هذه سوى أمثلة، غير إن نظام الحُكْم نجح في تقسيم المُعارضة وتحقيق شبه إجماع حوله سنة 1975، شمل جُزْءًا هامّا من اليسار، عند احتلال الصحراء الغربية التي لم يُطالب بها نظام الحكم – بل اتفق مع الإحتلال الإسباني على الإستيلاء عليها- هذا النّظام الذي نَكَّلَ بمُقاوِمِي جيش التحرير الذي اعتبر الإستقلال منقوصًا ( سنة 1956) ما دام الإستعمار الإسباني موجودًا في الصحراء…     

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

خمسة × 2 =