مقال نظري هام حول رأي لينين بنضال الشيوعيين من خلال المؤسسات البرجوازية / عاطف زيد الكيلاني

عاطف زيد الكيلاني ( الأردن ) – الأربعاء 28/8/2024 م …




رأي لينين في نضال الشيوعيين من خلال المؤسسات البرجوازية يتسم بالتحليل العميق والواقعية الثورية.

لينين، كقائد بارز في الحركة الشيوعية ومؤسس نظرية الماركسية اللينينية، قدم رؤية متكاملة حول كيفية التعامل مع المؤسسات البرجوازية والرجعية من منظور ثوري.

إن فهم موقف لينين يتطلب النظر في عدة جوانب رئيسية تتعلق بموقفه من المؤسسات السياسية والبرجوازية وكيفية استراتيجيات النضال الثوري.

  1. نقد المؤسسات البرجوازية والرجعية:

لينين اعتبر أن المؤسسات البرجوازية، بما في ذلك البرلمانات والأحزاب البرجوازية، تعمل كأدوات للقمع والتسلط الطبقي.

في كتابه “الدولة والثورة”، يجادل لينين بأن الدولة البرجوازية ليست مجرد إدارة للأمور العامة، بل هي أداة لقمع الطبقة العاملة وإعادة إنتاج النظام الطبقي القائم.

من خلال هذه المؤسسات، تقوم الطبقة البرجوازية بالتحكم في السلطة السياسية وتعزيز مصالحها الخاصة على حساب الطبقات العاملة والمحرومة.

  1. البرلمانية كأداة للإصلاح والتعبئة:

رغم نقده الشديد للمؤسسات البرجوازية، كان لينين يرى أن الشيوعيين يمكنهم، في بعض الأحيان، استخدام هذه المؤسسات كوسيلة للتعبئة الثورية وتعليم الجماهير.

في سياق نضال الطبقة العاملة، كانت البرلمانات وأماكن النقاش البرجوازية وسيلة لتسليط الضوء على التناقضات داخل النظام الرأسمالي وفضح محدودية الإصلاحات البرجوازية.

لينين كان يؤمن أن الشيوعيين يمكنهم استخدام هذه المنابر لتأجيج وتأصيل الوعي الطبقي وتحفيز الجماهير على النضال الثوري، لكن دون أن يكونوا مأسورين لأوهام الإصلاح الجذري من خلال هذه المؤسسات.

  1. استراتيجيات النضال:

لينين كان يميز بين الاستراتيجيات التكتيكية والاستراتيجيات الاستراتيجية.

في سياق النضال من خلال المؤسسات البرجوازية، كان يعتبر أن الشيوعيين يمكنهم تبني استراتيجيات تكتيكية قصيرة الأمد لتحقيق مكاسب مؤقتة، لكن يجب أن تكون هذه الاستراتيجيات جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى تغيير النظام بشكل جذري.

كان ينبه إلى أن التواجد في المؤسسات البرجوازية يجب أن يكون هدفه استراتيجيًا ومؤقتًا، وليس بديلاً عن بناء قوة ثورية مستقلة.

  1. دور الحزب الشيوعي:

في نظر لينين، كان الحزب الشيوعي يجب أن يكون قوة ثورية مستقلة قادرة على تقديم بديل حقيقي للنظام القائم.

كان يؤمن أن المشاركة في المؤسسات البرجوازية لا يجب أن تؤدي إلى انصهار الشيوعيين في النظام البرجوازي، بل يجب أن تكون وسيلة لتعزيز قوة الحزب وتقديم بديل ثوري واضح.

من هنا، كان ينبه إلى ضرورة الحفاظ على الهوية الثورية للحزب وعدم الاستسلام للأوهام البرجوازية حول الإصلاحات.

  1. التناقضات الداخلية في المؤسسات البرجوازية:

لينين كان يرى أن المؤسسات البرجوازية مليئة بالتناقضات الداخلية التي يمكن أن تُستغل لصالح الحركة الثورية.

من خلال استغلال هذه التناقضات، يمكن للشيوعيين أن يعززوا من مكانتهم ويعكسوا النفاق والتناقضات الموجودة في النظام البرجوازي.

ولكن، كان يشدد على أن هذا لا يعني الانخراط الكامل في النظام البرجوازي أو المساومة مع قيمه، بل استخدامه كوسيلة لكشف عيوبه وتحفيز النضال الثوري.

  1. دور الثورة البروليتارية:

في نهاية المطاف، كان لينين يؤمن أن الهدف النهائي للشيوعيين هو تحقيق الثورة البروليتارية التي تطيح بالنظام الرأسمالي القائم وتؤسس لدكتاتورية البروليتاريا.

كان يعتبر أن النضال من خلال المؤسسات البرجوازية يجب أن يكون مدفوعًا برؤية أعمق لنظام جديد أكثر عدالة وتقدما، وليس مجرد محاولة لتحسين الوضع الحالي.

الثورة البروليتارية، في نظره، تتطلب بناء قوة جماهيرية مستقلة، وتنظيم سياسي قوي، واستراتيجية طويلة الأمد تتجاوز حدود النظام البرجوازي.

  1. أهمية الوعي الثوري:

لينين كان يؤمن أن الوعي الثوري هو المفتاح لنضال الشيوعيين، ويجب أن يكون هذا الوعي متجذرًا في فهم عميق لطبيعة النظام الرأسمالي وأدواته. من خلال هذا الوعي، يمكن للشيوعيين استخدام المؤسسات البرجوازية بذكاء لتسليط الضوء على تناقضات النظام ولتعزيز النضال الطبقي.

لكن، في نفس الوقت، يجب أن يكون هناك وعي دائم بأن هذه المؤسسات ليست بديلاً عن النضال الثوري الحقيقي.

  1. الخلاصة:

باختصار، كان لينين يرى أن الشيوعيين يمكنهم استخدام المؤسسات البرجوازية والرجعية كأدوات تكتيكية في سياق نضالهم الثوري، ولكن يجب أن يكون هذا الاستخدام دائمًا مدفوعًا بأهداف استراتيجية واضحة تهدف إلى الإطاحة بالنظام الرأسمالي.

في الوقت نفسه، كان ينبه إلى أن الانغماس في هذه المؤسسات أو الاعتماد الكامل عليها قد يؤدي إلى تآكل الحركة الثورية وتحريف أهدافها.

لذا، كان التركيز الأساسي في فكر لينين هو بناء قوة ثورية مستقلة ومواصلة النضال من أجل الثورة البروليتارية، مع الاعتراف بأن التفاعل مع المؤسسات البرجوازية يمكن أن يكون جزءًا من استراتيجية أوسع لتحقيق هذه الأهداف.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

خمسة × خمسة =