الضرورة الموضوعية للإطاحة باليمين الصهيوني العنصري الشوفيني / خليل أندراوسالضرورة الموضوعية للإطاحة باليمين الصهيوني العنصري الشوفيني / خليل أندراوس
خليل اندراوس ( فلسطين المحتلة ) – الجمعة 30/8/2024 م …
الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وخدمة الصهيونية العنصرية الشوفينية – حكام إسرائيل على مدى أكثر من قرن وخاصة الآن خلال حرب إبادة الشعب الفلسطيني في غزة والإرهاب الاستيطاني الكولونيالي في الضفة، هدفهم تعميق التبعية والهيمنة الاستعمارية على دول وشعوب الشرق الأوسط. لا بل وفي العالم أجمع. وكذلك لديهم هدف آخر وهو “تقديس” صناعة الأسلحة التي من الممكن ان تؤدي الى تدمير البشرية في حال نشوء حرب عالمية ثالثة.
لقد كانت خلال عقود محاولات للشعوب العربية من أجل بناء مجتمعات متطورة تقدمية ديموقراطية تعمل على بناء أسس الوحدة العربية، ولكن الغرب الامبريالي وبتعاون مطلق مع القاعدة الامامية للإمبريالية العالمية في الشرق الأوسط إسرائيل والدول الرجعية العربية التي تحكمها طبقة رأس المال الوسيط الكومبرادوري الفاسد المُتحالف الاستراتيجي مع الغرب، عمل هذا الثالوث الدنس على افشال هذا المشروع – مشروع عبد الناصر – عندما قامت إسرائيل بحربها العدوانية الاستباقية ضد الدول العربية عام 1967.
وحرب إسرائيل الآن على غزة لا تهدف الى القضاء على تنظيم حماس بل هدفها تغيير خارطة الشرق الأوسط، ومنع احقاق الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني من خلال إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، واتخاذ الكنيست الإسرائيلي، لا بل المسرحية “والسيرك” – الصهيوني، قرار بأغلبية ساحقة رفض قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل لأكبر دليل موضوعي على ذلك.
الشعب الفلسطيني يمر في فترة حرجة لا بل كارثية لا بل نكبة ثانية، كما قال أحد زعماء إسرائيل في وصفه للحرب على غزة، ومع ذلك نجد هذا الشخص عديم الشعور والأحاسيس الإنسانية ليس فقط اتجاه الشعب الآخر لا بل وحتى اتجاه شعبه يلقى الدعم المُطلق هو وحكومته اليمينية العنصرية الشوفينية الإرهابية من قبل الولايات المتحدة الامريكية الشيطان الأكبر في عصرنا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا واعلاميا واستخباراتيا بحجة الدفاع عن أمن إسرائيل، في حين إسرائيل هي التي قامت بجرائم النكبة، وحرب 67 والحروب المتكررة على لبنان والعدوان المتكرر على سوريا وهي سوية مع الولايات المتحدة وأنظمة الاستبداد الرجعي العربي لا بل الأمريكي وهم من خططوا وحاولوا تقسيم سوريا الى دويلات = دويلة علوية غرب سوريا دويلة كردية شمال شرق سوريا دويلة سنية وسط سوريا ودويلة درزية على حدود إسرائيل خدمة لمصالح إسرائيل الاستراتيجية.
هذه السياسات الامبريالية الصهيونية الرجعية العربية، كان لا بد وأن تخلق محورا يناضل ويكافح ضد هذه السياسات. سياسات الهيمنة والسيطرة الاستعمارية، وإسرائيل لا يمكن أن تكون آمنة الا من خلال احقاق حقوق الحقوق الإنسانية الكونية العادلة للشعب الفلسطيني وليس من خلال الحروب المتكررة والتي يدفع ثمنها ليس فقط الشعب الفلسطيني لا بل أيضا الشعب الإسرائيلي وهنا أريد ات أذكر ما رواه “ماريك هالتر” وهو كاتب يهودي فرنسي يكتب في صحيفة “لوفيغارو” أنه التقى خالد مشعل في دمشق قبل ساعتين من العدوان الإسرائيلي على غزة (عام 2010) وان مشعل قال له “انني مستعد للاعتراف بإسرائيل والاتفاق معها على دولة في حدود 1967… اننا نلجأ الى القوة للحصول على ذلك، ولكننا اذا حصلنا على ذلك بالسلام فسوف نوافق”.
وأذكر هنا أيضا ما كتبه أحمد المسلماني في كتابه “ما بعد إسرائيل” بأنه التقى رئيس الوزراء الروسي السابق “يفغيني بريماكوف” في جزيرة مالطة في ربيع عام 2010، حيث قال بريماكوف للكاتب مسلماني بأنه أي بريماكوف التقى خالد مشعل في دمشق وأنه سمع منه بوضوح أن حركة حماس تقبل بقرار مجلس الأمن (رقم 242) وبدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو – حزيران عام 1967 مقابل الاعتراف بدولة إسرائيل. وإسرائيل ترفض هذا القرار 242 حتى اليوم. فإسرائيل التي ترفض إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 لا ترغب على وجه العموم في إقامة علاقات جيدة علاقات سلام حقيقي مع أي طرف… لا مع الفلسطينيين ولا غيرهم من شعوب المنطقة، لان دورها في المنطقة دور قاعدة عسكرية أمامية للإمبريالية والصهيونية وشركات صناعة السلاح وطبقة راس المال العالمي وخاصة الصهيوني من أمثال آل روتشيلد وعائلة ايدلسون هذه العائلة التي تشترط دعم ترامب بموافقته على ضم الضفة الغربية لإسرائيل.
وحتى الدولة الأكبر والأهم في الشرق الأوسط مصر والتي تربطها اتفاقية “سلام” لا بل اتفاقية الخيانة مع أنور السادات تجد نفسها في وضع العدو الدائم للسياسة الإسرائيلية. وهذه السياسة الإسرائيلية بدأت تتكشف تدريجيا منذ ثمانينات القرن الماضي من خلال خُطط إسرائيلية لتقويض الاستقرار في مصر – سواء عبر دعم فتنة داخلية بين المسلمين والمسيحيين أو عبر دعمها لدول حوض النيل للتضييق المائي على مصر.
وهنا أذكر دراسة أعدها سفير إسرائيل السابق في القاهرة “تسيفي مزرائيل” حول الصراع على النيل … وفيها تحدث مزرائيل عن أتجاه عدد السكان في اثيوبيا والكونغو للزيادة على نحو يجعل البلدين أكبر من مصر. ومن ثم احتياجهم الى كميات كبيرة من المياه في السنوات القادمة وهو ما يجعل مصر في أزمة وربما يدفعها للحرب. وانتهى مزرائيل في دراسته إياها الى ضرورة أن يتم تدويل النزاع على مياه النيل وأن يدخل العالم فيه قبل أن تعلن مصر قيام الحرب!.
فهذا الدبلوماسي السفير السابق لإسرائيل في مصر لا يرى حلا للأزمة التي تتمتع فيها مصر بموقف قانوني قوي للغاية … الا بالتدخل الدولي على حساب الحقوق المصرية في مياه النيل.
وبما أني ذكرت اسم سفير إسرائيل السابق في مصر تسيفي مزرائيل، اريد ان اذكر ما جرى مع كاتب هذه السطور في حفل عشاء عند أحد الأصدقاء مع سفير إسرائيل السابق في مصر يوسي غينات عندما توجه اليّ سائلا، هل سيدي روسي فقلت له لا … سيدي فلسطيني وأنتم (القصد إسرائيل) لو كُنتم تتعاملون مع فلسطينيي الداخل كمواطنين متساوي الحقوق، لكنا أصبحنا سوية جسر السلام مع العالم العربي.
فكان رده وجوابه لي أن استدعى شمعون بيرس الذي وقف بعيدا بعض الأمتار وقال له: تعال اسمع ماذا يقول هذا الشخص. فاقترب شمعون بيرس من كاتب هذه السطور وطرح السلام وسألني هل سيدي روسي فأجبته: لا أنا فلسطيني فطلب مني يوسي جينات أن أعيد ما قلته. فقلت الجملة التي قلتها سابقا. فأجاب شمعون بيرس وقال ليوسي غينات: خذ رقم تلفونه يجب أن اتحدث معه. أي مع كاتب هذه السطور. توفي شمعون بيرس ولم يتحدث معي.
ولاحقا عرفت السبب فخلال عملي كمدير عيادة في طمرة اتخذ قرار بنقلي الى قرية شعب ولا أريد أن أدخل في تفاصيل هذه القضية حينها قال لي أحد الأصدقاء بانه له علاقات مع أحد القيادات السياسية وسيعمل على بقائي في مدينة طمرة. وبعد عدة أيام عاد اليّ هذا الشخص ليخبرني بأنه طُلب منه ان لا يتدخل في قضايا تخُصني لأنهم يعرفوني من ناحية سياسية من خلال عملي في مستشفى صفد.
أقول هذا كتأكيد بأن حتى اليسار الصهيوني لم يسعَ ويعمل من أجل السلام الحقيقي بين الشعب الفلسطيني والإسرائيلي وعندما فُصلت من عملي في مستشفى صفد عام 1987 بحجة اني سافرت الى دولة معادية – الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت – كانت حكومة إسرائيل تمثل “اليسار “الانتهازي الكاذب الصهيوني.
وهنا أذكر ما قاله أحد المؤرخين في إسرائيل حيث تحدث الى مجلة “دير شبيغل” الألمانية عام 2010 مُهددا “لقد جرب الفلسطينيون الانتفاضة، وإذا قاموا بذلك مرة ثالثة سوف يخسرون … الإدارة الإسرائيلية لن تسمح بذلك.. ثم أن القادرين فعليا على القيام بانتفاضة جميعهم في السجون الإسرائيلية”. واليوم آلاف الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية وجزء منهم مُعتقل إداريا هذا الاعتقال غير الإنساني الذي يعاني منه آلاف الفلسطينيين ويتعرضون لأبشع أساليب التعذيب.
والمفاجأة في تحليل هذا الصهيوني الذي يعارض أي انتفاضة فلسطينية هي دعوته للثورة في المملكة الأردنية. يقول سيغيف أياه “إذا انقلب نظام الحكم في الأردن، سيكون ذلك فرصة مثالية لأنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي برمته، في هذه الحالة يمكن أن تكون الأردن والضفة دولة واحدة. فالأغلبية في الأردن من الفلسطينيين، وهناك مُتسع من الأرض وترحيب من الناس، ان الثورة الأردنية هي الثورة المثالية التي يجب أن تقوم”.
هذه هي النظرة المُتغطرسة العنصرية الشوفينية الاستعلائية للأيديولوجية الصهيونية والتي تطرح طروحات تغيير خارطة الشرق الأوسط، فبرأي هذا “الصحفي” “المُفكر” حل القضية الفلسطينية يأتي من خلال شطب الدولة الأردنية، وتعليق علم فلسطين فوق العاصمة عمان.
انها نفس مفاهيم وممارسات، وآلية الشطب الجغرافية التي اعتمدتها في الماضي وتعتمدها الحركة الصهيونية وحكومات اليمين الصهيوني الآن بهدف رفض أي حل عادل للقضية الفلسطينية من خلال إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس. وهذه النظرة الاستعلائية العنصرية أصبحت تسيطر وتُهيمن على غالبية المجتمع الإسرائيلي، ولولا هيمنة وسيطرة هذه المفاهيم على أفكار غالبية الشعب في إسرائيل لما قامت حكومة يمين صهيوني عنصري شوفيني ومن مكوناتها كهانا جديد – بن غفير، وحليفه سموتريتش ويرأسها ذلك الذي لا يستحق أن أكتب اسمه بحبر قلمي.
وسائل الاعلام الإسرائيلي الرسمي ووسائل الاعلام الغربي الامبريالي الصهيوني يفسرون رفضه لوقف الحرب على غزة سببها محاولته البقاء في السلطة كرئيس للحكومة ولا يذكرون بأنه يحمل ويمارس أيديولوجية عنصرية شوفينية إرهابية على أرض الواقع كما مارسها آباء الصهيونية منذ قيامها.
وما قرأته اليوم (26-8-2024) في صحيفة هآرتس في أحد المقالات يقول كاتبا المقال يائير غولان وتشيل فريلخ “بأن حل القضية الفلسطينية يأتي ليس من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب إسرائيل بحدود 1967 بل من خلال تنظيمات أمنية صارمة في الضفة وغزة، وهذا يعني ضمنيا استمرار الاحتلال والاستيطان الكولونبالي في الضفة واستمرار حصار غزة.
وهذا يعني بأن القناع العنصري الصهيوني يمنع غالبية الشعب الإسرائيلي من رؤية التاريخ والحاضر وحتى المستقبل بنظرة موضوعية إنسانية تعترف بوجود الآخر وتعترف بحقوقه الإنسانية الكونية العادلة، حقوق الشعب الآخر الموجود علة أرض فلسطين عبر الآلاف من السنين منذ أيام الكنعانيين وحتى فبل مجيء العبرانيين الى ارض كنعان حيث استوطنوا العبرانيون منطقة يهودا والسامرة الى جانب شعوب أخرى ولم يعيشوا على الساحل الفلسطيني ولم يعيشوا في غزة وحتى الجليل لم يكن لهؤلاء العبرانيين العابرين.
والحل أمام الشعب الإسرائيلي هو اسقاط حكومة اليمين الصهيوني العنصري الشوفيني الحالية، وتبني سياسات واستراتيجيات وممارسات تدعو الى السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط من خلال احقاق الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعودة اللاجئين. هذا هو الطريق الوحيد لإزالة الإرهاب الرسمي الصهيوني المستمر على مدى أكثر من قرن من الزمن. فسلام الشعوب بحرية الشعوب.
واستمرار بقاء حكومة اليمين الصهيوني قد تؤدي الى حرب مدمرة شاملة على كل شعوب المنطقة، وعلى الشعب الإسرائيلي ولذلك على الشعب الإسرائيلي إزالة القناع الصهيوني اليميني عن أفكاره ورؤيته، وأن يكافح من أجل الإطاحة بهذه الحكومة المتطرفة العنصرية لمنع وصول إسرائيل الى الهاوية.
وأضيف وأقول بأن الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة تواصل الصفع واللكم والركل لدول وشعوب الشرق الأوسط. وهذا يحدث الآن، خاصة من خلال حرب إبادة الشعب الفلسطيني في غزة والإرهاب الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة، لأن الأنظمة الرجعية العربية وطبقة رأس المال الوسيط – الكومبرادوري – العربية حليفة ومكونة من مكونات المرحلة الامبريالية التاريخية المعاصرة، وأيضا لان داخل الشعوب العربية هناك فئات ومجموعات وحلقات ومؤسسات وحتى أحزاب تجانب الصدق وتمتهن النفاق والكسل والتشكيك والخيانة وتعمل على مبدأ من أمرك؟ ومن نهاك؟ ومع افتقار هذه المجموعات للصدق والإخلاص، وارتمائها في أحضان التمزق والتطرف الديني وعدم ممارسة وإخلاص هذه المجموعات للمبادئ التقدمية العلمانية الوطنية التقدمية الثورية. وخلاص شعوب المنطقة فقط من خلال مقاومة الاستعمار الامبريالي المباشر وغير المباشر، ومقاومة الصهيونية وليس التطبيع معها، واسقاط الأنظمة الرجعية الاستبدادية ومن خلال تبني الأفكار التقدمية العلمانية الثورية، لكي نبني مجتمع المستقبل مجتمع حرية الانسان والإنسانية وهذه هي الرسالة الثورية التاريخية لقوى وأحزاب اليسار السياسي في عالمنا العربي المعاصر. هل هذا حلم؟ بالنضال والكفاح يتحول الحلم الى واقع.