الرب وحده يستطيع إزاحتي من الحكم / زهير كمال
زهير كمال – الأحد 1/9/2024 م …
في المناظرة اليتيمة التي جرت بين بايدن وترامب بتاريخ 28 يونيو 2024 ، ظهر الوهن والعجز على بايدن الذي يبلغ من العمر 82 عاما، تململ الكثير من زعماء الحزب الديمقراطي ومن بينهم اوباما وبيلوسي ونبهوا رئيس الدولة إلى بلوغه عمراً ليس باستطاعته تحمل مسؤوليات الدولة لمدة أربع سنوات قادمة ، أدرك بعد هذا التنبيه أن عليه التنازل لمصلحة الوطن والحزب، وعبّر عن ذلك في خطابه أمام مؤتمر الحزب الذي عقد في شيكاغو قائلاً: عندما بدأت حياتي السياسية، كنت أصغر من العمر القانوني لدخول مجلس النواب وأنا الآن أكبر من تولي رئاسة الدولة في نهاية حياتي السياسية.
لا يفعلها الكثير من الزعماء بخاصة في العالم الثالث وينبغي إزاحتهم عن السلطة بالقوة كما حدث مع حسني مبارك وروبرت موغابي وغيرهم من الزعماء الذين يعتبرون أنفسهم ملهمين وخارقين وأن شعوبهم لا تستطيع إدارة نفسها بدونهم. وقد عبر روبرت موغابي عن حالة هؤلاء الزعماء عندما قال : (الرب وحده يستطيع إزاحتي من الحكم).
من بين الشعوب المبتلاة بهذه العينات الفريدة من البشر، الشعب الفلسطيني.
الفلسطينيون لا يملكون دولة مثل باقي الدول ، بل هي سلطة على السكان فقط ولكن العالم ذا المعايير المزدوجة يعامل هذه السلطة على أنها تمتلك زمام أمورها مع أن رئيسها يطلب تصريحاً من سلطات الاحتلال إذا رغب في مغادرة الضفة الغربية.
ولد محمود عباس عام 1935 وبهذا يعتبر من أكبر المعمرين في رئاسة الدول في العالم، إذ قلما نجد رئيساً قد يشارف على التسعين بعد عام.
في مقالات عديدة ومنذ زمن بعيد، اعتبرت السلطة الفلسطينية عدواً للشعب الفلسطيني تماماً مثل العدو الإسرائيلي، هذه الأيام، أجد الكثير من الكتاب والمعلقين يؤمنون بهذه الفكرة ، خاصة مع الأداء المخزي للسلطة ورئيسها بعد طوفان الأقصى.
الغريب في الموضوع أن عددأ لا بأس به من الفصائل الفلسطينية لا تزال ترجو الخير من هذه السلطة وتجتمع معها في كل بقاع الأرض من أجل هدف سام وهو الوحدة الوطنية، لم يطبق أي قرار من هذه القرارات الناتجة عن هذه الاجتماعات وكان آخرها في بكين. ما يسعد عباس أن هذه الفصائل ما تزال في كنف منظمة التحرير التي يحظى برئاستها. والنتيجة إعطاء انطباع للشعب الفلسطيني أن هذه السلطة هي سلطة وطنية ، وهي أبعد ما تكون عن ذلك.
عندما نستحضر تاريخ الحركات الثورية نجد أن جبهة التحرير الجزائرية لم تمد يدها لحركة مصالي الحاج ، بل قاتلتها ، سمّي المنتسب لها بأنه حركي، وكانت هذه الكلمة عند الشعب الجزائري بمثابة مسبّة واحتقار لصاحبها، وربما تستدعي قتله.
وبالطبع فإن كاسترو وجيفارا لم يفكرا أبداً بمد اليد لباتيستا وأعوانه، بل قاتلوهم حتى دحرهم وهزيمتهم الساحقة وطردهم خارج البلاد.
بالنسبة للقيادات الثورية التي تضع الوطن فوق كل اعتبار يمثل عباس وشلته عائقاً يحسب له حساب في مخططاتهم للتحرير ولكن يبدو أنه ليس في جينات الشعب الفلسطيني قتل الخونة الكبار رغم أن أغلبية الشعب الفلسطيني ستكون سعيدة بذلك، وبالأحرى أن يقوم فصيل بتصفية زعيم فصيل آخر.
ولكن أن يقوم الفصيل نفسه بحركة تطهير داخلية يتخلص فيها الوطنيون المخلصون من العجزة والفاسدين والخونة.
هؤلاء الوطنيون المخلصون موجودون في سجون الاحتلال، ولو خرجوا لقادوا القاعدة الفتحاوية التي لا يشك أحد في وطنيتها وإخلاصها، والتي تكتم غيظها الآن ولكنها بحاجة لقيادة مختلفة.
وهكذا كان هدف طوفان الأقصى الأساسي: تحرير كافة الأسرى الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية مقابل الأسرى الذين يتم أسرهم من الجيش الإسرائيلي.
لابد من التذكير هنا أن أول عمل قام به يحيى السنوار بعد خروجه من السجن هو قيادة عملية التخلص من العملاء والخونة في غزة.
كانت نتائج الهجوم في 7 أكتوبر باهرة فاقت كل التوقعات وأثبتت أن الجيش الإسرائيلي ما هو إلا نمر من ورق. وتحولت إلى طوفان أثر على العالم كله.
من الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرك خطورة إطلاق سراح أسرى فتح ويناور على الأسماء وعلى أماكن تواجدهم بعد إطلاق سراحهم ، يستطيعون الذهاب الى أي مكان في العالم إلا الضفة الغربية.
في مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاجو 19-22 أغسطس 2024 لوحظ مدى الحماسة والنشاط والديناميكية التي سادت المؤتمر ، وكأن روحاً جديدة بثت في الحزب ، وهذه الروح امتدت لتشمل كافة الولايات الأمريكية، وسبب ذلك قيادة شابة جديدة.
لنا أن نتخيل كيف سيكون الوضع مملاً ورتيباً، لو كان الرجل العجوز بايدن هو مرشح الحزب.
انطلقت شرارة الثورة في الضفة الغربية ولنا أن نتخيل كيف سيكون الوضع لو أصبح فيها قيادة جديدة .
ربما يحتاج الرب الى مساعدة لإزاحة بعض الحكام من كراسيهم.
النصر دائماً للشعوب والفجر قادم.