متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثّامن والثمانون / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) – الإثنين 9/9/2024 م …
يتضمن العدد الثّامن والثمانون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرة عن ذكرى مجازر أيلول/سبتمبر في الأردن، وفقرة عن تشجيع قادة وإعلام “الغرب” ارتكاب عمليات الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، مع ادّعاء صفة الدّيمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وفقرة عن نفاق حُكّام تركيا بشأن فلسطين وفقرة عن الإحتجاجات في نيجيريا ضد الفساد وارتفاع الأسعار (إثر إلغاء الدّعم) وفقرة عن تداعيات حرب أوكرانيا في إفريقيا، وفقرة عن الوضع في النيجر، خلال الأسبوع الأول من آب/أغسطس 2024، وفقرة عن المخاطر الإقتصادية الأوروبية بفعل تَوَسُّع نطاق الحرب في المشرق العربي وفقرة عن اضطراب الإقتصاد الأمريكي وفقرة عن الإنخفاض البطيء – لكنه مُستمر – لمكانة الدّولار في المبادلات التجارية والمالية العالمية، مقابل الإرتفاع البطيء لحصة العملة الصينية (اليُوَان) وفقرة عن الحرب التجارية والتكنولوجية، بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي من جهة والصين من جهة أخرى.
إجْرام أو اغتيال «حضاري»؟
اغتال الكيان الصهيوني إسماعيل هنية -وهو ليس ضحيته الأولى- ويهدد علناً باغتيال خليفته يحيى السنوار، علماً أنه على رأس قائمة الاغتيالات منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولو كان بوسع كيان الإحتلال قَتْله لكان قد قتله قبل أن يغتال إسماعيل هنية، وقال رئيس أركان الجيش الصهيوني هرتسي هاليفي: “سنسعى للعثور عليه واغتياله… إن صِفَتَهُ الجديدة لن تمنعنا من ملاحقته واغتياله، بل على العكس ستدفعنا للقيام بذلك في أسرع وقت ممكن”. … أما وزير الخارجية الصهيوني يسرائيل كاتس – الذي من المفترض أن يستخدم لغة الدبلوماسيين وليس لغة المجرمين القتلة – فقد دعا إلى “تصفية سريعة” ليحيى السنوار، وكتب على منصة X “إن تعيين الإرهابي يحيى السنوار رئيساً لحركة حماس، خلفاً لإسماعيل هنية، هو سبب إضافي لتصفيته ومحو هذا التنظيم الخسيس من على الخارطة”…
تناقلت هذه التعليقات وكالات الأنباء ووسائل الإعلام “الغربية”، وأيّدت حكومات “ديمقراطية” تدعي أنها تمثل “دولة القانون”، أي دولة المؤسسات الديمقراطية، هذه التهديدات بالإغتيال و”الإعدام خارج إطار القضاء” (بِلُغَة منظمات حقوق الإنسان) ويتهم قادة مجموعة السّبع وحلف شمال الأطلسي والإتحاد الأوروبي حُكّامَ روسيا أو الصين أو كوبا أو سوريا بعدم احترام “قواعد الديمقراطية” وحقوق الإنسان، وفي الواقع، فإن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي أو مجموعة السبع هي “دول مارقة”، تُمارس الإجرام وتُمَجِّدُهُ وتَحثُّ على ارتكاب المجازر وعمليات الإبادة…
تركيا – نفاق باسم الدّين
لم يتّخذ نظام حُكْم الإخوان المُسلمين في تركيا أي خطوات عَمَلِيّة ضدّ الكيان الصّهيوني رغم التّصريحات “العَنْتَرِيّة” للرّئيس التُّرْكي ورغم مناهضة الرأي العام – بما فيها قواعد حزب العدالة والتنمية الحاكم – للكيان الصهيوني، لكن وجب التّذكير دائمًا بأن تركيا عضو مُهم في حلف شمال الأطلسي، الانتقادات التي يُوجّهها الرئيس التّركي – من حين لآخر – إلى الكيان الصّهيوني، ويُبَرِّرُ هذا الإنتماء العسكري والإيديولوجي (إلى حلف شمال الأطلسي) استمرار العلاقات الدّبلوماسية والتجارية والسياسية ويُبَرِّرُ الإلتفاف على قرار تعليق التجارة الذي أعلن عنه أردوغان، ولا يزال الموقف الرسمي لتركيا أقل دعمًا للشعب الفلسطيني من موقف وممارسات الدّول ذات الأغلبية “غير المُسْلِمَة”، مثل جنوب أفريقيا ونيكاراغوا وكولومبيا وإسبانيا (وإسبانيا عضو في حلف شمال الأطلسي)…
استمرّت صادرات تركيا إلى الكيان الصهيوني – رغم الإعلانات الكاذبة – عبر دول ثالثة أحيانًا كاليونان وقبرص، وفق موقع صحيفة “قرار” التي جمعت البيانات الرسمية للتجارة الخارجية التي تُظْهِرُ استمرار تصدير المواد الكيماوية والبارود والفولاذ والإسمنت ومنتجات المكعبات الخرسانية والأسلاك والزُّجاج المُقاوم للرّصاص، بقيمة تفوق أربعة مليارات دولارا سنويا…
نيجيريا:
تَوَسَّعَ نطاق الاحتجاجات في نيجيريا، أكبر اقتصاد إفريقي وأول دولة منتجة للمحروقات في إفريقيا، بعنوان “نهاية الحُكْم السيء”، بداية من أول آب/أغسطس 2021، إلى معظم أنحاء البلاد، ضد اتساع الفجوة الطّبقية وفساد الحكومة وارتفاع أسعار الغذاء والأدْوِية والمواد الأساسية وارتفاع نسبة التّضخّم إلى نحو 35%، وأدّى ارتفاع الأسعار إلى انتشار الجُوع في هذا البلد المنتج للنفط والغاز، وقَرّر الإئتلاف المُنظِّم لهذه الإحتجاجات استمرارها لفترة عشرة أيام، وأوردت وسائل الإعلام المحلية أخبارًا وصُوَرًا عن إطلاق الرّصاص من قِبَل الشّرطة وقتل حوالي عشرين متظاهرًا واعتقال ما لا يقل عن سبعمائة متظاهر، خلال الأسبوع الأول من الإحتجاجات التي شَلّت الحركة في معظم الولايات، وتراجعت الحكومة فأقرّت الحكومة زيادة الحد الأدنى للأجور من 30 ألف نيرة (ما يعادل 18 دولارًا) إلى 70 ألف نيرة (ما يعادل 43 دولارًا)، وفق الرئيس بولا أحمد تينوبو الذي افتخر بخفض النفقات العامة وأعلن ضرورة إنهاء الدعم الحكومي للوقود والغذاء والرّعاية الصّحّيّة الذي سوف يرفع عدد الفقراء بإضافة سبع ملايين فقير جديد، بينما يعيش 63% من السكان تحت خط “الفقر متعدد الأبعاد” ويُتوقّع أن يرتفع عدد الفقراء ونسبة البطالة لتبلغ 40,6% من القادرين على العمل بنهاية سنة 2024…
تُشكّل نيجيريا (220 مليون نسمة) محور مجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس) التي أقرّت حصار مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي من الأعضاء النّشطين بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك ) ولذلك تُراقب الدّول المُصَدِّرة وكذلك المُستَهْلِكة للمحروقات ما يحدث في نيجيريا، مخافةَ أن تُؤَدِّيَ الإحتجاجات إلى إسقاط الحكومة (التي يدعمها صندوق النّقد الدّولي وما وراءه من قوى امبريالية) وإضْعاف مجموعة “إيكواس” المُوالية للإمبريالية، خصوصًا بعد خروج مالي والنيجر وبوركينا فاسو وإنشاء تحالف دول الساحل…
النيجر
بعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم يوم 26 تموز/يوليو 2023، حاصرت القوى الإمبريالية (خصوصًا الفرنسية) السلطات العسكرية الجديدة وفرضت حصارًا – بواسطة المجموعة الإقتصادية لغربي إفريقيا “إيكواس” – على مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ولذلك طلبت سلطات الدّول الثلاث خروج القوى الأجنبية (الفرنسية والأمريكية بشكل خاص) التي كانت تدْعَمُ الإرهاب بذريعة محاربته، وأدّت إحدى الهجمات الإرهبية، سنة 2023، إلى قتل حوالي عشرين جندي من جيش النّيجر، واستخدمت الولايات المتحدة جنودًا وعناصر مليشيات اليمين المتطرف من أوكرانيا لمحاربة جيش النّيجر الذي أعلنت حكومته قطع العلاقات الدّبلوماسية مع أوكرانيا بعد إقرار مسؤول أوكراني رفيع ضلوع بلاده في دعم جماعات إرهابية مسلحة تحارب الأنظمة القائمة في مالي والنيجر، وكان الجيش الأمريكي متواجدًا في قاعدَتَيْن ( حوالي 1200 عسكري وفق البيانات الرسمية) إحداهما قاعدة ضخمة للطائرات الآلية، وساند شعب النيجر قرار الحكومة التي تُحاول السيطرة على ثرواتها من النفط واليورانيوم الذي تستغله شركة “أورانو” الفرنسية، آريفا سابقًا…
جبهة إفريقية لحرب أوكرانيا؟
بالغت وسائل الإعلام بدول حلف شمال الأطلسي في الحديث عن “مبادرة الحبوب من أوكرانيا” المتمثلة في “إمداد” ( مجانًا أم بمقابل ؟) عشر دول آسيوية وإفريقية بالمنتجات الزراعية، في إطار تنمية العلاقات مع الدول الأفريقية (مالاوي وزامبيا وجزيرة موريشيوس، ضمن مُخطّط أمريكي لخفض تأثير روسيا والصّين في إفريقيا، بعد رَفْض العديد من الدّول إدانة روسيا في الأمم المتحدة، وخصوصًا منذ تغيير أنظمة الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، حيث تم قطع العلاقات مع أوكرانيا لأنها تدعم المجموعات الإرهابية، نيابة عن الولايات المتحدة وفرنسا، وتريد أوكرانيا تحويل زامبيا إلى مركز إقليمي لإعادة توزيع صادرات الحبوب الأوكرانية إلى تسع دول أخرى، وتعهدت الولايات المتحدة وبعض الدّول الأوروبية بالإستثمار لتطوير البنى التحتية لإنشاء ممرات تربط زامبيا بإفريقيا الجنوبية وأنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مُقابل شروط سياسية تتمثل في دعم “صيغة السلام التي تطرحها أوكرانيا في الأزمة مع روسيا” و “دعم الجهود الدولية لاستعادة سلام عادل في أوكرانيا والعالم وتنسيق العمل في المنظمات الدّوْلية”، بينما تواجه أوكرانيا اتهامات بتجويع شُعُوب إفريقيا مما سبّب أزمة غذاء في مالاوي، فضلا عن دعم المنظمات الإرهابية المُسلحة في منطقة الصّحراء الكبرى، وفتح جبهة ضد روسيا في قارة إفريقيا…
أوروبا، حسابات الرّبح والخسارة
تُشارك الدّول الإمبريالية في العدوان على الشعب الفلسطيني وفي المجازر والإبادة الجماعية بالدّعم الإيديولوجي والسياسي والدّبلوماسي والإعلامي والإستخباراتي وبالتمويل والتّسليح، ورَفَضَ قادة هذه الدّول تنفيذ القضاء الدّوْلي الذي أدان جرائم الصهاينة، وصَفّقَ إعلام وقادة هذه الدّول لعمليات الإغتيال “خارج إطار القضاء” بين طهران وبيروت، مرورًا بغزة والحُدَيْدَة ودمشق، ولكنهم يرفضون تحَمُّلَ نتائج مشاركتهم في العدوان وعبّر جميعهم عن مخاوفهم من توسّع الحرب التي قد تُلْحِقُ أضرارًا بمصالح شركاتهم العابرة للقارات أو قد تُعطّل تدفُّق المحروقات التي يتم نقلها عبر بحر العرب والبحر الأبيض المتوسط، لأن الدّول النفطية العربية ( إحدى عشر دولة) تُنتج نحو 27,3% من النفط العالمي وتُصدّر 17,1 مليون برميل و4,6 مليون برميل من مشتقات النفط، يوميا، وتنتج 14,3% من الغاز الطّبيعي العالمي وتُصدّر قرابة 200 مليار متر مكعب، وفق أرقام سنة 2022، التي نَشَرَتْها منظمة الدول العربية المصدرة للنفط، وقد ترتفع أسعار الطّاقة في حال توسّع الحرب لتشمل المنطقة الواقعة بين إيران ولبنان، ردًّا على القصف والإغتيالات والإستفزازات الصهيونية المتكررة، بدعم أمريكي وأوروبي، كما يُهدّد توسيع رُقعة الحرب استثمارات أوروبا في المنطقة، البالغة 37,4 مليار دولارا واستثمارات أمريكا الشمالية بحوالي سبعة مليارات دولارا، وفق بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ( 2023) وَقَدَّرَ تقرير صندوق النقد العربي لسنة 2022 قيمة المستوردات العربية بما يزيد عن 810 مليارات دولار، منها حوالي 180 مليار دولار من دول الاتحاد الأوروبي، ونحو 86,3 مليار دولار من الولايات المتحدة وحوالي 272,4 مليار دولار من دول آسيا…
أمريكا – اقتصاد مُعْتَلّ
أدّت احتمالات الرّكود، بناءً على البيانات المَنْشُورة، إلى انخفاض مُؤشّرات ناسداك بنسبة 4% وستاندرد آند بورز 500 بنسبة 3% وداو جونز بنسبة 2,6% وانخفاض قيمة أسهم شركة أبل وانخفضت أسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 4,8%، بعد أن خفضت بيركشاير حصتها إلى النصف، يوم الإثنين 05 آب/أغسطس 2024، ويعكس هذا الإنخفاض مخاوف ركود الإقتصاد الأمريكي ( ضُعْف التَّوْظِيف وتَقَلُّص النشاط الصناعي الذي يُؤَثِّرُ على الأسواق العالمية (باعتبار الولايات المتحدة قاطرة المنظومة الرأسمالية العالمية)، فيما أَبْقَى مصرف الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة ثابتة، وقَلَّلَ رئيسه من مخاوف الرُّكُود، ما اعتبره بعض خبراء الإقتصاد خَطَأً. أما المُضاربون فيقترضون الأموال من اقتصادات ذات أسعار فائدة منخفضة مثل اليابان أو سويسرا لتمويل رهاناتهم في أصول مرتفعة العائد في أماكن أخرى، للإلتفاف على تباطؤ الأسواق العالمية خلال السنوات الخمس الأخيرة، وفق وكالة رويترز (06 آب/أغسطس 2024)
انحدار بطيء للدّولار
أدّت القرارات الأمريكية الجائرة ( حصار اقتصاد المُنافسين والحَظْر و “العُقُوبات”…) إلى محاولة الدّول الأخرى التّخلُّص من الرّوابط المُقَيِّدَة التي تتحكّم بها الولايات المتحدة مثل الدّولار الذي تنخفض حصته بِبُطْءٍ من المعاملات التجارية والتحويلات النقدية الدّولية ومن احتياطيات العملة الأجنبية في المصارف المركزية لدُول مجموعة “بريكس” التي زاد وزنها في الإقتصاد العالمي، ونما نصيب المجموعة من 18% من الناتج الإجمالي العالمي سنة 2010 إلى 26% سنة 2021، ويُتوقّع أن ترتفع إلى 29% سنة 2024 بعد انضمام ست أعضاء جُدُد وفق بيانات البنك العالمي.
نشرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية تقريريْن (آب/أغسطس 2023 و نيسان/ابريل 2024) عن رغبة بعض الدّول “التّخلِّي عن الدّولار، كإحدى التّأثيرات الجانبية للعقوبات الأمريكية”، وكانت روسيا قد أعلنت، بعد بداية الحرب في أوكرانيا “رَفْضَ التّعامل بعملات الدول غير الصديقة” ولئن انخفضت حصّة الدّولار، فإن هيمنته لا تزال مستمرة، واستحوذ الدولار على 48% من معاملات الدفع الدولية سنة 2023، فيما بلغت حصة اليورو نحو 23,2% وحصة اليوان الصيني 3,47%، وتدْرُسُ مجموعة بريكس إقْرار عملة احتياطية بديلة للدّولار، ونشرت منصة “أويل برس” تقريرًا أفاد إن أقل من 1% من المدفوعات الصينية الخارجية كانت تُسوى باليوان ( العُملة الصينية) سنة 2010، في حين كان 83% منها بالدولار، وأصبحت حِصّة الدولار واليوان متساوية، بنهاية الربع الأول من سنة 2023، و تجاوزت نسبة المدفوعات الصينية التي تُجرى باليوان 52,9% بنهاية الربع الأول من سنة 2024، وأصبحت العديد من الدّول، بما فيها العميلة للولايات المتحدة تُحاول تقليل التّعامل بالدّولار، بعد العُقُوبات المتتالية والإستيلاء على الأُصُول الرّوسية في الخارج، ولئن انخفضت حصّة الدّولار فإنه لا يزال يُهَيْمن على المبادلات وعلى حصة النقد الأجنبي في المصارف المركزية ولا تتجاوز حصة اليُوان الصيني 7% في سوق الصرف الأجنبي، ويُمثل الدولار نحو 88,5% من جميع معاملات الصرف الأجنبي سنة 2022.
شركة كوالكوم تدرس الاستحواذ على أجزاء من أعمال تصميم الرقائق الخاصة بشركة إنتل
تستكشف شركة كوالكوم إمكانية الاستحواذ على أجزاء من شركة إنتل – من بينها قِسْم تصميم أجهزة الكمبيوتر الشخصية – كما تتطلع إلى الإستحواذ على وحدات أخرى لشركة إنتل، في إطار مُخَطّطاتها لتحديث نشاطها في مجال التصميم لتعزيز محفظة منتجاتها، فيما تكافح شركة إنتل من أجل توفير السيولة من خلال التخلص من وحدات الأعمال وبيع أصول أخرى، بعد الخسائر التي مُنِيَت بها “إنتل” التي جعلت من فلسطين المحتلة ثاني أكبر مركز دولي لها بعد الولايات المتحدة، وتراكمت خسائها منذ عدوان السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، وألغت مشروع بناء أضخم مصنع لها في فلسطين المحتلة بقيمة 25 مليار دولارا…
تأسست مجموعة إنتل قبل أربعة عُقُود، وهي أكبر شركة مصنعة لوحدات المعالجة المركزية وأشباه الموصلات في العالم، تُشغل أكثر من 130 ألف موظف وفَنِّي وعامل، واشتهرت بحملتها التسويقية “إنتل إنسايد”، وتصنع شرائح لأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة سطح المكتب المستخدمة في الأجهزة في مختلف أنحاء العالم ( 65 دولة)، غير إن ثاني أكبر مركز بحث وتصنيع لها يقع في ضواحي تل أبيب في فلسطين المحتلة، وكانت تُخَطّط لِطَرْحِ أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتوليد المزيد من المبيعات بفعل دَفْعِ الزّبائن (المستهلكين ) إلى تحديث أجهزة الكمبيوتر، ولكن انخفضت إيرادات أجهزة الكمبيوتر الشخصية بنسبة 8% إلى 29,3 مليار دولار سنة 2023، وسط انخفاض عام في سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية، زيادة على التأثيرات الجانبية للعدوان الصهيوني، منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، وأعلنت شركة إنتل خلال شهر آب/أغسطس 2024، عن نتائج كارثية للربع الثاني من السنة، والتي تضمنت خفض عدد موظفيها بنسبة 15% وتوقف دفع الأرباح، ويحاول المسؤولون التنفيذيون الآن إيجاد السبل لمواصلة تمويل خطط التصنيع الخاصة بالشركة وتوليد النقد، مع إنكار الدّوْر السّلبي لدعم الشركة للكيان الصهيوني…
اختصت شركة إنتل في تصنيع أجزاء كبيرة من الرقائق، وأطلقت في بداية شهر أيلول/سبتمبر 2024، شريحة كمبيوتر جديدة تسمى (Lunar Lake)، والتي قال مسؤولوها التنفيذيون إنها تقدم أداءً متفوقًا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، في ظل أزمة غير مسبوقة، حيث يجتمع مجلس إدارة شركة إنتل خلال الأسبوع الثاني من شهر أيلول/سبتمبر 2024، لدراسة مُقترح المسؤولين التنفيذيين للشركة القاضي بتقليص عمليات التصنيع لتوفير السُيُولة، وتشمل الخيارات المحتملة بيع وحدة الرقائق القابلة للبرمجة التابعة لها.
أما شركة كوالكوم فهي شركة عابرة للقارات يقع مقرها في سان دييغو بكاليفورنيا، غير إن معظم إنتاجها يتم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، واختصّت في تصميم وتسويق أشباه الموصلات ومنتجات وخدمات الاتصالات اللاسلكية، وخصوصًا رقائق الهواتف “الذّكية”، ونقل البيانات في الأجهزة المحمولة، واستحوذت سنة 2023 على الشركة الصهيونية “أوتو توكس” المختصة في صناعة رقائق السيارات، وتبلغ قيمة شركة كوالكوم 184 مليار دولار، وحققت إيرادات إجمالية بلغت 35,82 مليار دولار خلال السنة المالية الماضية، وفق وكالة رويترز يوم الخامس من أيلول/سبتمبر 2024
الحرب التكنولوجية
انزعجت حُكومات الولايات المتحدة وأوروبا واليابان من تطور الصناعات الصينية في مجالات الطّاقات المتجدذدة (الألواح الشمسية) والإتصالات وصناعة الرقائق وصناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وجابهت ذلك بمجموعة من الإجراءات الحمائية مثل حَظْر دخول الإنتاج التكنولوجي الصيني إلى أسواقها وإقرار رُسُوم جمركية مرتفعة ( وهي إجراءات مُناقضة – على المستوى النّظَرِي – لقوانين الرأسمالية)، ليُصبح الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية يُدافع عن مبادئ الرأسمالية قائلا: “هذا يتعارض مع مبادئ اقتصاد السوق وقواعد التجارة الدولية، ويقوِّض التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والاتحاد الأوروبي، فضلا عن استقرار إنتاج السيارات العالمية وسلاسل التوريد…”، ومع ذلك استحوذت صناعة السيارات الكهربائية الصينية على السُّوق الدّاخلية وعلى حصة كبيرة من السوق العالمية، وبَرَّرت الولايات المتحدة ( زيادة من 25% إلى 100% ) وكندا ودول الإتحاد الأوروبي زيادة التعريفات الجمركية ( لترتفع من 10% إلى نحو 38% في بلدان الإتحاد الأوروبي) “بضرورة حماية صناعة السيارات الكهربائية من إغراق الصين للأسواق الغربية”، وفْقًا لوكالة بلومبيرغ ( 10 آب/أغسطس 2024) التي علّل تقريرها نجاح صناعة السيارات الكهربائية في الصين بامتلاكها الرؤية الإستراتيجية التي مَكّنتها من التنافس مع العلامات التجارية الأجنبية في مجال تكنولوجيات الطاقات الجديدة وقَدّرت وكالة بلومبرغ حجم الدّعم الحكومي الصِّيني لقطاع السيارات الكهربائية بما لا يقل عن 231 مليار دولار بين سنتَيْ 2009 و 2023، وتهدف الحكومة الصينية تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التكنولوجيا…
تُعَدُّ صناعة السيارات الكهربائية جُزْءًا من حرب تجارية وتكنولوجية انطلقت منذ حوالي 15 سنة ( خلال فترة رئاسة باراك أوباما بالولايات المتحدة) وخلاف واسع بين الصين وأوروبا وأمريكا الشمالية، بشأن عدد من القطاعات، من بينها توربينات الرياح أو الألواح الشمسية والبطاريات وشرائح الكمبيوتر والهواتف الإلكترونية، وتتمثل “الرّؤية الإستراتيجية” الصينية، التي أكّد عليها تقرير وكالة بلومبرغ، في الإستثمار المُبَكِّر في تكنولوجيا البطاريات، كمفتاح لتطوير قطاع السيارات الكهربائية التي تخصصت فيها، وتفوقت على اليابان وألمانيا، لتصبح سنة 2023 أكبر مصدِّر للسيارات في العالم، بفضل جودة السيارات وأسعارها التنافُسِيّة وبذلك ارتفعت حصة السيارات الكهربائية الصينية من أقل من 2 % من سوق السيارات الكهربائية الأوروبية بنهاية 2021 إلى قرابة 8% بنهاية سنة 2023.
تتّهم دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الصّين بدعم شركاتها، فيما ضخّت هذه الحكومات مئات المليارات من الدّولار واليورو في الشركات والمصارف، خصوصًا خلال أزمة 2008/2009 وخلال انتشار وباء كوفيد-19، فضلا عن الحوافز والإعفاء من الضرائب والدّعم المباشر لشركات ضخمة مثل شركات صناعة الطائرات بوينغ في الولايات المتحدة وإيرباص في أوروبا…