31 عاماً على «أوسلو»: أين كُنا وإلى أين نسير؟ / محمد خروب
احدُ لم يحفل أول من أمس/الجمعة, بانقضاء عام آخر على ما وُصف ذات يوما زورا وتضليلاً «إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي», بما هو اتفاق «سلام» وقَّعته «دولة» إسرائيل و«منظمة» التحرير الفلسطينية في 13 أيلول 1993, في مراسم احتفالية غير مسبوقة في «بهرجتها وأضوائها وأجوائها «الأسطورية», استضافتها في حديقة الورود في البيت الأبيض, إدارة الرئيس الأميركي وقتذاك/بيل كلينتون, بوصفها راعية و«ضامنة» لحسن تطبيقه, من قِبل الطرفين الاحتلال والفلسطيني.
مردّ هذا التجاهل الاحتلالي الأميركي, المقصود بذاته ولذاته, هو ان تل أبيب وواشنطن «دفنتا» هذا الإعلان, وبات بالنسبة اليهما «تراثاً» من الماضي الاحتلالي «الجميل» في تقييمهما, بعد ان أدى الغرض منه, وحققتا عبره ما كان «صعبا عليهما تحقيقه بدون «توقيع» الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطينيي, وإن لا يجوز هنا القفز عن حقيقة, انه لم يعُد صالحا للتطبيق من «إعلان المبادئ» هذا, سوى «التنسيق الأمني» الذي بات واستمر مُتربعاً على أعلى درجات «القداسة».
صحيح ان «ملحمة» طوفان الأقصى, ويوميات ما بعد السابع من أكتوبر/2023, قد أطاحتا بكثير من المعادلات والتفاهمات والبروتوكولات, وتلك التي يتردّد في أروقة الغرف السوداء/ والسرية, أنها قيد التوقيع او الشطب او التغيير الجذري, إلا انه صحيح دائما ان حلف الشر الاحتلالي الأميركي, بدعم مفتوح من العواصم الغربية الأربع الأكثر تبعية وخدمة للسياسات الاحتلالية الأميركية في لندن وبرلين وباريس وروما, كما بعض الدول الإقليمية, يعمل بلا كلل على «استثمار» ما يُعتقد «أنها تغيرات جوهرية ودراماتيكية, قد طرأت على موازين القوى والتحالفات, التي نشأت خلال الأشهر العشرة الماضية, وبخاصة تلك التي «تعمّقت» و«صمدت» أمام أكثر من امتحان ومواجهة ميدانية خلال تلك الفترة.
من هنا يبدو أن طرفي/ إقرأ وريثيّ «اتفاق اوسلو», قد أشاحا بنظرهما عنه كل لأسبابه وتفسيراته, وإن كان طرف الاحتلال قد تنصّل منه في وقت مبكر جداً, عندما قاد مجرم الحرب أرئيل شارون بضوء أخضر أميركيا, وفّرَه له جورج بوش الابن, صاحب مقولة «مَن ليس معنا فهو ضدنا», ومُروِّج «مبدأ«: نذهب إليهم في عقر دارهم قبل ان ياتوا الينا», عملية السور الواقي في آذار/2002 التي أعلن فيها «رسمياً», دفن «إعلان المبادئ/ اتفاق اوسلو, مُعيدا احتلال مناطق/ وتصنيفات اوسلو وهي A,B,C، ولاحقا أكملَ مهمة «تسميم» ياسر عرفات, بعد ضور أخضرَ أميركي «ثانٍ”, قيل ان شارون قال لبوش الابن, ان «مُعاوِني» عرفات هم الذين سيتولون المهمة هذه وليس نحن. وكان له ــ ولأولئِك ــ ما أرادوا.
ماذا بعد طي صفحة اوسلو, خصوصا هل بات أوسلو «صالحاً» للتنفيذ, بعد كل ما جرى ويجري في قطاع غزة والضفة الغربية, وما يُخطط له شريكا حرب الإبادة والتهجير والتجويع الاحتلالي الأميركي؟
يقولون ان إكرام الميت دفنه, وحيث لا يجد شهداء وضحايا الحرب الاحتلالية الأميركية الهمجية على القطاع الفلسطيني, والضفة المهددة بالضم والاسيطان والتهجير والاقتلاع, مقابر لأعزائهم. فإن ما بدأ يتسرب عن «مبادرات» ومشروعات حلول, وتفاهمات يروج لها «دعاة سلام» فلسطينيون و«يهود», بعضم تسلمَ مواقع في سلطة الحكم الذاتي ولم يعد له تأثير لاحقا «وخصوصا الآن», وغيره وصل الى أعلى هرم السلطة التنفيذية في دولة العدو, ولم يعد له مكان او تأثير في المشهد الاحتلالي الفاشي, ولا حتى بين ما كان يُعرف بـ«معسكر السلام«, الذي تبخّرَ الآن وبات على هامش الهامش,
نقول: تسريبات واتفاقات «ثنائية» لأناس يبحثون عن أدوار او عن مواقع, يظنون ــ إثما ــ انهم عبرها يمكن ان يستعيدوا «لياقتهم» الوطنية او بدعم عبر المحيطات, يبدو أنها مجرد أوهام, كونها انبنت على قراءات مغلوطة, لا تلحظ ان الوقت لم يعد صالحا لتقديم تنازلات او استجداء العدو لـ«التنازل ــ عن بعض شروطه واشتراطاته ومطالبه, التي في حدها ــ الأعلى ــ لا تُلبي طموح طفل فلسطيني, فقدَ عائلته وإنضم الى عشرات آلاف اطفال غزة, الذين يهيمون في شوارعها جوعى ومُطاردين.
ليس ثمة حاجة «فلسطينية» الان الى «مبادرات» سلام مزعوم جديدة, لتضاف الى سلسلة لم تنته من مبادرات عُرفت بأسماء أصحابها… يهودا وفلسطينيين, لم تترك أثرا إيجابيا على الحال الفلسطينية, في وقت لم يعد لشركائهم اليهود, دور في المشهد الاحتلالي الفاشي, الذي يمضي بلا كوابح في مشروع تصفية القضية الفلسطينية, وتهجير ما تبقى من الشعب الفلسطيني الى المنافي, بدعم إقليمي ودولي, قد يجد ذروته مع اقتراب الخامس من تشرين الثاني القريب, بما هو اليوم الذي قد تجلس فيه كامالا هاريس على المكتب البيضاوي, او يعود صاحب «صفقة القرن» اليه مرة ثانية, ليُطبق نظريته الجديدة بان مساحة إسرائيل «صغيرة», ويجب ان نجد «طريقة» لـ«تكبيرها», والتكبير (كما تعلمون) لا يكون سوى بضم الضفة الغربية, ومنع قيام دولة فلسطينية غربي نهر الأردن, وعلى العالم «استيعاب» بضعة ملايين من الأيدي العاملة الماهرة الفلسطينية.
الرأي